تحقيقات استقصائية, تقارير سردية: شبكات تهريب تستقطبهم وتجندهم.. كيف يتحول عراقيون من طلاب جامعات إلى مرتزقة في الجيش الروسي؟

شبكات تهريب تستقطبهم وتجندهم.. كيف يتحول عراقيون من طلاب جامعات إلى مرتزقة في الجيش الروسي؟

رحلات دراسية وسياحية تنتهي بالتطوع في صفوف الجيش الروسي!

في تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2023 أقدم علي قيس (23 سنة) الذي ينحدر من منطقة “الكفاح” وسط العاصمة العراقية بغداد، على خطوة مفاجئة في حياته، بالسفر الى روسيا بعد تلقيه دعوة دراسية لتلقي “كورس” باللغة الروسية، وهو أحد متطلبات القبول للدراسة في المعاهد الروسية.

قبل ذلك بأشهر، كان “علي” الحاصل على شهادة الثالث متوسط، قد تواصل مع أحد المقيمين في روسيا العاملين في مجال التهريب، ويلقب نفسه بـ(عبود ابن العراق) فأقنعه بالسفر والدراسة هناك أو الهجرة ان أراد، وأخبره بأن كلفة الدعوة الدراسية تبلغ 2300 دولار، تضاف اليها أجور حجز تذكرة الطيران البالغة 700 دولار، وتعهد له بالتكفل بجميع اجراءات التسجيل والاقامة والسكن.

شابان آخران، وصلا في ذات الفترة الى “كراسنويارسك” شرقي روسيا، بعد فترة اقامة في موسكو، هما “مقتدى” (22 سنة) و”حسين” (23 سنة) وكان حلمهما منحصرا بالهجرة إلى المانيا عبر روسيا وبلاروسيا. لكن “عبود” المهرب وفي ذات الوقت مسهل اجراءات الدراسة، أقنعهم بالبقاء هناك مؤقتا “لأن طرق الهجرة باتت خطرة”، واعداً اياهم بتوفير فرصة عمل تلائمهم بعد شهرين من تعلم اساسيات اللغة الروسية.

بعد اسابيع من وصولهم وانتظار اكتمال متطلبات الدراسة الأولية والاقامة، اكتشف الثلاثة، بأن المهرب العراقي “محتال” بعد أن أخذ يجبرهم على دفع مبالغ إضافية بذريعة استكمال اجراءات التسجيل، ومع ذلك لم يكن لديهم خيار غير البقاء والانتظار.

“لم تبق معي أموال، فاضطررت بعد اربعة اشهر من تواجدي هناك الى العمل في مصنع لحوم بمدينة كراسنويارسك، لأتفاجأ بعدها بفصلي من معهد تعلم اللغة بحجة أن العمل ممنوع على الوافدين للدراسة”، يقول “علي” الذي لم يكن يتصور أن فراره من البطالة في العراق سيقوده إلى ما هو أسوأ في روسيا “لم تعد فرصة الدراسة قائمة، باتت وهماً، وأبواب الهجرة مغلقة أو خطرة كما يقول المهربون”.

مع “الورطة” التي وجدوا أنفسهم فيها، ظهر “عبود” بعرض مثير للشبان الثلاثة التائهين، تمثل بالتطوع في الجيش الروسي وبامتيازات كبيرة، مقابل أن يدفع له 1000 دولار عن كل متطوع.

انتهى العرض بالفشل، ليس لأن الثلاثة قلقون من طبيعة التطوع (أين؟ وكيف؟ وما هو مطلوب منهم؟)، ومن نوايا “عبود” فحسب، لكن أيضا لأنهم لا يملكون ذلك المبلغ.

يروي علي، كيف أنهم تواصلوا مع مهرب آخر (أ.ج) يقدم خدمات مشابهة للتي يقدمها المهرب الأول، والذي أبلغهم بمزايا التطوع ومتطلباته “سيعني حصولك على الجنسية والجواز الروسيين وان تصبح مواطنا اوربيا، وسيوفر لك راتبا ثابتا ومكافآت”. يتابع علي:”كنا نعيش أوضاعا صعبة جدا ولم تكن لدينا خيارات أخرى فمضينا في ذلك الطريق، دفعنا نحو نصف المبلغ الذي طلبه المهرب الأول، وأصبحنا مقاتلين في الحرب”.

مثلهم فعل ويفعل الكثير من الشبان العراقيين، الذين تبدأ خطوتهم الأولى من مطار بغداد الدولي، وتنتهي في منطقة الحرب بأوكرانيا. هذا التحقيق، يتتبع خيوط “شبكات تجنيد وتهريب” تدفع بالعراقيين نحو روسيا تحت عناوين الدراسة أو العمل أو السياحة، قبل أن يجدوا أنفسهم أمام إغراءات المال والجنسية للانضمام إلى الجيش الروسي “كمرتزقة” والانخراط في القتال.

فخ أوريول

بعد أيام من النقاش بين “علي” والمهرب العراقي (أ.ج) المقيم في مدينة أوريول الروسية (370 كلم جنوب غرب موسكو)، اقتنع الشاب بالتطوع، متخليا عن فكرة الدراسة التي كانت تتطلب مبالغ مالية لا يملكها. وتم الاتفاق على دفع 600 دولار أمريكي لـ(أ.ج) مقابل إتمام إجراءات التطوع بصورة رسمية.

يدير (أ.ج) قناة على تطبيق “تلغرام” يروج من خلالها لعروض دراسية موجهة للعراقيين الراغبين في الدراسة بروسيا، غير أنه في الواقع يفتح، بشكل مخطط، بابا خلفيا نحو التجنيد العسكري، فضلا عن تقديمه خدمات “تهريب البشر” إلى وجهات متعددة خارج روسيا، هذا ما جعل علي وزملاءه يلقبونه بـ”المهرب”.

وبحسب شهادة علي، فقد وعدهم (أ.ج) بتكفل الجيش الروسي بكامل مصاريف النقل من مدينة كراسنويارسك إلى أوريول التي تقع منتصف المسافة بين موسكو والحدود الأوكرانية، والتي تضم مركز اختيار “الخدمة العسكرية” للمتطوعين الأجانب الراغبين في الانضمام إلى صفوف الجيش الروسي، ويقع المركز في شارع أوكتيابرسكايا – أوريول.

الرحلة التي اخذت الشبان العراقيين الثلاثة الى مركز أوريول، كانت عبر القطار واستغرقت ثلاثة أيام، شاملة توفير الطعام والشراب والسكن.

يقول علي، الذي ما يزال يخدم في صفوف الجيش الروسي :”في المعسكر وقعنا عقود الانضمام إلى الجيش الروسي أنا ورفيقي. تم إسكاننا في مكان لائق، وكان التعامل ودودا، ووعدونا برواتب تتراوح بين 2500 و5000 دولار شهريا حسب سنوات الخدمة، إضافة إلى الحصول على الجنسية الروسية، جواز سفر، وقطعة أرض.”

Image

“تريد دراسة .. تريد تطوع؟”

“تريد دراسة أو تطوع.. اني حاضر، لكن ما انصحك بالتطوع لأنه موت أحمر”، هكذا سارع المهرب (أ.ج) بالرد عبر اتصال هاتفي، عندما أخبره معد التحقيق برغبته في السفر إلى روسيا.

حدد السعر بـ2000 دولار أمريكي شاملاً الموافقة الأمنية، والاستقبال داخل المطار، والدعوة الدراسية، والسكن، والتأمين، والفيزا، والفحوصات الطبية، والبصمات، وعرض تسهيلات أكبر تتضمن تقسيط الدفعات المالية إلى أربع دفعات الأولى تدفع من العراق، والمتبقي من المبلغ يدفع حين الوصول إلى مطار موسكو.

رسمياً أبواب روسيا مفتوحة ليس لطالبي الدراسة والباحثين عن السياحة فقط، بل للراغبين بالتطوع وعلى نحو أكبر.

ففي السابع من تموز/يوليو 2025، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانونا جديدا يفتح أبواب الجيش الروسي أمام غير الحاصلين على الجنسية الروسية.

يمنح القانون الأجانب حق التعاقد للخدمة العسكرية، والحصول على معاشات تقاعدية حكومية، والأهم: فرصة التقدم للحصول على الجنسية الروسية بعد عام واحد فقط من الخدمة، دون الحاجة للإقامة الدائمة في روسيا.

وصفت هذه الخطوة بأنها إحدى أبرز استراتيجيات الكرملين لمواجهة النقص الحاصل في الموارد البشرية المطلوبة للحرب المستمرة في أوكرانيا.

لكن خلف هذه التسهيلات والامتيازات القانونية تقف قصص ميدانية معقدة، يتداخل فيها البعد الاقتصادي مع الهجرة والجنسية والحرب، ليجد آلاف الشباب العراقيين أنفسهم جزءا منها.

في مدينة فارونيج غربي روسيا (500 كلم عن موسكو)، حيث يعيش مسؤول الجالية العراقية في المقاطعة، الدكتور حيدر فاضل محمد الشمري منذ 2015، الذي يروي، كيف صارت التعديلات القانونية الجديدة بوابة للعراقيين الراغبين في الانخراط رسميا في الجيش الروسي.

يقول الشمري بصوت منخفض لكن بنبرة متوتر: “القانون سهل كثيرا على الأجانب ومن بينهم العراقيين الانخراط في الجيش. لدينا اليوم نحو ألفي عراقي يخدمون بعقود رسمية ويتقاضون راتبا شهريا يقارب 3000 دولار، كما ان هناك نحو ثلاثة آلاف آخرين يقاتلون إلى جانب الجيش الأوكراني”.

ينص القانون الروسي الجديد أيضا على أن أي أجنبي مقيم في روسيا، شريطة أن يجيد اللغة الروسية، يمكنه توقيع عقد التطوع في صفوف الجيش الروسي، حيث يتراوح الراتب بين 2500 و3000 دولار شهريا، وهي مبالغ مغرية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها كثير من الشباب العراقيين المقيمين في روسيا.

حاولنا الحصول على موقف من وزارة الخارجية العراقية بشأن مشاركة العراقيين في الحرب الدائرة، لكن الوزارة أحالتنا إلى السفارة العراقية في موسكو.

وفي اتصال هاتفي مع القائم بأعمال السفارة خليل الشمري، أكد الأخير أن “عمليات التجنيد تتم بطريقة سرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتليغرام)، يشرف على إدارتها أشخاص من داخل وخارج العراق، ونحن كسفارة نرفض تجنيد العراقيين في هذه الحرب”، مشيرا إلى أن السفارة فتحت تحقيقا بالأمر، كما نوه إلى وجود شركات سياحية تدخل الشباب إلى روسيا بحجة السياحة.

واتهم القائم بأعمال السفارة مسؤول الجالية العراقية في مدينة فارونيج بـ”استدراج الشباب العراقيين إلى الحرب”، مؤكدا أن ذلك الشخص بعد كشف أمره “بدأ يظهر في وسائل الإعلام باعتباره مدافعا عن العراقيين ورافضا لتجنيدهم”.

يتهم آخرون مسؤول الجالية العراقية في فارونيج، بالتورط في عمليات التجنيد. ففي فيديو لمجند عراقي شاب يدعى “زيد” من مدينة النجف، يوجه المقاتل الاتهام الى حيدر الشمري باستدراجه وضمه إلى صفوف الجيش الروسي. ويظهر “زيد” وهو يستلقي على سرير مستشفى مصابا، بعد تعرضه لهجوم بطائرة مسيرة مفخخة، حسب قوله.

هذه الاتهامات دفعتنا للبحث في سجلات حيدر الشمري، الذي يدير صفحة على فيسبوك باسم “الجالية العراقية في روسيا”.

في منشور يعود إلى 10 أكتوبر 2022، يظهر الشمري جالسا في اجتماع رسمي لأعضاء المجلس التنسيقي لعمدة المدينة مع مدير عام دائرة الهجرة والجوازات الروسية في ولاية فارونيج. الاجتماع، الذي حضره عميد بالجيش الروسي وعدد من مسؤولي الجالية وموظفون بوزارة الداخلية، ناقش “المستجدات القانونية ومشاكل العراقيين في روسيا وقانون الخدمة العسكرية الجديد”.

يشرح الشمري في المنشور: “يحق لأي أجنبي متواجد في روسيا اليوم التقديم بعقد خدمة عسكرية. يجب أن يجيد اللغة الروسية للتعامل مع الآخرين. مدة العقد لا تقل عن سنة، وسيتم تدريب جميع المتقدمين في معسكرات خاصة بغض النظر عن خبرتهم العسكرية”.

ويؤكد الشمري، في المنشور، أن “أي مشاكل في الإقامة يمكن التغاضي عنها ما لم تتعلق بقضايا إرهاب أو انتهاكات للقانون الروسي. بعد إتمام الخدمة، يحصل المتطوع على الجنسية الروسية له ولأسرته، راتب شهري، وبطاقة المحارب القديم التي تمنحه مزايا في المنتجعات وخفض 50% من فواتير الخدمات الأساسية”.

وينهي الشمري منشوره بدعوة مفتوحة: “من يرغب بالانضمام يمكنه مراسلتي لتقديم المساعدة”.

Image

قائمة المفقودين

في الخامس والعشرين من تموز/يوليو 2024، غادر أبو صفاء الحمداني، الذي عمل سابقا في جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، منزله بمدينة الصدر شرقي بغداد، بعدما أخبر عائلته أنه ذاهب في رحلة قصيرة إلى شمال العراق. بدا الأمر عاديا حينها، ولم يثر أي شكوك.

لكن بعدها بيومين، أي في السابع والعشرين من الشهر نفسه، تلقت العائلة اتصالا قلب حياتها رأسا على عقب، كان المتصل هو الأب نفسه، لكن هذه المرة من روسيا. يقول ابنه صفاء: “اتصل بنا وأخبرنا أنه في روسيا ذاهب للقتال، وقال إنه سيغير حياتنا، وعدنا بأنه بعد عام كامل من الخدمة سيحصل على الجنسية والجواز الروسي وسيأخذنا معه”.

مرت ثلاثة أشهر ثقيلة على العائلة، متوسطة الدخل، والتي تعلقت بوعود الأب، لكنها كانت خائفة على مصيره بعد أن انقطعت أخباره تماما عقب آخر اتصال في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2024. منذ ذلك التاريخ لم يصلهم منه أي خبر. يروي صفاء بمرارة: “لو كنا نعلم أنه ذاهب إلى الحرب لما سمحنا له بالسفر”.

بدأت رحلة البحث المضنية، قصدت العائلة السفارة العراقية في موسكو أملاً في معرفة مصيره، لكن الرد كان بالرفض، لجأت بعدها إلى محامٍ عراقي في روسيا لعله يساعدهم.

المحامي طلب خمسة آلاف دولار مقابل تأكيد خبر مقتل الأب أو إصابته، دفعت العائلة المبلغ عبر شركات التحويل المالي، وبعد أيام وصلتهم منه قائمة تضم 79 عراقيا مفقودين منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2024 وحتى شهر أيار/مايو 2025، كان اسم أبو صفاء بين الأسماء، حسبما يقول أبنه.

ورغم أن صفاء رفض أن يسلمنا نسخة من القائمة، إلا أنه سمح لنا بالاطلاع عليها، كانت تضم شبابا عراقيين من أعمار مختلفة، من مواليد 1999 وحتى 2004.

بينهم محمد عماد الملقب “حمودي” من المسيب في محافظة بابل، وعلي عبد الحسين مطلك من البصرة، وعبد علي أحمد حسين من البصرة أيضا، إضافة إلى حسن قاسم خلف جار الله الدراجي من مدينة الصدر (22 عاما)، وأمير حميد ياسر من محافظة واسط.

القائمة التي حصلت عليها عائلة المفقود أبو صفاء، كشفت أن الحكاية لا تخص بضعة أفراد بل تشمل العشرات، مقتولون او مفقودون تبحث عوائلهم عنهم. عوائل تتشارك اليوم خوفها على أبنائها مع أمل ضعيف بعودتهم يتلاشى كلما طالت فترة غيابهم.

مع ذلك، في بغداد يظل الموقف الرسمي غامضا، فيما خرجت أصوات في البرلمان العراقي تقلل من حجم الظاهرة، إذ يرى عضو لجنة العلاقات الخارجية مثنى أمين أن ما يحدث “حالات فردية لا ترقى إلى أن تكون ظاهرة منظمة”.

ويضيف: “بعض هؤلاء يحملون الجنسية الروسية أصلاً أو حصلوا عليها مؤخراً، وبالتالي يقاتلون دفاعاً عن بلدهم الثاني، وهناك من يبحث عن المال أو الجنسية عبر بوابات مثل الجيش الروسي أو مليشيات مثل (فاغنر)”.

ويعلق أمين بشأن احتمالية أن تترتب عقوبات أو انتقادات دولية على العراق بسبب مشاركة مواطنيه في هذه الحرب؟ قائلا: “لا أحد يستطيع معاتبة العراق على خيارات فردية لشباب يقاتلون خارج البلاد، والدول لا تحاسب إلا إذا كانت تنظم أو تمول أو تشجع مثل هذه المشاركة”.

ويضرب مثالاً على ذلك بما حصل مع حالات انتماء لتنظيم داعش، ويقول: “حاملو عشرات الجنسيات الأوروبية والآسيوية والإفريقية انتموا للتنظيمات الإرهابية، ولم تحاسب تلك الدول على خيارات مواطنيها الفردية”.

سجلات الضحايا التي تتناقلها عوائل المفقودين، تشير الى المجندين في الجيش الروسي، لكن يبدو ان هناك مجندين آخرين ضمن مجموعات مقاتلة أخرى.

في السابع من نيسان/أبريل 2023، أعلنت مجموعة فاغنر الروسية الخاصة وفاة المواطن العراقي عباس أبوذر وتوت، خلال المعارك في أوكرانيا.

وتوت، توفي في مدينة لوغانسك، التي تسيطر عليها روسيا، شرقي أوكرانيا، بعد إصابته في معارك باخموت، ضمن إقليم دونيتسك، وفق وكالة الإعلام الروسية. وحينها وصفه رئيس مجموعة فاغنر السابق، يفجيني بريغوزين، وتوت، بأنه “مقاتل جيد فقد حياته بطريقة بطولية”.

وفي مقطع مصور نشرته الوكالة الروسية، تلقى والد الشاب المقتول، أوسمة تكريم لإبنه بعد وفاته، وقال إن “عباس أراد الفوز بحريته، وأراد أن يكون رجلاً يدافع عنها وعن نفسه”، مشيراً إلى أنه “وجد هذه الحرية في روسيا”.

جامعات متهمة

(ز.ع) النجفي، وهو أحد العاملين ضمن شبكة المهرب (أ.ج) كشف عن قيام جامعة أوريول الروسية التي تقع في مدينة أوريول “بتبني إرسال دعوات دراسية للعراقيين، واذا قرر أحدهم التطوع في صفوف الجيش الروسي، تتبنى الجامعة استكمال ملف تطوعه ومتابعته بشكل تفصيلي”.

يضيف: “اغلب الجامعات الروسية لديها تعاقد مع الجيش الروسي ومن مصلحتها دفع المغتربين والاجانب للتطوع في صفوفه”.

كان النجفي واضحا في التذكير بما ينتظره المتطوعون، بعدما أخبرنا (معد التحقيق) برغبتنا بالتطوع في صفوف الجيش الروسي: “المتطوعون العراقيون والعرب من السوريين واليمنيين والمغاربة يوضعون في أول شهرين من التطوع في المناطق الأوكرانية المحررة مع القوات الروسية، ويكلفون بمهمة مسك الأرض، وفي حال حصول اي تطور يتم الدفع بهم باتجاه جبهات القتال”.

ويوضح المهرب الذي يسكن محافظة النجف حسب قوله، إن المتطوع العراقي يخضع لدورة عسكرية تدريبية في أحد المعسكرات الروسية لمدة 45 يوماً يتقاضى خلالها 400 دولار أمريكي، وبعد انهائها يصل راتبه إلى 2500 دولار، وحالما يتخصص في مهنة معينة في سلك الجيش يدفع له مبلغ مالي يصل إلى 5000 دولار كما يتم منحه قطعة أرض وجواز وجنسية روسية مقابل عقد يوقعه مع الجيش الروسي لمدة سنة، قابل للتجديد في حال موافقة الطرفين، على حد ما ذكر.

ويضيف:”يسلتزم التطوع في الجيش الروسي أن يكون المتقدم سليما ولا يعاني من عاهة مستدامة ولم يكن قد أجرى عملية جراحية سابقة في بطنه، أو هناك قطع بلاتين في قدمه، كما يجب أن يكون لدى المتطوع العربي وكيلا له من أهله أو اقاربه، فإذا قتل في الحرب يتم منح الوكيل عنه الامتيازات الخاصة بالجواز والجنسية وقطعة الأرض بالإضافة الى تعويض مالي مقداره 80 الف دولار”.

وعن طرق التطوع الاخرى يقول (ز.ع) :”العراقيون الذين تنتهي مدد اقاماتهم في المدن الروسية، أو يعتقلون أثناء محاولتهم الهروب نحو الدول الأوروبية عبر بلاروسيا يتم زجهم بالسجون، وهنالك يخيرون بين التطوع في صوف الجيش الروسي أو الترحيل إلى العراق وعدم السماح لهم بالدخول إلى الأراضي الروسية مرة اخرى. إذا تمت الموافقة على التطوع يتم الدفع بهم في الصفوف الأمامية للمعركة مع الجيش الأوكراني، بعد الانتهاء من مدة التدريب”.

وعلى الرغم من الاعلان الروسي بإيقاف السلطات منذ نهاية عام 2023 منح الدعوات الدراسية وتأشيرات السفر للعراقيين وبعض الجنسيات العربية والتي كانت تمنح على نحو واسع بقصد تشكيل موجات من المهاجرين وتهديد أوروبا بها، إلا أن إعلانات السفر إلى روسيا مازالت تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع تطمينات بتوفير تأشيرات السفر والدعوات الدراسية.

يقول (ز.ع)، أن “السلطات الروسية أوقفت الدعوات الدراسية قبل الانتخابات الروسية التي جرت في الفترة من 15 إلى 17 مارس/آذار 2024، لدواعٍ أمنية، لكنها عاودت فتح الدعوات الدراسية في تشرين الثاني/نوفمبر 2024.

تواصلنا بصفة “باحث عن فرصة تطوع” في الجيش الروسي مع مهرب آخر يدعى (ح.ر) فكرر الأخير ذات المعلومات، لكنه أضاف أن “الدورة العسكرية التدريبية تكون في مدينة روستوف الروسية، وأن هنالك صنفان للتطوع: الأول قوات احتياط داخل المدن الروسية، والثاني في جبهات القتال.

فيما تبلغ تكلفة تأشيرة الدخول وتذكرة الطيران وتوفير الدعوة الدراسية وإكمال كافة إجراءات التطوع في الجيش 2500 دولار، كما يشترط في المتقدم امتلاكه اقامة في روسيا لمدة سنة ولا يشترط معرفة اللغة الروسية.

ويضيف:”ما أن يدخل المتطوع الى معسكر التدريب حتى يتم سحب هاتفه، وبعد انتهاء دورة التجنيد التي تمتد ما بين 45-50 يوما يزود بهاتف جديد”.

ويقدم (ح.ر) الذي يعد أحد اعضاء شبكة تهريب العراقيين الى روسيا، معلومات تفصيلية أكثر عن حياة المتطوع: “بعد ستة أشهر من التطوع في صفوف الجيش يمنح المتطوع الجنسية والجواز الروسي، وإجازة لمدة 15 يوماً يتم فيها استكمال إجراءات لم شمل عائلته والمجيء بها إلى روسيا ومن ثم يعاود الالتحاق في صفوف الجيش لإكمال مهمته العسكرية، وجميع هذه الاجراءات تتم عبر مترجم خاص تكلفه السلطات الروسية”.

ويذكر المهرب انه كان على تواصل مع عدد من العراقيين الذين انضموا فعلا إلى صفوف الجيش الروسي “لكن ما ان دخلوا الدورة التدريبية حتى انقطع التواصل معهم، ولم يتمكن ذووهم أيضا من اجراء اتصالات بهم”.

يشير المهرب، أنه ومنذ سنة 2022 ولغاية أواخر 2024 تطوع قرابة 700 شاب عراقي مقيم في روسيا ضمن صفوف الجيش الروسي، وتصل يوميا عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الطلبات لعراقيين راغبين بالتطوع، لكن عددا محدودا منهم يمضي في طلبه”، ويؤكد بأن “من يقتل في صفوف الجيش الروسي يدفن في روسيا، ويمنح أفراد عائلاتهم الجنسية والجواز الروسيين”.

وكان عراقيون شباب قد تلقوا عبر وسائل التواصل، بعد فترة قصيرة من اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية شباط فبراير 2022، رسائل تدعوهم الى التطوع في صفوف الجيش الروسي.

وعقب ذلك شددت القنصلية العراقية من متابعاتها للعراقيين الذين يعملون في روسيا ويحاولون استقطاب الشباب للتطوع وتوعدوهم بالاعتقال وتسفيرهم للعراق.

وينشط السماسرة والمهربون في الغالب على تطبيق (التليغرام) الروسي، أحياناً باسماء صريحة وكنى علنية ووجوه مكشوفة، ويروجون لعروض التطوع في صفوف الجيش الروسي والهجرة غير الشرعية، والأسعار، والطرق التي يسلكونها.

ويبرز بُعد آخر لعمليات التجنيد، ففي آذار/مارس 2022، أعلنت القنصلية الروسية في البصرة “استمرارها بتلقي طلبات من مواطنين عراقيين للانضمام إلى صفوف الجيش الروسي”، ووصفت حربها في أوكرانيا بأنها “عملية عسكرية ضد النظام النازي المدعوم من الولايات المتحدة والناتو”.

وفي الشهر نفسه رصد رفع صورة كبيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منطقة الجادرية وسط بغداد، وتحديدا قرب جامعة بغداد وبجوار مقر تابع لحركة عصائب “أهل الحق”، حملت الصورة تعليقاً بالإنجليزية: We Support Russia (“نحن ندعم روسيا)، وذيلت بتوقيع “أصدقاء الرئيس”.

هذه الاعلانات والرسائل والصور تمثل إشارة إلى وجود بيئة داخل العراق تتعاطف مع الموقف الروسي، وهي تشجع عراقيين بشكل غير مباشر على الانخراط في الجيش الروسي كمرتزقة.

الدفاع عن الوطن أولاً

تكشف شهادات برلمانيين ومسؤولين عراقيين، أن هناك شباباً من العراق جرى استقطابهم للقتال عبر بوابات تبدو بريئة للوهلة الأولى، كدعوات دراسية، أو تأشيرات سفر سياحية قصيرة الأمد، ثم سرعان ما تتحول إلى عقود عسكرية رسمية، مع الاشارة الى ان كل ذلك بقي في اطار الحالات الفردية ولم يصبح ظاهرة تثير القلق.

عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علاوي النداوي، يؤكد متابعة البرلمان لهذا الملف، قائلاً: “في حال تأكد لنا انخراط مجاميع من الشباب العراقي كمرتزقة في الجيش الروسي أو الأوكراني، فإننا سنناقش الأمر داخل اللجنة ونعمل مع الجهات الحكومية لإيجاد حلول”.

ويضيف: “الدستور يمنع أن يكون العراق مصدراً للاعتداء على أي دولة. فكيف يمكن القبول بأن يتحول شباب عراقيون إلى مرتزقة في صراعات خارجية؟”.

لكن على الضفة الأخرى، يقلل المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين، علي عباس جهانكيز، من خطورة الأمر، موضحاً أن “السفر بسمة سياحية رسمية الى روسيا أمر طبيعي ولا يمكن النظر اليه بعين الشك”.

ويتابع: “لكن إذا اتخذ السفر وسيلة للالتحاق بالقتال كمرتزقة، فإن ذلك مخالف للقانون وممنوع تماماً”، مشيراً إلى أن “الوزارة لا تمتلك أي معلومات رسمية عن التحاق عراقيين بالجيش الروسي أو غيره”.

على عكس هذا النفي، تكشف النائبة عالية نصيف عن وجود جهات منظمة تعمل على استقطاب الشباب العراقيين: “هناك عمليات تجنيد واضحة تجري عبر دعوات دراسية وهمية أو فيز سياحية، وما يتم تداوله من فيديوهات لعراقيين يقاتلون في صفوف الجيش الروسي دليل على أن الأمر ليس فردياً”.

وتحذر نصيف، من استمرار عمليات التجنيد: “ذلك يضع الشباب العراقي في مواجهة الموت في حرب ليست حربهم”، داعية الحكومة ووزارة الخارجية إلى “التحرك السريع لإعادتهم قبل أن تتحول القضية إلى مأساة بالنسبة للكثيرين منهم”.

وتوجه نصيف، رسالة مباشرة للشباب العراقي: “أنتم تخسرون آخرتكم قبل دنياكم، وأنتم تقاتلون لأجل قضية لا علاقة لكم بها، الشهادة الحقيقية تكون في الدفاع عن الوطن وقضاياه، لا في صراعات عابرة للحدود لا ناقة للعراق فيها ولا جمل”.

من جانبه، كشف النائب عامر عبد الجبار، عن وجود عراقيين جندتهم وزارة الدفاع الروسية بنحو مباشر، لافتاً إلى أن “الكثير منهم يطلب المساعدة للعودة إلى العراق”، فيما وردت شكاوى عن توقيع شباب عراقيين على عقود دون إدراك كامل لبنودها.

وتتسع دائرة الحالات، إذ يروي عضو البرلمان، أن طبيبين عراقيين -لم يذكر اسميهما- سافرا إلى روسيا لاستكمال دراستيهما العليا في عام 2023، وقاما خلال فترة بمعالجة الجرحى طوعياً “كحالة إنسانية”، بعدها عرض الجيش الروسي عليهما التعاقد رسمياً للعمل الطبي مقابل مبالغ مالية، وبعد شهر فقط من ممارستهما للعمل داخل المستشفيات العسكرية، فوجئا بنقلهما إلى جبهات القتال، على حد قوله.

ويضيف عضو البرلمان، أن “المماطلة الروسية تهدد حياة العراقيين”، مطالبا رئيس الوزراء بـ”التدخل العاجل واستدعاء السفير الروسي في بغداد لإلغاء العقود وإعادة المقاتلين إلى وطنهم”.

يرى الخبير الأمني سلام العبادي، أن “طرفي الصراع – موسكو وكييف – يوظفان مقاتلين أجانب لتعويض الخسائر البشرية، وهذا يحدث بشكل علني، وهنالك عراقيون انضموا الى جيشي البلدين، وهم ضحايا لهذا الاستقطاب ولحاجاتهم المادية.

ويوضح العبادي، أن هؤلاء يصنفون قانونياً كـ”مرتزقة” وفق البروتوكولات الدولية، وبالتالي “لا حقوق لهم إذا وقعوا في الأسر، ولا يمكن معاملتهم كأسرى حرب، بل يمكن محاكمتهم حتى لو لم يرتكبوا أي انتهاكات للقانون الدولي”.

ويكمن مشكلة هؤلاء ايضا في وضعهم القانوني بعد انتهاء الحرب، فكل ما يتعلق بامتيازاتهم يظل ضبابيا ويمكن ان يخسروها بسهولة كما حصلوا عليها سريعا.

حق السفر.. ولكن

يصنف العراق ضمن بلدان المنشأ للمهاجرين وفق أدبيات منظمة الهجرة الدولية، فخلال العقود الأربعة المنقضية، شهد العراق موجات متكررة من التشرد، والهجرة، واللجوء، والنزوح، سواء إلى دول المنطقة العربية أو إلى أوروبا والأمريكيتين.

في تسعينيات القرن المنصرم، ولا سيما بين عامي 1990 و1995، تدفق أكثر من 36 ألف مهاجر عراقي إلى بلدان المغرب العربي، تونس، الجزائر، ليبيا، والمغرب.

ومع سنوات حرب الخليج الثانية، وأزمة الحصار الاقتصادي، واحتلال العراق بين 1990 و2013، نزح نحو 3 ملايين عراقي إلى بلدان المشرق العربي، مثل سوريا، الأردن، لبنان، مصر، واليمن.

وتشير التقديرات إلى أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى بكثير، إذ شكّل العراقيون نحو 23% من حركة اللجوء في المنطقة العربية.

ووصل أكثر من مليون عراقي خلال سنوات التسعينات الى الدول الأوربية، وحصلوا على حق اللجوء السياسي او الانساني.

بالمجمل، بلغ عدد المشردين العراقيين في أنحاء مختلفة من العالم بين 1990 و2013 أكثر من 7 ملايين شخص، رغم ذلك، كانت مساهمتهم في الاقتصاد المحلي عبر التحويلات المالية محدودة، إذ بلغ أقصى حجم لهذه التحويلات عام 2014 نحو 316 مليون دولار فقط.

يقول الخبير القانوني علي التميمي، ان للشاب العراقي الذي يزيد عمره عن 18 عاما حق السفر الى مختلف دول العالم، مع عدم وجود نص قانوني يمنعه من السفر خارج العراق، كما أن الدستور العراقي لعام 2005 يسمح للمواطن بالحصول على أكثر من جنسية، وينص في المادة 44/أولاً على أن “للعراقي حرية التنقل والسفر والسكن داخل العراق وخارجه”.

ومع ذلك، يوضح التميمي أن “المواد القانونية (9-12-13) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 تفرض عقوبات تصل الى سبع سنوات سجناً على كل من ارتكب في الخارج أفعالاً تمس مصالح الدولة، بالتالي القتال كمرتزق ضد دولة أو المشاركة في صراع دولي يمكن اعتباره تهديداً للمصالح الوطنية أو ارتباطاً بأطراف أجنبية، ما يتيح تطبيق القانون عليه عند عودته”.

الطلبة المبتعثون خارج دائرة الاتهام

ضابط في وزارة الداخلية العراقية، كشف عن جهود كبيرة تبذلها الدوائر الأمنية للتصدي لظاهرة تجنيد العراقيين خارج البلاد، ويؤكد أن “العمل الجاري على الموضوع هو طي الكتمان” حسب وصفه.

ويقول: “لدينا معلومات دقيقة عن افتتاح مكاتب لتهريب البشر الى روسيا وبلاروسيا، تحت عناوين الخدمات الجامعية، وتطور الموضوع واصبح تجنيدهم للقتال”.

ويوضح:”الملف متابع على اعلى المستويات ويتم مراقبة اداء جميع المكاتب ومعاهد تعليم اللغات وتوفير الدعوات الدراسية وشركات السياحة لكن لا يمكن التحرك لاتخاذ الاجراءات بحقها، الا بعد التثبت من الجريمة وضبط العراقيين المسؤولين عن التهريب في الخارج وبالتنسيق مع الدول المتواجدين فيها خوفاً من تسرب الخبر ثم هروب واختفاء الاطراف الأساسيين في هذه القضية”.

Russia iraq photo

وهناك اشكالية واضحة في هذا الجانب تحديدا، تعطل عمليات ملاحقة واعتقال المتورطين، وهي تتمثل في عدم وجود تعاون من الدولة الأخرى في هذا الملف.

ويتابع:”على الاغلب كان سفر الشباب العراقيين الى روسيا لغرض الهجرة الى اوروبا عبر بلاروسيا، ثم تطور الأمر ليكون تجنيدا في صفوف الجيش الروسي”.

ويشير المصدر الأمني، الذي رفض الكشف عن هويته، إلى أن “الطلبة العراقيين المبتعثين عن طريق وزارة التعليم العالي غير متورطين في هذا القضية، والمتورطون هم من يحصلون على تأشيرات السفر والدعوات الدراسية عبر مكاتب الخدمات الجامعية وعلى نفقتهم الخاصة، على الرغم من أن غالبيتهم لا يمتلكون المؤهل العلمي للدراسة في الجامعات الروسية”.

بالمقابل، قدمت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية، جملة من النصائح للطلبة العراقيين الراغبين بإكمال دراستهم في روسيا، منها عدم التعامل بنحو نهائي مع مكاتب الخدمات الجامعية التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبارها غير مرخصة من قبل الوزارة.

ويقول المتحدث باسم الوزارة، حيدر العبودي إن “الوزارة لديها سياقات قانونية وإجرائية لعقد الاتفاقيات واستقبال الدعوات والمنح والابتعاثات والزمالات الدراسية”، ويؤكد بأن “الملحقيات ودائرة البعثات هي القنوات الرسمية الوحيدة المتاحة للتعامل مع الجامعات الأجنبية”.

ويشدد على ان وزارة التعليم العالي “لا تتعامل إلا مع ملحقياتها ولا دخل لها بمكاتب الخدمات الجامعية”.

وعلى الرغم من العدد الكبير من مكاتب الخدمات الجامعية التي تعلن عن نفسها خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فان وزارة الداخلية كانت قد أكدت سنة 2023، انها تمكنت خلال السنوات الخمس السابقة من اغلاق فقط مكتبين غير مرخصين للخدمات الجامعية في بغداد.

يحذر الخبير الأمني سرمد البياتي، من خطورة ابقاء الملف عالقا دون معالجة “فالتدفق ما زال مستمراً نحو روسيا”، مبينا أن الموضوع مؤلم فالشباب العراقيون لأسباب ترتبط في الغالب بحاجاتهم المادية وتطلعهم لتحسين واقعهم “انخرطوا في الحرب هناك، ووضعوا في خطوط المواجهة الأمامية”.

ويدعو الحكومة الى التدخل بشكل عاجل لمتابعة الملف وإيجاد حل لإيقاف عملية التجيند غير المعلنة التي تحصل، منبها: “هذا الملف قد يكون له تأثير كبير على العراق، ونخشى أن يستغل ضدنا من قبل المجتمع الدولي”.

*أنجزت المادة تحت اشراف شبكة نيريج للتحقيقات الاستقصائية

المزيد عن تحقيقات استقصائية

تحقيقات استقصائية, تقارير سردية","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":30683}" data-page="1" data-max-pages="2" data-start="1" data-end="1">