

منذ سنوات عديدة، تراجع هيفاء خلف (48 سنة) مديرية مؤسسة الشهداء في محافظة الأنبار غربي العراق، على أمل تلقي أخبار مبشرة بشأن استجابة الحكومة لطلبها بالحصول على راتب من المؤسسة، بوصفها ناجية من سجون داعش وعانت من التعذيب أسوة بالإيزيديات والشيعيات. لكن آمالها تتلاشى كل مرة، مع عدم وجود أي توجه حكومي لتعويض “الناجيات السنيات”.
تشير بملف أصفر مليء بالأوراق، اعتادت حمله معها خلال مراجعاتها المستمرة، وتقول:”نحن السنة دفعنا ثمنا كبيراً لوقوفنا بوجه إرهاب داعش، لم تكن الإيزيديات وحدهن ضحاياه، بل الكثير من السنيات كذلك”.
هيفاء لم تكمل دراستها للمرحلة المتوسطة بسبب ظروف المعيشة الصعبة كما تقول، لكن ذلك لم يمنعها من أن تقوم بتمثيل الناجيات السنيات في قضاء القائم التابع لمحافظة الأنبار، والدفاع عن حقوقهم. تضم ملفها الى صدرها وتروي قصتها:”في الخامس من شباط 2016 اعتقلتني عصابات داعش بوشاية من أحد الجيران، اتهموني بالعمل مخبرة سرية للقوات الأمنية العراقية، وان واجبي ينحصر بتحديد مواقع قيادات داعش في قضاء القائم”.
تغمض عينيها كأنها تراجع في ذهنها ذكرياتها عن تلك الفترة:”اعتقلوا معي زوجي وابني كذلك، أخذونا من منزلنا بعد أن عصبوا أعيننا، ونقلونا بثلاث عجلات إلى أحد السجون التابعة للتنظيم في منطقة البو كمال السورية، وهناك عزلوا الرجال عن النساء، ووضعوني في غرفة صغيرة مع 50 امرأة أخرى، عراقيات وسوريات”.
ذكرت بأن سجانيها كانوا يعذبونها بشكل شبه يومي بعد منتصف الليل، تلوح الدموع في عينيها وهي تواصل:”كنت حاملاً حينها، وبسبب ضربهم لي، اجهضت”. تصمت للحظات ثم عادت لتشير الى ملفها الأصفر وتقول:”عشنا فترة مريرة امتدت لأربعة أشهر، ونحن لا نعرف مصيرنا، إلى أن تكفلنا خمسٌ من اقاربنا بأموالهم، فأطلق التنظيم سراحنا بشرط ان لانغادر القائم، وإلا فأن من كفلونا وعائلاتهم سيدفعون الثمن بأرواحهم”.
لكن عودة هيفاء وزوجها وابنهما، إلى منزلهما تأجلت لأكثر من سنة، فقد كان التنظيم قد استولى عليه، فاضطروا للبقاء نازحين في صحراء القائم لحين انطلاق عمليات تحرير المنطقة والتي انتهت بطرد داعش بنحو نهائي في تشرين الأول/اكتوبر2017.
قصة هيفاء، تشابه قصص مئات النساء السنيات اللواتي اعتقلهن عناصر تنظيم داعش أبان سيطرته على مناطق واسعة من غربي العراق بدءاً من حزيران/يونيو2014 لغاية القسم الأخير من عام 2017، هن ناجيات من الموت مازلن ينتظرن الحصول على مساعدة من الحكومة العراقية عبر مؤسسة الشهداء بوصفهن متضررات، خاصة ان التنظيم كان يصادر أموال وممتلكات الكثير من معتقليه.
الناجيات السنيات وعلى الرغم من المطالبات المستمرة، لايجدن توجها جدياً لشمولهن بالتعويضات المادية والمعنوية كما حصل مع الايزيديات والشيعيات، وكثيرات منهن يعتقدن بأن المسؤولين الذين يعدونهن بتحقيق مطالبهن، يفعلون ذلك فقط في مواسم الانتخابات قبل أن تتبخر تلك الوعود.


توثيق الجرائم
تطوعت هيفاء خلف، للبحث عن ناجيات أخريات في محافظة الأنبار، وذلك بعد أن عملت مع منظمات معنية بحقوق الإنسان، وتوصلت إلى حصيلة مفادها وجود 150 امرأة من قضاء القائم وحده كن محتجزات في سجون تنظيم داعش، وأن ثلاثاً أخريات قتلن بأيدي عناصر التنظيم بين 2015 و2017.
تقول:”جمعنا الكثير من المعلومات عن النساء الناجيات من سجون داعش في مناطق مختلفة من محافظة الأنبار مثل راوة وعانة والعبيد والمحمدي والرمادي”، وهي تعتقد بأن العدد الإجمالي لنساء سنيات سجنهن داعش خلال حقبة سيطرته على نينوى والانبار وصلاح الدين، يزيد عن 1000 إمرأة.
تقول هيفاء ان واحدة من السجينات الناجيات في الأنبار، أعدم التنظيم أربعاً من أبنائها “على الرغم من ذلك، يرفض المسؤولون حتى استقبالنا لنطرح لهم مطالبنا، ومنذ فترة ونحن نحاول ان نقابل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لينصفنا، لكن دون جدوى”، تفكر قليلا قبل ان تضيف:”نحن كمن يحفر في الصخر من أجل استحصال حقوقه مثل باقي الضحايا”.
حقوق مهدورة
في آذار/مارس 2021 صوت مجلس النواب العراقي على مشروع قانون الناجيات الايزيديات لتأمين حقوقهن وإعادة اندماجهن في المجتمع، وكجزء من التعويض عن خساراتهن والمعانات التي تكبدنها خلال فترة اختطافهن من قبل عناصر داعش في آب/أغسطس سنة 2014.
وعد ذلك القانون “الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش” ضد المكونات من المسيحيين والتركمان والشبك فضلاً عن الايزيديين “جرائم إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية” في حين لم يتم شمول النساء من المكون السني على الرغم من أن التنظيم قتل واعتقل المئات منهن.
عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة الأنبار، أسماء العاني، تعتقد بأن انصاف أولئك الناجيات “يحتاج إلى إرادة سياسية”، وبناء على ذلك تطالب الحكومة الاتحادية بإجراء عملية احصاء وتدقيق شاملة ونزيهة بشأن جميع النساء الناجيات من سجون تنظيم داعش بما فيها السنيات، لتعويضهن.
وتدعو أسماء العاني الى “اعتماد متطلبات إثبات مبسطة تتماشى مع المعايير الدولية بما يسمح بمعالجة سريعة ودقيقة للمطالب دون فرض أعباء غير ضرورية ولا مبرر لها على المتقدمين”، وتضيف بأن “ملف الناجيات السنيات بات واحدا من الملفات المعقدة والشائكة التي يعمل عليها عدد من اعضاء مجلس النواب بالطرق القانونية “على حد قولها.
معاناة مضاعفة
بحرية سلمان(41 سنة) أم لست أبناء من مدينة القائم في محافظة الأنبار قتل عناصر من التنظيم زوجها أمام عينيها أواخر سنة 2014، وتم اعتقالها مع العديد من اقربائها، وأخذوهم إلى سجن في منطقة ألبو كمال بسوريا. تقول:”بقيت هناك لأكثر من ستة أشهر وتعرضت الى مختلف أنواع التعذيب كالجلد وحلاقة الشعر وقلع الأظافر والصعق بالكهرباء حتى فقدت الوعي ونقلت الى مستشفى عائشة في منطقة البو كمال”.
تناوب على تعذيبها وفقاً لروايتها أشخاص من جنسيات عدة “سوريون وعراقيون وسعوديون”. تضيف وهي تشيح بوجهها بينما تغطي بطرف غطاء الرأس الذي ترتديه نصف وجهها :”محزن جداً ان تحصل نساء عناصر تنظيم داعش على تعويضات مادية ورعاية دولية، بينما نظل نحن النسوة الناجيات بأعجوبة من جرائم داعش دون رعاية أو عطف من الحكومة”.
يعد ملف الناجيات من تنظيم داعش، من الملفات المعقدة في العراق، لما يحمله من جوانب أمنية وسياسية واجتماعية تشكل قيودا على الوصول الى المعلومات الدقيقة عن أعدادهن ومناطق توزعهن وانتمائهن القومي والمذهبي، فالمختطفات الشيعيات خاصة من تلعفر التابعة لمحافظة نينوى غالبيتهن يفضلن حجب أسمائهن خوفا من الوصمة الاجتماعية، وبعض الايزديات الناجيات خاصة ممن رزقن بأطفال من مقاتلي التنظيم أثناء فترة الاحتجاز، يواجهن وضعاً معقداً مع صعوبة تقبل أبنائهن مجتمعياً، بينما الكثير من الناجيات السنيات يحاولن اخفاء قصص اعتقالهن، رغم الصعوبات التي يواجهنها لإعادة الاندماج داخل العائلة والمجتمع في ظل معاناتهن المستمرة مع ماضي الاعتقال والاحتجاز الذي يطاردهن.
ذلك الواقع يدفع الحكومة والمنظمات الدولية والمحلية، الى توحيد جهودها لتلبية احتياجات النساء والفتيات الناجيات من قبضة داعش، وفي هذا الاطار عقدت دائرة المنظمات غير الحكومية اجتماعا برئاسة مديرها العام محمد طاهر التميمي، وعضوية ممثلي المنظمات الدولية كالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وصندوق الامم المتحدة للسكان، ومنظمة الأمم المتحدة للمرأة، لدراسة آليات تنفيذ توصيات ورقة (دعم النساء الناجيات من قبضة عصابات داعش الارهابية) استكمالاً لسلسلة لقاءات سابقة بهذا الخصوص.
تضمنت الورقة توفير الدعم القانوني والصحي والنفسي والتمكين الاقتصادي والتعليمي للناجيات، إضافة إلى تخصيص دور ايواء آمنة لهن، وانشاء مراكز متخصصة لتوثيق الجرائم والانتهاكات التي تعرضت لها النساء العراقيات بأيدي الجماعات المسلحة.
كما تضمنت الورقة دعوة رجال الدين من جميع الديانات والمذاهب للعمل على مد جسور المحبة والتواصل بينها واستذكار الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها “عصابات داعش” وملاحقة الجناة واحالتهم للمحاكم العراقية المختصة .
لكن على الأرض لا تظهر نتائج ملموسة لتلك الدعوات لغاية الآن، بالنسبة للناجيات السنيات من داعش، إذ تم التركيز على النساء من المكونات الأخرى دونهن. ووفقاً للباحث والكاتب علي هاني، فان ذلك مرده النظرة للمكون السني ككل “باعتبار أن تنظيم داعش كان محسوباً على السنة، والبعض من سكان المناطق السنية التي سيطر عليها أُتهموا بموالاته ودعمه، لذلك تم اقصاء المتضررين السنة من جرائم تنظيم داعش رغم الفظائع التي قام بها ضدهم”.
واعتمد تنظيم داعش على بناء قوته من خلال الترويج لخطاب طائفي استقطب المتشددين من العرب السنة، وتركز على تكفير المكونات الأخرى على خلفية انتمائهم المذهبي كما الحال مع الشيعة، او لإتهامهم بالتبعية للغرب وامريكا كما الحال مع الكرد.
وصمة اجتماعية
أمال عطية (46 سنة) من قضاء القائم، وهي ناجية من سجون داعش، اتهمت بموالاة الحكومة، تقول بأن “غالبية الناجيات من مناطق غربي العراق يخشين الحديث والمطالبة بحقوقهن لكي لايتعرضن للوصمة الاجتماعية”.
اعتقلت آمال من قبل التنظيم في تشرين الأول/أكتوبر 2015، وقتها كانت حاملاً وتم اقتيادها الى أحد مراكز الاعتقال في الأنبار، وهناك تعرضت للتعذيب الذي تناوبت عليه كما تقول عناصر من داعش مصريون ويمنيون وعراقيون وسعوديون:”ضربهم لي أدى الى اجهاضي، وهذا حدث للعديد من النساء المعتقلات”.
تقول السيدة، ان فترات الاعتقال تلك تلازم بتداعياتها النفسية والجسدية، غالبية الناجيات وأنعكست سلبا على حياتهن، رغم ذلك يفضلن الصمت “أعرف ناجيات من صلاح الدين والموصل وكركوك، يتجنبن الحديث للإعلام خوفاً من رد فعل عائلاتهن التي تريد تناسي قصصهن وكأنها لم تقع”.
وتؤكد بأن إحداهن، قدمت طلباً قبل نحو سنتين للحصول على حقوقها، إلا أن أفرادا من أسرتها هددوها “بالذبح” فاضطرت بسبب ذلك إلى سحب ملفها وعدم المضي في طلبها.
قبل سيطرة التنظيم على محافظة الانبار وقضاء القائم، كانت آمال تعمل مفتشة أمنية، وبسبب وضع عائلتها والخوف من المجهول، انتقلت مع زوجها واطفالهما الى قرية تدعى جرجب. تقول:”فعلنا ذلك لك نختفي عن انظار عناصر داعش”. إلا أن العائلة تفاجأت ذات يوم بأربع عجلات تابعة للتنظيم تحاصر المنزل الذي كانوا فيه.
تضيف آمال:”ضربوني أمام أطفالي، كانت هنالك نساء من التنظيم معهم، شاركن بضربي، ثم اقتادوني إلى مكتب الحسبة في سوق القائم ومن هناك إلى منطقة البو كمال السورية”.
“سنقيم الحد عليك ونتقرب بك إلى الله”، هكذا أخبر محققو التنظيم في سجن البوكمال، آمال، التي أكدت بأنها فقدت”الامل بالعيش” حينها، إلا أنها نجت في نهاية الأمر:”بعد وساطات اطلقوا سراحي مقابل 700 دولار امريكي والاستيلاء على كل آثاث منزلي حيث تمت مصادرتها، الى جانب قيامي بكتابة تعهد خطي بعدم مغادرة قضاء القائم بكفالة عائلتي”.
رغم كل ما حدث معها، تقدمت آمال بطلب تعويض مادي لدى مؤسسة الشهداء في محافظة الأنبار، وما زالت تنتظر الحصول على حقوقها حتى الآن.
مدير إعلام مؤسسة الشهداء في بغداد مالك السراج، يلقي بمسؤولية تعويض النساء السنيات الناجيات، على الحكومة، ويؤكد “مؤسسة الشهداء ليست معنية بملف النساء الناجيات بمختلف مذاهبهن وقومياتهن” كون عملها تنفيذي.
إلى ذلك يكشف رئيس مؤسسة الشهداء في الأنبار رهيب حميد الهايس، أن “المؤسسة روجت معاملات لـــ ١٣٠ امرأة من الناجيات من عصابات داعش الإرهابي ليتم شمولهن بقانون ضحايا الارهاب، وهو ما يتطلب موافقة مؤسسة الشهداء في بغداد لترويج معاملات التعويض”.
مطالبات بقانون منصف
في أغسطس/آب عام 2014، شن داعش هجوما موسعا على منطقة سنجار ذات الغالبية الايزيدية، ونفذ مسلحوه جرائم إبادة جماعية أسفرت، بحسب إحصائيات مكتب إنقاذ الايزيديين التابع لرئاسة إقليم كردستان، عن اختطاف أكثر من 6400 ايزيديا، غالبيتهم من النساء والاطفال.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2015، تمكنت قوات البيشمركة الكردية من طرد داعش من سنجار بمساندة من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، فيما اعلنت الحكومة العراقية في العام 2017، عن طرد التنظيم المتطرف من محافظة نينوى قبل أن تعلن “الانتصار” على داعش في نهاية العام ذاته.
لكن ما زالت آثار عمليات الابادة والتدمير في سنجار تلقي بظلالها على حياة آلاف الناجيات الايزيديات، إذ تعيش معظمهن في مخيمات النزوح او خارج البلاد، محرومات من العودة إلى ديارهن المدمرة، فيما تظل الذكريات المؤلمة حاضرة، في ظل غياب الحلول التي يمكن ان تقنع النازحين بالعودة، وأولها إعمار ما دمر وتوفير الخدمات وتحسين فرص الحياة، “لتستمر معاناة الايزيديين”، حسبما يقول النائب عن قضاء سنجار محما خليل.
ويضيف، تعليقا على قانون الناجيات الايزيديات، ان الامتيازات التي يقرها القانون شيء بسيط لمساعدة الضحايا وعوائلهن على تخطي المأساة التي عشنها.
لكن حتى تلك الامتيازات، والتي تتضمن دفع راتب شهري للضحية، مازال استحصالها بالنسبة للناجيات السنيات أمراً بعيد المنال.
وفي محاولة لتضمين قانون الناجيات الايزيديات بنودا تلزم الحكومة بشمول الناجيات السنيات بالحقوق التي نص عليها القانون، تقول عضو لجنة حقوق الانسان النيابية وحدة الجميلي:”جمع عدد من نواب البرلمان تواقيع من أجل تعديل قانون الناجيات الايزيديات، لإضافة وشمول الناجيات من سجون داعش من المكون السني والشيعي وجار العمل على انضاجه”.
وتضيف: “لا تتوفر لدينا قاعدة بيانات دقيقة عن أعداد الناجيات السنيات أو الشيعيات، لكن حال تعديل القانون سنفتح باب التواصل مع اللجان المعنية من قبل المتضررات، وسنقف على الأعداد الفعلية للناجيات السنيات أو الشيعيات “.
وتعبر النائبة عن خيبة أملها من عدم تمكن “النساء المسلمات” من المطالبة بحقوقهن التي كفلها الدستور بسبب الخجل في الحديث عن موضوع اعتقالهن من قبل داعش والخشية من “الوصمة” الاجتماعية على عكس الايزيديات اللواتي تحول ملفهن الى قضية رأي عام وتم تدويله، مبينة أنه “في حال تم اضافة الناجيات السنيات سيكون لهن ذات الحقوق التي منحت للناجيات الايزيديات”.
تشريع قانون شامل للناجيات العراقيات يراه عضو مجلس محافظة نينوى أحمد الفكيكي “حلا لمعالجة إشكالية تعويض ودعم كافة النساء المتضررات من تنظيم داعش دون تمييز، وضمان حقوق عادلة وشاملة لجميع الناجيات، بغض النظر عن انتماءاتهن الدينية أو العرقية”.
ويدعو إلى أن ينص القانون على حقوق متساوية لجميع الضحايا في “التعويض المالي، والدعم النفسي، والتأهيل الاجتماعي، وتوفير فرص التعليم والعمل، وبما يمنع أي تمييز في تقديم الدعم لأي فئة”.
ويقترح عضو حكومة نينوى المحلية، تأسيس صندوق وطني لدعم المتضررات يُمول من الدولة والداعمين الدوليين لمساعدة جميع النساء المتضررات: “بما يشمل تعويضات مالية ودعم إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، الى جانب تقديم منح شهرية أو قروض ميسرة لمساعدتهن على بناء حياة جديدة”.
لكن الفكيكي يرى ان ضمان حقوق الناجيات السنيات يستلزم إجراء مسح وإحصاءات دقيقة ودراسات اجتماعية شاملة في المناطق المتأثرة لتحديد العدد الدقيق للنساء المتضررات وتوثيق أوضاعهن الحالية، وبناء شراكات مع منظمات حقوق الإنسان الدولية لتوثيق حالات الناجيات وايجاد فرص لدعمهن.
بوجه حفرته التجاعيد وبصوت يشبه الأنين، روت أم عمر(60 سنة)، من قضاء القائم وهي ناجية من سجون داعش، قصة اعتقالها من قبل عناصر داعش من منزلها مطلع العام 2015 بتهمة تعاون عائلتها مع الحكومة، وكيف نقلت الى سجن في مدينة البو كمال السورية.
تستذكر السيدة المتوشحة بالسواد، كيف تم احتجازها لمدة شهر، وجلدها 90 جلدة من قبل عناصر التنظيم، غير أن الأمر الأصعب الذي واجهته في فترة الاعتقال، تمثل بإبلاغها أن قرارا صدر باعدامها لأن أولادها يقاتلون التنظيم مع القوات العراقية. وظلت لأيام عديدة تعيش أزمة نفسية إلا ان عادوا ليخبروها بأن القرار تم التراجع عنه، بعد تدخلات من وجوه عشائرية.
تقول أم عمر: “لقد قتلوني مرارا وتكرارا بطرقهم الخبيثة، وفي النهاية اطلقوا سراحي عقب تعهدات وكفالات قدمها أقرباء لي، وبعد أن صادروا كل ما نملك، لم يبقوا لنا شيئاً، فعشنا في ظروف لا تحتمل”.
وتتساءل:”الا استحق أنا وغيري من النساء السنيات المتضررات من داعش، تعويضاً من الدولة عن كل ما فقدناه ولاقيناه؟”.
المزيد عن تقارير سردية
تقارير سردية","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":28813}" data-page="1" data-max-pages="1" data-start="1" data-end="1">