تقارير سردیة: زواج المتعة: قصص نساء يُدفعن إلى “الدعارة” باسم الدين

زواج المتعة: قصص نساء يُدفعن إلى “الدعارة” باسم الدين

يبطل القضاء عقوده المخالفة للقانون ويروج لها رجال دين

بنين الياس/ آذار مارس 2023:

“لا خيار لدي سوى زواج المتعة لإعالة أطفالي” تقول فاطمة، وهو أسم مستعار لشابة من محافظة كربلاء في عقدها الثالث. وتضيف متشككة: “قالوا لي بأنه شرع الدين حتى لا تنحرف النساء، وأنا لا أراه إلا انحرافا باسم الدين”.

توفي زوجها سنة 2018، فاضطرت لترك منزلها المستأجر مع أطفالها الثلاث والذهاب للسكن عند شقيق لها، ولم تمضِ سوى أشهر قليلة حتى بدأت تشعر بأنها تشكل ثقلاً على كاهل شقيقها وعائلته بسبب تذمرهم المستمر من أطفالها، فقصدت رجل دين معروف بمساعدته للأرامل والمطلقات، وحصلت منه بالفعل على مبلغ 25ألف دينار (17 دولار) ومواداً غذائية فضلاً عن ثياب للأطفال.

واخذت تتردد عليه بنحو أسبوعي بدعوة منه، وفي كل مرة تحصل منه على معونة تسد حاجتها، وفي غضون ذلك كان يخبرها بأن الحل النهائي لمشكلتها هو الزواج.

“سمعت كلامه، وضعي وأطفالي في بيت أخي كان تعيساً، حلمت بمنزل خاص بنا” تقول فاطمة بحزن، وتذكر بأن رجل الدين ودعته بـ”السيد” جعلها تقابل رجلاً في الأربعين من عمره، وأخبرها بأن زواجها منه سيكون مؤقتا وبدون أي التزامات، أي زواج متعة.

حصلت بموجب تلك الزيجة التي أستمرت لنحو أسبوع على 300ألف دينار، أكثر من 200 دولار، كمؤخر، وخمسين ألف دينار( 34دولار)عن تلك الأيام التي استمر بها عقد المتعة.

تخرج كلماتها بصعوبة: “أستمر بي الحال هكذا، بين فترة وأخرى يجلب لي السيد زوجا، بعضهم كبار في السن، مقابل مبالغ مالية بسيطة تكفي لسداد ايجار منزلي وما يسد جوع أطفالي”.

وعن نفسها تقول: “كرهت جسدي، ولولا أطفالي لتمنيت الموت”. تأخذها لحظة شرودٍ قبل أن تضيف: “شقيقي الذي ليس لدي أحد سواه بعد موت أبوي وزوجي، والسيد الذي استغل حاجتي، هما من اوصلاني لذلك”.

“زواج” يتعارض مع القوانين النافذة

لزواج المتعة أسماء متعددة كالزواج المؤقت أو المنقطع، ويبرم بعقد ينظمه رجل دين شيعي بمدة ومهر معينين، لا يتوارث بموجبه الزوجان ولا يتحمل الزوج نفقة الزوجة بعد انتهاء مدة العقد.

وبحسب القانونية رنا الطائي، لم يرد نص لتنظيم مثل هكذا عقد زواج في قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم (188) لسنة 1959، وهو ما يتسبب بمشاكل كبيرة في المجتمع ولاسيما في المناطق الشيعية وسط وجنوبي العراق، مشيرةً إلى أن المحاكم نظرت الكثير من الدعاوى بخصوص ذلك.

وتقول:” استقرت قرارات القضاء على فساد عقود زواج المتعة ورد الدعاوى في هذا الشأن، وهنالك قرارات ابتدائية واستئنافية كثيرة، تطالب فيها مدعيات بتصديق عقود زواج المتعة، غير أن محكمة التمييز تردها لعدم توافر شرط الديمومة فيها”.

وتنصح القانونية رنا، النساء مستندةً في ذلك على خبرتها، بالابتعاد عن زواج المتعة لما سيسببه لهن من ضرر بالغ من الناحيتين النفسية والجسدية، فضلاً عن وضع سيرهن الشخصية وسمعتهن محل شك في المجتمع.

وتقول بأنها رصدت حالات كثيرة لنساء يطلبن المساعدة القانونية بعد محاولة رجال تزوجوهن بالمتعة، ابتزازهن بالتصوير أو تسجيل المحادثات بغية الحصول على علاقات جنسية مجانية معهن.

ويبلغ الأمر أحياناً منعطفات صعبة للغاية عندما ينمو جنين في بطن إحداهن بعد انتهاء فترة زواج المتعة، وتوضح: “زواج المتعة يكون سرياً لكونه وببساطة جنس مقابل المال، والحوامل نتيجة لمثل هذا الزواج، ممن فشلن في إجهاض أنفسهن بأنفسهن باستخدام الأعشاب والطرق المنزلية، يخضن معارك مريرة في رحلة البحث عن طبيبة تقبل بإجراء عملية اجهاضهن لأن ذلك يعد جريمة، فيضطررن للجوء إلى القابلات اللواتي يتقاضين منهن مبالغ كبيرة، أكبر ربما من المبالغ التي حصلن عليها من عقد زواج المتعة وهن أصلاً يشكين من الفقر الشديد”.

وتشير رنا كذلك إلى أن طريق القضاء أيضاً ليس مفروشاً بالورود أمام النساء اللواتي يلجأن اليه بسبب زواج المتعة، فقد يتعرضن للقتل من قبل ذويهن، ومنهن من يتعرضن للتحرش خلال سيرهن بالإجراءات القانونية “فليس من الوارد في مجتمعاتنا أن تصرح امرأة بنحو علني أن شخصاً تمتع بها وهجرها وهي حامل الآن وتريد حقوقها، لأن هنالك من سيراها فريسة سانحة” تقول رنا بأسف وتضيف: “المجتمع لا يتقبل هذا النوع من الارتباط، ولكن ما دامت ممارسته تجري في السر، فهو مباح وبكثرة!”

ويذكر الباحث رؤوف مخلد أن من شروط صحة عقد زواج المتعة حسب المتعاملين به، تحديد المدة: “ويحق للزوج أن يهب زوجته المدة، كلها أو جزءاً منها”، ويعني بذلك انتهاء العلاقة بينهما. ويشير كذلك إلى أن العقد يشترط فيه المهر ولا تحصل عليه الزوجة إلا بعد الدخول بها، وفي حال لم يدخل بها الزوج بعد ابرام العقد تستحق نصف المهر المتفق عليه.

وزواج المتعة وفقاً لرؤوف، لا طلاق فيه، بعكس الزواج العادي، بل ينتهي بانتهاء المدة المحددة بالعقد دون حاجة لاتخاذ أي إجراء. وقال بأنه يجوز وفقاً للشيعة بالنسبة للمرأة المطلقة والأرملة، لكنهم يختلفون بجوازه للبنت البكر: “فبعضهم أجازه لها وآخرون أجازوه بشرف التمتع بها دون فض بكارتها”.

جنس مقابل المال 

ومن جملة الاتهامات الموجهة لبعضٍ من رجال الدين الشيعة فيما يخص تشجيعهم لزواج المتعة، أنهم يفعلون ذلك بهدف الحصول على منافع مادية. وهذا ما ينفيه الشيخ مجيد العقابي، مؤكداً بأنه اتهام هدفه الإساءة للمذهب الشيعي لأن: “زواج المتعة موجود في القران الكريم وفي السنة النبوية”. ويقول بأن الهدف منه ليس المتاجرة وإنما حماية المرأة من الانحراف ولاسيما التي لا معيل لها أو سند.

وترد على ذلك الناشطة غيداء عامر، وتتساءل فيما لو كانت هنالك ثمة فروقات كبيرة بين الدعارة وزواج المتعة؟ وتبدي رأيها: “كلاهما بمدة محدودة ومقابل أجر ودون التزامات لاحقة من طلاق أو إعالة أو نفقة. ويتم تنفيذ الاتفاق فيهما بوجود وسيط، في الأول قواد وفي الثاني رجل دين!”.

ثم تضيف مستدركة:” الفرق الوحيد أنهم ألبسوا زواج المتعة رداءً شرعياً لأن رجال الدين هم من يتحكمون بعقول الناس”.

وترى غيداء، أن زواج المتعة كانت له مبرراته قبل 14 قرناً، بسبب ذهاب الرجال الى الحروب وبقائهم في أماكن بعيدة لأشهر وسنوات، “ولأنهم لا يستطيعون ممارسة الجنس مع المومسات فهم أصلا ذاهبون من أجل دعوة الناس إلى ترك المنكرات، ولا يستطيعون الزواج لأن غالبيتهم متزوجون أصلاً ربما أكثر من ثلاثة، لذلك كان يجب ان يشرع لهم أمر وقتي لقضاء حاجاتهم الجنسية”.

وتعود للقول: “لا حاجة آلان لزواج المتعة، وبدلاً من تزويج الناس من أجل المتعة بداعي حمايتهن من الفجور بسبب العوز، ينبغي على المؤسسة الدينية فاحشة الثراء أن تصرف لهن رواتب شهرية أو توفر لهن فرص عمل ملبية أو في الأقل تضغط على ممثليها في السلطة بفعل ذلك بدلا عنها”.

استغل حاجتي

ريتا(27سنة) أسم مستعار اختارته لنفسها، شبكية شيعية من إحدى القرى شرق مدينة الموصل، كانت قد كورت قطع العجين منذ ساعة مبكرة من الصباح، وتنتظر اشتداد الحرارة في تنور غاز معدني صدئ، بات يساعدها على توفر قوت يومها ببيع ما تخبزه فيه كل يوم، تقول وهي تضبط صمام الغاز: “أجبرني الفقر والنزوح على زواج المتعة سبع مرات”.

ترفع غطاء التنور المقبب لتتأكد من أن الوقت حان لوجبة الخبز الأولى في ذلك اليوم، ثم تضيف بعد أن شدت كُمي ثوبها إلى الأعلى لتُظهر أثار حروق علي ذراعيها :”تكويهما بالتنور كل يوم أهون لي مما حدث لي”.

كانت ريتا قبل سيطرة داعش على الموصل في حزيران/يوليو 2014 تعيش في القرية مع زوجها الذي هو في ذات الوقت ابن عمٍ لها، ويعمل مع أشقائها في مجال البناء، وذات يوم خرجوا للعمل ولم يعودوا بعدها، وشن عناصر التنظيم هجوماً على القرى شرق الموصل فاضطرت للنزوح مع أطفالها الثلاث وبقية النساء، والدتها وشقيقاتها وجاراتها ومن بقي من الرجال إلى مخيم في كركوك بادئ الأمر ومن ثم استقروا في حسينية(مسجد شيعي) على الطريق بين العاصمة بغداد ومحافظة كربلاء.

التقطت كرة عجين وتعاملت معها برشاقة تامة مستخدمة كلتا يديها، لتشكل منها قرصاً دائرياً رقيقا أراحته على كف يدها الأيمن والتقطت باليسرى كتلة قماش مكورة وضعت عليها القرص وثبتته بسرعة في الجانب الداخلي للتنور، ثم كررت ذلك مرات عدة بسرعة ومهارة.

سدت فوهة التنور بالغطاء، ثم تابعت قصتها: “حصلنا في البداية على مساعدات غذائية من منظمات كانت تزورنا، لكن ذلك قل بمرور الوقت، وأطفالي كانوا يطلبون مني لعباً وحلويات يأكلونها ولم أكن أملك المال لذلك، وذات يوم زارنا سيدٌ معمم سألني عن زوجي وتفاصيل حياتي، فشعرت بالاطمئنان اليه، ليس أنا فقط، بل جميع النساء هناك”.

تزيح الغطاء وتضعه جانباً، وتسحب بملقط معدني طويل قرص خبز تشير الدمامل فيه وصوله لمرحلة النضج، قالت وهي ترفعه للأعلى: “مرت أيام وأيام وكان هذا الخبز حلماً بالنسبة إلينا، بعد توقف وصول المساعدات لنا بسبب كثرة النازحين، لكن السيد جلب لنا ثلاث- نفرات- من الكباب”.

أخذ يتردد عليها وعلى بقية النساء، ويحدثهن عن ضرورة زواج المرأة المسلمة لكي لا تنزلق رجلها نحو المحرمات حسبما نقلت عنه. وذات يوم جلب لريتا هاتفاً نقالاً كهدية، واتصل بها ليلتها وطلب منها أن تتزوجه.

أخرجت بالتتابع جميع أقراص الخبز الناضجة من الفرن، وواصلت حديثها: “قلت له بأن زوجي مفقود، فهل يجوز أن أتزوج مرة أخرى، فقال نعم يجوز لكِ بحكم شرع آل البيت”. كانت تظنه زواجاً عادياً لفقدانها الأمل بعودة زوجها بعد الاخبار التي وصلتها عن قيام عناصر داعش بإعدام الآلاف في الموصل. كما أن الوضع المعيشي الصعب كان يضغط عليها بشدة كما تقول.

وهكذا أبرمت معه عقد الزواج، وكانت تسحب نفسها كل يوم من الحسينية لساعات لتذهب بسيارته إلى منزله ويمارس معها الجنس هناك، وبعد أسبوع أخبرها بان عقد المتعة انتهى ولم يعد يرغب بتمديده أو تجديده.

تأخذ كرة عجين، تنقلها من يدٍ إلى أخرى وهي تتذكر: “أعطاني 300 دولار، كانت 500 ألف دينار أو ربما أقل بقليل أو أكثر في 2015 لا أتذكر، لكنه كان جيداً جداً بالنسبة لواحدة مثلي ليس معها ولا دينار واحد. كنت أظنه رجل دين سيخاف الله ويحافظ علي، لكنه كان نذلاً وأراد مني فقط ذلك الشيء “.

اتصل السيد بها بعد أسبوعين، وعرض عليها الزواج بشخص كما فعلت معه. هي رفضت بداية الأمر، لكنها عادت واتصلت به بعد أيام تحت ضغط الحاجة لتعرب له عن موافقتها، وبلغت أعداد الزيجات التي رتبها لها السيد على سبيل المتعة لغاية مطلع 2017 أي قبل عودتها مع البقية إلى قريتهم، ست زيجات.

وكان يخبرها في كل مرة أن تعدها مجرد فرصة عمل لا غير، بينما كانت تشعر هي في قرارة نفسها أنها باتت مثل أي مومس. وطلب منها في بعض المرات أن تقنع شقيقتها الصغرى كذلك، لكنها كانت تخبره ان يبعدها عن ذهنه.

تتنقل كرة العجين بسرعة منتظمة بين يديها، ثم تصفعها بالتناوب بكفيها إلا أن استحالت قرصاً مطواعاً وادخلته التنور، وذكرت في غضون ذلك بأنها علمت من سيدة كانت تسكن بجوار الحسينية أن شقيقتها الكبرى وزوجة أحد أشقائها استجبن للسيد، وساعات غيابهن عن الحسينية كانت للذهاب لما أعده لهما من أزواج متعه، وأنها تعرف ذلك لكونها هي الأخرى كان قد زوجها لمرات عدة.

تارة واجهت شقيقتها بالأمر، فانهارت الأخيرة وأخبرتها وهي غارقة بالبكاء كيف أن أحد ازواج المتعة صورها وهي عارية، وأنها ذكرت ذلك للسيد فطمأنها وطلب منها اكمال المدة، غير أن الزوج هددها بفضحها إن لم تستمر بالتردد عليه حتى بعد انتهاء مدة عقد المتعة.

تمسح بكم ثوبها قطرات العرق المتجمعة على جبينها، تأخذ نفساً عميقاً وتقول بحرقة: “لم نعد من هناك بسبب أن قرانا تحررت، بل لأن السيد أراد تزويج ابنة أخي البالغة 12 سنة، وهددنا بعناصر الحشد الشعبي إذا رفضنا، لهذا هربنا على ظهر شاحنة إلى أربيل، وبعد أيام عدنا إلى القرية، في الأقل هنا لن نبيع اجسادنا من اجل لقمة العيش”.

عمل المرأة حرام وزواجها للمتعة حلال !

الناشطة المدنية والمدافعة عن حقوق المرأة أميرة جواد، تتهم بعض رجال الدين برفض عمل المرأة وفي نفس الوقت “يحللون لها الدعارة بما يسمى زواج المتعة” تقول بشيء من الحدة.

وهي ترى بأنهم يرفضون أن تكون للمرأة سلطة على نفسها، ويريدون بقائها بلا تعليم لكي تظل تحت سيطرتهم المادية لقيادتها واستغلالها جسدياً وفكرياً، على حد تعبير أميرة.

وتتابع: “رجال الدين استوردوا لنا هذه الظاهرة التي استشرت في المجتمع العراقي من أجل تأطير شهواتهم الجنسية تحت مسميات دينية مثل المتعة وغيرها”

وتعتقد الناشطة بأن ظروف الحرب التي شهدها العراق مراراً وتكراراً منذ 2003، والفقر المتفشي بسبب البطالة والفساد السائد في أجهزة الدولة، عوامل أنهكت المرأة، كما أن السلطة القائمة حالياً طيعة أمام رجال الدين، لذلك فهم يتصرفون حسب أهوائهم الجنسية.

وهذا سبب وفقاً لما ترى، أن يرفض بموجبه رجال الدين الحراك النسوي ذي الأهداف التنويرية للنساء،” فيطلقون التهم الباطلة ضد الفاعلات فيه، لأنهم يعرفون بأن المرأة صاحبة المهارة والمستقلة اقتصادياً لن تكون لقمة سائغة لهم”.

وتعد الناشطة أميرة جواد زواج المتعة من بين انتهاكات عديدة تتعرض لها المرأة في العراق، وتقدم أمثلة: “بعضهن يتم تزويجهن وهن بعمر عشر سنوات، وقد رصدت بنفسي العديد من هذه الحالات. ويتم تشغيل قاصرات في مراقص ليلية ودور دعارة، وكلها مع زواج المتعة تدخل ضمن جرائم الاتجار بالبشر”.

وتعود أميرة للقول بأن هنالك رجال دين يترصدون نساءً معينات، ولاسيما أرامل “الشهداء” أي الذين قتلوا خلال حرب تحرير مناطق في العراق من تنظيم داعش.

“بعضهن متقبلات للأمر على أنه مجرد عمل يقم به ما دام رجال الدين لا يحرمونه، وأخرياتً رافضات ومدركات بأن أمره لا يختلف عن الدعارة بشيء، لكنهن مجبرات”.

وتوجه الاتهام مرة أخرى لرجال الدين، بأنهم يستخدمون في ظل عدم وجود رادع قانوني زواج المتعة كعمل تجاري، وتذكر بأن لديهم مكاتب في منطقة الكاظمية بالعاصمة بغداد ويعرضون على النساء فرص الزواج بالمتعة: “كأنهم يعرضون عليهن عطوراً أو ملابس شرعية”.

ثم تقول وهي تغلظ صوتها مقلدة إياهم بكثير من السخرية وهم ينادون مروجين للعقود: “عقود شرعية عقود شرعية!”.

المتعة في دوائر حكومية

موظفة في دائرة الرعاية والشؤون الاجتماعية بمحافظة واسط جنوبي العراق طلبت عدم الإشارة إلى أسمها، ذكرت بأن السماح بزواج المتعة يؤدي إلى استغلال النساء، خصوصا من شريحة الأرامل والمطلقات.

وتقول عن ذلك: “تراجع دائرتنا الكثير منهن، فإذا كانت جميلة، يتم عرقلة معاملة تخصيص راتب لها إلا بعد قبولها بزواج المتعة، وإن كانت غير جميلة، فمشكلتها أكبر لأن لا أحد سيكترث لمعاملتها أصلاً وستبقى تحت اكوام من المعاملات الأخرى”.

وتشرح الطريقة المعتادة في مفاتحتهن: “يتم طلب أرقام هواتفهن بحجة اعلامهن باكتمال معاملاتهن، ويتم الاتصال بهن بعد انتهاء الدوام لمساومتهن”.

وتضيف الموظفة مستدركة: “يحدث هذا لدى مراجعتهن لجميع الدوائر الأخرى كذلك، مثل التقاعد والمحاكم للحصول على قسام شرعي، والمواد التموينية….”.

رجل الدين أحمد الشيباني يقر بوقوع نساء فرائس بأيدي من يستغلهن بسبب زواج المتعة، ويطرح مثالاً على ذلك: “منهم من يتعاقد على زواج متعة لسنة، لكنه بعد شهر أو اثنين من التمتع بها، يتركها دون انهاء العقد ودون منحها المبلغ النهائي المتفق عليه، فتكون ملزمة بانتظار انتهاء المدة، لأنه لا يجوز لها شرعا الزواج وهي على ذمة رجل آخر!” .

لكنه وبدلاً من دعوتهن لعدم اللجوء لزواج المتعة، ينصح النساء اللواتي يستشرنه ، أن يحددنه بأجل قصير كأن يكون ساعة أو يوماً أو أسبوعاً على الأكثر، وبعد ذلك إن أراد الطرفان الاستمرار فيتم تجديد العقد بنفس المدد، فلا يوجد وفقاً لرأيه عدد محدد لمرات التجديد. وهو مثل كثيرين غيره من رجال الدين الشيعة ينفي ان يكون زواج المتعة غير شرعي.

شهباء، أرملة في الخامسة والثلاثين من عمرها تعمل موظفة في وزارة الكهرباء بالعاصمة بغداد، كان زواج المتعة بعد وفاة زوجها متنفساً لها حسبما تقول، لأن زوجها المتوفي هو ابن عم لها، وأهلها رفضوا أن تتزوج مجدداً، لأنهم لا يسمحون بوجود شخص غريب بدل ابن عمها.

تعرفت عن طريق إحدى الورش التدريبية التي شاركت فيها مطلع 2021 بضابط في وزارة الداخلية، وبعد علاقة استمرت بعض الوقت، طلب منها الزواج بعقد متعة فوافقت واستمرا في لقاءاتهما الحميمة بعيداً دون إطلاع أحد، واكتشفت بأنها حامل في شهرها الأول على الرغم من توخيها الحذر وتناولها حبوب منع الحمل، وفقاً لما ذكرت.

فوجئت شهباء بردة فعل زوجها الغاضبة حين أعملته بالأمر وطلب منها اجهاضه رافضاً الاعتراف به ونقلت عنه ما قاله لها بعصبية:” لن أخرب بيتي من أجل واحدة تزوجتها متعة”.

وعادت خائبة بعد لجوئها لمحامية من أجل استشارتها في إقامة دعوى لأنها لا تملك أي وثيقة تثبت أنها متزوجة، ثم قامت بإجهاض جنينها بمساعدة قابلة، وقالت: “استمرار نموه كان يشكل خطراً على حياتي، فأهلي كانوا سيقتلونني حتماً غسلاً للعار”.

  • أنجز التقرير بإشراف شبكة نيريج للتحقيقات الاستقصائية

المزيد عن تقارير سردیة

Reports

تقارير سردیة","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":20281}" data-page="1" data-max-pages="1">