تقارير سردیة: سيطرة الاستثمار الخاص في قطاعات حيوية… عجز حكومي وغسيل لأموال الفساد!

سيطرة الاستثمار الخاص في قطاعات حيوية… عجز حكومي وغسيل لأموال الفساد!

حنان سالم/ نيريج/ درج ميديا:

بعد يأسه من الحصول على موعد قريب لإجراء عملية إزالة الحصى من كليته اليمنى، في مستشفى الحسين التعليمي الحكومي في الناصرية مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق، لجأ أبو أحمد(50 سنة) مضطراً إلى مستشفى الأزهر الأهلي، وتحمل تكاليف العملية الباهظة هناك التي زادت ديونه المتراكمة خلال فترة العلاج.

يمرر يده على موضع العملية، ويقول: “الألم كان فظيعاً ولم أكن أستطيع الانتظار أكثر، لذلك اقترضت مليوني دينار أنفقتها على أجرة الطبيب الجراح والمستشفى وشراء الأدوية، ولا أعلم كيف سأسدد ديني ومتى؟”.

يضطر غالبية المرضى العراقيين، الى اللجوء للمستسفيات الأهلية طلبا للعلاج، في ظل قلة المستشفيات الحكومية والزحام الكبير عليها، وندرة العلاجات والأدوية والاجهزة المتطورة فيها ومواعيد الانتظار الطويلة لاجراء العمليات الجراحية والتي تمتد لعدة أشهر.

ومع الوضع المتردي للقطاع الصحي الحكومي، تحول بناء المستشفيات الأهلية الى واحدا من أكثر الاستثمارات ربحا في العراق الجديد، الى جانب الاستثمار في بناء المولات التجارية والمطاعم والكافيهات فضلا عن الجامعات الاهلية.

يخرج أبو أحمد، الذي يعمل سائقاً لسيارة أجرة، ولديه ثلاثة أبناء شبان، اثنان منهما في الصف السادس الإعدادي، والأكبر طالب جامعي بكلية العلوم، ورقة نقدية فئة خمسة آلاف دينار(أكثر من ثلاث دولارات) من جيب قميصه العلوي ويقول وهو يلوح بها: “هذا ما حصلت عليه اليوم من دوراني في الشوارع، وعلى هذا المنوال أحتاج الى سنتين في أفضل الاحوال لسداد ديوني”.

انه واحد من بين عراقيين كثر، لا يجدون في القطاع الصحي الحكومي الرعاية والخدمة المطلوبتين، فيجبرون على تلقي الخدمة الصحية الخاصة. وينطبق الحال كذلك على قطاع التربية، الذي أصبح الخاص فيها طاغياً، وهو ما يعده مراقبون، سبباً لتراجع الحركة التعليمية في العراق وبمختلف مراحلها.

ويتهمون أحزاباً وميليشيات ومسؤولين فاسدين، بالاستفادة المباشرة من رواج الاستثمار في قطاعات الصحة والتعليم والسكن، بدءاً من منح الرخص، مروراً بأسهم وحصص في تلك المشاريع، ويصف البعض منهم مشاريع الاستثمار الخاص: “غسالات لأموال الفساد!”.

هيمنة الخاص على العام

تبلغ أعداد المستشفيات الأهلية في عموم العراق عدا إقليم كوردستان، 155 مستشفى، وفقاً لمركز البيان للدراسة والتخطيط، وهو ما يشكل نسبة تتجاوز الـ 50% من عدد المستشفيات الحكومية.

https://www.bayancenter.org/2022/02/8059/#:~:text=%D8%B9%D8%AF%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D9%81%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84%D9%8A%D8%A9%3D%20155.&text=%D8%B9%D8%AF%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D9%8E%D9%91%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9%3D%2049825

ويرى الطبيب المختص في الجراحة العامة محمد الطائي، أن العجز الحكومي في تجهيز المستشفيات العامة بالأجهزة الطبية والأدوية أدت الى فسح المجال أمام المستشفيات الأهلية للهيمنة على القطاع الصحي، على حد قوله.

ويشير إلى أن المريض المراجع لا يجد في المستشفى الحكومي، سوى أدوية بسيطة وفي أغلب الأحيان يضطر الى شراء المستلزمات العلاجية وبعض الأدوات اللازمة لحالته من الصيدليات الأهلية.

ويضيف إلى ذلك: “كما أن عدد الاسرة لا يتناسب مع أعداد المرضى الوافدين، الى جانب العناية المنخفضة بالبنى التحتية واهمال الأبنية الصحية الحكومية لذا يلجأ المواطنون الى المستشفيات الاهلية رغم المستوى المعيشي المنخفض للكثير منهم”.

ثم يقول بامتعاض: “لقد أصبح القطاع الصحي الخاص مربحاً جداً، لأن القطاع الحكومي مهمل”.

يذكر أن في 2021 منحت الدولة 43 إجازة بناء في القطاع الصحي الخاص ما يتجاوز ثلاثة اضعاف الإجازات الممنوحة في 2016 والذي بلغ 12 إجازة فقط حينها، بحسب إحصاءات البناء والتشييد للجهاز المركزي للإحصاء.

فسح المجال أمام الاستثمار في القطاع الخاص ولاسيما في مجالات الصحة والتربية والإسكان، لم يواكب بتطوير البنية التحتية للقطاع العام وتطويره، وهذا ما أرهق كاهل ذوي الدخول المحدودة والفقراء في ظل ارتفاع مستويات البطالة التي تتجاوز في بعض مدن العراق الـ 40%.

عجز حكومي

بدأت الدولة العراقية بتحويل الاستثمار من القطاع العام الى القطاع الخاص بنحو شبه تام في سبعينات القرن المنصرم وازداد بعد 2003 بسبب “انتماء قادة الحرب على العراق الى تيار اقتصادي يميل الى رفع يد الدولة عن الاستثمار واقتصار دورها على حفظ الأمن وتوفير الخدمات”.

يقول ذلك، الخبير الاقتصادي آلان ممتاز، ويتابع “لم تكن الدولة العراقية منذ تأسيسها متحكمة بالاستثمار بنسبة 100% فالبلاد ليست اشتراكية والنظام الاقتصادي في العهد الملكي كان رأس مالي مشوه مبني على اسس اقطاعية، لكن نظام البعث عزز عدم تدخل الدولة في الاقتصاد عن طريق منح اجازات استثمار شبه مجانية وإتاح الاستيراد للمستثمرين دون ضريبة جمركية ما شجع الاستثمار الخاص للضلوع في كافة مفاصل الاقتصاد”.

أدى ذلك الى تحقيق أرباح هائلة للمستثمرين عن طريق بيع الآليات التي يستوردونها وتوفير ضريبة الاستثمار والاستيراد وبالتالي تم خلق “مفرخة أصحاب الملايين” حسب تعبير ممتاز.

سقوط نظام البعث في 2003 وإدارة أمور العراق ومن بينها الاقتصادية من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، التي آمنت بفك قيود الدولة عن الاقتصاد أدى الى هيمنة القطاع الخاص على الاستثمار دون القطاع الحكومي اذ وصلت أعداد الاجازات الممنوحة للبناء في القطاع الخاص إلى 40 ألفاً في 2004 بعد ان كانت 15 ألفاً سنة 2003،  حسب احصائيات وزارة التخطيط.

وبشأن هذا يقول ممتاز: “حاولت القيادة الامريكية تطبيق نظام في العراق، لم تستطع تطبيقه في بلادها، ويطلق عليه النيوليبرالية، التي تحول السيطرة على الاقتصاد من الحكومة إلى القطاع الخاص”.

ويستدرك: “لكن سيطرة الأحزاب والمليشيات على الدولة، أدت الى سوء إدارة ملف الاستثمار ومنعت عائدات كبيرة كان يمكن أن تدر أموالاً طائلة على الدولة العراقية عن طريق تشريع قوانين تشجع على الاستثمار دون فائدة تذكر للدولة، وهذا ما لا يمت للنيوليبرالية بصلة !”.

http://wiki.dorar-aliraq.net/iraqilaws/law/20762.html#:~:text=%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A7%20%3A%20%D9%8A%D8%AD%D9%82%20%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%B1%20%D8%AA%D9%88%D8%B8%D9%8A%D9%81%20%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D8%A7%D9%85,%D8%AF%D8%AE%D9%88%D9%84%D9%87%20%D9%88%D8%AE%D8%B1%D9%88%D8%AC%D9%87%20%D9%85%D9%86%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%20.

ويُرجع الخبير الاقتصادي، توجه الدولة العراقية الى القطاع الخاص في ملف الاستثمار، الى كثرة الحروب وانشغال الحكومات المتعاقبة بالتسليح “ما أرهق الدولة واستنزف طاقتها في ظل نظام فوضوي في منح الرخص الاستثمارية” وفقاً لتعبيره.

ويعتقد بأن سيطرة الدولة على الاستثمار لها جانب إيجابي وهو أن: “أملاك الدولة في الحقيقة هي أملاك للمواطنين وبالتالي فإن الرقابة على الاستثمار فيها ستكون أكثر سهولة”.

بلغت نسبة الموازنة الاستثمارية 24% من موازنة العام الحالي 2023 بواقع 47.5 ترليون دينار وتشمل تطوير البنى التحتية من طرق وجسور وشبكات صرف صحي وقروض مصرفية. تؤكد ذلك تقارير صحفية وتصريحات مسؤولين في وزارة المالية وبرلمانيين.

الخبير في اعداد الموازنة عصام عارف، يرى بأن نسبة الموازنة الاستثمارية على مدى العقدين الأخيرين، لم تسد حاجة المواطنين من الخدمات، ويبرر ذلك: “استثمارات الدولة في القطاع الخدمي شابها الفساد على مدى سنوات، والكثير من المشاريع انتهت بالفشل ما اضطر الدولة لإعادة العمل عليها من الصفر، وبالتالي فهي فشلت في الاستثمار حتى في القطاع العام بسبب الفساد والرشى”.

وأغلب المشاريع وفقاً لرأي عصام، “يتم ادراجها في الموازنة ليس وفقاً لما تطلبه وزارة التخطيط أو الحاجة الفعلية لسكان المحافظات، وإنما لارتفاع كلفتها المالية وبالتالي تستخدم الاحزاب المتنفذة العقود والسيطرة على هذه الأموال كأحد الطرق التي تمكنها من سرقتها”.

كما اتهم الحكومات الاتحادية المتعاقبة بالتركيز على الموازنة التشغيلية التي تتمثل بالرواتب والأجور والنفقات الاخرى واهمال الموازنة الاستثمارية التي تعد عنصراً فاعلاً في تنمية المشاريع والحركة الاقتصادية.

يشاطره الرأي خبير اقتصادي آخر هو جليل اللامي، إذ يرى بأن الدولة أصبحت عاجزة عن الاستثمار في ظل نظام اقتصادي هش، على حد وصفه. ويضيف: “بعد عام ٢٠٠٣ اتجهت الحكومات نحو دعم الاستثمار أسوة بدول أخرى من خلال خلق شراكة مع القطاع الخاص تهدف إلى تحقيق اقتصاد مستدام يستند على المعرفة والتنافسية والخبرة والتنوع وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.

ويعتقد بأنه كان أمام العراق خياران، إما أن يؤسس مجلس الأعمار، مستفيدًا بذلك من تجربة اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية أو اللجوء الى القطاع الخاص، ويقول: “أغلب الأحزاب وقفت بالضد من تشكيل مجلس الإعمار الذي في حال تطبيقه فإن الموازنات الاستثمارية للوزارات ستنتهي وبالتالي تخسر حصصها في مجال إحالة المشاريع وتخصيص الأراضي”.

قطاع التعليم: نموذج تجاري جديد

هبة جبار (19 سنة) كانت تحلم على الدوام بأن تصبح مهندسة معمارية، غير أن معدل79% الذي جمعته في البكلوريا، لم يؤهلها لدخول كلية الهندسة في جامعة حكومية، فلجأت إلى كلية اليرموك الجامعة الاهلية في بغداد لدراسة هندسة تقنيات الحاسوب، مفضلة دفع أجور دراسية باهظة على التخلي عن حلمها بأن تكون مهندسة.

لكن هذا ليس كل شيء، فحلم هبة قد لا يتحقق بنحو كامل، إذ تقول: “بالرغم من أن دراستنا مدفوعة الثمن الا أن الجامعات الاهلية لا تضمن وظائف أو زمالات دراسية لخريجيها اسوة بالجامعات الاهلية في باقي الدول لذا فقد تذهب الجهود والأموال هباءً في حال لم نجد فرصة في القطاع العام وهذا الاحتمال وارد بنسبة كبيرة”.

تناول بحث نشره معهدIRIS   للدراسات الإقليمية والدولية بالجامعة الأميركية في السليمانية سنة 2022 ظاهرة تنامي أعداد الكليات والجامعات والمدارس الأهلية في العراق في الفترة التي تلت 2003.

وأشار البحث الى زيادة أعداد الجامعات الأهلية بنسبة 65% اذ لم يتجاوز عددها قبل 2003 عن 10 جامعات وفي 2022 بلغ عددها 75 جامعة مقابل 35 جامعة حكومية، وفي إقليم كوردستان بلغت أعداد الجامعات الحكومية 18 جامعة مقابل 30 جامعة أهلية.

وعزا التقرير نمو القطاع الخاص في التعليم الى إهمال الحكومة للقطاع العام، فقد بقي الإنفاق على التعليم العام ثابتاً منذ عام 2014 على الرغم من الانفجار الذي حدث في الطلب على التعليم، ويشير التقرير كذلك الى تركيز ميزانيات التعليم في العراق على مدى السنوات الست المنصرمة وبنحو كبير على التكاليف التشغيلية المتعلقة برواتب الموظفين والإنفاق على السلع والخدمات.

هناء حسين (30 سنة) من مدينة الكوت مركز محافظة واسط جنوبي العراق، اضطرت لتسجيل ابنتيها في مدرسة ابتدائية أهلية بعد تجربة وصفتها بالصعبة، اذ سجلت قبل ذلك ابنتها الكبرى ذات السبعة أعوام بمدرسة حكومية، لكنها عانت من المستوى الدراسي المتدني لها هناك وفقاً لما تقول.

وتعلل ذلك: “يحتوي الصف على 60 طالبة، ولم تقدر ابنتي بسبب ذلك استيعاب المواد الدراسية فاضطررتُ لقضاء وقت طويل لتدريسها وكأني لم أُدخلها المدرسة أصلاً”.

سبب آخر تسوقه هناء، لاتجاهها هي وغيرها من أولياء الأمور نحو التعليم الأهلي: “المدارس الحكومية غير مؤهلة لاستقبال الأطفال، فهي غير مجهزة بأجهزة التبريد والتدفئة، كما أن بنايات بعضها آيلة للسقوط”.

تضم ابنتيها الجالستين الى جانبيها بشدة وتتابع “كنتُ أمنع الكبرى من الذهاب إلى المدرسة كلما هطلت الأمطار، خوفاً من سقوط سقف صفها، وما أن انتهى عامها الدراسي الأول حتى نقلت ملفها الدراسي الى مدرسة أهلية وسجلت أختها الصغرى معها في ذات المدرسة فالصف لا يضم أكثر من 25 طالبة وبنايتها جديدة ومجهزة تجهيزاً جيداً كما أن النظام التعليمي فيها جيد والوسائل التعليمية متوفرة وابنتاي متفوقتان هذا العام”.

على الرغم من تعويضه للنقص الذي خلفه التعليم الحكومي الا أن مراقبون يرون بأن التعليم الخاص لا يتعدى كونه تجارة مربحة تسيطر على مفاصلها “جهات نافذة” وفقاً لآرائهم، ويصف الأكاديمي منير عبد الخالق غالبية الجامعات والمدارس الأهلية بـ “دكاكين” تبيع الشهادات الاكاديمية وتزيد من أعداد الخريجين العاطلين عن العمل لعدم وجود استراتيجيات توظيف في القطاعين الخاص والعام تستوعب كم الخريجين في ظل زيادة سكانية غير مسبوقة.

أبراج سكنية وعشوائيات قابلة للتوسع

بلغت نسبة مساهمة القطاع الخاص في قطاع الإسكان 85% من الاستثمار على أمل حل ازمة السكن والتخلص من ظاهرة العشوائيات التي تجاوز عددها النصف مليون وحدة سكنية بواقع يقارب الأربعة الاف تجمع ويساوي 16.5% من مجموع الوحدات السكنية عدا إقليم كردستان.

https://investpromo.gov.iq/ar/sectors/housing-and-construction-sector-2/housing-and-construction-sector-overview

https://mnpcd.gov.iq/

وشهدت المحافظات العراقية وبالأخص بغداد تزايداً واضحاً في عدد المجمعات السكنية التي توفر خدمات عالية الجودة نسبياً اذ تم بناء 134 عمارة سكنية في الفترة 2009-2021 لكن أسعار الشقق في بعضها تجاوز 300 ألف دولار، وهو ما لا يستطيع الكثير من المواطنين هناك توفيره في ظل نسبة فقر مرتفعة تصل الى 25% من مجموع السكان الكلي.

https://www.cosit.gov.iq/documents/buildings/Private%20sector%20buildings/%D8%A7%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D8%A8%D9%86%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B5%20%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9%202021.pdf

ومن الجدير بالإشارة، أن وزارة الأعمار والإسكان، أنشأت سنة 2021 عمارة سكنية واحدة فقط،  في مقابل 15 عمارة سكنية أنشأها القطاع الخاص  خلال ذات السنة .

https://www.cosit.gov.iq/documents/buildings/Construction/%D8%A7%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D9%86%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%B4%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%20%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9%202021.pdf

يتجول علي حسين (25 سنة) في شوارع بغداد وهو يقود تكتكاً، (دراجة نارية بثلاث عجلات تستخدم غالباً في النقل)، اشتراه مناصفةً مع أخيه ويتناوب معه على قيادته، ويسكن احدى عشوائيات المحافظة في منزل يضم عائلته المكونة من ثمانية أفراد ولا تتجاوز مساحته عن 100 متر مربع.

يقول علي “لا يمكنني مقارنة الأبراج السكنية بالعشوائيات ذات سقوف الصفيح وجذوع النخيل، سأكون سعيداً لو وجدتُ في جيبي 300 الف دينار(250 دولار) فكيف سأوفر ثمن شقة في هذه المجمعات السكنية” ترتسم على وجهه الذي لفحته الشمس ابتسامة سخرية ويشير بيده الى عمارة سكنية قريبة: “انها للأغنياء والسياسيين أما نحن فخارج حسابات الدولة” .

الخبير الاقتصادي باسم أنطوان، يرى أن ازمة العشوائيات تحتاج الى استراتيجيات استثمار تراعي المستوى المعيشي لسكانها وبناء وحدات سكنية منخفضة الكلفة بوقت أسرع. ويضيف “يُدار ملف الاستثمار في قطاع السكن من قبل جهات غير متخصصة وتنتفع من البذخ الحاصل في هذا المجال” ويشدد أنطوان على ضرورة النهوض بالواقع الاقتصادي للأفراد وتوفير فرص عمل عن طريق تنشيط قطاعي الزراعة والصناعة ما يؤدي الى حل تلقائي لظاهرة العشوائيات ملفتاً الى ان ارتفاع نسب إيرادات الزراعة والصناعة تؤدي الى فسح مجال أوسع للدولة للاستثمار بإيرادات النفط في بناء وحدات سكنية مدعومة من الدولة بتكلفة بسيطة مخصصة لذوي الدخل المحدود خصوصاً وان 50% من الصناعة العراقية هي صناعة انشائية.

الى جانب العجز الاقتصادي، يحول سبب آخر دون استثمار الدولة في قطاع السكن، يوضحه أنطوان قائلاً “تستغل العديد من الشخصيات السياسية والمستثمرين المدعومين من جهات نافذة وأحزاب قانون الاستثمار لصالحها وتحتكر المشهد الاستثماري محققة بذلك ثروات طائلة دون تغيير يذكر في واقع العشوائيات”.

 

  • أنجز التقرير بأشراف شبكة نيريج للتحقيقات الاستقصائية ونشر على موقع درج ميديا.

المزيد عن تقارير سردیة

تقارير سردیة","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":20851}" data-page="1" data-max-pages="1">