تقارير سردية: طرق الباب بحثا عن عروس: تقليد اجتماعي موصلي يقاوم الإندثار

طرق الباب بحثا عن عروس: تقليد اجتماعي موصلي يقاوم الإندثار

في المجتمعات المحافظة التي تضم عوائل منفصلة، وليست عشائر بعلاقات متداخلة، تكون فرص زواج الفتيات اللواتي لايغادرن المنازل بسبب انقطاعهن عن الدراسة وعدم خروجهن للعمل، ضعيفة جدا، ليظهر دور الخطابات "اذا لم نقم بذلك فمن سيعرف بوجودهن ليتقدم لهن".

لم يكن أمام عائشة (34 سنة)من المنطقة القديمة في مدينة الموصل (040كم شمال بغداد) سوى الرضوخ في 2006 لما قرره والداها بشأن من سيكون زوجها الذي ستقضي المتبقي من عمرها في خدمته وتربية اطفاله.

تفرج عن إبتسامة وهي تروي قصة زواجها التي تمت وفقاً للتقاليد الموصلية القديمة:”في شتاء تلك السنة، طرقت نساء لانعرفهن من خارج منطقتنا باب منزلنا، وطلبن رؤيتي لخطبتي؟”، وتضيف بنبرة هادئة وهي ترسم على شفتيها نصف ابتسامة:”هكذا ببساطة وكأنهن مندوبات بيع جوالات!”.

يومها، طلبت الأم منها أن تقدم الماء بنفسها للضيفات اللواتي تفحصنها بإهتمام، تقول:”هكذا كان يجري الأمر قبل قرن من الزمن وما زال في بعض مناطق الموصل القديمة، كنت صغيرة وقتها ولا أفهم ما يجري، والخاطبات، وكن ثلاثة، أعجبن بي، وكان يعني ذلك وجود مرحلة ثانية!”.

بعد أيام قليلة عادت الخاطبات ومعهن العريس وقريبات له، ضمن المرحلة الثانية التي أشارت إليها عائشة والتي تعرف في الموصل بـ(الغشعة) أي المشاهدة أو المعاينة. وتوجب عليها هذه المرة الجلوس والتحدث، ليتأكد العريس من عدم وجود ما ينافي ذوقه النسوي في شكلها وطريقة كلامها!.

وتتابع:”لست واثقة جداً فيما لو كان رأيي مهماً حينها، مع ذلك اخبرتني أمي بأن العريس ملتزم دينياً وحافظ للقرآن وأهله أناس طيبون، وأنا فكرت فقط بإكمال دراستي الإعدادية، فأكدت لي بأن الطرف الآخر موافق على ذلك”.

بعد خمسة أشهر، تزوجت عائشة، وأول شيء حدث أن زوجها أخبرها برفضه إكمالها لدراستها، وان أمامها مهام أهم بكثير تتعلق بالإهتمام بمنزلها وتربية أطفالها:”وحدث ذلك بالفعل، وأضيف إلى قائمة واجباتي مهامي الإعتناء سنوات طوال بحماتي المريضة!”.

تفكر قليلاً، قبل أن تواصل، وهي تشد طرفي ربطة حجابها التقليدي:”أعيش حياة مستقرة مع خمسة أطفال أهتم بهم، لكن لو كان بيدي خيار الزواج، لما قبلت به أبدا وأنا بتلك العمر الصغيرة، حرمت من اكمال دراستي، وتعبت كثيراً قبل أن أعتاد على طباع زوجي وأهله، وعشت جزءاً من طفولتي كزوجة وأم”.

عائشة، واحدة من بين كثيرات تزوجن وفقاً للتقاليد والأعراف الاجتماعية القديمة في الموصل، والمتمثلة بطرق “خاطبة” أبواب البيوت، والسؤال إن كانت هناك فتاة في المنزل للزواج، دون أن يكون بين طرفي المعادلة الشاب/الفتاة، الرجل/المرأة أي سابق معرفة.

وعلى الرغم من التطور التنكنلوجي الكبير الذي طرأ في ربع القرن المنصرم، وتغير المزاج الشعبي ذاته، جراء الظروف الأمنية والحرب المدمرة التي شهدتها الموصل بين 2003 و 2017 إلا أن هذا التقليد مازال يمارس وإن كان في حدود أضيق من السابق، وبشيء من التغير في التفاصيل.

تقليد متوارث

الأستاذ المتخصص بعلم الاجتماع من جامعة الموصل د.وعد الأمير، يرى بأن”الخطبة من الباب”، تقليد موصليٌ قديم متوارث منذ قرون، يُرجع استمراريته إلى الطابع المدني في الموصل الذي يقول بأنه يميزها عن البلدات والأرياف المحيطة بها، وإن كان قد تراجع بعض الشيء بسبب الهجرة من الريف إليها في السنوات الأخيرة.

ويوضح:”في المجتمعات القبلية، تختلف طريقة الخطوبة فيها، إذ أنها تعتمد على الرجال، والعائلتان في العادة من الأقرباء أو في الأقل تعرفان بعضهما البعض، بخلاف الخطوبة التي تجري في الموصل والتي تكون بتدخل نسائي وبين عائلات قد لاتكون بينهما سابق معرفة، إذ من الشائع أن تفتش النساء عن فتيات بمواصفات خاصة”.

ففي حال لم يختر الشاب عروسته، تتدخل الأسرة بنحو أساسي في عملية الإختيار، الأم، الأخت الكبرى، العمة، الخالة اللواتي يشكلن مايشبه الفريق البحثي، مهمته إيجاد عروس مناسبة لفرد من العائلة، ويتطلب الأمر أحياناً الإستعانة بخاطبة من خارج العائلة تقوم بدورها مقابل أجر”.

 ويعتقد بأن واحدة من أسرار استمرار طريقة الخطبة هذه لغاية اليوم على الرغم من التطور الحاصل في مختلف مناحي الحياة هو”لنجاحها، إذ أن عملية الرصد الأولى تكون بإيجاد الفتاة، ومن ثم السؤال عنها وعن عائلتها، بعدها التواصل والحديث إليها، ثم ابرام اتفاقية الزواج واستكمال إجراءاته”.

ويستدرك الأمير:”إذن الأمر ليس مجرد طرقة على الباب بحثاً عن فتاة للزواج!”.

وينفي الأمير أن تكون الهجرة الكبيرة من الريف إلى الموصل، والظروف الأمنية الصعبة التي عاشتها خلال العقدين الأخيرين، قد أثرت بنحو كبير، على واحدة من طرق تقديم عروض الزواج التقليدية في الموصل والمتمثلة بـ”الخطبة من الباب” وذلك لأنه:”يرتبط بالموروث الشعبي والعادات والتقاليد وحتى الطريقة التقليدية في التفكير”.

المهتم بتراث وتأريخ الموصل، جرجيس توما، يقول بأن بحث النساء عن فتيات للزواج عبر طرق أبواب المنازل:”سمة تكاد تكون موجودة فقط في مدينة الموصل، بخلاف المدن والمناطق العراقية الأخرى”، ويرى أن السبب في ذلك يعود إلى تركيبتها السكانية.

ويوضح:”الموصل في أوقات إزدهارها، كانت مركزاً تجارياً وإدارياً مهماً، وتمتاز بموقعها الاستراتيجي الواصل بين تركيا وسوريا وباقي أنحاء العراق، وأراضيها الخصبة وثروتها الحيوانية الكبيرة، فضلاً عن ثرواتها الطبيعية من نفط وكبريت، فكانت مقصداً للوافدين من أجل التجارة والعمل، وعرفت بإستقبالها موجات نزوح كبيرة على مدى قرون، سواءً كانوا عرباً، كرداً، تركماناً، أرمناً، وشبكاً، أو سواهم”.

وهذا ما أدى إلى نشوء عائلات كثيرة، وأصبحت ميزة متفردة للمدينة:”باقي المدن والبلدات المحيطة بها عرفت بطابعها العشائري، في حين، عرفت الموصل بأنها مدينة عائلات، ومن أشهر العائلات فيها:”الجليلي، الليلة، قصاب باشي، كشمولة، وغيرها، ومع أن معظم هذه العائلات لها خلفيات عشائرية كذلك، إلا أن إرتباطها العائلي ظل أقوى”.

ويتابع توما:” اتساع رقعة المدينة وتباين خلفيات السكان والنمط العائلي فيها، فضلاً عن الطابع المحافظ المتأتي من الالتزام الديني المقيد لظهور المرأة بنحو عام، أدى إلى نشوء ظواهر عديدة من بينها ما يعرف بخطبة الباب”.

تذكر ريم مؤيد (33 سنة)من الموصل القديمة، أنها ومنذ أن كانت في الثانية عشر من عمرها، والخاطبات طرقن باب منزلها لطلب يدها. نظراً لجمالها وبنائها الجسماني الموحي بأنها أكبر عمراً وأكثر نضجاً.

تقول بأن والدتها كانت تعتذر للخاطبات من الباب وأن بعضهن كن يعرفنها بالأسم وأخريات كن يطرقن الباب بنحو عشوائي بحثاً عن فتاة مستعدة للزواج:”أحياناً كن يطلبن رؤيتي وحين ترفض والدتي، يطلبن رؤية شقيقتي الأكبر”.

وتشير ريم، بناءً على تجربتها الشخصية، أن قسما من الخاطبات كن يمارسن طرقاً احتيالية فيما تسميه “صفقات الزواج” التي يقمن بها، فالأمر بالنسبة لها يتعلق بالحصول على مبلغ إتمام الصفقة. وتوضح:”كن يكذبن مثلاُ فيما يخص الوضع المادي والشخصي والاجتماعي للعريس، فيتضح حين يسأل أهلي عنه، بأنه غير سوي، أو سكير أو عاطل عن العمل وغير ذلك”.

وتروي كيف أن خاطبات طرقن باب المنزل وهي بعمر16 سنة، فأدخلتهم والدتها، وبعد رؤيتهن لها أعجبن بها، وكان كل شيء يسير نحو زواج تقليدي استكملت الموافقات الخاصة به بين الطرفين، لولا ما أكتشفه أهل ريم عن عريسها المفترض.

تقول:”أكتشف أهلي بأن العريس الذي تقدم لي، من عائلة تحمل مرضاً وراثياً يؤدي إلى إصابة الأطفال بالشلل وهم بأعمار صغيرة، وهذا ما أخفته عنا الخاطبات وأهل العريس، وكان سبباً لرفض أهلي تلك الزواجة”.

لذلك ترى أن الخطبة، دون معرفة دقيقة بالخطيب وعائلته، تحمل مخاطر كبيرة على مستقبل الفتاة، لأن الخاطب أو المطلوب الخطبة له، شخص مجهول الى حد كبير، وقد يكون متزوجاً أو مطلقاً أو حتى أرملاً او لديه مشكلة اجتماعية أو نفسية يتم اخفاؤها:”انصح دائما بأن يكون الاقتران قدر المستطاع بشخص معروض ضمن المحيط العائلي او المنطقة والحي أو في الأقل التحري الدقيق عنه قبل منحه مصير البنت!”.

مهنة تقاوم المتغيرات

هبة أحمد (43 سنة) ربة منزل تعيش بحي شعبي في الجانب الأيسر للموصل، تقدم نفسها على انها متمرسة في الكشف عن زوجات مناسبات لكل من يطلب خدماتها، سواءً على الصعيد العائلي أم خارجها، وأول محاولة ناجحة لها كانت سنة 2002.

استمرت بعدها تطرق الأبواب، إما لطلب يدي فتاة بعينها تعرف ذويها أو للسؤال إن كانت العائلة مستعدة لتزويج واحدة من فتياتها أو إن كانت لديها أصلا فتاة للزواج. ولا تجد “هبة” أن ما تقوم به سواءً على سبيل التطوع أو مقابل هدايا أو حتى مال، أمراً يدعو للخجل، بل موروثاً شعبياً وخدمة إنسانية ترى بأنها بالغة الأهمية.

السيدة التي ترتدي ثوباً رمادياً طويلا، وتغطي رأسها بربطة زرقاء، تضيف وهي ترفع كلتا يديها:”طرقت الكثير من الأبواب على مدى أكثر من عقدين، حصلت على موافقات سريعة وقبول بعد تردد، وأيضاً الكثير من الرفض”، وبعد أن وجدت في السنوات الأخيرة أن هنالك تحسساً من الطرق المباشر على الباب دون أخذ موعد مسبق، أصبحت تحصل على أرقام هواتف العائلات المقصودة وتتواصل معها قبل القيام بزيارتها التمشيطية الأولى.

وتستدرك:”من باب الأصول واحترام خصوصية أهل البنت، اتجنب الزيارات المفاجئة نهائياً الا اذا كان عندي سبب كعدم امتلاكي رقم هاتف أحد أفراد أسرتها”.

وترى هبة بأن هذه الطريقة “كانت ومازالت الأفضل والأسلم والأنجح للزواج”، وترجع ذلك بحسب قناعتها الى :”تربية أولادنا التي لا تسمح بإقامة العلاقات والاختلاط بين الشبان والفتيات، كما ان بعضاً من  تلك العلاقات تتسم أحياناً بعدم الصدق من كلا الطرفين وتغلب عليها المظاهر”.

وتؤكد بأن خطبة الباب كانت الطريقة الدارجة في الماضي في 80% من الزيجات، وتضيف:”ردة فعل بعض الأهالي واستنكارهم لطريقة الخطبة هذه في الوقت الحالي، وقولهم أن البنت ليست بضاعة، لكي يتم التفرج عليها قبل طلب يدها، أمر مبالغ فيه، وهي في الغالب تكون غير متوافقة أصلا مع المبادئ التي يحاولون إظهارها”.

وتتساءل:”اليس ذلك أفضل من أن يذهب الخاطب لرؤية البنت في مدرستها أو مكان عملها أو إقامة علاقة صداقة معها والتواصل معها عبر الهاتف ووسائل التواصل؟ هل هذه الأشياء ترضيهم أكثر من أن تاتي واحدة من طرف العريس لتشاهد الفتاة وتتحدث معها لتتعرف عليها ومن ثم تقوم بباقي الإجراءات العلنية؟”.

فتيات لا يغادرن بيوتهن

وتروي هبة أنها تعتمد أحيانا على مساعدة تقدمها نسوة متطوعات في بعض الأحياء السكنية، من خلال تزويدها بقوائم لأسماء الفتيات المؤهلات للزواج مع أرقام هواتف ذويهن، وهو كما تقول فعل ينطوي على الكثير من الخير:”بعض الفتيات لايغادرن المنازل مطلقا، لأنهن منقطعات عن الدراسة ولايعملن، وذويهن لايختلطون بالآخرين ولايحضرون المناسبات كالأعراس، فكيف سيتزوجن إذا لم يرهن أحد أو يعرف بوجودهن؟”.

وترفض السيدة، أن تسمي ما تقوم به مهنة، وتقول انها تقوم بذلك كواجب إنسانية بالمقام الأول، كما انها لاتذهب بنفسها دائماً لطرق الأبواب بهدف الخطبة، بل تزود العائلات بمعلومات عن فتيات مستعدات للزواج مع عناوين بيوتهن وأرقام الهواتف وغيرها من التفاصيل، لتقوم بالتواصل اذا رغبت بذلك.

البعض من الخاطبات في الموصل يواكبن التطور التكنلوجي، ويستخدمن وسائل التواصل الاجتماعي في تقديم عروض الزواج وإستقبالها بدلاً من طرق الأبواب. تتحدث عن ذلك بشيء من المرح، شذى حكمت، من الجانب الأيسر للموصل بقولها:”بدلاً من طرق الأبواب أصبحت اتواجد في كروبات الزواج في الفيسبوك”.

وترى بأن هذه الوسيلة فرضت عليها بحكم واقع الحياة المتغير، وأنها تمكنت عبرها من جمع الكثير من الراغبين والراغبات بالزواج، إذ تلعب دور الوسيط، بنشر معلومات عن فتاة أو شاب، رجل أو امرأة، يرغبون بالزواج، وتتلقى عروضا تنقلها إلى الطرف الآخر، وعند حصولها على موافقة أولية، تبدأ بالتعمق في توجيه اسئلتها لمعرفة خلفية الخاطب أو المخطوبة ثم تصلهما مباشرة مع بعض لترتيب الإجراءات الرسمية.

لكن هذا لايمنع حسب قولها من تلقي طلبات للتاكد من أن عائلة ما لديها فتاةً للزواج، أو طبيعة فتاة معينة في عائلة ما، وانها تتصل هاتفيا بها أو تذهب مباشرة لبيتهم مع الحرص على اختيار وقت صباحي:”لكون ربات البيوت يتواجدن بالمنازل دون الرجال في تلك الأوقات”.

فاطمة أحمد (27 سنة)من منطقة الصديق في الجانب الأيسر لمدينة الموصل، ربة بيت، ترتيبها السادس بين الأبناء لعائلة ميسورة الحال، تحلم كأي فتاة بالزواج وتأسيس عائلة، لكنها لاتوافق على أن يتم انتقائها بنحو عشوائي من قبل خاطبات يطرقن الباب فجأة او بعد أسئلة عابرة عن العائلة.

وتقول:”مجيئهن بشكل عشوائي دون موعد مسبق فعل غير لائق وغير مقبول، ولاينم أصلا عن الإحترام وبرأيي هو انتقاص لكيان الفتاة”، وتذكر بأن يدها طلبت للزواج بهذه الطريقة مرات عدة، وكان ردها مع أهلها هو الرفض التام.

وتلفت فاطمة، إلى أن بيوتات الموصل، كانت تفتح الباب لكل من يطرقها في السابق، لكن وبسبب تزايد الجرائم والمشاكل الاجتماعية والظروف الأمنية الصعبة التي مرت بها الموصل:”لم نعد نثق بالغرباء”.

رصد وجمع المعلومات!

يقول الكاتب، كريم غازي، بأن خطبة الباب، تكون في الغالب، للفتيات أو النساء من ربات البيوت غير الموظفات او العاملات، ويستدرك:”مع استثناءات، فقد تسأل الخاطبة إن كانت هنالك فتاةً للزواج في المنزل، فيتم الرد عليها بالإيجاب وتعرض طالبة أو موظفة، لكن هذا نادر”.

وكانت في الماضي تتخذ إجراءات للتأكد وإلى أبعد الحدود، من أن الفتاة المستهدفة هي المنشودة، إذ كانت النسوة الخاطبات، يبرمن مع النساء في الطرف الآخر إتفاقية لقاء في حمام النساء، وهنالك يتفحصن الفتاة، ويتجاذبن معها اطراف الحديث.

وفي حين إندرس الإجراء القديم، بسبب اختفاء حمامات النساء في الموصل، يحافظ إجراء آخر على ديمومته، ويعد وسيلة مهمة لرصد وانتقاء الفتيات بهدف الزواج، ويتمثل بحفلات الأعراس أو غيرها من المناسبات، وكثيراً ما تتأنق الفتيات الراغبات بالزواج لحضور تلك المناسبات، وهي المفضلة لدى الكثيرات لأنهن يكن مستعدات أكثر مما لو تلقين زيارات مفاجئة للمنزل من الخاطبات.

دينا مصطفى (55 سنة) ربة بيت، تقول بأن الخطبة لدى الباب، لاتجري حاليا بنحو عشوائي:”فغالباً يتم جمع المعلومات عن الفتاة والعائلة مسبقاً، أي أن التوجه للخطبة يكون نحو عائلة معروف سلفا أن لديها فتاة معينة للزواج، وقليلاً ما يحدث أن تطرق الخاطبات الأبواب بنحو عشوائي”.

وتتحدث عن تجربة عائلتها:”كنا نقصد عائلة بعينها ولا نذهب بطريقة عشوائية دون أي معرفة عن خلفية الفتاة أو عائلتها ووضعها الاجتماعي والمالي وغيرها من التفاصيل”.

وترى بأن انغلاق المجتمع الموصلي قديماً، مع معرفة العوائل لبعضها البعض بالأسم، كان سبباً في جعل تلك الطريقة لخطبة فتاة ما عادة مقبولة “فعند ذهابك من أجل الخطوبة وإخبارهم انك من بيت فلان يعلمون من انتِ مباشرة ويستقبلونك، وهذا كان المتعارف عليه”.

“دينا” أمٌ لأربعة فتيات، إحداهن فقط متزوجة، وتتراوح أعمار البقية بين 19 و28 عاما، عاشت تجربة طرق بابها من أجل طلب إيديهن مرات عديدة، وكانت ترفض استقبال اللواتي ياتين من اجل ذلك بنحو عشوائي، وتفضل الاتصال المسبق وتحديد مواعيد للزيارات بهدف الخطبة.

تقول:”أخبر اللواتي يطرقن باب منزلي ويسألن إن كان لدينا فتاة للزواج، أنهم في المكان الخطأ، اذ ليس لائقا أن يفعلن ذلك، بناتنا ليست شيئاً يمكن عرضه على من يريد ليختار”.

بناءً على ذلك تفضل دينا بقاء بناتها عازبات على تزويجهن بتلك الطريقة:”حتى وإن لم يحصل نصيب،  في الأقل تركت لهن حرية الاختيار، ومادامت البنت أكملت تعليمها وقادرة على بناء حياتها، فلا خوف عليها حتى وان بقيت مائة سنة في بيت أهلها”.

وتردد بصوت حاد:”أن تبقى عازبة افضل على أن أعطيها لأناس يخطبون الفتيات بهذا الشكل”.

وترى دينا، بأن طلب اليد في الموصل لايقتصر على الباب فقط:”هنالك خاطبات يوقفن الفتيات في الأسواق والشوارع وغيرها من الأماكن العامة، أحداهن أستوقتني مع أحدى بناتي في السوق ذات مرة وسألتني اذا ما كانت البنت للزواج؟ هكذا ببساطة كأنها تسأل عن حاجة معروضة للبيع!”.

  • أنجز التقرير بإشراف شبكة نيريج للتحقيقات الاستقصائية.

المزيد عن تقارير سردية

تقارير سردية","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":28698}" data-page="1" data-max-pages="1" data-start="1" data-end="1">