دون مواربة، نطقت السلطة اسم “كتائب حزب الله” في سابقةٍ لم تكن معهودة في عراق ما بعد 2003 عندما يتعلق الأمر بجرائم السلاح المنفلت، وتعبّر عن مرحلة مختلفة تماماً لم يعد فيها اتهام الفصائل أو حتى الحشد الشعبي محرماً، بل يتردّد حديث في الكواليس، أو حتى في العلن، عن تذويب هذه الجماعات دون استثناء لتكون في شكلها الرسمي، بعد أن ظلت زمناً طويلاً غطاءً يؤمّن “الإفلات من العقاب”.
أهمية هذا التطوّر لا ترجع إلى بيان مكتب القائد العام للقوات المسلحة، الذي صدر صريحاً على غير العادة، وشخّص منفذي الهجوم المسلح على دائرة الزراعة جنوبي بغداد بتحريض من مسؤول مرتبط بـ “كتائب حزب الله” فقط، بل ترجع الأهمية إلى أنّ البيان الحكومي جاء بوصفه رداً على تهديد صريح صدر عن زعيم الحركة الموالية للمرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، وطال كبار المسؤولين، بمن فيهم “القائد العام للقوات المسلحة”.
كتائب حزب الله.. رأس الحربة
تمثل “كتائب حزب الله” رأس حربة الجماعات المسلحة الشيعية، التي شكلت لاحقاً نواة “هيئة الحشد الشعبي”، وأشد هذه الفصائل تطرفاً وجرأة، وأشدها ارتباطاً بإيران، بل وأقدرها على تنفيذ هجمات مؤثرة، والمحرك لهجماتٍ ضد مصالح الولايات المتحدة في العراق، كما ارتبط اسمها بأشهر عمليات الاغتيال والاختطاف، مثل اغتيال هشام الهاشمي، واختطاف الإسرائيلية تسوركوف.
تأسست الجماعة رسمياً عام 2007 بتوحيد خمس مجموعات مسلحة صغرى، ولكن جذورها تعود إلى عام 2005 عندما بدأت العمليات المسلحة ضد القوات الأمريكية في العراق، وبعض قادتها تحدّثوا عن تواريخ تعود لفترة حكم صدام حسين، وقد صنفتها الولايات المتحدة بأنها “منظمة إرهابية أجنبية” منذ عام 2009، فيما تُقدر قوتها بـ “20 – 30 ألف مقاتل”. برزت الحركة بأدوار مختلفة في معظم الأحداث بعد صيف عام 2014، وصولاً إلى 2019، فقد تصدّت لمواجهة تمدّد داعش الذي كان على مشارف بغداد، وسجّلت نجاحات بمقاتلته، في حين اقتحمت راياتها باحة السفارة الأمريكية، ثم نفذت هجمات الانتقام لقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، الذي قُتل إلى جانب صديقه العراقي، رئيس هيئة أركان الحشد الشعبي، جمال جعفر “أبي مهدي المهندس”، وأخيراً مرحلة ما بعد “طوفان الأقصى”.
في كلّ المراحل السابقة لم تجرؤ السلطات على اتهام “الكتائب” وأخواتها من فصائل الخط الأول “عصائب أهل الحق، والنجباء”، فضلاً عن مساءلتها، واقتصرت في مواجهتها على خطوات خجولة، فيما كانت ردة الفعل دائماً عنيفة، حتى بلغت محاولة اغتيال رئيس الحكومة السابقة، مصطفى الكاظمي، بعد تهديد علني.
“غلطة الشاطر”
وبالعودة إلى التطورات الأخيرة، كانت المجموعات الإلكترونية ومنصات التلغرام المرتبطة بالفصائل المسلحة تتداول على نطاق واسع مقطعاً من كلمة لـ “أبي مهدي المهندس”، يحذر فيه صراحة من أنّ الخطر الأكبر على الحشد الشعبي “سيكون من داخل الحشد الشعبي”، في إشارة إلى خطر “عدم الانضباط” واستخدام السلاح والنفوذ لاحقاً، والتحول إلى “كارتيلات فساد”، مع أحاديث أعمق عن ضرورة “الانحناء لعاصفة الشرق الأوسط الجديد”.
بالمقابل، قرع صوت الأمين العام الحالي للكتائب، أبي حسين الحميداوي، آذان كبار المسؤولين، وبمقدمتهم رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بتهديدات واضحة ومباشرة، بحسب مصادر سياسية وأمنية متعددة، وحذّر من أنّ “إعلان تورط كتائب حزب الله في أحداث دائرة الزراعة لابد أنّ يُتَدارَك ببيان لاحق يلقي التهمة على أي جهة، ويطوي الملف على طريقة التعامل مع الأحداث السابقة”.
السوداني يعلن المواجهة
يدرك الحميداوي، وكذلك قادة الصف الأول في الفصائل المسلحة من الذين يشغلون مواقع قيادية في الحشد الشعبي، مثل “أبي فدك المحمداوي”، الذي ورث منصب المهندس، أنّ الاتهام الرسمي لحركة “كتائب حزب الله” دليل لا يمكن السماح به، وقد يكون بداية لمرحلة أخطر، مع تصاعد الأصوات المطالبة بحلّ الحشد الشعبي في الداخل والخارج.
تهديدات الحميداوي “لم ترعب السوداني” على حد تعبير مسؤول في مكتبه، بل كانت “دافعاً لموقف أشد، مدعوماً بغطاء سياسي يرى في نهج الحكومة، خلال حرب الـ 12 يوماً بين إيران وإسرائيل، طريق نجاة وحيد من جحيم الشرق الأوسط الذي يريده نتنياهو، أو على الأقل تأجيله”. على هذا الأساس يمكن فهم بيان المسؤول الأمني للحركة أبي علي العسكري الذي هاجم السوداني، وحذّر الإطار من ضياع السلطة في حال جدد الثقة برئيس الحكومة لمرحلة أخرى.
ورغم ذلك، أعلن مكتب رئيس مجلس الوزراء، مجدداً، أنّ المسؤولين عن هجوم دائرة الزراعة في بغداد، الذي خلف قتيلين على الأقل، أحدهما شرطي في قوات وزارة الداخلية، هم من “كتائب حزب الله”، وأعلن معاقبة قائدَي اللواءين التابعين للحركة ضمن الحشد الشعبي “45، 46″، ما يشي بمرحلة مغايرة تماماً تبدو فيها الحكومة منفتحة انفتاحاً حقيقياً على تطبيق الخيار الأمريكي بشأن الحشد الشعبي.
البيت الأبيض: “أيام الحشد انتهت“
تواجه قوات الحشد الشعبي في هذه المرحلة، تحديات وجودية غير مسبوقة تهدد مستقبلها بوصفها مؤسسة شبه رسمية ضمن الجهاز الأمني العراقي، تتمثل التحديات بالضغوط الأمريكية التي تحوّلت إلى لهجة علنية شديدة مع فيتو صارم إزاء قانون الحشد الشعبي، وقبلها أزمة عرقلت رواتب منتسبي الهيئة.
يضم الحشد الشعبي، تقديرياً، نحو 238 ألف منتسب، موزعين على أكثر من 70 فصيلاً، تحول من قوة طوارئ لمواجهة تنظيم داعش في 2014 إلى مؤسسة دائمة تحصل على 3.6 مليار دولار سنوياً من الموازنة العامة، وواجهة للنفوذ الإيراني في العراق، بحسب ما يراه البيت الأبيض.
ومن هذا المنطلق، وضع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خطوطاً حمراء واضحة أمام الحكومة العراقية بشأن قانون الحشد الشعبي الجديد، حيث حذر في مكالمة هاتفية مع السوداني في 22 تموز 2025 من أن مشروع القانون سيؤدي إلى “ترسيخ النفوذ الإيراني والجماعات المسلحة الإرهابية التي تقوض سيادة العراق”.
لم تكتف الإدارة الأمريكية بالتحذيرات الشفوية، بل صعّدت الضغوط من خلال رسالة من تسع نقاط إلى بغداد في تموز 2025، تضمّنت تهديدات بـ “قطع جميع المساعدات الأمنية للعراق، وتصنيف الحشد الشعبي على أنه منظمة إرهابية، وفرض عقوبات على قطاع النفط العراقي”.
ثم تلتها تحذيرات رسمية أخرى عبّر عنها القائم بالأعمال الأمريكي في بغداد، ستيفن فاغين، الذي أعاد في لقاء مع النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي في الثالث من آب 2025 التأكيدَ على المخاوف الأميركية من مشروع قانون الحشد، وقال إنّ التشريع المقترح سيؤدي إلى “ترسيخ النفوذ الإيراني وتقوية الجماعات المسلحة الإرهابية”، ولوّح بـ “تدخل حاسم” في حال استمرت الحكومة العراقية في تسليح الميليشيات.
“عقوبات شاملة”!
يكشف هذا التحرّك الأمريكي، بوضوح، أنّ خيارات واشنطن في حال استمر الحشد الشعبي بوضعه الحالي، لن تقتصر على المقاطعة السياسية أو إلغاء الاستثناءات المرتبطة بقطاع الطاقة والكهرباء، التي انتهجتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض، بل ستتخذ أشكالاً أعنف، تبدأ بـ عقوبات مالية واقتصادية شاملة على العراق، وعمليات أمنية واستخبارية تستهدف شخصيات ومفاصل محددة، بما يمكن تبريره بحماية المصالح الاقتصادية الأميركية المتمثلة بشركات النفط في كردستان.
وقد شهدت المناطق النفطية في إقليم كردستان موجة غير مسبوقة من الهجمات بالطائرات المسيرة منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية – الإيرانية في 24 حزيران 2025، مما أدّى إلى تدهور حاد في الإنتاج النفطي، وتصاعد التوترات بين أربيل وبغداد. حيث تمثّل هذه الهجمات، التي استهدفت المنشآت النفطية الحيوية لأول مرة في تاريخ الإقليم، تطوراً خطيراً للصراع الإقليمي وتداعياته على الاقتصاد العراقي.
وتقدر تقارير غير رسمية، أنّ شهر تموز الماضي وحده، شهد 22 هجمة بطائرات مسيرة على مواقع حيوية في كردستان، مما أجبر الشركات النفطية على وقف إنتاج 220 برميل يومياً، أي ما يعادل نحو 70 بالمئة من إجمالي الإنتاج النفطي في الإقليم.
واتّهمت حكومة كردستان صراحة جماعات من الحشد الشعبي بالوقوف وراء هذه الهجمات، مشيرة إلى أنّ هذه الجماعات تمول رسمياً من الموازنة العامة، ورواتب أفرادها تدفع من قبل الحكومة.
مليارات بلا كشوفات
ارتفعت حصة الحشد الشعبي من الموازنة من نحو 2.16 مليار دولار عام 2021 إلى نحو 2.6 مليار دولار في موازنة عام 2023، مع توقع زيادة مماثلة للعامين 2024 و2025، إذ لا تكشف الهيئة عن الأعداد الحقيقية لمنتسبي الحشد الشعبي أو حجم رواتبهم أو آليات إنفاق هذه الأموال، فيما تقول تقارير أمريكية إنّها تمول جماعات مسلحة من بينها “كتائب حزب الله”، أبرز المسؤولين عن الهجمات ضد القوات الأميركية ومصالح واشنطن في العراق.
وخلال الفترات الماضية، اتُّهمت هيئة الحشد بإدراج آلاف الأسماء الوهمية ضمن جداول التعيينات، لتُدخل مليارات في خزائن الفصائل المسلحة والأحزاب التي باتت تمثّلها، بهدف ممارسة نشاطات تجارية وأخرى عسكرية ضد الوجود الأمريكي في البلاد، وتمويل وسائل الإعلام الخاصة بها لمهاجمة الحركات السياسية المناوئة لها، وتحديداً المدنيين والعلمانيين في البلاد.
أزمة الرواتب
يستلم كلّ منتسب في الحشد الشعبي نحو مليون و400 ألف دينار، بما يعادل نحو 1000 دولار شهرياً، فيما يحصل كبار قادة فصائل الحشد على مبالغ أعلى لا تُعرف قيمتها بدقة، إذ تصرف الرواتب عبر بطاقات لا تحمل سوى أرقام تسلسلية، ولا تتضمن معلومات عن هوية حاملها، وهي تسحب من الأفراد والمنتسبين وتظلّ تحت تصرّف الهيئة حتى في حال الاستقالة أو الموت.
وفي حزيران الماضي، توقّفت، على نحو مفاجئ، خدمةُ بطاقات “كي كارد” المخصصة لصرف رواتب مقاتلي الحشد الشعبي، إثر ضغوطات من الخزانة الأميركية على الشركة، ومطالبات بتطبيق صارم لآلية “معرفة العميل (KYC)”، مع تلويح بعقوبات ثانوية قد تؤدي إلى تجميد حساباتها دولياً. الشركة، التي تقدم خدمة بطاقات تشمل رواتب أكثر من 12 مليون عراقي، لجأت إلى تعليق صرف هذه الرواتب للحشد الشعبي تحديداً، لتفادي المخاطر.
أمام هذا، اضطرت هيئة الحشد الشعبي إلى الاعتماد على شبكة صرف داخلية من خلال مصرف “النهرين الإسلامي”، وهو مصرف محلّي تأسّسَ عام 2012 يعمل خارج نطاق منظومات الدفع العالمية المعرضة للعقوبات الأميركية، وأصدرت بطاقات دفع جديدة أُطلق عليها “بطاقة المهندس”.
وبحسب تصريحات رسمية، تعتمد البطاقة على شبكة وطنية تتضمن منافذ صرف تغطي عموم المحافظات، لكنها تبقى آليةً غير مضمونة إذا قرّرت الحكومة الاستجابة للضغوط الأميركية.
مصير الحشد الشعبي
تُفكّر حكومة محمد شياع السوداني تفكيراً جاداً في المطالب الأمريكية بشأن الحشد الشعبي، لكنها لن تقدم على خطوات حقيقية إلّا إذا حصلت على ضمانات تضمن، بطريقة أو بأخرى، بقاء السلطة بيد القوى التقليدية الشيعية في المرحلة المقبلة، وبخلافه فإنّ التفكير يذهب إلى سيناريوهات تراعي توازناً أكبر.
وتريد الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا حلّ الحشد الشعبي بالكامل، ضمن هدف عام يسعى ترامب إلى تحقيقه يُلخَّص بـ “القضاء على النفوذ الإيراني في العراق بالكامل، وتجريد الميليشيات من قدراتها على استهداف إسرائيل تحت أي ظرف من الظروف”، وهو ما أشار إليه رئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، في وقت سابق.
وعلى خلاف الكثير من الأصوات السياسية المؤيدة لهذا الخيار، خاصة بين القوى السنية والكردستانية، يواجه هذا السيناريو رفضاً شديداً من بعض القوى الشيعية الكبرى، مثل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وهي تعترض، بشكل أقل حدة، على سيناريو آخر يحظى بتأييد المرجعية الدينية في النجف وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وهو: “الدمج الكامل ضمن القوات المسلحة”.
وتشير تسريبات من الأوساط السياسية الشيعية، إلى أنّ هذا الخيار طُرِح لـ “نقاش موسع” خلال زيارة قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني إلى بغداد مطلع هذا العام، وهو يتضمن في محوره الأبرز “دمج مقاتلي الحشد في الجيش العراقي، وإنهاء الاستقلالية الإدارية الحالية للحشد الشعبي”، ويهدف إلى تهدئة المخاوف الأميركية مع ضمان “الحفاظ على القوة البشرية للحشد”
“كتائب حزب الله” إلى جانب الفصائل الأساسية الأخرى، ترفض هذا السيناريو أيضاً، وما تزال تعتقد إمكانية استمرار وجودها، وتدفع بالنتيجة نحو تمرد سياسي شيعي على الفيتو الأميركي، تجسّد مؤخراً في أصوات داخل مجلس النواب تنادي بتمرير قانون الحشد الشعبي.
ويمثل مشروع القانون المطروح تعديلات على قانون عام 2016، بهدف إضفاء الطابع الرسمي والمؤسسي على الحشد الشعبي، وتحديد مواقع قواته ومسؤولياته ومزاياه، بما في ذلك إنشاء أكاديمية عسكرية مستقلة تابعة له، كما يقضي بتعيين قائد الحشد وزيراً وعضواً في اللجنة الوزارية للأمن القومي، مع مزايا مالية وعسكرية متقدمة.
إلى جانب هذه السيناريوهات، يُسمَع حديث عن خيار آخر بين القوى الشيعية، يتلخص بـ “تعزيز قوة الفصائل الوطنية” تمهيداً لـ “حل الفصائل الموالية لإيران”، أو بتعبير أوضح، تحويل “حشد المرجعية الدينية” إلى شكل رسمي ضمن القوات المسلحة، ثم الاعتماد عليها كغطاء أمني وعسكري يمكّن الحكومة من فرض نزع السلاح على الفصائل الموالية لإيران.
وبتحليل ما تقدّم، يمكن الوصول إلى فهم أدق للهجوم الذي استهدف “لواء أنصار المرجعية” شمالي بغداد، حين ضربت طائرة مسيرة معسكراً للواء في التاجي، وخلّفت دماراً في بعض مفاصله، على خلفية مواقف اللواء الداعية إلى تحجيم نفوذ الفصائل الموالية للمرشد الإيراني علي خامنئي، وتعزيز قدرة القوات العراقية على ضبط الأمن في البلاد.
مع هذا، تعتقد أطراف سياسية شيعية وازنة أنّ الحكومة “يمكن أن تكتفي بإجراءات شكلية غير معتادة”، كما في نتائج التحقيقات في هجوم دائرة الزراعة، وبما يعطي تطمينات للإدارة الأمريكية، ويوفر مزيداً من الوقت بانتظار البرلمان الجديد عبر الانتخابات المقبلة المقررة في 11 تشرين الثاني المقبل، أو بانتظار تحوّل كبير في نهج الإدارة الأمريكية تجاه العراق والشرق الأوسط، أو أن يمرّ ما تبقى من فترة ولاية ترامب بسرعة، وتأتي الانتخابات الأمريكية القادمة بإدارة ديمقراطية أقلّ شدة.
تنشر هذه المادة بالشراكة مع الشبكة العراقية للصحافة الاستقصائية ”نيريج“.