جرجيس توما/ نينوى:
في الساعة الخامسة وتسعة عشر دقيقة من مساء الأحد 19مارس/آذار 2023، حاصرت قوة تابعة لمديرية استخبارات ومكافحة إرهاب نينوى، مركبة يقودها متهمٌ مطلوبٌ بقضايا “تزوير مستمسكات عقارات وبيعها” في مركز مدينة الموصل(405كم شمال بغداد)، في اطار ملاحقات أمنية لشبكات مدعومة من افراد في الدولة تمتهن تزوير عقارات للدولة او لمواطنين غائبين.
المتهم، الملاحق على ذمة عدة قضايا، كان مسلحاً، ورفض تسليم نفسه، وتبادل إطلاق النار مع عناصر القوة التي كان يقودها العميد سعد حكمت حاجي الأتروشي، الذي تلقى اصابة قاتلة في بطنه فيما أصيب زميله المفوض سعد شبيب بجروح بليغة، قبل ان يتمكنوا من إصابته والقبض عليه وضبط ما كان بحوزته من مستمسكات.
الحادثة التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي المعروفة بنينوى في ساعتها الأولى بعد نشر فيديو سجلته كاميرة مراقبة، سريعا ما تلاشت كل الأخبار المتعلقة بها، الا ما تعلق ببيانات رسمية لم توضح تفاصيل ما حصل، رغم ارتباط القضية بعمليات تزوير كبرى لعقارات مصيرها يهم أبناء نينوى، ليظهر ان خلف الصمت المطبق لـ”نشطاء ومدوني نينوى” عن مقتل الضابط الرفيع، توجيهات صارمة من قوى متنفذة لا تريد انكشاف تفاصيل القضية والجهة التي تقف وراء المتهم.
معلومات “الصمت تحت التهديد” أكدتها مصادر عديدة تواصلنا معها، قال أحدها: “تلقينا جميعا رسالة محددة وبلغة تهديد واضحة أجبرتنا على الصمت.. ماذا يمكن أن تقول ومن يستطيع حمايتك؟. حتى كبار ضباط الحكومة في دائرة الخطر، فكيف بنا نحن؟”.
https://www.youtube.com/watch?v=r-pBa8YktNU
وشهدت نينوى خلال العقدين الأخيرين، عمليات تزوير واسعة، لعقارات تابعة للدولة وأخرى لمواطنين غائبين، شارك فيها موظفون تحت تهديد التنظيمات الارهابية حينا، وضغط جماعات نافذة حينا، لما تشكله تلك العقارات من باب لجني عشرات ملايين الدولارات لصالح أفراد بشبكات تربطها علاقات بجماعات مسلحة.
واعتقلت القوى الأمنية خلال الأعوام الخمس المنصرمة عشرات المتهمين بتزوير العقارات، غالبيتهم موظفون يشغلون مواقع مسؤولية ومواطنون كانوا يتحركون في ظل دعم جهات نافذة، دون ان تكشف الإعلانات الأمنية عن كيفية تمكنهم من القيام بعمليات التزوير الواسعة بما تتطلبه من اجراءات معقدة، والجهات التي تقف خلفهم والتي مكنتهم من الاستيلاء على عقارات لمواطنين وللدولة والتصرف بها لجني ملايين الدولارات.
حادثة مقتل العميد الأتروشي، كشفت عن حجم نفوذ الأطراف التي تقف وراء عمليات التزوير وقدرتها الكبيرة على التهرب طويلا من الملاحقة القانونية، وأظهرت عدم تمكن الحكومة من إنهاء الملف على الرغم من عشرات البيانات التي أصدرتها هيئة النزاهة الإتحادية ومحكمة الاستئناف في نينوى خلال السنتين المنصرمتين، والتي أكدت فيها ضبط عصابات التزوير واصدار أحكام بحق أفرادها.
محكمة استئناف منطقة نينوى الإتحادية أصدرت بياناً يوم 20 آذار/مارس 2023، ذكرت فيه أن الاستخبارات القت القبض على المتهم بالحادثة، مؤكدةً “عدم صحة ما تناقلته بعض المواقع الإلكترونية حول تصنيف الحادثة بأنه إرهابي وانما هو حادث جنائي يتعلق بمطاردة عصابة لتزوير التسجيل العقار”. دون أن يتضمن البيان مزيداً من التوضيح فيما يخص بقية أفراد العصابة، والعقارات التي تورطوا بتزوير أوراقها الرسمية.
مصدر قضائي، تواصلنا معه، أخبرنا بأن الجاني هو (م. خ. ب) وهو من سكان منطقة فايدة أقصى شمالي الموصل التي تخضع لسيطرة اقليم كردستان، وأنه مطلوب في قضايا عديدة تتابعها مديرية الأمن الوطني، تتعلق بتزوير ملكية عقارات مملوكة للدولة، وأن آخر جريمة أقترفها كانت تزوير مستمسكات أرضٍ تعود لقيادي في تنظيم داعش. وهي معلومات أحجمت الجهات الأمنية والقضائية عن نقلها للإعلام.
وكانت جماعات مسلحة تتبع الحشد الشعبي قد استولت على عقارات كان يشغلها تنظيم داعش خلال سيطرته على الموصل بين 2014 و 2017 تعود مليكتها للدولة أو لمنتسبي الجيش والشرطة العراقيين أو لمسيحيين أو من عدهم التنظيم مرتدين فصادرتها.
وبعد تحرير المدينة في صيف 2017، لم يتمكن أصحاب الكثير من تلك العقارات من استردادها، ولدى مراجعتهم لدائرة التسجيل العقاري وجدوا بأن سجلات ملكياتهم العقارية مفقودة، ولا وجود لنسخ منها في مقر الدائرة العام ببغداد ولا أثر لها في وزارة المالية على الرغم من لجنة تحقيقة شكلت في 2022 لتتبعها، تألفت من قاضيين.
المصدر القضائي ذكر بأن القوة التي هاجمت الجاني، ضبطت في سيارته مستمسكات رسمية مزورة للعديد من العقارات، وقال أيضاً، بأن العميد سعد، كان قد نجح خلال السنوات الأخيرة في القبض على العديد من “عناصر عصابات الجريمة المنظمة المختصة بالتلاعب بسجلات التسجيل العقاري”.
وخلال محاولتنا الحصول على مزيد من المعلومات بشأن الجاني والشبكة التي يفترض أنه يعمل ضمنها، وجدنا حرصاً شديداً من شرطة محافظة نينوى ومحكمة استئناف منطقة نينوى الإتحادية على التعامل بسرية مع القضية، فلم نحصل على إجابات رسمية بشأن طبيعة العقار ومساحته، ولا الأشخاص المتورطين مع الجاني في القضية ولاسيما أن وزارة الداخلية العراقي أصدرت بيانا في اليوم التالي للحادث أشارت فيه إلى أن الجاني منتم “لعصابات الجريمة المنظمة”.
مافيات عقارية
بعد الحادثة بيوم واحد (20 آذار/مارس) أصدرت دائرة التحقيقات التابعة لهيئة النزاهة الاتحاديَّة بياناً أكدت فيه ضبط حالات تجاوزٍ على أكثر من(343) دونماً من الأراضي العائدة للدولة في محافظة نينوى، مُبيّنةً أنَّ قيمتها تجاوزت 53 مليار دينار، مايزيد عن 40 مليون دولار.
وذكر البيان بان “فريق عمل مُديريَّة تحقيق نينوى قام بضبط خمس من أصحاب مكاتب العقارات؛ لقيامهم بتقطيع أراضٍ زراعيَّةٍ تبلغ مساحتها (319) دونماً مملوكة للدولة، وبيعها للمواطنين من دون استحصال الموافقات الأصوليَّـة”.
وأضاف البيان “تمَّ ضبط وصولات بيع قطع أراضٍ مملوكةٍ للدولة في جمعية النور لإسكان منتسبي كهرباء نينوى تبلغ مساحتها (24 دونماً و21 أولكاً؛ لاستخدامها للسكن خلافاً للقانون، إضافة إلى ضبط كتبٍ صادرةٍ عن الجمعيَّة إلى قطاع التحرير البلديّ تفيد ببراءة ذمَّة عددٍ من المواطنين من الديون للجمعيَّة؛ لغرض تمليكهم الأراضي المُتجاوز عليها”.
قبلها بأقل من شهر، في 22 شباط/فبراير 2023، أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة عن تنفيذ عمليَّتي ضبطٍ لمُتَّهمين بالتجاوز على عقاراتٍ مملوكةٍ للدولة وترويج معاملات بيعها في نينوى خلافاً للقانون، وبلغت مجموع مساحات العقارات 5 دونم بقيمة (1,550,000,000) دينار، ما يعادل 1.183.00 مليون دولار.
ولكون الدونم يبلغ في العراق 2500 متراً مربعاً، فأن مجموع المساحات التي ضبطت تبلغ 869500 متر مربع، وهي من بين 8585 عقاراً تابعاً للدولة، أعلنت الهيئة العامة للنزاهة في الأول من كانون الثاني/يناير2021 بأنها مستولى عليها في نينوى دون تحديد للجهات التي قامت بذلك.
وبينت الهيئة أن 2888 من تلك العقارات تم التعامل معها قضائياً وهنالك إجراءات لاستعادتها، بينما هنالك 5662 عقاراً لم يتم اتخاذ أي إجراء بشأنها، دون توضيح أسباب ذلك.
وقد أسفرت الإجراءات حتى مطلع 2023 وفقاً لمصدر في الهيئة، عن استعادة نحو 2000 دونم من الأراضي وكلها كانت تحت تصرف جمعيات الإسكان المدعومة من جهات نافذة، واعتقل نحو 70 موظفاً وسمساراً عقارياً مع مدراء وأعضاء من تلك الجمعيات، كان آخرهم 11 رئيس جمعية وموظف يمثلون (إسكان المُتقاعدين، ضفاف دجلة، الأسر التجاريَّة، إسكان الفلاحين، إسكان مُنتسبي مُديريَّة ماء نينوى، وإسكان مُنتسبي الشركة العامَّة لصناعة الأدوية) اعتقلوا في نيسان/ابريل 2022 بتهمة بيعهم نحو 4000 قطعة أرض بقيمة تقديرية بلغت 48 مليار دينار عراقي، أي نحو 32 مليون دولار أمريكي.
أما الإجراءات التي طالت موظفين حكوميين معنيين بالعقارات، فقد اعتقلت قوة من الأمن الوطني في 31 آذار/مارس 2019 فرحان حسين طه أحمد، مدير التسجيل العقاري/الأيسر المعروفة شعبياً بطابو الزهور، وهي الدائرة التي اختفت فيها سجلات نحو 9000 عقاراً مملوكا للدولة ولمواطنين حسبما ذكرت عضو مجلس النواب بسمة بسيم.
ولم تمض سوى أيام قليلة فقط، حتى أصدرت محكمة جنايات نينوى/ الهيئة الثالثة برئاسة القاضي أكرم خلف حسين وتحديداً في 11/4/2019 قرارها بالدعوى المرقمة 126/جلد3/2018 متضمناً السجن لخمس سنواتٍ وشهر واحد، ضد المدير فرحان وفقاً للمادة (340) من قانون العقوبات العراقي المتعلقة بإحداث الموظف أضراراً بأموال عامة موكلة إليه. ثم توالت الأحكام القضائية بحقه في 14 دعاوى أخرى أدين في 11 منها، ليصل مجموعها في حزيران 2022 إلى 99 سنة.
وبحسب مصدر في التسجيل العقاري نتحفظ عن ذكر أسمه بطلب منه، فأن قائممقام الموصل السابق زهير الأعرجي توسط لتعيين أبن عم له يدعى محمد حسين الأعرجي ليصبح مديراً للتسجيل العقاري خلفاً لفرحان.
وذكر المصدر، بأن مجموعة تابعة للحشد الشعبي دعمت قرار تعيينه وأنه هو الآخر كان يسهل لها عمليات الاستيلاء على عقارات في نينوى كما كان يفعل المدير السابق وقام أيضاً بالتلاعب لصالحها أو لشخوص مرتبطين بها بملكية عقارات تعود للدولة.
كما قامت قوة أمنية باعتقال المدير اللاحق لفرحان، محمد حسين الأعرجي، ومعه تسعة موظفين من ذات الدائرة، وذلك في كانون الأول/ديسمبر2019.
مصدر مطلع في محكمة جنايات نينوى أبلغنا بأن المحكمة نظرت في العام 2021 في 18 قضية تتعلق بتزوير أو التلاعب بسجلات عقارية. وفي العام 2022 نظرت في 34 قضية.
وكانت أحكام القضايا التي نظرت خلال تلك السنتين والتي نتجت عنها العشرات من الدعاوى وفقاً لقوائم حصلنا عليها هي كالتالي:
في 30 آب/أغسطس 2021 وبالدعوى رقم 542/ج1 /2021. صدر حكم بسجن معاون مدير التسجيل العقاري- الأيسر لشؤون التدقيق وأسمه محمد جمعة حسن لمدة عشر سنوات وغرامة مالية قدرها سبعة ملايين دينار(4795 دولار). مع إضافةِ ثلاثة سنوات إلى حكمه الأصلي في حال لم يقم بسداد الغرامة وذلك لتلقيه مبالغ مالية لقاء قيامه بتسهيل معاملة نقل ملكية العقار موضوع الدعوى من اسم شخص متوفي بموجب وكالات مزورة دون علم ذوي المتوفى وتسجيله باسم أحد المتهمين الهاربين، ثم خضع في سنة 2022 لثمانية دعاوى أخرى، لتبلغ مجموع الأحكام الصادرة ضده 56 سنة.
المعاونة الأخرى لمدير التسجيل العقاري-الأيسر، وأسمها مروة سالم متعب خليل حكم عليها بالحبس الشديد لمدة أربع سنوات وفقآ لإحكام المادة 340 من قانون العقوبات العراقي.
وبموجب المادة ذاتها صدرت أحكام بسجن الموظفة نهلة لـ 106 سنة (17 دعوى تزوير)، و17 سنة حكم عن دعاوى اثنين بحق الموظف العقاري سالم حسين، وموظف آخر هو عزيز احسان بمجموع أحكام سجن في سبعة دعاوى بلغت 39 سنة.
والموظف محمد عبد القادر 24 سنة عن اتهامه بالتزوير في ستة دعاوى، وبذات التهم وأيضاً في ستة دعاوى بلغ مجموع احكام سجن الموظف أحمد بدر، وأحمد مروان 41 سنة. ومحمد قاسم 35 سنة وأيمن احمد 15 سنة ونشوان خليل 10 سنوات ومحمد صباح 24 سنة. وعزيز علي 32 سنة. ومحمد أحمد 56 سنة. ونجاة الجبوري رئيسة جمعية إسكان 22سنة، بعد ثلاثة دعاوى خضعت لها، وسجن لسنتين بحق نايف حسن رئيس الاتحاد التعاوني للجمعيات في نينوى.
الأمر لم يتوقف عند موظفي التسجيل العقاري أو سماسرة عقارات فقط، بل تعداهم ليشمل موظفين كبار، إذ أصدرت هيئة النزاهة في 19 كانون الثاني/يناير 2022 أمري قبض بحق زهير الأعرجي قائممقام الموصل وهو برلماني سابق، بموجب المادة (307) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بتهمة تسلُّمـه رشى مقابل التغاضي عن تزوير مستمسكات عقارية والتجاوز على عقاراتٍ عائدةٍ للدولة.
وأوضح بيان لهيئة النزاهة ما تعنيه عبارة التجاوز على عقارات عائدة للدولة بـ” فرز وتقطيع قطع أراضٍ عائدةٍ ملكيَّتها للدولة، وبيعها للمواطنين خلافاً للقوانين والتعليمات”.
وبعد خروجه بكفالة ضامنة، قدم الأعرجي في 8 شباط/فبراير 2022 استقالته من منصبه، وقال في مؤتمر صحفي عقده في مقر قائمقامية قضاء الموصل بأن “مافيات الأراضي كانت أقوى من الدولة وبقوة السلاح اخذت ما تريد طوال السنين الماضية وحتى قبل عام 2014”.
واشار بذلك وبنحو غير مباشر إلى تنظيمي القاعدة ومن بعده داعش، وأيضاً فصائل الحشد الشعبي التي تولت الملف الأمني في نينوى بعد تحريرها من داعش في تموز/يوليو 2017.
والعميد الأتروشي ليس الضحية الوحيدة في ملف تزوير العقارات بنينوى، إذ سبق وأن ذهب ضحيتها إثنان من مدراء دائرة التسجيل العقاري، وهما (درواز نذير محمود) الذي قتل في 28/تشرين الأول/أكتوبر2006. و(خولة السبعاوي) التي قتلت في16شباط/فبراير2011)، وتم تهديد الكثير من الموظفين، ليترك بعضهم الوظيفة وآخرون المدينة والبلاد بأسرها خوفاً على حياتهم.
تعتيم على الجهات المستفيدة
على الرغم من تصريحات مسؤولين وأعضاء مجلس نواب وموظفين حكوميين، أفادت بأن جماعات تابعة للحشد الوطني انتشرت في نينوى ومركزها الموصل بعد طرد داعش منها في صيف 2017، استحوذت على عقارات عامة وخاصة بطريقة مباشرة بوضع اليد كما فعل اللواء 30 للحشد الشعبي المسيطر على سهل نينوى وعلى آلاف من عقارات مواطنين هناك، ومنعتهم من استغلالها أو التصرف بها.
أو بطريقة غير مباشرة عبر ما يعرف بالمكاتب الاقتصادية التابعة لتلك الجماعات النافذة وأبرزها عصائب أهل الحق، والتي ترتبط بها شبكة واسعة من سماسرة عقارات وموظفين حكوميين ومحامين، تستولي على أراضي زراعية واسعة مملوكة للدولة، يتم تقطيعها وبيعها بمساعدة جمعيات الإسكان وتذهب حصب كبيرة من أقيامها لتلك المكاتب بحسب موظفين في تلك الجمعيات وسماسرة عقارات.
كل الإجراءات الأمنية والقضائية طالت اولئك الشخوص فضلاً عن رؤساء وموظفي جمعيات الإسكان دون مقدرة على المساس بالمكاتب أو الميليشيات وفقاً لمصادرنا.
يعلق الناشط المدني (س،م) على المجموعة التي تورطت بقتل العميد سعد الأتروشي والتي تم الإعلان عنها بواسطة بياني وزارة الداخلية ومحكمة استثناء نينوى الإتحادية، قائلا ان “أي عصابة في العالم تتألف من مجموعة من الأفراد، ولا توجد عصابة مكونة من فرد واحد مطلقاً، وعصابات التزوير في نينوى مرتبطة بالمكاتب الاقتصادية التابعة لجماعات ضمن الحشد الشعبي، وهذا أمر يعرفه الجميع في الموصل، ويتم تجنب ذكر ذلك خوفاً من العواقب، وهي الاعتقال بتهم كيدية وأكثرها شيوعاً الانتماء لداعش، وعقوبتها تصل إلى الإعدام”.
ويستدل الناشط في ذلك بقوله: “لا يمكن لأي شخص أن يتجول مسلحاً في الموصل إلا إذا كان تابعاً للأجهزة الأمنية النظامية أو بالحشد الشعبي”. ويشير كذلك إلى أن المعتاد في نينوى، عندما يتم القبض على مهربي الأغنام أو من كان بحوزتهم بضعة دولارات أو صهريج وقود معد للتهريب، أن يتم عرضهم على الإعلام وهم بثياب التوقيف البرتقالية “لكن هذا لم يحدث مع المتهم بتزوير عقارات الدولة وقتل ضابط برتبة عميد كان في واجبه الرسمي” يقول مستغرباً ويتساءل: “ربما هذا مؤشر على أن القاتل والمزور منتم لجهة متنفذة؟!”.
الكاتب والباحث عادل كمال، يقول بأن الفصائل المسلحة التابعة للحشد الشعبي، تعتمد في جزء من تمويل نفسها على المكاتب الإقتصادية التي “هربت الحديد السكراب بعد 2017 من مخلفات الأعمال العسكرية والأبنية المتضررة إلى خارج نينوى وبكميات وصلت إلى أكثر 10 مليون طن بموافقة مكتب رئاسة الوزراء”.
ويتهمها أيضاً بالحصول على نسب في مشاريع البناء وإعادة الإعمار وقدرها 20%، وأيضاً السيطرة على وظائف عامة لأشخاص موالين أو مرتبطين بها حسب زعمه.
ويشير الى استجواب محافظ نينوى السابق نوفل سليمان العاكَوب في مجلس النواب العراقي سنة 2019 قبل إقالته وإحالته إلى المحاكم وسجنه في 2022 لأكثر من خمس سنوات في دعاوى فساد عديدة اتهم بها، وأنه أقر في ذلك الأستجواب بوجود نسب لميليشيا عصائب أهل الحق في مشاريع داخل مدينة الموصل.
ويتابع:”هذه هي مرحلة ما بعد داعش، إذ حلت الميليشيات محل التنظيم، وتقوم بالكثير من ما كان يقوم به لكن بغطاء الدولة وباغفال حكومي، وصمت إعلامي مطبق خوفا من أهوال الملاحقة وتهمها الكيدية”.
- ساهم في انجاز التقرير الصحفي موفق محمد.
- أنجز التقرير بإشراف شبكة نيريج للتحقيقات الاستقصائية ونشر على موقع درج.