آراء: الحزب والعشيرة في دوامة الانتخابات العراقية

الحزب والعشيرة في دوامة الانتخابات العراقية

خلال السنوات الأخيرة من تجربة العراق مع الانتخابات، ونتيجة الفساد الكبير المستشري وتغليب الامتيازات والمصلحة الذاتية على المصلحة العامة، ومع تعمق الفشل البنيوي في ادارة الدولة، فقدت الأحزاب والقوى السياسية التقليدية، على عموم الخارطة العراقية، جمهورها.

فقدت شعبيتها، ولم تعد قواعدها الجماهيرية قوية وواسعة ومؤثرة، حتى مع ما تهبه من “عطايا” لمؤيديها، وما تصرفه من ملايين الدولارات على وسائل اعلامها وجيوشها الرقمية.

ولم تعد الشبكات التنظيمية لتلك القوى، مؤثرة في استقطاب المؤيدين، وحشد الجماهير، كما كانت تفعل في السابق.

قبل 10 او 15 سنة كانت الأحزاب والقوى السياسية الكبيرة، تمسك بيد مرشحها الى البرلمان.. تقوده الى موقعه في السلطة.

مرشح في الغالب من تنظيماتها المتقدمة، من فكرها العقائدي، أو على الأقل من بيئتها الحاضنة.

اليوم مع تراجع شعبية تلك الأحزاب والقوى السياسية، ومع انكشاف لعبة خطابها الطائفي والقومي، ومع فقدان بريق شعاراتها، لم تعد تلك القوى تقدم مرشحين من كوادرها المتقدمة.

فاختيار مرشحين من كوادر الحزب دون النظر الى خلفيتهم العشائرية، مغامرة، ربما ستكشف عن النزيف الجماهيري للحزب والخواء التنظيمي، بل وحتى الانهيار الفكري والعقائدي.

لذلك، بات المرشح اليوم يتقدم، ويده بيد والده الشيخ، الأغا، الوجيه، صاحب المال والنفوذ.

وبات في الخلفية يظهر الحزب … “مرشح العشيرة” الذي هو من بعيد “مرشح الحزب”.

لم يعد المرشح، يعتمد على كفاءته وأدائه السياسي، ولا على عمق انتمائه الحزبي، بل على “صورة” الوالد او الجد او العم، وما يمكن أن يجمعه ديوانه من أصوات، وقبلها ما يمكن أن يصرفه من مال.

هو مرشح الحزب الذي لا يعرف واقعا عن الحزب شيئا، ولا ينتمي اليه فكريا او عقائديا..هو مرشح “قوي” وان كان بلا كفاءة، التقت مصالحه مع أحزاب وقوى وحركات “قوية بسلطتها ومالها وجيوشها” وان لم تكن ذات شعبية.

كل كلمة ينطقها المرشح، تكشف الحقيقة، لا انتماء فكري، ولا عقائدي، لا رؤية سياسية. لكن كل ذلك لا يهم. يكفي انه مرشح الشيخ- العشيرة، ومؤهل للفوز، ليضمن مقعدا اضافيا يشكل مع مقاعد اخرى رصيدا جيدا “للحزب القائد” الواقف على هامش العشيرة.

المعضلة هنا ليست في ولادة برلمان ضعيف فقط، محشو بناس بلا كفاءات، بل أيضا بأحزاب “حاكمة” غارقة في الفشل، تستجدي الأصوات لتتجاوز محنتها التي خلقتها باصرارها على منظومة فسادها، تستجديها من شيخ عشيرة هنا، ومستثمر هناك، من انتهازي هنا، ومطبل هناك، بل حتى من تكتوكري هابط أو صاحب نكتة.

أحزاب تجمع الأصوات، من خلال أشخاص خلفياتهم وتصريحاتهم، تعطيك صورة واضحة عن ما آلت اليه السياسات. أشخاص لا مشكلة لديهم في أن ينتقلوا من أي حزب الى آخر إذا دار الزمان… والزمان لا يتوقف أبدا عن الدوران.

كل شيء واضح، لا يحتاج الا تحليل وتأويل.

تذكير: الأحزاب التي تتكئ على العشيرة لديمومة سلطتها، تضرب في الأساس بنية وجودها، كما تضرب بنية الدولة التي تحمل شعار حمايتها.

المزيد عن آراء

آراء

آراء","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":30901}" data-page="1" data-max-pages="1" data-start="1" data-end="1">