تحقيقات استقصائية: موت نهر ديالى.. ملوثات الأنشطة الصناعية وعجز مشروع صرف “الرستمية” يقضي على الحياة في النهر ومحيطه

موت نهر ديالى.. ملوثات الأنشطة الصناعية وعجز مشروع صرف “الرستمية” يقضي على الحياة في النهر ومحيطه

يغرق نهر ديالى في الملوثات البيولوجية والكيميائية، التي يخلفها مشروع الرستمية للصرف الصحي الذي يعمل خارج المواصفات، حتى بات نهرا ميتاً ويشكل مصدر تهديد لصحة عشرات الآلاف من سكان المنطقة، وهو ما تثبته فحوصات مخبرية، وتؤكده أرقام وبيانات رسمية، في ظل عجز مزمن ومتزايد عن معالجة مياه الصرف الصحي في عموم البلاد.

لم تمضِ على ولادة مرتضى، في مستشفى الزعفرانية جنوب العاصمة بغداد سوى أيام، حتى أعاده والداه إلى هناك مجدداً وادخلاه ردهة الخدج، آملين في أن يعود تنفسه إلى طبيعته بعد نوبة اختناق داهمته بسبب الانبعاثات التي يولدها مشروع “الرستمية” لمعالجة مياه الصرف الصحي في نهر ديالى الواقع منزلهم قريباً من ضفته.

بعد مرور خمس سنوات على ذلك الحدث، يفرد الأب أصابع يده اليمنى أمامه وتبدو ملامح الغضب عليه ويقول:”نجى مرتضى من موت محقق وقتها، لكنه لم يخرج من محنته معافى كلياً، فهو يعاني اليوم من تأخر في النمو وحركته بطيئة مقارنة بأقرانه بسبب حالة الاختناق تلك كما قال لي الأطباء”.

مرتضى، لم يكن المتضرر الوحيد من مشروع الرستمية وتلوث مياه نهر ديالى، فقد سُجلت عشرات الاصابات بالأمراض التنفسية والجلدية والجهاز الهضمي بين السكان القاطنين في محيط المشروع او على امتداد النهر بجانبيه الشرقي والغربي.

يكشف هذا التحقيق كيفية تلويث مشروع “الرستمية لمعالجة مياه الصرف الصحي” لنهر ديالى ومحيطه مهددا صحة عشرات الآلاف من سكان المنطقة، نتيجة مخلفاته من ملوثات بيولوجية وكيميائية الى جانب تأثيرات الانبعاثات الغازية للمشروع، وهو ما تثبته فحوصات مخبرية، وتؤكده أرقام وبيانات رسمية، في ظل عجز مزمن وكبير عن معالجة مياه الصرف الصحي في كامل مناطق البلاد يصل الى 70%.

رحلة البداية

تلوث نهر ديالى، وهو أحد روافد نهر دجلة، يتجلى بوضوح حتى بالمشاهدات العيانية للمنازل الواقعة في منطقة (الزوية) التابعة لناحية جسر ديالى وهي المنطقة الملاصقة لمشروع محطة الرستمية القديم، وتعد من أكثر المناطق المتضررة جراء التلوث.

تكشف الفيديوهات والصور عن أن المياه الخارجة من المحطة الى النهر ذات لون مائل إلى السواد، مع ظهور رغوة وزبد في المكان الذي يلتقي الماء -المعالج- مع جرف نهر ديالى، كما تظهر تلوث ضفتي النهر وتجمع الأدغال على الجرف.

ويُظهر فيديو آخر أنبوباً لمياه الصرف الصحي وهو يصب بنحو مباشر في نهر ديالى، عند منحنى التقاء النهر مع بوابة الكلية العسكرية الأولى الواقعة غرب المحطة، وبحسب سكان المنطقة فان هذا الأنبوب هو مصب مجاري الكلية، إضافة إلى جزء من مجرى تصريف ما يسمى بقناة الشرطة، حيث يشاهد انتشار بقع سوداء اللون حول هذا المصب.

ويتم رصد مخلفات عديدة على النهر وملوثات تتسبب بها شركات ومعامل الكونكريت المنتشرة على نهر ديالى، حيث تم تقليص مساحة النهر عبر ردم مسافات كبيرة من النهر، فيما يتم تصريف غالبية مخلفات تلك الشركات بشكل مباشر إلى النهر، ويظهر مقطع فيديو كيف أندرست مساحة النهر في المنحنى القريب من محطة الرستمية القديمة، وأيضاً المخلفات المنتشرة على ضفة النهر.

Image 29

مشاريع “الرصافة” للصرف الصحي

يقسُم نهر دجلة العاصمة بغداد الى قسمين رئيسين، الأول الكرخ والثاني الرصافة، فيما يمر نهر ديالى في المنطقة الشرقية لجانب الرصافة وصولاً لنهر دجلة حيث يلتقيان هناك في اقصى منطقة الزعفرانية في النقطة المقابلة لمنطقة البوعيثة جنوبي العاصمة.

ويحوي جانب الرصافة في بغداد على أربعة خطوط لنقل مياه الصرف الصحي، بحسب قسم التصاميم في دائرة مجاري بغداد، وكما هو موضح في الخريطة المرفقة، الأول هو خط (بغداد) او ما يسمى (الخط الشرقي) الذي دخل الخدمة فعليا عام 1961.

ويخدم هذا الخط المنطقة الواقعة بين نهر دجلة وقناة الجيش ابتداءً من منطقة الاعظمية وصولاً إلى مشروع الرستمية القديم شرق شمال شرق العاصمة، يخدم الثاني المعروف بخط (زبلن) مناطق شرق قناة الجيش وقناة الشرطة، فضلاً عن مناطق الشعب ومدينة الصدر الأولى والصدر الثانية وبغداد الجديدة والغدير حتى مشروع الرستمية.

Image 30
خارطوة مشاريع مياه الصرف الصحي في بغداد

وهناك الخط الثالث، المعروف بخط (الخنساء) حيث يخدم مناطق العبيدي والكمالية والفضيلية، أما الخط الرئيس الرابع فهو (خط) القدس، إضافة إلى خطين ثانويين قصيرين هما خط (ربيع وتونس) اللذين يساعدان خط زبلن في عمله.

تصب الخطوط الناقة لمياه الصرف الصحي جميعها في محطتي الرستمية (القديمة) والتوسعة الثالثة، ويعد مشروع الرستمية من أقدم مشاريع مياه الصرف الصحي في العراق، حيث يقع عند جانب الرصافة في الجزء الجنوبي الشرقي ضمن مقاطعتي (سكينة وكريات) قرب جسر ديالى الجديد، ويبعد حوالي 500 متر عن نهر ديالى.

Image 31
مصب مشروع الرستمية الشمالي بنهر دجلة

يتكون مشروع الرستمية لمعالجة مياه الصرف الصحي من أربعة مراحل، الثلاثة الأولى منها ضمن مشروع الرستمية القديم، بينما يقع المشروع الرابع ضمن مشروع الرستمية الشمالي التوسعة الثالثة.

1- مشروع المرحلة القديمة (الصفرية) تم انشاءه عام 1963 بطاقة تصميمية 40.000 م3/يوم.

2- مشروع مرحلة التوسيع الأول عام 1975 وتشمل مشروع الرستمية الجنوبي بطاقة تصميمية 45.000 م3/يوم.

3- مشروع مرحلة التوسيع الثانية التي جرت عام 1985 بطاقة تصميمية 90.000 م3/يوم.

4- مشروع مرحلة التوسيع الثالثة وتشمل مشروع الرستمية الشمالية الذي انشأ عام 1988 بطاقة تصميمية 300.000 م3/يوم.

وتبلغ مساحة المشروعين “الجنوبي والشمالي” مجتمعة (407) آلاف متر مربع، مقسمة على (400.000) م2 لمشروع الرستمية الشمالي، و(7000) م2 مشروع الرستمية الجنوبي.

استبانة صحية

يسكن السبعيني عبد الله كاظم، وهو مختار منطقة (الزوية) في المحيط الملاصق بمشروع الرستمية، فقد زوجته جراء اصابتها بأمراض عديدة، يعود بعض منها، حسب قوله، إلى ما تركته في صدرها وجسدها الملوثات المتراكمة في نهر ديالى ومحيطه.

يقول كاظم وهو يشير إلى ناحية النهر:”العشرات من عائلات قبيلتنا يعيشون على ضفتي هذا النهر”، يصمت قليلاً وهو يستعيد ماضي قريته والحزنُ يطبع ملامح وجهه، ثم يتابع :”عشت انا هنا منذ صباي، كنا نأكل ما نزرع في هذه الأرض من خضار وفاكهة، لكن الوضع تغير كثيراً بمرور الأعوام، تدهورت نوعية المياه ومعها الزرع، وفقدنا الكثيرين بسبب الأمراض التي سببها لهم تلوث النهر”.

كاظم يعلم كل صغيرة وكبيرة في قريته والمنطقة المجاورة، يلفت بانفعال إلى أن أهالي جسر ديالى عموماً والزوية على وجه الخصوص :”تعرضوا إلى كارثة مركبة، اذ وقعوا بين كماشة ملوثين كبيرين فجعا سكان المنطقة، الأول مشروع الرستمية الذي لوث النهر، والثاني مفاعل تموز النووي”.

يكرر الرجل، بكثير من الجزم، ان “خمسة من سكان المنطقة توفوا جراء السرطان خلال سنتين، ويعاني الكثير من أبنائنا من أمراض عديدة بسبب المشروع الذي يلوث كل شيء”.

على أريكة خشبية في مضيف المختار عبد الله، باعتباره كبير قبيلة (العكيدات) كان يجلس غالب العكيدي، (37 سنة)، بدا عليه التوتر وهو يتحدث عن اضطراره إلى أخذ اطفاله ولمرات عدة شهرياً إلى مستشفيي الزعفرانية وابن الخطيب، لعلاجهم من امراض جلدية أو تنفسية جراء تلوث النهر.

يقول غالب العكيدي :”لم أعد احتمل مشقة مراجعة الأطباء، فأنا أتردد عليهم بنحو دائم لعلاج ثلاثة من ابنائي من الاكزيما – التهاب الجلد التأتبي- أو من أجل التبخير خصوصاً لأطفالي الصغار الذين تقل أعمارهم عن ستة سنوات”.

يشير بغضب الى ان الأطفال وكبار السن، هم اكثر من يعانون من آثار الملوثات “لا يعقل أن نظل نحن وأطفالنا تحت تهديد هذه الملوثات، منذ ولادتهم وطوال سنوات يضطرون لمراجعة المستشفيات”.

أجرى معد التحقيق “استبانة” صحية من (100) عينة، بعنوان “استطلاع صحي.. أهالي نهر ديالى/الرستمية” تضمنت ستة حقول بدءاً من أسم العائلة/ اللقب، وعدد الأفراد، والعمر بحسب الفئة، والامراض التي يعاني منها سكان المنطقة، ضمت حقلا للأمراض الجلدية والباطنية والتنفسية والسرطانية.

تم توزيع 70% من الاستمارات بنحو عشوائي على قاطني منطقة “الزوية” والمنازل المحاذية لنهر ديالى وصولاً إلى الجسر الحديدي (القديم) جنوب محطة الرستمية، فيما تم توزيع 30% منها على العائلات الساكنة في الجانب الغربي من نهر ديالى التابعة لمنطقة الزعفرانية.

من خلال تحليل البيانات الواردة في الاستمارات، تبين أن سكان تلك المناطق يتعرضون لأربع أنواع رئيسة من الامراض، اذ احتلت الامراض التنفسية صدارتها، وجاءت الامراض الباطنية بالدرجة الثانية، فيما حلت الامراض الجلدية في المرتبة الثالثة، وأخيرا الامراض السرطانية.

وفي تفصيل الأمراض (التنفسية)، وفق للاستبانة، فقد شملت أمراض التهاب البلعوم والتهاب القصبات وذات الرئة والتهاب الجيوب الانفية، وتلف الرئة، أما الامراض (الجلدية)، فكانت لأمراض (الاكزيما) بأنواعها كافة حصة الأسد، يليها (جدري الماء) و (الثآلول-عين السمكة-)، مع حالات اقل حدة لأمراض (الغرغينيا).

وتنوعت أمراض (الجهاز الهضمي) بين امراض القولون والامراض المعوية والاسهال الشديد والتهابات الزائدة الدودية والتهابات الكبد والدزنتري والتيفوئيد والكوليرا، فيما تم تسجيل عدد من حالات الإصابات بالأمراض السرطانية، منها سرطان القولون والرئة.

رفض مسؤولو مستشفى الزعفرانية العام ومستشفى ابن الخطيب في التويثة التابعة لجسر ديالى، الادلاء بأي تصريح رسمي، بشأن نوعية الأمراض الأكثر شيوعا التي تصيب أبناء جسر ديالى وأسبابها، غير أن معد التحقيق تمكن من الحديث مع أطباء بمستشفى الزعفرانية، كشفوا عن أن “غالبية الحالات المرضية الوافدة للمستشفى هي لأبناء المنطقة المحاذية لنهر ديالى”.

وتطابق حديث أحد الأطباء، الذي شدد على عدم ذكر اسمه، مع الاستبانة التي اجراها معد التحقيق، اذ أكد بأن الأمراض التي تصيب ساكني المنطقة المحاذية لنهر ديالى تتركز على أمراض “تنفسية وجلدية وهضمية”.

واضاف، ان غالبية الإصابات تكون بين الأطفال من عمر شهر واحد لغاية 15 سنة، مبينا ان أكثر تلك الإصابات هي تنفسية وهضمية “وتحدث بسبب تلوث المياه في تلك المنطقة، خصوصاً ان أي كسر في انابيب مياه الشرب يؤدي إلى تلوثها بشكل مباشر”، على حد قوله.

العديد من أهالي منطقة (الزوية) ذكروا لمعد التحقيق بأن قربهم من نهر ديالى جعل أطفالهم يحتكون مع النهر بما يحمله من ملوثات بنحو مباشر، وهم غير قادرين على منعهم من النزول الى ضفاف النهر، حيث تزيد فرص تعرضهم للإصابات بأمراض عديدة.

ملوثات نهر “ديالى”

يعد نهر “ديالى” واحداً من روافد نهر دجلة، ويتشكل من التقاء نهري سيروان وتانجرو الذين تتدفق مياههما من جبال زاكروس عند الحدود العراقية الإيرانية، ليصب في نهر دجلة جنوبي العاصمة العراقية بغداد، ويبلغ طوله الإجمالي (386) كم، فيما يبلغ طول نهر “ديالى” من مصب محطة الرستمية الشمالي “التوسعة الثالثة” حتى نهر دجلة حوالي (15) كم.

وقد تسبب مشروع الرستمية بأن يكون نهر “ديالى” واحداً من أكثر الأنهر تلوثاً في البلاد، بالأحياء المجهرية الدقيقة من البكتريا والفطريات، والتي ترتفع نسبتها خلال فصل الصيف.

ويعاني نهر ديالى من مشاكل بيئية جمة، جعلت مياهه، وفقاً لمختصين، غير صالحة للشرب والري نتيجة تلوثها بالمخلفات الصناعية والتي تشمل النشاطات الصناعية في انحاء عدة في جانب الرصافة فضلا عن مصادر التلوث العضوي والمجازر ومعامل البروتين التي يصل عددها إلى ما يقارب 500 نشاط، وتصرف مخلفاتها الى شبكة المجاري العامة ومن ثم الى محطة الرستمية ومنها الى نهر ديالى.

اما الثانية فتشمل النشاطات الخدمية المتمثلة بالمستشفيات الحكومية التي يصل عددها الى 31 مستشفى في جانب الرصافة منها 28 مستشفى تصرف مخلفاتها مباشرة الى المجاري التي تنتهي الى النهر، بينما ثلاثة منها فقط تحوي على وحدة معالجة، إضافة إلى أكثر من 30 مستشفى أهلية.

ولعدم معاجلة مياه الفضلات بالنحو الصحيح والتي تصب في نهر ديالى، بحسب باحثين تواصل معهم معد التحقيق، فقد أصبحت من العوامل الرئيسية في نقل الامراض نتيجة احتوائها على كميات كبيرة من المواد العضوية التي تعد مصدراً غذائيا جيدا لنمو وتكاثر الكائنات الحية المجهرية.

يقول الخبير والأكاديمي في علوم البيئة محمد الطائي، أن “التلوث الغائطي يؤدي الى ادخال ضروب من الممرضات الجرثومية المعوية ومن بينها السالمونيلا والتشيكيلا والاشركية القولونية والمسبحات وضمات الهيضة للمياه”، وقد تسبب هذه الكائنات الحية امراضاً تختلف في شدتها من الالتهاب المعتدل في المعدة والامعاء الى الاعراض الشديدة والقاتلة مثل الحمى التيفوئيدية والزحار والهيضة، وهذا ما اثبتته فحوصات مخبرية أجراها معد التحقيق.

ويؤكد تقرير لوزارة البيئة حمل عنوان “حالة البيئة في العراق”، على “التلوث الشديد لنهر ديالى داخل محافظة بغداد، عند منطقة الرستمية، جراء تصريف محطة مجاري الرستمية التي تصب عبر ثلاث قنوات كبيرة لمياه الصرف غير المعالج غالباً، إلى النهر مباشرة بالإضافة الى مياه الصرف الصحي لقناة الجيش، مما جعل هذا النهر أحد أسباب تلوث نهر دجلة، والذي يمكن أن يؤثر على نوعية مياه النهر من جنوب بغداد وحتى التقاء نهري دجلة والفرات في القرنة”.

Image 37

تصميم بغداد الأساس

يقدر عدد سكان العاصمة في عام 2023 بنحو تسعة ملايين نسمة، وتزيد الكثافة السكانية في جانب الرصافة عنها في جانب الكرخ، في وقت تشير الأرقام إلى أن عدد سكان بغداد عام 1945 كان (500) ألف نسمة فقط.

بعد تأسيس أول حكومة عراقية في عشرينيات القرن المنصرم، عملت على وضع تصميم أساس للعاصمة بغداد، فاستدعت عام 1936 البرفسور بريكس المختص الألماني بتخطيط المدن، ثم الحقتها عام 1956 بتصميم جديد على يد المستشارين البريطانيين (مينوبريو وبنسلي وماكفارلين)، ليجري بعدها بعامين وضع تصميم جديد لشركة (دوكسيادس) اليونانية يراعى فيه استحداث أحياء سكنية جديدة.

المهندسون الذين وضعوا التصاميم الأساسية تعاملوا مع اعداد السكان في تلك الفترة، وكان يفترض خلال الخمسين عاما اللاحقة تحديث التصاميم لتواكب عدد السكان المتزايد سريعا، اذ تم تصميم المرافق الخدمية والطرق وغيرها اعتمد على أساس زيادة طفيفة لا تكاد تتجاوز المليوني فرد حتى العام 2000.

طاقة استيعابية

بخطوات بطيئة وعلى استحياء، دخلت إلى غرفة الضيوف وهي تغطي وجهها المدور الصغير، احتاجت بعضا من الوقت قبل أن تستجيب لطلب والدها المتكرر لها بان تكشف وجهها، وبمجرد أن اماطت لثامها حتى ظهرت الهالة الحمراء التي تسببت بها الأكزيما في محيط فمها، أطرقت برأسها خجلاً ثم انسحبت مسرعة من المكان.

عائشة، هي في الحادية عشر من عمرها، تركت مقاعدها الدراسية مبكراً، فهي لم تتحمل تنمر زميلاتها المستمر عليها في المدرسة بسبب الأكزيما، هذا فضلاً عن معاناتها من اضطرابات وظيفية مستدامة في الجهاز الهضمي.

يقول والدها (خالد) أنه لم يدع باب طبيب متخصص إلا وطرقه “لتتخلص طفلتي من هذه الاكزيما اللعينة، فلقد تسببت لها بعقدة نفسية، اثرت حتى على دراستها التي تركتها”، عازيا كل ذلك إلى ما يحدث من تلوث في نهر ديالى الذي يطل عليه منزلهم الصغير. “أفكر بترك المنطقة والانتقال بعيداً، فانا لا اريد ان يتكرر ما حدث لعائشة مع طفل اخر من اطفالي”، يردف والدها قائلاً.

خلفت الزيادة السكانية في العراق مشاكل عديدة، ليس على مستوى قطاع الإسكان والكهرباء فحسب، بل شمل هذا قطاع الصرف الصحي، حيث تقدر كميات المياه الثقيلة التي تخلفها كافة النشاطات التجارية والسكنية في العاصمة بأكثر من مليوني متر مكعب يومياً، بحسب تصريحات وزير الموارد المائية الأسبق حسن الجنابي، 60% منها في جانب الرصافة، أي ما يعادل (1.2) مليون متر مكعب من المياه الثقيلة في أيام الشتاء الممطر، و (650) ألف متر مكعب في الأيام الجافة.

هذه الكميات من مياه الصرف الصحي تتجاوز كثيرا الطاقة الاستيعابية لمحطتي الرستمية (الشمالية والجنوبية) مجتمعة، رغم زيادة الطاقة التصميمية للمشروع من (45) ألف م3 عام 1975 إلى (300) ألف م3 عام 1988 وصولاً إلى (450) ألف عام 2023، كما ان هناك تفاوت كبير بين الطاقة التصميمية والتشغيلية للمشروع، ولهذا هي تعاني من عجز كبير في استيعاب كميات المياه الواصلة للمحطات، وبالتالي تراكم الملوثات في النهر بكل ما تحمله من مخاطر صحية وبيئية.

وبحسب مصدر مسؤول في محطة الرستمية، طلب عدم الإشارة إلى اسمه، فان الطاقة التصميمية القصوى للمحطة القديمة تقدر بـ (150) ألف متر مكعب، فيما تصرف المحطة (250) ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي، وتبلغ الطاقة القصوى للتوسعة الثالثة (الشمالية) (350) ألف متر مكعب، فيما يتم تصريف (450-500) ألف متر مكعب من المياه يومياً عبر المحطة.

وفي السياق ذاته، يشير التقرير السنوي للجهاز المركزي للإحصاء/قسم إحصاءات البيئة الصادر في عام 2022، وتحت فقرة (تحليل قطاع المجاري) إلى أن “نسبة المياه العادمة المعالجة إلى المتولّدة لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي في العراق بلغت (71.5%)، وهذه النسبة تعني أن (28.5%) من مياه الصرف الصحي يتم طرحها دون معالجة”.

Image 36

وبالعودة إلى تقرير وزارة البيئة (حالة البيئة في العراق) فهو يشير إلى أن العراق عموماً “يعالج (1.5) مليون م3 يومياً، من مياه الصرف الصحي، حسب الطاقة التصميمية لـ (25) محطة معالجة، وهو ما يمثل “نسبة 27% من مياه الصرف الصحي، بينما يصرف الجزء الأكبر إلى المصادر المائية بدون معالجة”، بحسب الوزارة.

Image 35

وتؤكد الوزارة في التقرير نفسه، على وجود مشاكل في محطات المعالجة، منها انها تعمل أكثر من طاقتها التصميمية، ودائما ما تعاني من “أعطال في الهاضمات ومزيل الرمال والدهون وقسم من السكرينات، وان منظومة إزالة الروائح موجودة في المحطة الشمالية فقط”، وهذا يمثل إقرارا من الوزارة بأن “تصريف المحطة إلى نهر ديالى ثم إلى دجلة يتم بدون معالجة”.

ويوضح التقرير كذلك، إلى أن محطة الرستمية “تستقبل مياه صرف صحي بكميات أكبر من طاقتها التصميمية، لذا فان عملية المعالجة تكون غير كفوءة ويتم تصريف مياه ثقيلة بدون معالجة إلى نهر ديالى (Over flow) والذي تكون فيه تراكيز المتغيرات في غالبها أعلى من المحددات البيئية النافذة، مثل  (TSS, BOD, COD) وبالتالي تسبب تلوثاً كبيراً في النهر”، بحسب التقرير.

Image 34

ووفقاً لمصدر آخر في مشروع الرستمية، وهو موظف طلب عدم الكشف عن اسمه تجنبا للمساءلة، فان المحطتان الشمالية والجنوبية، “تعانيان دائماً من توقفات في العمل بسبب الانقطاع المتكرر لشبكة الكهرباء الوطنية، وهذا ما يؤدي إلى توقف عمليات التصفية في مراحل المشروع المختلفة”.

ويشير ايضا الى “افتقار المختبرات الخاصة داخل المشروع لمستلزمات الفحص الحديثة، حيث يعمل المختبر بأجهزة فحص بدائية ولا تعطي نتائج دقيقة وحقيقية أبداً فيما قارناها بالنتائج المخبرية خارج المشروع”. كما نبه الى تكرر “نفاد مادة الكلور، وهذا يؤثر على مراحل المعالجة”.

فحوصات ودلالات التلوث

متكئاً على عكازه، تثقله خطواته، سار نحونا آبياً إلا أن يقابلنا بعدما سمع بوجود صحفي يستقصي عما يدور من تلوث بيئي في منطقة “الزوية”، أنه الحاج عادل (67 سنة) الذي عانى هو الآخر من جراء تلوث نهر ديالى. يقول بأن السنوات الأخيرة كانت صعبة جداً على أبناء المنطقة بعد تلوث النهر وبشكل غير مسبوق بشتى أنواع الملوثات حتى تغير لونه.

ويستدرك :”وها أنا أمامك اشكو دائماً من مشاكل واوجاع في معدتي وامعائي، بسبب تلوث المياه التي لا يكاد يختلف أحد انها باتت مصدر خطر دائم على حياتنا”، حيث يستخدم أهالي المناطق المحاذية للنهر مياهه لسقي المزروعات، فيما تمر أنابيب مياه الإسالة عبر حافة النهر، ودائماً ما تتلوث تلك الانابيب في حال حدوث أي كسر فيها لاي سبب كان.

تحوي مياه الصرف الصحي، وفقاً لمتخصصين، على ملوثات ومواد عالقة ومواد عضوية قابلة للتحلل، ومواد عضوية مقاومة للتلوث، وكائنات حية ومواد كالنتروجين والفسفور والبوتاسيوم ومعادن، وتشكل كل هذه خطراً على صحة الإنسان، خصوصاً لما تحويه من احياء مجهرية وبكتريا تسبب الأمراض.

ويؤكدون، أن محطات الصرف الصحي (النموذجية) تعمل بنظام المعالجة الثلاثية، التي تتضمن المعالجة البيولوجية والفيزيائية والكيمائية، بهدف ضمان طرح مياه صالحة للري وغيرها من النشاطات على اقل تقدير، فيما تعمل كلتا محطي مشروع الرستمية على المعالجة الثانوية فقط، وتفتقران للمعالجة الكيميائية.

تتم معالجة مياه الصرف الداخل لمحطة الرستمية الشمالية والجنوبية، بثمان مراحل تمر عبرها المياه الثقيلة قبل طرحها في النهر، وتتضمن المرحلة الأولى المشبكات (السكرين)، والثانية المعالجة الأولية (إزالة الرمال والدهون)، والثالثة التهوية الأولية، والرابعة، وحدات الترسيب الابتدائي، والخامسة وحدات التهوية الرئيسة، والسادسة وحدات الترسيب النهائي، والسابعة، وحدات التعقيم بالكلور، والأخيرة هي وحدة معالجة الرواسب (الحماة النشطة).

وتعد المرحلة الرابعة، بحسب أستاذ هندسة البيئة د. حيدر حامد، من أهم المراحل في المحطة، وهي “المعالجة البيولوجية”، فيتم اكسدة المواد العضوية وتحويلها إلى مركبات مستقرة تتألف من البكتريا وبعض الكائنات الدقيقة التي يمكن فصلها عن المياه، ثم تهوية خليط البكتريا بواسطة أحواض التهوية، وبالتالي الحصول على مياه غير ملوثة بيولوجياً”.

وبهدف التقصي عن الملوثات البيولوجية في نهر ديالى، عمل معد التحقيق على اجراء فحوصات مختبرية على المياه ضمن المنطقة المحصورة بين محطة الرستمية “الجنوبي” وصولاً إلى نقطة التقاء نهر ديالى بدجلة، واتبع الطرق العلمية، في عملية الحصول على العينات من مياه ديالى، حيث تم اختيار ثلاث نقاط أو محطات لجمع العينات، الأولى عند مصب المحطة الجنوبية في النهر، والثانية أسفل جسر ديالى الحديدي، والثالثة، قبيل التقاء نهر ديالى بدجلة بأقل من 200 متر.

هذه العينات جمعت في شهر آذار/مارس 2024، بقناني زجاجية معقمة سعة 150 مل، تم فتح غطائها بعمق (20) سنتمتر تحت الماء وأغلقت هناك، وتم نقلها إلى المختبر لإجراء عمليات الزرع وعزل البكتريا (Bacteria Culture Test) والفطريات من العينة.

أظهرت نتائج الفحص البكتيري للعينات الثلاث للمياه، عزل (7) أنواع رئيسة من البكتريا، اذ تم تشخيص وجود بكتريا (Escherichia coli) المسببة للإسهال الدموي، وبكتريا (Pseudomous aeruginosa) التي تتسبب بالتهاب المجاري البولية.

مع تراكيز أكبر لبكتريا (Salmonella sp) المسببة لمرض التيفوئيد والباراتيفوئيد، وظهرت بكتريا الكوليرا Vibrio cholera)) التي تتسبب بالإسهال المائي الشديد، وبكتريا (Aeromons sp) والتي تتسبب بالأمراض الجلدية مثل التهاب الهلل والبثور والدمامل.

وبنسب قليلة تم عزل بكتريا (Shigilla sp) وهي احدى مسببات مرض الزحار وتتسبب بالإسهال الشديد لدى الأطفال. كما أظهرت النتائج وجود بكتريا (Klebsiella pneumoniae) التي تسبب بالتهابات الجهاز التنفسي وتصيب الرئة بشكل مباشر.

وتنوعت هذه الملوثات في عينة نهر ديالى، بين تلوث مرتفع بنوع ما من البكتريا وآخر منخفض، وظهر ذلك من خلال اعداد البكتريا الموجودة في العينات، وتراوحت بين 24 x 105  خلية/100 مل و10 x 104  خلية/100 مل.

كما استخدمنا الفحص المخبري في ذات العينات لعزل أنواع الفطريات، والتي اتبعنا فيها طريقة الأدلة الحياتية (Bio-indicators) لمعرفة مدى تلوث المياه، وخرجت النتائج بعزل أربعة أجناس من الفطريات المائية، وهي Saprolegnia)) والذي كان أكثر الاجناس انتشاراً، فضلاً عن (Achlya, Dictyuchus, Leptomitus)، فوجود هذه الاجناس دليل على تلوث المياه بشكل قطعي، بحسب الدكتور عمران علي والمختص بعلوم الحياة.

Image 33

وتصف الدكتورة شيماء العزاوي وجود هذه الأنواع من البكتريا والفطريات، المعزولة من نهر ديالى، بـ “الكارثة البيئية”، حيث أن تلك “النتائج الإيجابية ظهرت رغم أن العينات اخذت في آذار، فكيف هو الحال في تموز، أي في الوقت الذي يزداد فيه نشاط ونمو البكتيريا بشكل كبير”، تتساءل العبيدي.

وتضيف :”المياه الملوثة بهذه الأنواع تؤثر بنحو أكبر على الأطفال، خصوصاً مع وجود مسببات الأمراض المعوية التي تؤدي إلى الإسهال والجفاف ونقصان الوزن، وحتى سوء التغذية”، ودائماً ما يعاني أطفال منطقة الزوية من تلوث نهر ديالى، والذين يتأثرون بشكل مباشر جراء السباحة فيه.

ديالى يلوث دجلة

يصب نهر ديالى بكل ملوثاته في نهر دجلة، حيث يلتقيان في اقصى الجنوب الشرقي لمنطقة الزعفرانية، وبهذا فان عملية تلوث النهر ستؤثر حتماً على كل المناطق ضمن مسار نهر دجلة امتداداً للمدائن والصويرة وصولاً إلى الكوت في جنوبي العراق.

Image 32
الفرق بين مياه نهري ديالى الملوث ودجلة عند التقائهما

أجرى معد التحقيق، جولة نهرية عند ملتقى نهري دجلة بديالى، حيث يظهر بوضوح كيف يختلف لون مياه نهر دجلة عن ديالى، فيغلب السواد على الأخير فيما يصطبغ دجلة بلون الطين.

اختلاف لون المياه وبالتالي تركيبتها في نقطة الالتقاء، يؤكده أصحاب القوارب العاملين في المنطقة. يقول صياد السمك، أبو عبد “التلوث لم يؤثر على الانسان فحسب، بل حتى ان الأسماك تمتنع من الاقتراب من ملتقى النهرين ولا يوجد في ديالى تقريبا أي نوع من الأسماك رغم انه مفتوح بنحو واسع على دجلة”.

ويؤكد صياد الاسماك، أبو علي، ما ذهب إليه أبو عبد، وقال لمعد التحقيق، أنه ورث مهنة صيد الأسماك من أباه، وكان يمارس تلك المهنة في “نهري ديالى ودجلة، حيث كان ديالى يزخر بالأسماك والكائنات المائية الأخرى، لكن اليوم انتهت الحياة من نهر ديالى المار في بغداد، وفقد كل مقومات العيش للكائنات حتى الصغيرة منها، وأثر بشكل واضح حتى على دجلة في منطقة الالتقاء”.

الناشط البيئي ليث العبيدي، يرى أن “تلوث مياه الأنهر بمياه الصرف الصحي يعد من أخطر أنواع الملوثات، لأنها تحوي على عناصر ثقيلة والتي لا يتمكن جسم الانسان او الكائنات الحية من تحليلها والتخلص منها”.

ويلفت إلى أن هذه المواد “حتى لو كانت بنسب ضئيلة فان تأثيرها قاتل بشكل تراكمي، وهي موجودة ومشخصة في الانهر العراقية بسبب إطلاق مياه الصرف الصحي بشكل مباشر او عدم معالجتها بالشكل المطلوب من قبل بعض مشاريع المعالجة كما هو الحال في نهر ديالى، وهذه الملوثات تزداد بشكل كبير في فصل الصيف بسبب شحة المياه وقلة الاطلاقات المائية”.

تلوث هوائي

تسعون دقيقة استغرقها لقاء معد التحقيق بالحاج أبو حسين وعدد من أبناء منطقة الزوية، لم تفارق يده جهاز الاستنشاق “بخاخ الربو”، يسعف نفسه بين حين وآخر ببخة تعيد إليه أنفاسه، فعلى الرغم من امتناعه عن التدخين طوال عمره، إلا انه يعاني من مشاكل في التنفس، يقول واضعا كفه على صدره “رئتي أصبحت منخورة جراء غازات الرستمية”.

راجع، أبو حسين، أطباء عدة، ومع أن حالته لم تشخص على انها ربو، الا انه يعاني باستمرار من ضيق في التنفس “صرت اعاني من هذه الحالة حتى قبل إصابتي بكورونا قبل سنتين، وجاءت كورونا لتكمل ما فعلته محطة الرستمية التي تخنقنا غازاتها خصوصاً في فصل الصيف”.

يحاول غالبية المارة فوق جسر ديالى الجديد المؤدي إلى طريق الكوت حبس انفاسهم قدر الإمكان نتيجة الروائح الكريهة التي يتسبب بها مشروع الرستمية، فأحواض الترسيب وغيرها تفرز الفضلات وتعرضها للتهوية مما يؤدي إلى إطلاق الغازات مباشرة في الجو.

تشير التقارير إلى ان الاتجاه السائد للريح حول مشروع الرستمية دائماً ما يكون باتجاه المناطق السكنية، وهذا مخالف للمحددات البيئية، الموقعية، المتطلبة لإنشاء مثل هكذا مشروع.

ولهذا يتعرض سكان المناطق الواقعة على نهر ديالى والقريبين من محطتي الرستمية الجنوبي والشمالي، لأخطار الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، جراء تعرضهم بشكل يومي للغازات السامة والخانقة وبجرع متفاوتة بسبب التماس المباشر مع الملوثات، والتي تؤثر على الصحة العامة.

ويخلف مشروع الرستمية، وفقاً لمختصين، العديد من الغازات، منها كبريتيد الهيدروجين H2S الذي يتميز برائحة البيض الفاسد، حيث يؤدي التعرض لهذا الغاز لمدة أكثر من ثمان ساعات الى الإصابة بالتهاب العين وتزداد خطورته فتؤدي الى مشاكل في التنفس اذا وصلت كمية الغاز ما بين (25-100) ملم، واذا زادت هذه الكمية عن (125) ملم فان الانسان سيشعر بصعوبة في التنفس قد يصل الأمر الى الإغماء وحتى الموت، هذا مع غاز اول أوكسيد الكاربون CO الذي يعد من الغازات الخطرة التي لا يمكن الإحساس بها الا عن طريق أجهزة فحص الغازات، فضلاً عن غاز الميثان الذي يتولد من بقايا الفضلات.

ولم يقتصر ما يطرحه مشروع الرستمية في نهر ديالى على الملوثات البيولوجية فحسب، بل تسببت بزيادة تراكيز الاملاح الصلبة العالقة (TSS) Total Solid Suspended والتي وصلت إلى (110) ومتغير الحاجة الكيميائية للأوكسجين (COD) Chemical Oxygen Demand الذي يصل إلى (134) ومتغير الحاجة الكيمياوية للأوكسجين Oxygen Demand (BOD) لتصل إلى (77)، وهي أعلى من محددات نظام صيانة الأنهار والمياه العمومية من التلوث رقم (25) لسنة 1967.

هل من حلـول

تضع الاكاديمية المتخصصة في علوم البيئة، الدكتورة عبير الساكني، حلول عديدة لمعالجة مشكلة تلويث مشروع الرستمية لنهر ديالى، منها إعادة تأهيل كاملة لوحدات المعالجة الحالية لضمان تصريف مياه مطابقة للمواصفات.

الى جانب اعتماد النظام المنفصل في تصميم شبكات الصرف الصحي بدل النظام المشترك لمدينة بغداد لما يسببه من حمل على محطات المعالجة اثناء موسم الامطار والذي يؤدي إلى طرح جزء من المياه القادمة إلى النهر بدون معالجة.

تضيف الساكني على ذلك، ضرورة اعادة تخطيط مشروع الرستمية وتوسيعه اعتماداً على تغير التصميم الأساس لمدينة بغداد وذلك من خلال إضافة وحدات معالجة جديدة بشكل يضمن تلبية حاجة المشروع الحالية والمستقبلية والنمو السكاني للمدينة حتى عام 2050 وبما يمكن من تصفية مياه المجاري في الرصافة وتصريفها الى النهر بشكل يطابق المحددات البيئية، فضلاً عن انشاء وحدة معالجة كيمياوية لتلافي ارتفاع تركيز المتغيرات الكيمياوية.

في وقت يؤكد فيه الناشط البيئي، عامر الساعدي، أن جزءاً من مسؤولية ما يجري في ديالى تتحمله وزارة الموارد المائية، لذا يرى أن أحد الحلول تكمن في زيادة الاطلاقات المائية من بحيرتي دربندخان وحمرين، مما سيعزز انسيابية جريان الماء في النهر والمساهمة في تخفيف تراكيز الملوثات فيه.

المزيد عن تحقيقات استقصائية

تحقيقات استقصائية","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":25670}" data-page="1" data-max-pages="1">