تقارير سردية: صراع المناصب والمكاسب بين أحزاب حكومة ذي قار تدفع محتجين الى التصعيد لإحداث تغيير

صراع المناصب والمكاسب بين أحزاب حكومة ذي قار تدفع محتجين الى التصعيد لإحداث تغيير

في الثامن عشر من آذار/مارس 2024 وعد، مرتضى الابراهيمي، المحافظ الجديد لذي قار، في أول مؤتمر صحفي عقده بعد انتخابه للمنصب، بالحفاظ على الأمن والإستقرار والنسيج الاجتماعي للمحافظة والوقوف على مسافة واحدة من القوى الفائزة بالإنتخابات والابتعاد عن الحزبية والمناطقية.

غير أن هذه الوعود، سرعان ما أثبتت هشاشتها بعد أيام قلائل، إذ تصاعد الخلاف بين القوى السياسية وظهرت الإنقسامات جلية في خطاباتها، ونشأ صراع محتدم بينها على بعض المناصب التي يُنظر اليها كمصادر تمويل، بالتزامن مع فوضى أمنية وموجة من أعمال عنف وإغتيال لشخصيات معروفة في المحافظة، مع استمرار الفشل الخدمي ومشكلات الاقتصاد المزمنة.

وكان عشرات المتظاهرين قد خرجوا في الناصرية مركز محافظة ذي قار، في الثاني من حزيران/يونيو 2024 للمطالبة بتعيينهم، ووقعت أعمال عنف أصيب خلالها أكثر من 20 شخصاً، وتجددت التظاهرات يومي الثامن والعاشر والأيام اللاحقة من الشهر ذاته، من قبل شبان عاطلين عن العمل، قاموا بقطع طرق ومحاولة اقتحام منشآت حكومية.

جرت التظاهرات مع تفاقم مشكلة البطالة في ظل وجود عشرات الآلاف من  خريجي الجامعات العاطلين، وعدم اكتراث الأحزاب الحاكمة بايجاد حلول على الرغم من النقمة الشعبية جراء تراكم المشاكل وعلى رأسها تردي الخدمات.

في حين تتفاقم ظاهرة الإتجار بالمخدرات وارتفاع معدلات تعاطيها لاسيما بين الشباب، فضلاً عن تصاعد في حالات الإنتحار المسجلة، حتى أصبحت ذي قار الواقعة جنوبي العراق تتصدر باقي المحافظات في هذه الظواهر.

صراع سياسي وأزمات اجتماعية – اقتصادية، تلقي بظلالها على واقع مدينة الناصرية المرتبك أمنيا، وكلما تعاظم الخلاف بين الأطراف السياسية، كلما اشتدت معاناة الناس وتفاقمت الأزمات، ووظفت لمزيد من الاستقطاب والتأزم، عوضا عن الاتجاه للمعالجة ومواجهة المخاطر المحدقة، حسبما يقول مسؤولون وباحثون ونشطاء تم التواصل معهم.

ويربط ناشط مدني، فضل عدم ايراد اسمه في ظل تعرضه لمضايقات أمنية، بين استمرار الأزمات والصراع الجاري داخل قوى الاطار التنسيقي على المناصب والمكاسب عقب تشكيل الحكومة المحلية في ذي قار مطلع العام 2024، ومع “غياب المساءلة والمحاسبة رغم الفشل المزمن في تقديم الخدمات الأساسية”.

ويتوقع تجدد التظاهرات والاحتجاجات وتصاعدها، ويقول “ذلك سيحصل مع استمرار الفساد وفشل وتلكؤ المشاريع والعجز عن تطوير الواقعين الصحي والتعليمي، ومع استمرار مشكلة الكهرباء وتفاقم أزمة البطالة”.

                                                            تداعيات الفشل

الإطار التنسيقي هو ائتلاف سياسي عراقي تشكل في أكتوبر/تشرين الأول 2021 يضم مجموعة من القوى الحليفة لإيران وفصائل الحشد الشعبي، وهي “ائتلاف دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”تحالف الفتح” بزعامة هادي العامري، و”حركة عطاء”، و”حركة حقوق”، و”حزب الفضيلة”، بالإضافة إلى “تحالف قوى الدولة” بزعامة عمار الحكيم وحيدر العبادي.

وقد فرضت تلك القوى وكلها اسلامية التوجه، سيطرتها على حكومات محلية عديدة من بينها حكومة ذي قار التي يزيد سكانها عن مليوني نسمة. ولغالبيتها تجارب ادارة فاشلة خلال سنوات طويلة من استحواذها على مجالس المحافظات الجنوبية، وتلاحق مسؤوليها اتهامات فساد نتيجة تعطل وانهيار مئات المشاريع وهدر عشرات المليارات المخصصة لها.

ففي الخامس من شباط/فبراير 2024 انتخب مجلس محافظة ذي قار عبد الباقي العمري، عن كتلة سند، رئيساً لمجلس المحافظة ومرتضى الابراهيمي، عن كتلة الحكمة محافظا لها. وصوّت المجلس أيضا على رزاق كشيش الغزي، نائبا أولاً للمحافظ عن ائتلاف دولة القانون، وماجد العتابي، نائبا ثانياً للمحافظ عن كتلة صادقون، وتم التصويت لمرتضى السعيدي، نائبا لرئيس المجلس عن حزب الفضيلة.

وهكذا تولى الاطار زمام القيادة في الحكومة المحلية لذي قار بعد تقسيم المناصب وفق مبدأ “التحاصص وتقسيم المغانم”، مع عدم قناعة غالبية أبناء ذي قار بأداء تلك القوى، وهو ما ينعكس سلبا على الأداء الخدمي وخطط التطوير وحتى الواقع الأمني، ويهدد بأزمات جديدة تفتح الباب أمام موجات احتجاج وحتى عنف.

ففي الثالث من مارس/آذار2024، قتل عزيز فيصل، مدير استخبارات المحافظة، إثر إصابته بطلق ناري في بطنه لدى محاولته فض نزاع عشائري مسلح اندلع بين عشيرتي آل عمر والرميض في قضاء الإصلاح شرقي الناصرية.

وقبل نهاية ذلك الشهر وتحديداً في 31 آذار/مارس 2024، أعلنت وزارة الداخلية في بيان، عن قيام مسلحين مجهولين يستقلون دراجات نارية، بأطلاق النار على الشاعر فلاح البدري، في سوق الناصرية القديم، وأردوه قتيلاً في الحال، قبل يلوذوا بالفرار.

وبعد ساعة من ذلك الحادث، ألقى مسلحون مجهولون قنبلة صوتية على منزل مدير الأملاك في بلدية الناصرية حازم موحان، فتضررت واجهة منزله دون تسجيل إصابات بين السكان، وبعد منتصف تلك الليلة، نجا التدريسي في كلية الإعلام بجامعة ذي قار مقداد الماجد، من محاولة أغتيال نفذها بسلاح الكلاشينكوف، مسلحٌ يستقل دراجة نارية قرب الجسر السريع وسط مدينة الناصرية.

ولم تقف وتيرة الاحداث الأمنية عند هذا الحد، بل عاد مسلحون مجهولون في التاسع من نيسان/أبريل 2024 ليقتلوا الشاب مؤتمن، بمنطقة آل وشاح بقضاء سوق الشيوخ جنوب الناصرية، وكان المغدور ناشطاً في تظاهرات شهر تشرين/أكتوبر 2019 ضد سياسات الحكومتين المركزية والمحلية.

هجمات متلاحقة، عدتها مصادر في الشرطة المحلية حوادث جنائية، لكنها كشفت عن حجم الهشاشة الأمنية وأبرزت مجدداً مشكلة “السلاح المنفلت” المنتشر بشكل كبير في المحافظات الجنوبية بما فيها ذي قار فلا يكاد يخلو بيت منه.

 وأظهرت إستحالة نجاح حملات جمع السلاح غير المرخص التي تقوم بها وزارة الداخلية، طالما أن القوى السياسية المتصارعة على المناصب تفتح الباب أمام من يريد حمل السلاح دفاعا عن مصالحها، وهي تحمي مسلحيها من الملاحقة.

ولا تستبعد تلك المصادر أن يكون لبعض تلك الحوادث علاقة بتفشي ظاهرة المخدرات وعصابات ترويجها في ذي قار، في ظل فشل القوى الأمنية في تحجيمها وسط اتهامات بأن أفراد شبكات الجريمة المنظمة يستفيدون من نفوذ القوى المسلحة للتغطية على تحركاتهم وتسهيل عمليات النقل والبيع.

صراع سياسي واحتجاجات شعبية

حصلت أحزاب الإطار التنسيقي على 13 مقعداً من أصل 18 مقعداً في مجلس محافظة ذي قار، إذ أفرزت نتائج انتخابات مجلس المحافظة، عن تصدر تحالف (نبني) القوائم الانتخابية بخمسة مقاعد وأتى بعده ائتلاف (دولة القانون) بأربع مقاعد، وتحالف (قوى الدولة)، وقائمة (الماكنة) بمقعدين لكل منهما.

 فيما توزعت المقاعد الخمس المتبقية على خمس كيانات هي تحالف(المهمة) وتحالف(قيم) المدني وقائمة (ابشر يا عراق) وائتلاف(الأساس)العراقي وقائمة(اشراقة كانون) بواقع مقعد واحد لكل كيان.

المراقب للشأن السياسي حسين العامل، يرجع سبب التقاطع السياسي الدائر في ذي قار، إلى ما يعتقد أنها مقاطعة تيارات سياسية للانتخابات المحلية وبالتالي:”فقدان الحكومة الجديدة لرضا القاعدة الشعبية الاكبر في المحافظة التي لا تؤيد تشكيلة الحكومة الحالية”.

ويرى بأن الحكومة التي تشكلت وفق نظام المحاصصة، على حد وصفه “قد تكون مهددة بالإسقاط في أية لحظة كونها ستظل تحت ضغط المعارضة”.

وينتقد الحكومة المحلية الجديدة لعدم اعتمادها على الشخصيات ذات الخبرة، عندما أقدمت على اختيار مدراء الدوائر الحكومية أو مستشاري المحافظ وغيرها من المناصب.  ويحذر حسين العامل، الذي ينتمي إلى التيار اليساري، من أن الاحتجاجات التي بدأت في ذي قار مطلع شهر حزيران/يونيو 2024، ستتصاعد لحين اجراء إصلاحات سياسية واقتصادية.

وراح يعدد مطالب المحتجين:”محاربة الفساد ووقف المحاصصة، وإلغاء مجالس المحافظات، وتوفير فرص عمل للعاطلين، والاهتمام بالقطاع الزراعي والصناعة الوطنية”.

وشهدت ذي قار تظاهرات في 2 حزيران يونيو 2024 بمشاركة عشرات المحتجين الشباب من أصحاب عقود العمل غير المثبتة، الذين حاولوا إغلاق شركة نفط ذي قار ومنشآت أخرى، وتخللتها أعمال عنف ووقوع اصابات بين المحتجين والقوات الأمنية.

وتجددت التظاهرات في الناصرية يومي الثامن والعاشر والثاني عشر من حزيران، وقطع محتجون غالبيتهم من الشبان العاطلين عن العمل، طرقاً عديدة بواسطة إطارات مركبات محترقة، وحاولوا اقتحام مبنى ديوان المحافظة ما أدى إلى إلحاق أضرار مادية بالمركبات الحكومية ووقوع اصابات.

ويتوقع مراقبون قابلهم معد التقرير أن تستمر الأحتجاجات بسبب الفساد في المؤسسات الحكومية والمحاصصة وتعطل تنفيذ المشاريع ذات النفع العام وتردي الخدمات وتفشي البطالة والفقر الذي تتجاوز نسبته الـ 30% وفقاً لوزارة التخطيط، مع ظواهر عديدة تعاني منها ذي قار، كالإنتحار وتفشي المخدرات.

ويستند هؤلاء المراقبون في توقعاتهم إلى احتجاجات مشابهة اندلعت في ساحة الحبوبي بالناصرية على غرار التظاهرات التي شهدتها ساحة التحرير في العاصمة بغداد بدءاً من تشرين الثاني/اكتوبر2019 وامتدت لأشهر، واحرقت خلالها مقار حكومية كمجلس محافظة ذي قار السابق.

حتى أن مجلس المحافظة الجديد الذي انتخب أواخر 2023، عقد جلسته الأولى في مقر قيادة شرطة ذي قار، والجلسة الثانية في قاعة مديرية ماء ذي قار، بينما يمارس أعضاء المجلس مهامهم في مبنى قائممقامية الناصرية.

كيف بدأ الصراع

في 9 آذار/مارس 2024 وجّه أحد أقطاب تحالف “نبني” وزعيم فصيل كتائب الإمام علي، شبل الزيدي، رسالة مشفرة بخصوص تقسيم المحافظات التي فاز بها التحالف، من دون أن يشير الى الجهة التي يقصدها.

وكتب الزيدي، في تدوينة على حسابه بموقع إكس:”حصة تحالف نبني أربع محافظات، هي ديالى والديوانية وميسان وبابل”، وقد قسمها “المعني” مشيراً بذلك إلى الإطار التنسيقي لكونه الحاصل على النسبة الأكبر من المقاعد في تلك المحافظات.

وأضاف الزيدي، في انتقاد صريح لما انتهت اليه عملية تقاسم المناصب: “يبدو أن قصة الأسد مع الذئب والثعلب والقسمة التي أرادها معهما أصبحت قاعدة وعرفاً سياسياً لدى البعض”.

ويرى، مدير مركز التفكير السياسي في العراق احسان الشمري، ان مخرجات الاتفاق على المناصب السياسية في البلاد بما فيها المناصب في محافظات الجنوب والوسط “تديرها أحزاب الإطار التنسيقي المتحكمة في بغداد”. ويشير الى ان ذي قار “تشهد في الوقت الحالي نوعاً من عدم الاستقرار السياسي وتصادم المصالح بين الأحزاب، قد يعيد الخلافات خصوصاً بعد تشظي الكتل الكبرى”.

وعلى حد قوله، فإن “الصفقات هي من تحكم المشهد في محافظات وسط وجنوب البلاد وهو ما سبب احباطاً للقوى الناشئة”. وينبه:”منصب المحافظ مثلاً، لابد وأن يخضع لإجماع القوى والتوافقات السياسية، لا أن تختاره القوى الفائزة فقط في ظل مقاطعة شعبية واسعة للعملية الانتخابية”.

رئيس كتلة تحالف الأساس النيابية صلاح الزيني، يعتقد بأن المال السياسي والمناصب الحكومية وموارد الدولة التي “استخدمت بنحو كبير في انتخابات مجالس المحافظات، أثرت على مساع القوى السياسية الناشئة في منافسة الأحزاب التقليدية” التي سيطرت على المشهد مجددا.

ويكشف عن “خلافات وخروقات للاتفاقيات الحاصلة من قبل قادة الاطار” في توزيع المناصب اعتمادا على ما حققه كل طرف من نتائج انتخابية ووفق الثقل السياسي في المحافظات.

ويضيف:”بالنتيجة هناك عدم التزام بالرؤية السياسية العامة لأحزاب الإطار التنسيقي في بعض المحافظات، قد ينعكس ذلك سلباً على أداء الحكومات المحلية”.

وعقب ظهور نتائج الانتخابات، ركز قادة الاطار في خطاباتهم على تشكيل حكومات خدمات، لكن ما حصل فعليا هو صراع على المناصب وتحاصصها، في ظل غياب أي مشروع حقيقي وعملي لانقاذ ذي قار من أزماتها.

وكانت انتخابات مجالس المحافظات قد شهدت تراجعا في نسب المشاركة التي قدرتها مفوضية الانتخابات بـ 41% من خلال احتساب عدد المصوتين الى اجمالي من حدثوا بطاقاتهم الانتخابية، في حين تبلغ النسبة الحقيقية 28% باحتساب من يملكون حق الانتخاب.

حكومة خيبة الأمل

يعتقد أمين عام حزب البيت الوطني حسين الغرابي، أن تشكيل حكومة ذي قار المحلية الجديدة “ولّد خيبة أمل كبيرة بسبب عودة المحاصصة”، ويوضح:”دور الاحزاب التقليدية والفصائل عاد للواجهة، وعادت معها الهيمنة الحزبية داخل المحافظة والمحاصصة والكومنشنات على المشاريع”.

ويرى الغرابي بأن الحركة الإحتجاجية في ذي قار ستستمر:”ولن تقف إزاء أي خرق لحقوق الناس”، ويستدرك:”الناصرية تدفع فاتورة صراع كبير بين كتلة سند والحكمة وأحزاب الاطار الأخرى، صراع يتمحور حول توزيع المناصب العليا والمدراء، والمكاسب من وراء ذلك”. ويزيد:”لدى هذه الاحزاب تنظر الى المناصب كدكاكين اقتصادية تدر عليها بالمال”.

وأبدى خشيته من أمكانية انعكاس الصراع على “واقع تقديم الخدمات للمحافظة والاستقرار الأمني والسياسي وعرقلة المشاريع الخدمية التي تواجه تلكؤ مزمن”.

ويقول أيضاً:”لدينا معطيات تشير الى تلقي عدد من أعضاء مجلس المحافظة مبالغ مالية كبيرة للوقوف مع التحالف الذي يريد الاطاحة بالحكومة المشكلة، وجزء من هذا الحراك يقوده حزب الدعوة ومحافظ ذي قار السابق محمد الغزي، وربما يحصل ذلك بالفعل وتتغير الحكومة في المرحلة المقبلة”.

ويستشهد بعمليات الاغتيال التي وقعت بالناصرية في الأسابيع الاولى من عمر الحكومة المحلية: “طالت شخصيات مساهمة بالحركة الاحتجاجية، ولم تثبت الحكومة المحلية أن تلك العمليات هي حوادث جنائية بالتالي هنالك خطر أمني حقيقي في المحافظة وعودة الى صراع السلاح المنفلت”.

اتفاق على قلب الطاولة

يكشف مصدر سياسي مطلع في تيار الحكمة بمحافظة ذي قار، لمعد التقرير عن اجتماع عقد في 20 نيسان/أبريل 2024 ضم محافظ ذي قار السابق محمد الغزي، برفقة أحد أقطاب تحالف نبني وزعيم فصيل كتائب الإمام علي، شبل الزيدي، وزعيم تحالف سند أحمد الأسدي “هدفه جمع تواقيع داخل مجلس محافظة ذي قار، لاستجواب المحافظ الحالي، ومن ثم الذهاب باتجاه اقالته قبيل إطلاق تخصيصات المشاريع التي تقدر بأكثر من تريليون دينار خصصت للمحافظة”.

المصدر قال إن “سبب الصراع الجاري هو الاختلاف على آلية توزيع المناصب”، كاشفا عن “تعرض تحالف سند الى انشقاقات تمثلت بخروج زعيم كتائب سيد الشهداء أبو الاء الولائي، برفقة أمين عام ميليشيا أنصار الله الأوفياء حيدر الغراوي، وتشكيل كتلة باسم (منتصرون)”.

ويتابع “يمثل تحالف سند حاليا شبل الزيدي وأحمد الاسدي ويصطف معهما محافظ ذي قار السابق محمد الغزي حتى أن اتفاقا ابرم بينهم مجدداً على خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بقائمتين ومن ثم التحالف داخل البرلمان”.

ويكشف المصدر المطلع عن “محاولات بذلها نائب محافظ ذي قار، رزاق كشيش، للذهاب مع محمد الغزي والاسدي والزيدي، في تحالف سياسي جديد لكن رسالة شديدة اللهجة وصلته من قياداته السياسية في بغداد حالت دون ذلك”.

ويضيف: “اتفقت قوى الاطار على تأجيل توزيع بعض المناصب والوحدات الادارية في الوقت الحالي لحين حلحلة الخلافات التي نشبت بين قوى تحالف الاطار التنسيقي والحيلولة دون تفككه”.

مصدر سياسي آخر في محافظة ذي قار، طلب عدم ايراد أسمه لدواع أمنية، يقول بأن بعض ما يعرف بفصائل المقاومة ككتائب حزب الله وسيد الشهداء والنجباء وأنصار الله الأوفياء، التي شاركت بأجنحتها السياسية في الانتخابات المحلية الأخيرة ظلمت في التقسيمة الادارية لحكومة ذي قار، لذلك تسعى للضغط من أجل الحصول على بعض المناصب”.

ويعتقد بأن واحدة من أوجه الضغط السياسي، تتمثل “بتشكيل جبهة معارضة سياسية تشارك فيها أغلب فصائل المقاومة، والانفتاح على قوى سياسية أخرى داخل مجلس المحافظة والعمل المشترك وصولا الى الانتخابات البرلمانية المقبلة”.

ويكشف المصدر السياسي عن أن الجبهة هذه سيقودها الجناح السياسي لفصائل المقاومة في ذي قار وتضم كتائب حزب الله وسيد الشهداء وأنصار الله الأوفياء على أمل ان تلتحق لاحقاً فصائل أخرى أكبر لتشكل جبهة معارضة”.

ويتهم المصدر، المحافظ الحالي لذي قار مرتضى الابراهيمي، بالاخلال بالاتفاق السياسي الذي كان حاصلا داخل الاطار التنسيقي فيما يتعلق بتوزيع المناصب “وشخصيته ضعيفة إدارياً”.

وكان رئيس مجلس محافظة ذي قار قد أعلن في 29 أيار/مايو 2024 خلال مؤتمر صحفي عن تأسيس تحالف أبناء ذي قار، مكون من عشرة أعضاء منضوين في كتلة سند وتحالف قوى الدولة الوطنية ودولة القانون وتحالف قيم المدني وتحالف ابشر ياعراق وكتلة النهج الوطني، تهدف الى تشكيل كتلة معارضة داخل مجلس المحافظة وتقويم الأداء الحكومي.

ويشير مصدر سياسي في مجلس المحافظة، إلى أن “التحالف المعلن فجر خلافات سياسية كبيرة بين قوى الإطار التنسيقي داخل محافظة ذي قار، خاصة مع محاولات بحثه عن بديل وتغيير المحافظ الحالي خلال الفترة المقبلة”.  

وتضرب الخلافات قوى الاطار، التي يفترض انها متحالفة، لكنها على الأرض كل تعمل ضد الأخرى، فالنائب عن ائتلاف دولة القانون عقيل الفتلاوي، يتهم قوى سياسية داخل الاطار بمصادرة حقوق الناخبين “والقفز على الاستحقاق الانتخابي في المحافظة”.

ويقول الفتلاوي ان “آلية توزيع المناصب داخل الاطار لم تجر حسب نقاط الفائزين ونتائج انتخابات كل محافظة”.

بينما يرى رئيس كتلة امتداد في مجلس النواب علاء الركابي، بأن المشكلة الأبرز تتمثل في تقسيم المناصب على أساس المحاصصة السياسية سواء في بغداد او المحافظات، مهددا بالوقوف ضد حكومة ذي قار المحلية “في حال انحرفت عن مسار تقديم الخدمات ولم تراعٍ الظروف التي تمر بها المحافظة”.

الناصرية رمز للاحتجاجات

تلك الانقسامات بين قوى الاطار التنسيقي التي يفترض انها متحالفة وتمثل ذات الخط السياسي، وتملك رؤية محددة لتطوير ذي قار، وانتشالها من واقعها الخدمي والاقتصادي السيء، كما يقول حيدر عباس، وهو خريج جامعي عاطل، ويضيف”ذلك يظهر بأنها غير مؤهلة للقيادة، وهي ستكرر الفشل والفساد المستمر منذ 20 عاما، ما يجعل الاحتجاجات ضدها مسألة حتمية”.

وشهدت محافظ ذي قار في أكتوبر/تشرين الأول 2019 احتجاجات شعبية واسعة، توزعت في معظم البلدات التابعة لها فضلاً عن مركزها مدينة الناصرية، بالتزامن مع الإحتجاجات التي شهدتها ساحة التحرير في قلب العاصمة بغداد والعديد من المحافظات الأخرى، مطالبة بإصلاحات حكومية بسبب “سوء الخدمات وتفشي الفساد وغياب السيادة الوطنية في ظل سلطة الأحزاب والمليشيات الموالية لإيران”.

وأصبحت ساحة الحبوبي في الناصرية مركزا للاحتجاجات مثلما كان الأمر عليه في ساحة التحرير ببغداد، ونجح المحتجون في حرق جميع مقرات الأحزاب والفصائل ردا على عمليات القتل التي طالت صفوف المحتجين، والتي أتهمت بها تلك الأحزاب والفصائل.

وساد الإعتقاد في الناصرية بأن تلك الأحزاب والفصائل، لن تعود مجدداً لفرض سطوتها في المحافظة، غير أن انتخابات مجالس المحافظات أعادتها للواجهة، وبدأت تحكم قبضتها من جديد، رغم عدم تحقيقها لأي منجزات خدمية او اقتصادية، وهو ما يجعل فكرة الإحتجاج ضدها حية وقوية ويمكن أن تحصل في اي لحظة خاصة خلال أشهر الصيف حيث تواجه البلاد أزمة مستفحلة في توفير الكهرباء والمياه.

خروقات قانونية

الصراع على المناصب أغفل الكثير من المحددات القانونية التي يجب أن تراعى عند تشكيل الحكومات المحلية، حسبما يقول الخبير القانوني علي التميمي، فوقعت خروقات من قبل مجالس المحافظات “أولها تمثل في تأخر الانعقاد بعد المصادقة على نتائج الانتخابات في 20/1/ 2024”.

ويرى بأن هذا التأخير مخالف لما نصت عليه المادة 7 من قانون مجالس المحافظات رقم 21 لسنة 2008  التي الزمت القوى الفائزة بعقد الجلسة الأولى لمجلس المحافظة بعد  15 يوماً من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات، والتي أعلنت عنها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في 28 كانون الأول 2023.  

ويعتقد التميمي أن مجلس ذي قار ارتكب خرقا ثانيا عندما أغفل التدقيق في أهلية المرشح لمنصب المحافظ، إذ تؤكد الفقرة الاولى من المادة 25 من قانون مجالس المحافظات على مطابقته الشروط المطلوب توفيرها في عضو مجلس المحافظة، وأن يكون حاصلاً على الشهادة الجامعية أو ما يعادلها.

وتقتضي هذه الشروط مصادقة وزارتي التربية والتعليم العالي مع تدقيق هيئة النزاهة في سيرة المرشح الذاتية وهو ما لم يقم به مجلس ذي قار في اختيار مرتضى الابراهيمي، إذ يستلزم ترشيح المحافظ فتح باب الترشيح للمنصب بعد انعقاد الجلسة الاولى، على أن يتم اختيار المحافظ بعد 30 يوما من انعقادها، لكن اختيار الابراهيمي -كما يقول التميمي- جرى مباشرة في الجلسة الأولى التي عقدت في الساعة الواحدة من صباح الثلاثاء 6 شباط 2024″.

“عاد مجلس المحافظة وعادت معه المشاكل على خلفية الصراعات للاستحواذ على المواقع”، يقول المواطن حيدر علي (37 سنة) من مدينة الناصرية، ويضيف:”بعد الغاء مجالس المحافظات لم نكن نسمع بصراعات ولا تبادل اتهامات في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن كل ذلك عاد، ومنذ بداية العام 2024 كل يوم نسمع أن هنالك مشكلة، والآن هنالك احتجاجات شعبية”.

حيدر خريج جامعي ويمارس اعمالاً حرة، يقول بأن المحافظة متأخرة في المجالات “الخدمية والصحية والتربية والزراعية والصناعية”، وانه لا يعرف الى أين تذهب المبالغ المخصصة للمحافظة، لأنه مثل غيره من المواطنين لايجد تأثيرها في الشارع وعلى حياتهم.

ويتابع: “يبدو ان علينا في ذي قار، أن نقوم تماما بما قام به بعض أهالي السماوة، أن نهدد بمظاهرات كبرى، وأن نطلب تدخل رئاسة الوزراء لوقف الفساد ومراقبة المشاريع لتنفيذها بالجودة المطلوبة من قبل شركات حقيقية ودون صفقات تهدر أموالها”.

ثم يقول مستدركا:”لقد شكلوا حكومة ذي قار لخدمة الأحزاب، وتقاسم أموالها فيما بينهم، وكما حصل في العشرين عاما الفائتة، لذا يجب علينا التحرك وعدم السماح بذلك”.

المزيد عن تقارير سردية

تقارير سردية","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":26295}" data-page="1" data-max-pages="1" data-start="1" data-end="1">