تقارير سردیة: مستشارو رئيس الوزراء العراقي:” أدوات الأحزاب لضمان حضور إضافي في السلطة !”

مستشارو رئيس الوزراء العراقي:” أدوات الأحزاب لضمان حضور إضافي في السلطة !”

نواب وسياسيون يتحدثون عن تعيين 18 مستشارا فيما يرفع آخرون الرقم الى 70 خلافا للقانون الذي يحدد عددهم بما لا يزيد على ستة

نوزت شمدين:

طوال نحو ست سنوات وثلاث حكومات متعاقبة، تم اخفاء قانون تنظيم عمل المستشارين، وظلت الرئاسات الثلاث التي كان قادتها يكررون بيانات الاصلاح، تماطل لمنع تطبيق القانون وتكلف دون اعلان، عشرات المستشارين في إطار ترضيات سياسية أو توزيع امتيازات لحسابات شخصية.

أقطاب في ائتلاف الاطار الشيعي والحكومة الحالية التي يرأسها محمد شياع السوداني، كانت تصف طوال عامين حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، بحكومة المستشارين، لكثرة المستشارين فيها ولعبهم ادوارا مهمة في قيادتها، اليوم تلاحق حكومتهم الانتقادات ذاتها مع تأكيدات نواب بتكليفها لنحو 20 مستشارا جديدا خلفا لسابقين تم ابعادهم.

القانون الذي خرج في العام 2017 من اروقة مجلس النواب، تم اخفاؤه عمدا من قبل رئيس الجمهورية حينها فؤاد معصوم، بحسب النائب باسم خشان، لكي لا يتم العمل به “وتحتفظ ابنتاه بمنصبيهما”، قبل أن ترفع دعوى ضده امام المحكمة الاتحادية التي قررت في 20 كانون الأول 2022 الزام رئاسة الجمهورية بإصدار ونشر القانون.

سبق قرار المحكمة، طلب قدمه الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي الى رئاسة الجمهورية لارسال القانون المصوت عليه قبل أكثر من خمس سنوات الى صحيفة الوقائع ليجد طريقه للتنفيذ.

قبل نشر القرار، أكدت تقارير صحفية وتصريحات لنواب، قيام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتعيين او تكليف عدد كبير من المستشارين، سيرا على نهج سابقيه الذين عينوا مستشارين في الغالب لا يتم استشارتهم في شيء، ويتم تعيينهم أحيانا بعناوين لا تتطابق مع مؤهلاتهم الدراسية وخبراتهم الادارية والسياسية.

مستشارون يثقلون كاهل الميزانية العامة للدولة ويعطلون خطط الاصلاح والترشيق الحكومي المعلنة، كما يقول المحامي صلاح عبدالله “هم يصبحون موظفين مثبتين خلال فترة وجيزة من قرارات التعيين، ويستمرون بتقاضي معظم رواتبهم الأسمية حتى لو تم الاستغناء عن خدماتهم بعد أشهر، فضلاً عن الحقوق التقاعدية لاحقاً”.

يضيف المحامي المخضرم بكثير من الأسف “انها كارثة تفرضها الولاءات الحزبية والشخصية، حقيقةً بات لدينا جيش من المستشارين، نعم بعضهم يكلفون بعقود وليس بتعيين دائم، لكنهم في النهاية يكلفون الدولة ملايين الدولارات سنويا، بلا أي خدمة فعلية”.

الانتقادات الموجهة لتعيينات وتكليفات المستشارين، لا تجد أذانا صاغية من قبل قادة السلطات الثلاث (رئاسات الوزراء والجمهورية والبرلمان) المحكومين بقواعد المحاصصة الطائفية والحزبية. يؤكد النائب المستقل باسم خشان، الذي رفع العديد من الدعاوى أمام المحكمة الاتحادية بحق مسؤولين كبار لمخالفتهم القوانين، أن رئيس الوزراء الحالي -الذي كان يرفع لواء الاصلاح طوال سنوات- بدوره “عين جيشا من المستشارين يكفي لغزو الصين”.

خشان ذكر في تدوينة له قبل أيام من نشر قانون “تنظيم عمل المستشارين” في صحيفة الوقائع العراقية، ان السوداني لم يترك شأنا من الشؤون الا وعين مستشارا له فيه. وأضاف أن عدد مستشاريه قد يزيد قبل نهاية الدورة “مئة ضعف العدد الذي حدده قانون تنظيم عمل المستشارين الذي نشر في الجريدة الرسمية في صفحة الوفيات!”.

ولأن مستشاري رئيس مجلس الوزراء يتم استبدالهم بآخرين بمجرد وصول رئيس وزراء جديد، فهذا يعني تراكم أعداد المستشارين الذي يحصلون على رواتب عالية مقارنة حتى بكبار موظفي الدولة، وفقاً لمعترضين كثر يرون في ذلك باباً من أبواب الفساد والمحاصصة السياسية القائمة في البلاد، خصوصاُ وأن غالبية المستشارين المعلن عنهم مرتبطون بأحزاب مشتركة بالسلطة.

ومع نشر القانون الذي (حمل رقم 3 لسنة 2022) في جريدة الوقائع بالعدد 4702 الصادرة في 2 كانون الثاني/يناير 2023، بات لزاما تطبيقه، إذ تنص مادته الأولى على جواز تعيين الرئاسات الثلاث، مجالس (النواب والوزراء والرئاسة) ستة مستشارين كحد أقصى يرتبطون مباشرة برئاسة الجهة المعنية. على ان يتم التعيين وفقاً لمرسوم جمهوري.

والهدف من هذا القانون كما ورد في الاسباب الموجبة هو لـ”رفع الاداء بالعمل وتلافي التداخل بين العمل الاستشاري والعمل التنفيذي، وحسم ملفات المستشارين المعينين وكالة”.

وكان رئيس الوزراء قد أنهى في 14/11/2022 عقود وتكليف اثنا عشر مستشاراً في مجلس الوزراء، أحدهم بناء على طلبه، بموجب الأمر الديواني المرقم 22141 .

مخالفة قانونية

ويتهم البعض السوداني بالتجاوز على القانون وتعيين 18 مستشاراً وآخرون رفعوا العدد إلى 70، في وقت تنفي مصادر مقربة منه أمر التعيين فوق السقف المحدد بموجب القانون، لكنها لا تنفي اعتماده مستشارين بصفة عقود مؤقتة لأداء مهام محددة دون أن يكونوا مشمولين بسلم الرواتب.

ويدور الحديث في وسائل الإعلام عن تعيين السوداني خلال أسبوعٍ واحدٍ فقط أربعة مستشارين ينتمون لدولة القانون وعصائب أهل الحق، وهم كل من (فادي الشمري وسامي العسكري مستشارين سياسي، وهشام الركابي مستشاراً إعلامياً، وحسن نعمة الياسري مستشاراً للشؤون السياسية) والأخير هو الوحيد الذي صدر تأكيد من المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء بتعيينه.

وبشأن الياسري أيضاً، اتهم النائب باسم خشان، السوداني بمخالفة الدستور في مسألة تعيينه، وقال في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على تويتر نهاية كانون الثاني/يناير 2023 “السيد السوداني يعين السيد حسن الياسري مستشارا له في الشؤون الدستورية خلافا للمادة 94 من الدستور التي تنص على إن قرارات المحكمة الاتحادية باتة وملزمة للسلطات كافة، ناهيك عن عدم تخصصه في هذه الشؤون. نصوص الدستور والقانون في العراق صارت مثل قصائد الغزل، لا تصلح لغير الغناء”.

النائب خشان، كان قد كشف في 11 كانون الأول/ديسمبر 2022، أن رئيس الجمهورية لم يصادق في العام 2017 على قانون “تنظيم عمل المستشارين” بعد احالته من مجلس النواب “امتنع عن ذلك وأخفى القانون الذي حدد عدد المستشارين بستة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، وحدد شروطا تمنع تعيين الاصدقاء والاقارب وغيرهم ممن لا يمتلكون الخبرة الكافية لهذا المنصب وتعفي المعينين منهم، ومن هؤلاء بنات الرئيس وأصدقائه”.

ومن شأن القانون إلغاء وظائف استحدثت لتعيين أشخاص “ليس لديهم أدنى كفاءة ويوفر للدولة اموالاً طائلة ويقطع الكثير من طرق الفساد وهدر الأموال العامة”. وتابع خشان، بأنه أقام دعوى أمام المحكمة الاتحادية طلب فيها بنشر القانون في الجريدة الرسمية(الوقائع العراقي)، وبعد اقامتها، طلب مجلس النواب والامانة العامة لمجلس الوزراء من رئيس الجمهورية نشره.

النائب سجاد سالم حسين، بدوره، وجه كتاب استفسار لمكتب رئيس مجلس الوزراء في 30كانون الثاني/يناير2023 بشأن الحديث الدائر عن تعيين مستشارين خلافاً للعدد المسموح به بموجب القانون وطالبه بتقديم ما يؤكد أهلية المستشارين على متابعة التطورات في مجالات اختصاصاتهم، وقدرتهم على استحداث أساليب جديدة لتطوير العمل، وخبراتهم وخدمتهم الفعلية في تخصصاتهم.

شكوك حيال ردود الفعل

ويبدو أن هذا التحرك البرلماني سيكون الأبرز لحين ورود إجابة من مجلس الوزراء خلال مدة 15 يوماً التي حددها النائب سجاد، وحتى هذا التحرك هو موضع شك، إذ يعده البعض محاولة لتشتيت الاعتراضات الشعبية أو في الأقل إضعاف تأثيرها، في ظل وضع عام يسوده التوتر بسبب انخفاض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار وعجز الحكومة العراقية عن إيجاد حلول سريعة لذلك.

ولا يستبعد الباحث في الشأن السياسي نور الدين غزوان، في أن تكون الاعتراضات على تعيين مستشاري السوداني، محاولة لإبعاد الأنظار عن أزمة انخفاض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، وعدم جدوى إجراءات الحكومة التي وصفها بالترقيعية لتدركها، مثل اعفاء مدير البنك المركزي وتعيين واحد جديد.

ويستدل في ذلك على صمت الحكومة وعدم نفيها او تأكيدها لتعيين أعداد كبيرة من المستشارين. ويقول عن اعتراضات بعض البرلمانيين:”هؤلاء مرتبطون بذات الأحزاب التي تتقاسم البلاد طولاً بعرض وفقاً لنظام المحاصصة، وقضية مستشاري رئيس الوزراء أو رئيسي البرلمان والجمهورية جزء من ذلك، وأي اعتراض من قبلهم مجرد تمثيلية لكي يخدعوا المواطنين بانهم يطالبون بحقوقهم”.

ويتوقع الخبير القانوني مناف منذر أن يكون رد مكتب رئيس الوزراء على المعترضين متماشياً مع نص قانون عمل المستشارين فيما يخص التعيينات، لكون لا سقوف محددة بالنسبة للمستشارين بعقود” أو كما تسميهم الأوساط المقربة من رئيس الوزراء استشاريين وليس مستشارين للتفريق بينهم وبين المعينين” يقول مناف.

ويضيف موضحاً:”لا يستطيع السوداني تعيين أكثر من ستة مستشارين، لأن الأمر يتطلب صدور مرسوم جمهوري بتعيينهم، وهذه المناصب الست ستكون وبنحو مؤكد للأحزاب التي أوصلته لمنصبه والمتوافقة معه”.

“لكن المشكلة ليست هنا”يقول الخبير ويتابع :” بل في مئات المستشارين المعينين لرؤساء الوزراء السابقين، سيستمرون في تقاضي أكثر من ثلثي رواتبهم التي يتقاضونها، مما يعني ملايين الدولارات سنويا وهم أصلا غير منتجين وعبء كبير على كاهل ميزانية الدولة”.

ويرى الخبير مناف، أن على السلطة التشريعية الممثلة بمجلس النواب وبدلاً من أن تقوم بالاستفسار من مجلس الوزراء عن أعداد مستشاريه المعينين، أن يقوم بإيجاد حل لوقف هدر المال العام عبر المستشارين المعينين في وقت سابق على صدور قانون المستشارين رقم 3 لسنة 2022.

وأقترح لحل مشكلة تراكم المستشارين في الرئاسات الثلاث، أن يتم تنسيب موظفين حكوميين على الملاك الدائم في واحدة من مؤسسات الدولة، لمنصب المستشار مع مزايا إضافية تنتهي بانتهاء مهمته الاستشارية ليعود إلى أسمه الوظيفي السابق، وفي حال لم يكن موظفاً في الدولة أن يتم توظيفه بموجب عقد ينتهي بانتهاء مهامه دون التزامات مالية ترهق الدولة، حسب صياغته.

مستشارون وفق المحاصصة

مطلع شباط/فبراير 2023، تداول ناشطون قائمة بأسماء مستشاري محمد شياع السوداني دون تحديد إن كانوا معينين أم مؤقتين بموجب عقود والأسماء التي وردت في هذه القائمة هي التالية:

-1عبد الكريم السوداني، حزب الدعوة تنظيم العراق، مستشاراً أمنيا ً.

-2رشيد العزاوي، الحزب الاسلامي، مستشاراً للعلاقات العربية.

– 3حسن العقابي، عصائب أهل الحق، مستشاراً لمكافحة الفساد.

-4سناء الموسوي، المجلس الاسلامي الأعلى، مستشاراً لشؤون الحماية الاجتماعية .

– 5زيدان خلف، حزب الدعوة تنظيم العراق، مستشار لحقوق الانسان.

-6عارف الساعدي – مقرب من عصائب اهل الحق ، مستشاراً للشؤون الثقافية.

– 7أياد بنيان، مقرب من وزير الخارجية السابق د.أبراهيم الجعفري ، مستشاراً للرياضة والشباب .

– 8عرفان الحيالي، مقرب من النائب احمد الجبوري(أبومازن)، مستشاراً عسكرياً .

-9فرهاد علاء الدين، مستشاراً للعلاقات الخارجية.

– 10هشام الركابي، حزب الدعوة ، مستشارا اعلامياً.

-11فادي الشمري، الحكمة ، مستشاراً سياسياً.

-12 سامي العسكري، من حزب الدعوة ، مستشاراً سياسياً.

– 13ضياء الناصري، حزب الدعوة ، مستشار إعلامي .

-14سامي السوداني، حزب الدعوة، مستشار اداري ومالي.

15- أحمد الياسري، من عصائب أهل الحق، مستشار سياسي.

-16نوفل الكلداني، من حركة بابليون، الحشد الشعبي ، مستشار الاقليات .

-17رعد العلاق، حزب الدعوة، مستشار لشؤون الطاقة .

– 18كاظم الحسني، حزب الدعوة، مستشار اقتصادي .

-19مهدي العلاق، من حزب الدعوة .

-20عدنان السراج، دولة القانون ، مستشار لشؤون التربية والتعليم.

-21حسن الياسري، حزب الدعوة، مستشار للشؤون الدستوري.

يعتقد الناشط والباحث في الشأن السياسي ضرغام عبد الأيوب أن الأسماء المتداولة على أنها لمستشاري رئيس الوزراء موزعون على الجهات السياسية المشكلة للإطار التنسيقي(تجمع لأحزاب شيعية تشكل في 2021). ويقول: “الأخبار عن هذه التعيينات صحيحة، حتى لو بنحو جزئي، لأن تلك الأحزاب مسؤولة عن الفساد المستشري بكل مفاصل الدولة بسببهم”.

ويرى بأن إقدامهم على مثل هكذا: “محاصصة وكأنها تركة” وفقاً لتعبيره، يعني بأنها: “غير مهتمة إطلاقاً لمشاكل البلاد المالية والإدارية لذا فلا حلول في الأفق”.

ويستدرك بإيجاز:”جماعة الإطار يقولون لنا بأنهم يقبضون ثمن فوزهم بالأغلبية”. حتى لو كانت تلك الأغلبية وهمية كون ان الفائز بأكبر عدد من المقاعد انسحب من البرلمان وترك الساحة لقوى الاطار.

أما د.سالم خيري، وهو كاتب وباحث مهتم بالشأن المحلي فيجد بأن كثرة أعداد المستشارين تعني افتقار الحكومة لرؤية واضحة في كل الأصعدة ويقول:”بدلاً من أن تكون هنالك مؤسسات استشارية يتم تطويرها باستمرار لتلجأ إليها الحكومة ووزاراتها للمشورة، يتم الاعتماد على شخصيات مدفوعة من جهات وأحزاب سياسية لتضمن لها شبراً إضافياً في السلطة”.

“ولكن حتى لو تم تأسيس مركز أو هيئة استشارية” يؤكد د.سالم مستدركاً “ستشمل كذلك بنظام المحاصصة، وسيكون لكل حزب في السلطة عضواً فيها، كما يحدث في كل مفاصل الدولة، وآخرها هيئة الإعلام العراقي التي يفترض أنها جهة مستقل”.

  • أنجز التقرير بإشراف شبكة نيريج للتحقيقات الإستقصائية ونشر على موقع درج.

المزيد عن تقارير سردیة

Reports

تقارير سردیة","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":20253}" data-page="1" data-max-pages="1">