بنين إلياس/ نيريج- رصيف 22:
“أجبرني على النوم مع زوجة صديقه مقابل نومه مع زوجته” هذا ما تقوله (فتك)، (33 سنة)من مدينة الصدر في بغداد، تقيم الآن في مدينة السليمانية بأقليم كردستان، بعد هروبها من زوجها (حساني)، الذي اقترنت به سنة 2000 وهي في العاشرة من عمرها وأنجبت منه أربعة أبناء.
تصفه، بالأمي، لا يعرف القراءة والكتابة، وآثار ندوب مشاجراته منذ صغره بادية في وجهه، ولا يعمر في عمل مطلقاً، وفوق ذلك فهو مدمنٌ على الخمر. لم يكن لديها خيار سوى مواصلة حياة الفقر معه من أجل أطفالها، وهذا لم يدم طويلاً، وفقاً لروايتها.
أواخر 2019، طلب منها أن تتعرى، وتتخذ أوضاعاً غريبة على حد قولها، لكي يلتقط لها صوراً، تبرر قبولها، بأن رفضها كان سينعكس على أولادها، أحدهم تلميذ بالابتدائية، اثنان باعة جوالين، وإبنتها، “كلما تشاجرت معه، يضربني، ويضربهم، ويطردهم من البيت”.
في 2020، خلال فترة الحظر بسبب فايروس كورونا، طلب منها زوجها ذات ليلة، زيارة صديق له يسكن منطقة الحسينية، وأخذها إلى هناك بواسطة (تكتك)، لا تستطيع نسيان تلك الليلة مطلقاً، ترفض بادئ الأمر الحديث في الأمر، تبكي بحرقة، ثم تتمالك نفسها، وتصر على سرد حكايتها.
“كانت زوجة صديقه، ترتدي ثياباً لا يمكن أن تظهر بها إلا في غرفة النوم، وجلبت لي ثوباً زهري اللون، طلبت مني ارتدائه وقالت بأنه المفضل لدى زوجها، لم أفهم ما تعنيه، دخلت الحمام وأردت إرسال رسالة إلى حساني عبر الهاتف لأني لم اره بعد دقائق من دخول المنزل، لأقول فيها بأنني أريد مغادرة المكان وإلا سأتصل بأشقائي، وإذا بصديقه يدخل الحمام ويغلق الباب وراءه”.
لم تستطع مقاومته، كان ضخماً وعنيفاً، على حد وصفها، أغتصبها مرتين متتاليتين، وفي كل مرة أرادت فيها الصراخ كان يضربها. وعندما أنتهى وسمح لها بالخروج، ركضت تبحث عن زوجها، فوجدته في غرفة النوم يمارس الجنس مع زوجة صديقه.
هددها صديق زوجها، بأن لديه صوراً ومقاطع فديو لها وهي عارية، وانه سينشرها إن هي تفوهت بشيء أو لجأت الى الشرطة أو لأشقائها. أما زوجها، فأخبرها بكل هدوء، بأنه مستعد لقتلها غسلاً للعار بسبب الصور والفيديوهات التي كان هو من أخذها والتقطها بنفسه، على حد قولها، وهكذا رضخت لما أراده مرات عديدة.
لا يمكن وصف تبادل الزوجات بالظاهرة المستشرية في العراق، فلا توجد جهة رسمية تقدم إحصائيات بشأن أعدادها، والمجتمع بنحو عام يتعامل معها كأنها غير موجودة، لاعتبارات دينية وعشائرية، إلا أن جهات أمنية وقضائية تؤكدان وجودها، وكذلك ناشطون مدنيون، يؤشرون تزايد حالاتها خلال السنوات الأخيرة.
المركز الإعلامي في مجلس القضاء الأعلى، كشف عن تشكيل لجنة بالأمر القضائي المرقم (711/مكتب/2021) بناءً على طلب قدم من قبل اللواء سعد معن، رئيس خلية الأعلام الأمني، بعد أن تم رصد العديد من الحالات “المرفوضة اجتماعياً وأخلاقياً في مواقع التواصل الاجتماعي، مثل الدعوة إلى تبادل الزوجات والحث على الإلحاد وممارسة أعمال الدعارة والترويج لأفكار تتنافى مع ثوابت الإسلام المنصوص عليها في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 والذي أكد على الحفاظ على الهوية الإسلامية في المادة (2) منه معتبراً الإسلام دين الدولة الرسمي”.
https://www.ina.iq/137270–.html
بالعودة إلى فتك، فإن هروبها إلى السليمانية لم يكن بسبب ما حدث لها فقط، بل لما تعرضت له ابنتها (15 سنة) إذ زوجت لابن عم لها، وهذا الأخير قام باستبدالها مع زوجة صديق له، ذات ليلة، فحاولت الانتحار بتناولها كمية كبيرة من الأدوية التي عثرت عليها في البيت، وتم انقاذها في اللحظات الأخيرة، على حد قول الأم.
التي تضيف:”استنجدت بي، وطلبت مني ان نهرب سوية وإلا فأنها ستقدم على الانتحار مجدداً، خاصة بعد أن انكشف الأمر، وعرفنا بأن تبادل الزوجات، أمر شائع في أسرة حساني وأعمامه، ولهذا كان علي التفكير واتخاذ القرار لإنقاذها، وهكذا هربنا أنا وهي، وجئنا إلى الأقليم”.
الفقر والجهل
مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب العطية، يؤكد وجود “مجاميع سرية” في العراق ينشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يعرف بتبادل الزوجات، ويقول بأن أفرادها يتوخون الحيطة خوفاً افتضاح أمرهم وملاحقتهم قانونياً.
وذكر بأن العديد من النساء راجعن دائرته وشكين من الأمر لكنهن امتنعن عن تقديم أوراقهن للقضاة، خوفاً من أمور عديدة: “أولها اعتداء الأزواج أو التعرض للقتل أو الانفصال، وحرمانهن من اطفالهن”.
ودعا إلى تشريع قانون يعاقب بالدرجة الأولى المروج لتبادل الزوجات، ويقول”الحالات الفردية والمحصورة بنحو ضيق بين بيوتات معينة، لا تشكل ذات الخطورة، مقارنة بمن يروج لتبادل الزوجات ويجملها بنظر البعض”.
الكاتبة والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة منار الجابر، تقول بأن ما تسميها بظاهرة تبادل الزوجات موجودة في العراق، ولاسيما في السنوات الأخيرة، وتتم الدعوة إلى ذلك في الغالب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال عرض بعض الأزواج صوراً لزوجاتهم في مجاميع خاصة، تحمل أسماء مثل -تبادل العراق، البدلي… وغيرها.
https://www.facebook.com/groups/1769217726882191
وتُبين:”يكتبون شروحات توضيحية مع الصور، مثل، هذه زوجتي، تبلغ من العمر كذا سنوات، أرغب باستبدالها بواحدة متزوجة بعمر …. نحن زوجان من المحافظة الفلانية، وهكذا، ثم يجري نقاش بين الأزواج في كيفية إقناع زوجاتهم ويجرون اتفاقاتهم”.
وترى منار، بأنها رصدت حالات تبادل زوجات في المناطق الفقيرة التي تنعدم فيها الخدمات وينخفض فيها مستوى التعليم، وأن من يقومون بذلك يعتقدون بأنهم أصبحوا بسلوكهم هذا “منفتحين”.
وتستدرك:” بعض الحالات تكون بموافقة الزوجة ورضاها الكامل، وفي الغالب ترغم على القيام بالفعل من قبل الزوج، وعملية المبادلة تكون في العادة لليلة واحدة أو عدة ليالٍ”.
صورة نشرها أحد الأزواج لزوجته، في مجموعة خاصة بتبادل الزوجات في فيسبوك
اهمال برلماني
القاضي رحيم العكيلي، يذكر بأن تبادل الزوجات “قد يقع برضا الأزواج الأربع، ولا يكون بتحريض أو اجبار من الزوج بالضرورة، وإلا فإن القول بتجريم تبادل الزوجات وفقا للجريمة الموصوفة في المادة 380 من قانون العقوبات، يجعلها غير واقعة إلا إذا كان بتحريض من الزوجين على زوجتيهما فقط”، ويبين:”تبادل الزوجات لا تنهض كجريمة إذا وقع برضا الأربع ولا تقع أيضا إذا وقع التبادل بتحريض من الزوجتين، أو إحداهن”.
ويشير إلى أن هذه الحالات تم رصدها من قبل القوات الأمنية في إقليم كردستان، لأشخاص وصلوا إلى هناك عبر السفرات السياحية من بغداد وغيرها من المحافظات. ويضيف:”العراقيون يتحدثون عن هذه الحالات بكثرة ولا يذكرون المحافظات حفاظاً على سمعتها الدينية، بل ويحاولون نكرانها”.
وعلق العكيلي، على أحكام أصدرتها المحاكم العراقية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بقوله:”نحن بحاجة ماسة الى مشاورة الخبراء القانونيين المتخصصين وتشريع مواد قانونية ملائمة لهذا الفعل، من أجل حماية الاسرة”.
ويعتقد بأن المهم هو حماية النساء من هذه الظواهر: “من أجل ألا تكون الزوجة ضحية رجل مستهتر” ويعني بذلك الزوج، ويتابع: “في قضايا مثل هذه، تعاني الزوجة من عبء الإثبات، والسبب واضح، لأن الأمور الجنسية تحدث بالخفاء، لذا فمن الضروري توفير الآليات الحديثة، ليتم اتباعها في التحقيقات أسوة بالبلدان المتطورة، مثل توفير كوادر نسوية مدربة في مراكز الشرطة من أجل التحقيقات التي تخص مشاكل الزوجات”.
ولفت القاضي العكيلي، إلى انه قدم العديد من الدعوات لمجلس النواب العراقي من أجل مناقشة ظواهر، قال بانها “تفتك بالمجتمع العراقي، وتلوث الأسر وتهدم منظومتها”. ويستدرك:”لكن من الواضح أن مجلس النواب غير مهتم بالأمور المجتمعية ويمضي وقته بتقسيم الكعكة الحزبية لذا من الطبيعي أن نواجه هذه المشاكل، إذا لم يتم اقتلاع جذورها”.
عضوة لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية السابقة، ريزان الشيخ دلير، تعد تبادل الزوجات شذوذاً جنسياً، ومرضاً اجتماعياً نفسياً يستدعي العلاج.
وترى دلير، ان الكثير من المشاكل المتعلقة بالمرأة يتم اخفاؤها وعدم التصدي لها، وتقول ان “المرأة ضحية في كل الأحوال ويتم المتاجرة بها في مثل هذه الحالات، كونها الدائرة الأضعف”، وهي التي تعاني من العواقب، وتجبر على ما يطلبه الزوج و”إن رفضت يتم قتلها بداعي غسل”.
وتتهم الأحزاب الإسلامية برفض القوانين التي تحمي المرأة: “لكي تكون سلعة بأيديهم، ولهذا يمتنع ممثلوها في مجلس النواب عن تشريع قانون العنف الاسري الذي يحمي المرأة، وكل التجاوزات على حقوقها الإنسانية كزواج المتعة وتزويج القاصرات وغيرها”.
وتفسر سبب لجوء الكثير من النساء المعنفات من محافظات العراق الجنوبية والوسطى إلى اقليم كردستان بالقول: “لاتوجد دور إيواء في اغلب تلك المحافظات، وفي بعض الأحيان يتم إيداع النساء المعنفات في مراكز التوقيف لحمايتهن، بينما تتوفر في الأقليم شلاتر وهي دور إيواء لحماية النساء، ويتم توفير فرص عمل لهن لبدء حياة جديدة”.
أحكام قضائية
المحاكم العراقية سجلت دعاوى بخصوص تبادل الزوجات، أحدها في 19نيسان/أبريل2022، إذ أصدرت محكمة جنايات الناصرية، بمحافظة ذي قار، في ذلك اليوم، حكما بالسجن لـ 15 سنة، بحق شخص، أدين بممارسة تبادل الأزواج مع أطراف آخرين، في منزل وسط مدينة الناصرية.
وذكر مصدر قضائي، بأن زوجة المدان، تقدمت بشكوى ضده لدى محكمة الجنايات في منطقة استئناف الناصرية، وفقاً لأحكام قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، دون تقديم مزيد من التوضيحات.
معدة التقرير حصلت وعن طريق أحد القضاة، على حكم صادر من محكمة عراقية في شهر تموز/يوليو 2022، طلب القاضي عدم الإشارة إلى أسمه وإخفاء أسم المحكمة والأطراف الواردة أسماؤهم فيه أو ممثليهم القانونيين.
ورد في حيثيات الحكم، أن الجنس الذي يحصل بين المتهمين لدى تبادل الزوجات إنما هو خروج عن القيم والنواميس التي تحفظ كيان الأسرة، بما في ذلك العلاقة الزوجية بين الزوجين، وهي جريمة وفقاً للقانون وأحكام الشرائع السماوية، كونها تشكل خطراً على منظومة الأخلاق العامة في المجتمع العراقي، وتهدف إلى نشر الفسق والفجور والترويج لأخلاق هدامة تتنافى مع الالتزام الديني والأخلاقي، المنصوص عليها في احكام القانون والشرائع السماوية، التي تجرم فعل الزنا.
وتم تعريف تبادل الزوجات في نص القرار بأنه: “قيام أحد الأشخاص بإعطاء زوجته إلى شخص آخر لممارسة العمل الجنسي معها مقابل قيامه بالعمل الجنسي مع زوجة ذلك الشخص”.
وأن الفعل هذا يدخل ضمن مفهوم السمسرة التي عرفها المشرع العراقي في قانون مكافحة البغاء رقم 8 لسنة 1988، بأنها: وساطة بين شخصين أو أكثر بقصد تسهيل فعل البغاء، بأية طريقة كانت”.
لذلك، أستند الحكم على أن تبادل الزوجات لغرض ممارسة العمل الجنسي ما هو إلا انتفاع متبادل، وهو بمثابة الأجر، وليس بالضرورة أن يكون الأجر بمقابل مادي، بل من الممكن أن يكون مقابل الانتفاع المتقابل بالممارسة الجنسية، أي منفعة مقابل منفعة أو متعة مقابل متعة، على حد ما جاء في القرار.
المحامية اسراء عليوي الحداد، رئيسة لجنة المحاميات في غرفة المحاميين بمحكمة البياع في العاصمة بغداد. أكدت نظر المحاكم خلال السنوات الأخيرة المنصرمة وبنحو متزايد في دعاوى متعلقة بتبادل الزوجات.
وتقول بأن أغلب المتقدمات بشكاوى، هن من ذوات المداخيل المحدودة وتنتشر هذه الحالات بكثرة في المناطق العشوائية، بمعنى أن الفقر والجهل هما الدافعان الرئيسيان.
وتشير إلى أن هنالك ما وصفتها بالثغرة القانونية في المادة 409 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، أو كما أسمتها بمادة الشرف(غسل العار) لأنها “سلاح بيد الرجال ضد النساء، يستخدمونها متى شاؤوا، ويهددونها بها متى أرادوا”.
وذكرت بأن البعض منهم يهددون زوجاتهم بالقتل بعد اختلاقهم أدلة ضدهن، في حال لم يرضخن لميولهم ونوازعهم، مثل مبادلتهن بنساء أشخاص آخرين، على حد تعبيرها.
وتوضح: “منهم من يرسلون رسائل غرامية من هواتف زوجاتهم إلى صديق أو شخص آخر يريد مبادلتها بزوجته، أو يصورها عارية، أو يساعد ذلك الشخص للدخول الى منزله ليحاول اغتصاب زوجته فيقوم بتصوريهما، ويهددها بتلك الصور” تقول بأنها اطلعت على حيثيات دعاوى مماثلة.
وتؤكد، بأن العديد من النساء اللواتي خضنا تجربة تبادل الزوجات، يكتفين باستشارة محاميات بشأن وضعهن القانوني وما يمكنهن الحصول عليه في حال رفعن دعاوى ضد أزواجهن، إلا أن غالبيتهن يتوقفن عند هذا الحد فقط دون المضي في الشكوى.
والسبب وفقاً للمحامية: “الخوف على سمعتهن أو عدم امتلاكهن ادلة كافية، وعدم ثقتهم بعائلاتهن، لأن أقربائهن قد يلجؤون أيضاً الى قتلهن غسلا للعار، كما أنهن يتعرضن للتحرش خلال سير الشكوى في مراحل التحقيق وغيرها، لأن البعض ينظر إليهن على أنهن مومسات. ولهذا يفضلن السكوت أو الطلاق خشية الفضيحة”.
وتلفت المحامية إلى أن مبادلي الزوجات لديهم مجاميع خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، يتم خلالها، تعليم الأزواج الجدد على الأمر، طرق إقناع زوجاتهم، ويضعون عادة شرطاً أساسياً، هو أن تكون زوجته مقتنعة بفكرة التبادل. وتستدرك: “في جميع الأحوال هم يستغلون المرأة ويستخدمونها لإرضاء شهواتهم”.
وهي تعتقد بأن من المهم جداً أن تتحرك منظمات المجتمع المدني والناشطون، نحو المناطق العشوائية والأشد فقراً، لتمكين النساء اقتصادياً هناك أولاً، ومن ثم توعيتهن ضد ممارسات خاطئة قد يمارسنها دون علم أو دراية أو رغماً عنهن، ليعرفن حينها كيف يتخلصن من ذلك عبر القضاء.
المحامي وليد عبد الحسين جبر، من بغداد، يقول بأنه ومن خلال اطلاعه على العديد من القضايا، لمس وجود إجبار واقع على الزوجات للقيام بالتبادل، وأن غالبيتهن لم يفعلن ذلك بمحض إرادتهن، لذلك لجأن إلى إقامة دعاوى التفريق.
وينبه إلى أنهن لا يستطعن تقديم الإثبات المباشر لواقعة تبادل الأزواج، فيقمن دعاوى التفريق وتقديم التبادل كسبب، ويؤكد ما قاله القاضي رحيم العكيلي، في أن قانون العقوبات العراقي النافذ رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ لم يجرم تبادل الزوجات الا حينما يكون في صيغة تحريض من الزوج لزوجته على ممارسة الزنا “أما أن يوافق الازواج دون تحريض من أحد فلا نص يجرم ذلك ولا جريمة ولا عقوبة الا بنص وهنا الطامة الكبرى” يقول مبدياً استغرابه.
ويستشهد بالمادة 378 من ذات القانون:
“لا يجوز تحريك دعوى الزنا ضد أي من الزوجين أو اتخاذ أي اجراء فيها الا بناءً على شكوى الزوج الآخر، فاذا لم يتقدم أحد الزوجين بشكوى فلا أحد يستطيع اتخاذ الاجراءات القانوني بخصوص هكذا جرائم”.
أمراض جنسية
طبيبة نسائية من بغداد، طلبت عدم الكشف عن أسمها، ذكرت بأن هنالك مريضات راجعنها في عيادتها، كن يعانين من أمراض جنسية، وأن بعضهن “أقررن بدخولهن في علاقات جنسية محرمة ومشتركة وبموافقة أزواجهن”.
وقالت الطبيبة، بأن قسما منهن كن يشكين من التهابات نسائية حادة وافرازات مهبلية بألوانها المتنوعة (خضراء ، وخضراء مصفرة ) “نتيجة للالتهاب داء المشعرات (trichomoniasis) وهو نوع من الالتهابات المهبلية الذي ينتقل عبر ممارسة الجماع، وغيرها من الالتهابات الجنسية تزيد عن ثلاثين نوعاً مختلفاً مثل البكتريا والفيروسات، وأخطر الأنواع فايروس الكبد، فيروس العوز المناعي والحليمي البشري”.
وتشير إلى إمكانية تعرضهن إلى العدوى الناشئة التي يمكن أن تنتقل عبر الاتصال الجنسي مثل “جدري القردة، والشيغيلية والسونية، والنيسرية، وغير ذلك”.
وتروي الطبيبة بشيء من الانفعال قصة مريضة في العشرين من عمرها راجعتها ثلاث مرات، بعد تأكيدها أن سردها للقصة يعارض مبدأ عدم إفشاء الطبيب لأسرار مرضاه، إلا أن “علي سرد هذه القصة لتحذير النساء وقبلهن المجتمع من بعض الممارسات المخفية”.
وتتابع:”كانت تعاني من التهاب حاد، فأخبرتها بعد الكشف، أن تمتنع عن المواقعة في فراش الزوجية لحين شفائها، فأخبرتني بأن زوجها يستبدلها زوجات أولاد عمه مرتين في الأسبوع على الأقل”.
المريضة طلبت من الطبيبة أن تخبر زوجها بحالتها، لأنه لم يكن يصدقها كلما أخبرته بأنها مريضة، وكان يتهمها بانها تقف في طريق متعته وجلسات السمر التي يقيمها مع أولاد عمومته. وتلفت الطبيبة إلى أنها سألتها عن سبب بقائها في ذمته وعدم لجوئها الى الطلاق أو الجهات الأمنية أو لأقربائها.
فأجابتها بانها يتيمة الوالدين، وليس لديها سوى عمتها وهي كبيرة في السن، وأن زوجات أولاد أعمام زوجها الأثرياء، لديهن أسباب مختلفة للقبول بواقعهن، إذ أنهن لا يرغبن بترك حياة الرخاء التي يعشنها، ولا مشكلة لديهن في نسب ابنائهن” مادام النسل واحد، من أولاد عمومة !”.
وتعلق الطبيبة على ذلك:”الأطفال لا يكونون عائقاً أمام بعض الأزواج، من ممارسي مثل هذه العادات الشاذة والمحرمة، فسواءً كانوا من نسلهم أم نسل مختلط، لن يهتموا مطلقاً. فمن يسمسر بزوجته مقابل متعه جنسية بأخرى، لن يكترث بشيء، وتنشر بينهم أفعال وممارسات سيئة أخرى مثل تعاطي المخدرات”.
مشكلة قديمة
د. رسول المطلق، مستشار وزارة الداخلية، يقول بأن لتبادل الزوجات جذوراً قديمة، وقد عاد الآن بحلة جديدة، ويبين:”كان هذا الأمر محصوراً بين عائلات معينة، تمارسه بسرية تامة خلال سبعينيات القرن الماضي، وتمت السيطرة عليه في العقد التالي، لأن النظام العراقي السابق كان حازماً، وبعد انهياره في 2003، بدأت هذه الظاهرة وغيرها بالرواج والانتشار في المجتمع”.
لكنه يلفت إلى أنه ليست كل الشكاوى بشأن تبادل الزوجات حقيقية، ويصنفها إلى نوعين “ادعاء وحقيقة”، ويقول بأن بعض الدعاوى التي تنظرها المحاكم “يتم الادعاء فيها وعلى سبيل الحيلة التي يستخدمها المحامون في دعاوى التفريق، بأن الزوجة مرت بتجربة تبادل الزوجات، فالعصمة بيد الرجل وتحتاج الى سبب قوي للتفريق، والقضاة يطلبون أدلة، فيتم اللجوء الى القسم وينتهي الأمر، أي تقسم الزوجة أنها كانت ضحية لتبادل الزوجات، ولا تريد العيش مع زوجها”.
ويواصل حديثه: “الخوض في هذا الموضوع مشكلة بحد ذاتها، لأنه بحاجة الى جهد وتدقيق ودراسة عميقة من أجل الوصول الى الحقيقة وأنا بدوري كنت بين فترة وأخرى أطلع على بعض الحالات ووجدت بأن المتعاطين أو المتاجرين بالمخدرات ينتشر بينهم هذا السلوك الشاذ وتقع النساء ضحية لمتاجرتهم، وأن اغلب الحالات تكون بها النساء راضخات بسبب ظروفهن الصعبة أو الخشية من الوصمة المجتمعية أو عدم مساندة عائلاتهن لهن”.
ويذكر نموذجين من صيغ الشكاوى التي تصل إلى الشرطة ودائرة حماية الاسرة من العنف الأسري “زوجي يريد يعزم أصدقاءه علي، أو يريد يبدلني مع زوجة صديقه…”.
د. عبد الأمير عشوان حمزه، مختص في علم الاجتماع، يقول بأن ظواهر كثيرة يصفها بالغريبة على المجتمع العراقي، بدأت تطرأ في الآونة الأخيرة” حتى باتت تشكل خطراً عليه إذا لم تتم معالجتها والوقاية من المشكلات التي تنجم عنها، ومن بين تلك الظواهر تبادل الزوجات”.
وكشف عن وجود تحرك قضائي للاستقصاء عن تبادل الزوجات، وانه يرى بوصفه متخصصا اجتماعياً، أن “مثل هذه الظواهر المنحرفة تحدث عندما يتجرد الشخص من الاخلاق ويبتعد عن قيم الدين والانسانية، فهذا السلوك مرفوض اجتماعياً ودينياً وانسانياً بل أن بعض التجمعات الحيوانية لديها الغيرة على الانثى ويتصارع فيها الذكور وقد يقع أحدهم ضحية دفاعاً عن انثاه، فكيف بالبشر”.
ويستغرب د. عبد الأمير، من ظهور تبادل الزوجات في المجتمع العراقي الذي يصفه بالمتدين والمحافظ، ويعود للقول:”لعل الكبت واتخاذ بعض الناس من الدين غطاءً مزيفاً وراء ذلك، أو هي ردات فعل مناهضة للدين، ومعادية للقيم الاجتماعية تقوم بها جماعات مغرضة بهدف التشويه المتعمد للقيم الدينية والاجتماعية لبلد عريق مثل العراق”.
- أنجز التقرير بإشراف شبكة نيريج للصحافة الإستقصائية ونشر على موقع رصيف 22.
المزيد عن تقارير سردیة
تقارير سردیة","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":20973}" data-page="1" data-max-pages="1">