تقارير سردية: من وحدة الإطار إلى سباق الزعامة داخل البيت الواحد.. التنافس الشيعي – الشيعي في انتخابات 2025

من وحدة الإطار إلى سباق الزعامة داخل البيت الواحد.. التنافس الشيعي – الشيعي في انتخابات 2025

في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في تشرين الأول/أكتوبر 2021 برز التيار الصدري الشيعي، كأكبر قوة برلمانية بحصوله على 73 مقعدا، فيما توزعت بقية المقاعد التي تنافست عليها القوى الشيعية، على ائتلاف دولة القانون وتحالف الفتح وتيار الحكمة والمجلس الأعلى الإسلامي وقوى أخرى أصغر وبمجموع يقارب 60 مقعدا.

هذا التفوق دفع زعيم التيار مقتدى الصدر، إلى الاعلان عن المضي في مشروعه السياسي المتمثل بتشكيل حكومة أغلبية وطنية ومغادرة حكومات المحاصصة والتوافق، وذلك من خلال بناء تحالف مع أبرز قائمتين تمثلان العرب السنة والكرد (تقدم/ 37 مقعدا، والحزب الديمقراطي/ 33 مقعدا) في خطوة مثلت أيضا كسرا لقاعدة “التوافق الشيعي” التي حكمت المشهد السياسي منذ العام 2003.

غير أن هذا التوجه أثار غضب القوى الشيعية المنافسة، بنفوذها الداخلي والاقليمي وسلاحها قوة تاثيرها، والتي رأت في مشروع “الأغلبية السياسية” محاولة لإقصائها عن المشهد، فتكتلت في تحالف جديد تشكل في 11 تشرين الاول/اكتوبر 2021، وحمل اسم “الإطار التنسيقي” ضم كلا من ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، والعقد الوطني والمجلس الأعلى الإسلامي.

(لم يُصدر الإطار التنسيقي بيانا تأسيسيا في حينه وكان أول بيان له يتمحور حول رفضه الشديد لنتائج الانتخابات واعتبار ما جرى “سرقة للأصوات” وتشويها لإرادة الناخبين، ومطالبته باعادة فرز الأصوات يدوياً)

وأمام اندفاع التيار الصدري نحو تشكيل الحكومة وجمع ثلثي عدد الأصوات المطلوبة لحسم المناصب العليا في البلد، لجأ الإطار التنسيقي إلى استخدام “الثلث المعطّل” او “الثلث الضامن” بحسب تعبير نوري المالكي زعيم دولة القانون، وهو تكتل من النواب يمكّنه تعطيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تشترط حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب 220 نائباً، حيث تنص المادة 70 من الدستور العراقي على “اولا ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية، بأغلبية ثلثي عدد اعضائه”.

Image

ونجح “الإطار” عبر تحالفه مع بعض الأحزاب السنية والكردية مثل الاتحاد الوطني وتحالف عزم، وبقية القوى التي لم تتحالف مع الصدر، مع بعض المستقلين في تأمين هذا النصاب ما منع التيار الصدري من تمرير مشروعه الحكومي وأدخل العملية السياسية في جمود استمر أكثر من ثمانية أشهر.

وأمام انسداد الأفق السياسي أعلن مقتدى الصدر في حزيران/يونيو 2022 سحب نوابه من البرلمان وتقديم استقالاتهم، ليخلي الساحة أمام الإطار التنسيقي الذي أصبح الكتلة الأكبر وبدأ مفاوضات لتشكيل الحكومة بالتنسيق مع القوى الكردية والسنية.

Image

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2022 اتفق الاطار التنسيقي على تكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة الجديدة، كمرشح توافقي، على الرغم من عدم امتلاك حركته (تيار الفراتين) إلا لثلاثة مقاعد. ووصفت حكومته بأنها وليدة التوافق الشيعي بعد مرحلة الانقسام التي عصفت بقوى المكون الأكبر في البلاد.

خلافات محتدمة

على الرغم من انبثاق الحكومة من داخل الإطار، إلا أن الخلافات الداخلية طفت لاحقا على السطح خصوصا مع نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، الذي وجّه انتقادات علنية لأداء حكومة السوداني في أكثر من مناسبة سياسية، مطالبا بتقديم إصلاحات وتحجيم نفوذ بعض الأطراف داخل السلطة التنفيذية.

تلك التعليقات عكست صراعا مكتوما داخل الإطار بين من يريد منح السوداني مساحة أوسع للعمل والتحرك ومعالجة ملفات الأزمات المختلفة السياسية والأمنية والاقتصادية، ومن يفضّل الإبقاء على نمط الإدارة التوافقية القديمة.

وقد أظهرت الحرب التي اندلعت بين إيران وإسرائيل في حزيران/يونيو 2025 والتي استمرت اثنا عشر يوماً، توجها سياسيا خاصا لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لا يمتثل بشكل كامل لرؤية الاطار التنسيقي، إذ مارس ضغوطا واضحة على الفصائل المسلحة الموالية لإيران لمنعها من التدخل المباشر أو استهداف المصالح الإسرائيلية والأميركية انطلاقا من الأراضي العراقية، وذلك لتجنيب العراق الانزلاق إلى صراع إقليمي مباشر قد ينتهي بتوجيه ضربات مؤلمة له، فضلا عن احتمال تعريضه لعقوبات اقتصادية امريكية جديدة.

وقال في تصريح صحافي بانه لم يسمح باستخدام الأراضي العراقية كنقطة انطلاق لأي أعمال عسكرية تمس أمن البلاد واستقراره، وكشف عن عمليات أمنية مشتركة مع التحالف الدولي تم خلالها إحباط أكثر من 29 محاولة لإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة من داخل الأراضي العراقية.

هذا الموقف الذي وُصف بأنه يمثل “سياسة الحياد الواقعي” جسد رغبة السوداني في الحفاظ على سيادة البلاد وتفادي أي ردود فعل انتقامية “اسرائيلية – امريكية” في حال تورطت أحدى الفصائل بالتصعيد.

غير أن هذا التوجه، الذي حظي بتأييد غالبية القوى السياسية العراقية بما فيها بعض الشيعية، أثار استياء أطراف داخل الإطار التنسيقي، لأنه منح قوة اضافية للسوداني على حسابها، خاصة ان تلك التوجهات مثلت تناغما أو استجابة للموقف الأمريكي.

ويرى الباحث إحسان الشمري أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني “سيأكل من جرف قوى الإطار” في الانتخابات المقبلة، مشيرا إلى أن “خطواته الأخيرة أثارت غضب الإطاريين بما لا يقبل الشك، لأنه سينافس معهم على المقاعد البرلمانية الشيعية”.

ويضيف الشمري أن التحركات الأخيرة للسوداني، إلى جانب تشكيله لتحالفٍ انتخابي جديد، تعكس رغبته في “المضي بمسار جديد في إطار المشهد السياسي، بعيداً عن بيئته السياسية المتمثلة بالإطار التنسيقي، خصوصاً وهو يعتقد أن تشكيل هذه الكتلة سيتيح له في الأساس رمزية وثقلاً سياسياً أكبر بكثير من موقعه الحالي”.

وشكل السوداني ائتلاف سياسي جديد، لخوض الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، حمل اسم “ائتلاف التنمية والإعمار” ساعيا من خلاله إلى بناء تحالف عابر للولاءات الحزبية بحسب تصريح عضو ائتلاف التنمية والاعمار ضياء الزيدي الذي اشار الى ان “سياسة الإعمار والتنمية هي عراق موحد ولا تتضمن الهويات الطائفية”.

وبينما يسعى السوداني للحصول على حصة الأسد من المقاعد الشيعية، في ظل غياب اللاعب الشيعي الأقوى مقتدى الصدر، يواجه الإطار التنسيقي تبايناً في مواقف أطرافه، ولم يعد كتلة واحدة متماسكة، وهي تخوض من خلال نحو 12 حزبا وتحالفا شيعيا الانتخابات المقبلة وفق حساباتها الخاصة.

والأحزاب والكتل الشيعية التي تخوض الانتخابات البرلمانية 2025 وكانت ضمن الاطار التنسيقي هي ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، تحالف قوى الدولة الوطنية بزعامة عمار الحكيم، المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بزعامة الشيخ همام حمودي، كتلة صادقون الجناح السياسي لعصائب اهل الحق بزعامة الشيخ قيس الخزعلي، منظمة بدر بزعامة هادي العامري، حركة سومريون بزعامة وزير العمل احمد الأسدي، تحالف العمق الوطني، ائتلاف الأساس العراقي، حركة حقوق، تحالف الخدمات، وحركة دعم الدولة.

يقول فاضل موّات عضو ائتلاف دولة القانون، إن خوض التحالف للانتخابات عبر أكثر من قائمة انتخابية قرار اتفق عليه داخل التحالف “كجزء من التكتيك الانتخابي” لضمان تقاسم الأصوات بشكل افضل، خاصة أن قانون الانتخابات جعل كل محافظة دائرة واحدة.

ويرجح الباحث السياسي، علي احمد، لجوء قوى الاطار لدخول الانتخابات من خلال عدة تحالفات، الى خلافات قياداتها على تسلسل موقعها في رأس قوائم التحالفات وحصتها من المرشحين، الى جانب رغبة غالبيتها في ضم شخصيات سياسية وعشائرية أكثر، واستقطاب أناس من خارج دائرتها العقائدية والتنظيمية والثقافية لكسب مزيد من الأصوات.

ويعكس تعدد القوائم، بحسب علي “تحولا في بنية القوى الشيعية من وحدة الإطار، إلى تنافس داخلي على زعامة المشهد”، لا سيما مع دخول السوداني بثقل حكومي متنام، مقابل محاولات الأطراف التقليدية استعادة زمام المبادرة عبر تحالفات موازية، مع امكانية تكتلها بعد الانتخابات اذا اقتضت مصالحها المشتركة، ويمكن ان تمضي بعضها نحو التحالف مع القوة الأوفر حظا لتشكيل الحكومة.

ويُذكر علي، بأن رئيس الوزراء في الحكومات العراقية المتعاقبة، كان يتم اختياره بعيدا عن مخرجات الانتخابات واعتمادا على توازنات معقدة تميل دائما الى سيناريو تكليف رئيس وزراء لا يمثل اي من الأطراف القوية “هم يفضلون رئيس وزراء ضعيف.. الغالبية تفضل ذلك داخل البيت الشيعي وخارجه”.

الدور الأمريكي

وسيكون للتطورات السياسية والأمنية في المنطقة، متمثلة بتزايد الضغط الأمريكي في ظل تعيين مبعوث خاص للعراق، والتراجع النسبي للنفوذ الايراني، تأثيرا على طبيعة الحكومة الجديدة، بحسب الباحث علي.

وكان المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى العراق، مارك سافايا، وهو شخصية مقربة من ترامب، قد اصدر بياناً أكد فيه دعم واشنطن لمسار “الاستقرار والسيادة والازدهار” في العراق، لكنه ربط ذلك “بمنع أي جماعات مسلّحة من العمل خارج سلطة الدولة”.

وذكر البيان إنّ “القيادة العراقية اتخذت خلال الأعوام الثلاثة الماضية خطوات مهمة لتوجيه البلاد في المسار الصحيح سياسياً واقتصادياً”. وان العراق بدأ يستعيد مكانته كدولة ذات سيادة “تعمل على تقليص التدخلات الخارجية وجمع السلاح بيد الدولة وفتح الأسواق أمام الشركات الدولية لإعادة بناء البنية التحتية الهشّة”.

وأضاف أن “الولايات المتحدة أوضحت بجلاء أنه لا مكان لأي جماعات مسلّحة تعمل خارج سلطة الدولة، وأن استقرار العراق وازدهاره يعتمدان على وجود قوات أمن موحدة تحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة وراية واحدة تمثل جميع العراقيين”.

وشدد البيان على تمتع العراق بسيادته الكاملة “بعيدا عن التدخلات الخارجية الخبيثة، لا سيما من إيران ووكلائها”. ودعا إلى تعزيز التعاون بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان لضمان “الأمن الدائم والنمو الاقتصادي والتماسك الوطني”.

وأكد المبعوث الأميركي أن العراق “بلد محوري في الشرق الأوسط” ويجب أن يؤدي دوره الطبيعي في تعزيز السلام والأمن والاستقرار الإقليمي، وان العراق من أهم وأقوى شركاء الولايات المتحدة.

Image

تكتيك انتخابي

الباحث في الشأن الانتخابي الدكتور قاسم الربيعي، يقول بأن قرار الإطار التنسيقي خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة عبر قوائم وأحزاب متعددة بدلا من قائمة موحدة:”يعكس تكتيكا انتخابيا محسوبا يستهدف الاستفادة القصوى من آلية قانون سانت ليغو المعدّل 1.7 الذي يُعتمد حاليا لتوزيع المقاعد البرلمانية في العراق”.

ويوضح:”هذا القانون الذي يقوم على تقسيم عدد الأصوات التي تحصل عليها القوائم على سلسلة من الأرقام الفردية يمنح أفضلية واضحة للأحزاب الكبيرة على حساب القوائم الصغيرة والمستقلين، إذ إن الأصوات تُقسم على رقم أكبر في البداية، مما يُضعف حظوظ القوى الناشئة في الحصول على مقاعد برلمانية”.

ويرى الربيعي، أن تعدد القوائم الشيعية ضمن الإطار ليس مؤشرا على انقسام بالضرورة بل هو “أسلوبٌ لضمان حصد أكبر عدد ممكن من المقاعد عبر الانتشار الانتخابي بالاستفادة من طبيعة القانون الذي يُكافئ الكتل ذات القواعد الثابتة والمتنوعة”.

وربما جاء قرار الاطار التنسيقي نتيجة “تغيّر موازين المنافسة” بحكم غياب التيار الصدري عن المشهد الانتخابي الحالي، ويقول:”وجود التيار في انتخابات 2021 كان يشكل الندّ الحقيقي للإطار التنسيقي بحكم امتلاكه القاعدة الجماهيرية الأكبر في الشارع الشيعي”.

ولو قرر التيار الصدري المشاركة، لإختلف شكل التحالفات وطبيعة الخطاب الانتخابي، بحسب الربيعي إذ كان سيجبر الإطار على “الاصطفاف مجددا في قائمة موحدة لمواجهته”. ويستدرك:”خلو الساحة من الخصم النوعي شجع قوى الإطار على خوض الانتخابات بمرونة وتنافس داخلي مضبوط”.

أما عضو الجمعية العراقية للعلوم السياسية أحمد الموسوي، فيؤكد بأن دخول أكثر من ائتلاف وكتلة شيعية في الانتخابات المقبلة أمر متوقع وطبيعي، خاصة انه سيساعد على “اختبار الثقل الجماهيري لكل حزب داخل الإطار التنسيقي”.

ويقول بأن هذه القوى تسعى من خلال المشاركة المتفرقة إلى “قياس حضورها الانتخابي الحقيقي وتحديد حجمها السياسي تمهيدا لإعادة التفاوض على توزيع المناصب والمكاسب داخل الحكومة المقبلة في حال فوزهم بالأغلبية”.

ويضيف:”التراشق الإعلامي والتباين في التصريحات الحالية بين أطراف الإطار لا تعني القطيعة، بل هو جزء من متطلبات إدارة التنافس الانتخابي الداخلي”. لكنه يُذكر بأن المعادلة السياسية في العراق “لا تعرف الثوابت فالمصالح والمعطيات هي التي تُعيد رسم التحالفات بعد كل استحقاق انتخابي”.

وستشهد الانتخابات البرلمانية مشاركة أكثر من 145 حزبا وتحالفا سياسيا مع مرشحين مستقلين في عموم المحافظات، ما يجعلها واحدة من أكثر الاستحقاقات الانتخابية ازدحاما بالمتنافسين في تاريخ البلاد.

Image

كتلتان رئيسيتان

على الرغم من تعدد الأحزاب والتحالفات الشيعية المشاركة في السباق الانتخابي المقبل فإن المشهد السياسي يُبرز وبنحو واضح كتلتين شيعيتين رئيسيتين تتصدران المنافسة وتستحوذان على الاهتمام الأكبر والترجيحات بالفوز بأكبر عدد من المقاعد، الأولى: ائتلاف التنمية والإعمار بزعامة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والثانية: ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

إذ دفعت كتلة السوداني بأكثر من 440 مرشحا في عموم المحافظات، وهو رقم غير مسبوق يعكس طموحا سياسيا واسعا لترسيخ موقعه في الخارطة الانتخابية المقبلة، وفي المقابل يخوض ائتلاف دولة القانون المنافسة بما يزيد على 420 مرشحا في مؤشر على رغبة المالكي بالعودة بقوة إلى واجهة السباق الانتخابي – مع غياب منافسه الصدر، وعبر تحالف يمتلك قاعدة تنظيمية متجذرة وشبكة نفوذ واسعة داخل المحافظات الجنوبية وبغداد.

في حين بقية القوى الشيعية كمنظمة بدر وعصائب “أهل الحق” وتيار “الحكمة الوطني” والمجلس الأعلى الإسلامي، وحركة “حقوق” وغيرهم، شكلت تحالفات أصغر تضم السياسيين النافذين فيها الى جانب شخصيات وأفراد مستقلين، في محاولة للحفاظ على حضور سياسي يضمن لهم مكانا مؤثرا في البرلمان المقبل.

وتُظهر هذه الأرقام أن الانتخابات البرلمانية لعام 2025 ستكون أشد تنافسا داخل البيت الشيعي إذ تسعى كل كتلة إلى تعزيز نفوذها في مرحلة يُتوقع أن تعيد رسم شكل البرلمان، وبغض النظر عن التغييرات المحتملة وتأثيرها على مسار تشكيل الحكومة المقبلة، فإن كلا الائتلافين سيواجه صعوبة كبيرة في جمع القوى الأخرى الى جانبه وبالتالي تحديد شخصية رئيس الوزراء، مع احتمال تكرار السيناريوهات السابقة بالبحث عن رئيس وزراء لا يمثل اي الطرفين.

ويرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور نجم الغزي، أن ائتلاف التنمية والإعمار يتمتع بحظوظ أوفر بفضل ما يمتلكه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من نفوذ إداري وحكومي، وهو ما يمنحه زخما شعبيا قد ينعكس في صناديق الاقتراع.

وفي المقابل يؤكد الغزي أن ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي لايزال يتمتع برصيد اجتماعي وتنظيمي اكتسبه خلال سنوات حكمه السابقة ما يجعله الخصم الأبرز للسوداني داخل الإطار التنسيقي خصوصا في المناطق ذات الكثافة الشيعية.

الباحث في الشأن السياسي الدكتور حميد الجابري، يلفت إلى أن التأثير الإقليمي والدولي مازال “عاملا حاسما في رسم ملامح السلطة التنفيذية في العراق ولا سيما في اختيار رئيس الوزراء للدورة المقبلة”.

ويقول بأن القرار السياسي في العراق “لا يمكن فصله عن محيطه الإقليمي والدولي فهنالك دول تمتلك تأثيرا مباشرا وكبيرا في مسار تشكيل الحكومات مثل إيران وتركيا وقطر والولايات المتحدة والسعودية وكل منها يسعى لضمان مصالحه عبر دعم أطراف سياسية معينة داخل الساحة العراقية”.

ويعتقد الجابري، بأن نسبة التأثير الخارجي قد تتجاوز 50% في تحديد هوية رئيس الوزراء المقبل، مشيرا إلى أن هذا التأثير لا يتم بنحو علني بل عبر تنسيقات ومشاورات مبكرة بين قوى محلية وجهات خارجية تسعى لترجيح كفة مرشح على آخر.

وفي ظل تعدد القوائم الشيعية، فأن العملية الانتخابية العراقية تقف أمام مفترق طرق، إذ لم يعد التنافس يدور بشأن الخصم التقليدي فحسب، بل تحول إلى صراع مكشوف على زعامة البيت الشيعي نفسه وعلى من يُمسك بزمام التأثير الفعلي في العملية السياسية ومركز القرار وبهذا تتشكل ملامح مشهد انتخابي معقّد تتداخل فيه حسابات الداخل مع رهانات الخارج بنحو غير مسبوق.

المزيد عن تقارير سردية

تقارير سردية","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":31061}" data-page="1" data-max-pages="1" data-start="1" data-end="1">