سيف العبيدي/ نينوى/ تموز 2022
صرخاتُ وجع، أنينُ متواصل، وجوهٌ تتصببُ عرقاً وملامحٌ متوقفة عند لحظة الغضب. هذا ما سترصدهُ بمجرد أن تمد خطوتك في مركز الموصل التخصصي للحروق والجراحة التجميلية بمدينة الموصل (405 كم شمال بغداد) والذي تم افتتاحه باحتفال رسمي مطلع العام 2022 بسعة 54 سرير.
“ليس هذا فقط” يقول عمر أبراهيم (54 سنة) وهو يصفع بكفه الضخمة ظاهر يده الأخرى ويتابع “المستشفى ليس فيها سوى طبيب واحد وثلاثة ممرضين، وهي تفتقر لأبسط العلاجات والمستلزمات الأساسية، ليس فيها قطن وضمادات ولا حتى مراهم للحروق، أنا اشتريت كل شيء بنفسي من خارجها”.
يمسح وجهه من العرق بكم قميصهِ “وليس فيها تكييف، ذوي الراقدين هنا يجلبون معهم من منازلهم المبردات والمراوح” ثم أشار إلى مروحة أرضية كانت تدور بين سريرين موزعة الهواء يمينً ويساراً على طفليه (خطاب 14 سنة وزيد 10 سنوات) شبه المقمطين بالضمادات ويتناوبان في الصياح من فرط تألمهما.
ذكر الوالد الحائر، بأنه يملكُ ورشة لتغيير زيوت وإطارات السيارات بالقرب من مجمع الدوائر الطبية حيث تقع المستشفى في الجانب الأيمن لمدينة الموصل، وأنه خرج لإنجاز أمرٍ عائلي تاركاً إدارة الورشة لولديه اللذين يعملان معه “ينجزان بعض المهام، أفضل من تواجدهما في الشارع” ثم قال بصوت أقل حدة ووضوحا “أو حتى في المدرسة، فأنا أعلمهما مهنة يعيشون منها بدلاً من شهادات يعلقونها على الحيطان، كنت أصغر منهما عندما بدأت العمل”.
بحسب رواية الأبن الأكبر الذي كان يتحدث بصعوبة، الحادث وقع بسبب شرارة من عادم سيارة وكان هنالك بنزين يستخدمونه لتنظيف الأجزاء السفلية للسيارات، فاندلع حريقٌ أصاب أثنين آخرين إضافة إليه وشقيقه.
هتف الأب الذي كان ينتظر عند باب الردهة قدوم أي من كوادر المستشفى “صندوق الإسعافات الأولية في ورشتي، بداخلها مستلزمات أكثر مما توجد في هذه المستشفى”.
تعرضت البنية التحتية الصحية في نينوى إلى تدمير كامل، خلال حرب تحريرها من داعش بين 2016-2017، إذ سويت خمسُ مشافٍ عامة كبيرة بالأرض، وتضررت العشرات من المراكز الصحية، وعلى الرغم من إعادة أعمار عدد من المستشفيات وافتتاح أخرى في مواقع بديلة، إلا أن الخدمات التي تقدمها ضئيلة جداً، بسبب عدم توافر الأدوية والمستلزمات العلاجية فيها نتيجة قلة التخصيصات المالية في محافظة تضم اربعة ملايين انسان، وهو ما يجبر مراجعي تلك المستشفيات إلى اقتناء معظم المستلزمات من الصيدليات والمذاخر الأهلية.
وكان مواطنون من نينوى، قد تداولوا في مطلع حزيران/يونيو 2022 مقاطع فديو تظهر وجود مصابين بحروق بينهم أطفال وهم يقفون أمام مبردة هواء مع كثير من الصخب والضجيج في الممر الرئيسي للمستشفى.
وكتب الناشطون الذين نشروا المقاطع هذه، ما أكده عمر إبراهيم، من أن ذوي المصابين الراقدين في المستشفى، يجلبون معهم مبردات الهواء والمراوح لأن جهاز التكييف في المستشفى “الجديد” لا يعمل، الى جانب اضطرارهم لتأمين الكثير من المستلزمات في ذلك المستشفى كما غيرها من مستشفيات نينوى، وهو ما دفع مجددا الى ارتفاع الأصوات المطالبة بإقالة مدير عام صحة نينوى فلاح الطائي، الذي أتهمه سابقا برلمانيون بالفساد والتقصير.
اتهامات وتشكيك
مدير الصحة شكك بتاريخ مقاطع الفيديو وقال في تصريح متلفز بأنها قديمة وأن هنالك من أعاد نشرها بهدف التشهير بدائرة صحة نينوى. ثم عاد ليقر ضمنا بوجود أعطال في نظام التكييف ونقص في الخدمة العلاجية بقوله إن “المستشفى من مشاريع محافظة نينوى وأن دائرته لم تتسلمها رسمياً”.
وأوضح أن “الشركة المنفذة لمشروع إعادة اعمار مستشفى الحروق بتمويل من منظمة الأمم المتحدة العاملة في العراق (UNDP) سلمتها للمنظمة، دون أن تكمل تجهيز مبناها بأجهزة التكييف”.
كما أن المنظمة وفقاً لما يقول، سلمت المشروع بدورها إلى الحكومة المحلية في محافظة نينوى، لذا فأن دائرته لا يحق لها أن تتدخل في عقد التنفيذ وفي حال تدخلها فعليها أن تكمل إنجاز المشروع بتمويل من قبلها، في حين أنها لا تمتلك المبالغ المالية لذلك.
وذكر الطائي بأن المؤسسات الصحية في نينوى تعرضت جميعها إلى التدمير خلال العمليات العسكرية 2016-2017، وبالمقابل لم تخصص لها المبالغ اللازمة عقب التحرير مباشرة ما تسبب بتأخر إعمارها لغاية الآن.
وأشار إلى أن مجموع المستشفيات في عموم محافظة نينوى هي 18 مستشفى، تعرضت جميعها للتدمير بنسب تراوحت بين (75% إلى %100)، باستثناء مستشفى قضاء الشيخان التابع لسلطة إقليم كردستان والذي لم يتعرض للضرر لبعده عن موقع العمليات العسكرية.
وأكد بأن 15 مستشفى مدمرة من أصل 17 أحيلت للتنفيذ وحاليا هي قيد الإنجاز من قبل الشركات المنفذة، لافتا إلى أن دائرته تقدم الخدمات الصحية عبر المستشفيات (الكرفانية) البديلة لحين اكمال إعمار مباني المستشفيات الأصلية.
وتشمل المستشفيات الكرفانية التي تحدث عنها مدير الصحة، المواقع التي شيدت دون الاعتماد على المعايير العالمية في بناء المستشفيات، وهي عبارة عن غرف متجاورة مبنية من الخشب أو المواد الأخرى التي لا تتوافر فيها شروط الصحة والسلامة.
وكانت وزارة الصحة قد لجأت الى اعتماد تلك المستشفيات تزامناً مع العمليات العسكرية التي بدأتها القوات العراقية لاستعادة محافظة نينوى من سيطرة داعش في تشرين الأول/أكتوبر 2016، كبديل مؤقت للمستشفيات النظامية التي خرجت عن الخدمة.
ولا تملك نينوى، بحسب مسؤوليها، بديلا عن تلك المستشفيات رغم ما تحمله من مخاطر، وحتى بعد تكرار حوادث احتراق بعضها في مناطق مختلفة من البلاد والتي كانت قد إنشأت لإستقبال مصابي فايروس كورونا، كما حصل في 24 نيسان/أبريل 2021 بمستشفى ابن الخطيب في جسر ديالى والذي تسبب بقتل أكثر من 80 شخصاً، وحينها منع الدفاع المدني استخدام المستشفيات الكرفانية إلا بعد قيام لجان الكشف الخاصة بها بمتابعة تطبيق إجراءات السلامة عليها.
في الجهة المناوئة لمدير صحة نينوى، أكد عضو مجلس النواب عن محافظة نينوى، نايف الشمري، بأنه يقودُ حِراكا في بغداد لعزل ومساءلة مدير الصحة فلاح الطائي، لتورط إدارته بقضايا “إهمال وفساد كبيرين” ودعا هيئة النزاهة إلى الكشف عن ذمته المالية وأبنائه وزوجاته وأشقاء زوجاته.
ونبه الشمري إلى أن التأخر في الكشف عن ذلك سيضاعف من الأموال المستحوذ عليها جراء صفقات الفساد التي قال بأن المبالغ المتأتية منها يتم تبييضها لشراء عقارات في خمسِ محافظات هي نينوى وكركوك ودهوك وأربيل والسليمانية.
وأضاف أن مستشفيات نينوى والمراكز الصحية تندر فيها الكوادر الطبية والأجهزة التخصصية والأدوية والعلاجات “لا يعقل أن تكون تلك المستشفيات خالية من الأدوية وخيوط العمليات والإبر والمواد المخدرة، فضلا عن عدم استجابة سيارات الإسعاف للنداءات العاجلة من المرضى بحجة عدم وجود وقود أو وجود عطلاتٍ فيها”.
ودعا الشمري رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال لقاء جمعهما في5حزيران/يونيو2022 إلى سحب يد مدير صحة نينوى وإحالته للتحقيق وذلك بعد أن قدم وثائق وأدلة تثبت تورطه بملفات فساد أدت الى تدهور الواقع الصحي في المحافظة، مؤكداً أن عدم سحب يده سيدفع بعض نواب نينوى لقيادة حراك برلماني من أجل إقالته في مجلس النواب قريبا.
من جهته وجه الكاظمي، وزارة الصحة بإجراء تحقيق في تلك المزاعم، وتم بالفعل استقدام مدراء المستشفيات والأقسام في صحة نينوى لاستجوابهم بشأن نقص الادوية والعلاجات والملفات الأخرى.
مصدرٌ في مديرة صحة نينوى ذكر لنا بعد تشديده على عدم إيراد أسمه أو عنوان وظيفته، أن من أشرف على التحقيق مدير عام في وزارة الصحة، وكان صورياً ولا يرتقي لحجم الاهمال والفساد في ادارة ملف الصحة في نينوى، حسب تعبيره.
وقال بأن ملفات الفساد التي يتحدث عنها النواب صحيحة، وتشمل صفقات في تجهيز العلاجات الخاصة والأجهزة الطبية ومشاريع تنفيذ المستشفيات والمراكز الصحية الفرعية، فضلاً عن عقود تجهيز الطعام الخاص بالكوادر الطبية والمرضى داخل المستشفيات، إلى جانب إحالة مئات المرضى للعلاج في مستشفيات خارج المحافظة مقابل نسب من الأموال تمنح لإدارة الصحة.
ومن أمثلة شبهات الفساد، يذكر المصدر “احاله العديد من الأعمال والمشاريع في دائرة الصحة لشركة واحدة دون غيرها هي(شركة اتحاد الخير)على الرغم من وجود مؤشرات فنية على أداء هذه الشركة، كنصب ثرامة النفايات الطبية في مستشفى ابن سينا البديل، وصيانة أجهزة التبريد في مستشفى الحروق وتجهيز معامل أوكسجين للمستشفيات وتشغيل بعض الأجهزة الخاصة بمعامل الأوكسجين” وكلها كانت دون المستوى المطلوب وفقاً لما يقول.
ونبه إلى أن إدارة الصحة قامت بتمديد العقود مع هذه الشركة لأكثر من مرة، في حين لم تسمح للكوادر الهندسية بالمستشفيات بتشغيل تلك الأجهزة.
ويرى أن من أهم أبواب الفساد في صحة نينوى هو تمديد العقود وإحالة المشاريع بالدعوة المباشرة لنفس الشركات التي قال المصدر بانها تقدم الرشاوى والعمولات في أعمالها “للتنظيف وتجهيز الأغذية والصيانة واستيراد ونصب الأجهزة الخدمية والطبية” حسب تعبيره.
المنزل أفضل من المستشفى
سعد محسن (23سنة) عامل في مطعم شعبي بحي الزهراء في شرقي مدينة الموصل، تعرض لحادث جراء عمله في أواخر أيار/مايو 2022 احترقت إثرها أجزاء من ذراعيه بالزيت الساخن فنقل إلى مستشفى الحروق، لكن إزاء ما وصفه بالوضع المزري هناك وعدم تلقيه أية علاجات أضطر ذووه إلى إخراجه وإبقائه في المنزل، وتولى مضمد صحي معالجته وتضميده.
يقول سعد عن تجربته تلك “لم تكن هنالك أدوية ولا أطباء ولا نظافة، والحرارة لا تطاق، المنزل أفضل بكثير من جحيم المستشفى”.
يضيف :”حين افتتح المستشفى مؤخرا، فرح أهل الموصل خاصة ممن تعرض أبناؤهم لحروق، مؤملين ان يجنبهم مشقة ومصاريف السفر الى محافظات أخرى بحثا عن العلاج، لكن لاحقا تبين ان ما روج له مجرد بناية بلا كوادر ولا مستلزمات ولا خدمات علاجية”.
يضطر الكثير من سكان محافظة نينوى التي يقطنها ما يزيد عن أربعة ملايين نسمة، إلى إجراء العمليات الجراحية الكبرى وتلقي غالبية العلاجات في الحالات المرضية المستعصية كالسرطان خارج المحافظة أو حتى في خارج العراق.
“يشمل ذلك الطبقات الميسورة والمقتدرة ماليا فقط، أما الطبقات المتوسطة والمعدومة فليس أمامها إلا ان تسلم نفسها للقدر وأن تنتظر مصيرها الحتمي في مستشفيات ينخرها الإهمال وشح العلاجات”، يقول ذلك عبدالله احمد، الذي يعاني أحد أقربائه منذ عامين من مرض سرطاني كلف العائلة بيع قطعة الأرض الوحيدة التي كانت تملكها لتأمين متطلبات العلاج “لكن بعد ان نفد المبلغ استسلمت العائلة لقدرها”.
لم تكن من باب الصدفة أن لا تجد خدمات طبية أو علاجات داخل مستشفى الحروق، فهذا حال أغلب مستشفيات الموصل، يقول الناشط المدني محمد هاشم (47 سنة) من سكان الموصل.
ويؤكد بأن أهالي مركز المدينة الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة يواجهون مشكلة في الجانب الصحي منذ هيمنة تنظيم داعش على الموصل في حزيران 2014. والمشكلة استمرت بعد استعادة القوات العراقية المدينة من سيطرة داعش في صيف 2017 وما تزال قائمة ليومنا الحالي، بسبب تعطل وتأخر إعمار المستشفيات التي تعرضت جميعها للدمار خلال العمليات العسكرية.
ولفت إلى أن المشافي الحكومية التي افتتحت في مواقع بديلة لحين إعمار المدمرة، كالحروق، تخلو من الأجهزة الطبية ومن الكوادر المتخصصة والعلاجات كما أن المحافظة “ليست فيها مستشفيات أهلية خاصة يمكن أن يثق الأهالي بما تقدمه، فهي أيضا تعاني من الإهمال وعدم وجود العناية الطبية اللازمة”.
ويعتقد هاشم بأن الفساد في المؤسسات الحكومية بنحو عام، على رأس قائمة أسباب تردي الواقع الصحي، فضلاً عن عدم تبني الحكومة المركزية لاستراتيجية حقيقية لملف إعادة إعمار البنى التحتية الرئيسية المدمرة وفي مقدمتها المستشفيات وابعاد الملف عن الصراعات السياسية وبيروقراطية التخصيصات المالية السائدة بالدولة.
استياء شعبي
النائب عن محافظة نينوى جميل سباك، وصف ما يحدث في المؤسسة الصحية بنينوى ومن ضمنها مستشفى الحروق بالفضائح، وبأنه مؤشر لا يقبل الشك على وجود فساد كبير لن يمر دون محاسبة، حسب تعبيره.
وقال إن عددا من النواب الممثلين عن نينوى قدموا ملفاتٍ لهيئة النزاهة ووزارة الصحة “تثبت تورط مدير صحة نينوى بالفساد والتقصير وسوء الإدارة”، محذراً من أن استمرار الإدارة الصحية الحالية “يشكل خطراً على حياة الأهالي في نينوى”.
الباحث المتخصص في الشؤون المحلية مقداد عائد فتحي، يعتقد بأن تصريحات النواب المهددة بإقالة ومحاسبة مدير الصحة وإشارتهم المتكررة لوجود فساد في المؤسسة الصحية لاتعدوا عن كونها مناورات سياسية.
وقال بأن مرحلة ما بعد تحرير نينوى من داعش في تموز2017 شهدت صراعات بين قوى سياسية نافذة، للسيطرة على المناصب الحكومية في المحافظة ومنها دائرة صحة نينوى. مستدلاً بذلك على حديث النواب للإعلام عن فساد واهمال مدير الصحة بدلاً من الذهاب الى المحاكم وإدانته هناك، وبالتالي إبعاده عن الموقع الذي يبدو أن الأموال التي تخصص للقطاع جعله محل تنافس كبير.
ونبه فتحي، نواب نينوى، الى جانب آخر يعتقد انه بالغ الأهمية ويتمثل في الخطر الداهم الذي يُهدد المراجعين للمستشفيات البديلة في نينوى (الكرفانية) لأنها سريعة الاشتعال وغير محمية. وقال بشيء من السخرية:”من يحترق فيها لن يجد علاجاً في مستشفى الحروق”.
المستشفيات الكرفانية- البديلة، في نينوى عددها تسعُ مستشفيات. وما قاله الباحث فتحي، لم يكن على سبيل التهكم بنحو كامل، إذ أن الكثير من المواطنين يعبرون عن خشيتهم من مراجعتها بالفعل، ومن بين هؤلاء فارس عمار (34 سنة) من سكان منطقة موصل الجديدة في الجانب الغربي للموصل.
إذ تعرض ابنه البالغ أربع سنوات إلى حالة اختناق مفاجئة في الثالث من نيسان/أبريل 2022 جراء تراكم السوائل بأثر الرشح، فأخذه إلى قسم الطوارئ فيما يفترض أنه المستشفى الجمهوري، لكنه في الحقيقة “عبارة عن غرف كرفانية صغيرة لا تراعي أبسط الشروط الصحية لعمل المؤسسات الطبية”.
يقول :”لهذا رفضت إبقاء ابني فيها، ليس فقط لندرة العلاجات وقلة الكوادر، بل لأن المكان كله قابل للاشتعال في أي وقت، وسط حرارة الجو من جهة والعطلات المحتملة نتيجة الانقطاع المتكرر للكهرباء.. انها مجرد جدران خشبية والكثير من البلاستك دون وجود منظومة إطفاء”.
لذلك فضل فارس، شراء العلاجات وجهاز التبخير على حسابه الخاص من خارج المستشفى وقدمها لإبنه في المنزل، كما يضطر الكثيرون مثله لفعل الأمر ذاته، معتمدين في علاج مرضاهم على زيارات يقوم بها اطباء وكوادر صحية الى بيوتهم فلا يستطيع أصحاب المداخيل المحدودة تحمل مصاريف الدخول للمستسفيات الخاصة.
“في هذه المحافظة المنسية عليك ان لا تمرض”. يقول أبو عمار الذي يعاني ابنه من مشاكل في الكلية. ويضيف “اذا مرضت فستعيش في دوامة الركض بحثا عن علاج لمرضك في ما يشبه الصحراء، ولن تجد شيئا”.
في انتظار اعادة بناء القطاع الصحي وتأمين مستلزماته، يتمتم أبو عمار وهو يتصبب عرقاً بينما يضع كيسا مليئا بالفحوصات الطبية فوق رأسه :”ليس المريض وحده يداهمه الخطر، فالعائلة التي لديها مريض تنقلب حياتها رأساً على عقب، وتفقد أعصابها وصحتها وسط تلك الدوامة.. واذا نجى المريض فسيكون قد كتب للجميع عمر جديد”.
*أنجز التقرير بدعم من مؤسسة نيريج للتحقيقات الاستقصائية
المزيد عن تقارير سردیة
تقارير سردیة","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":19784}" data-page="1" data-max-pages="1">