الخطوة الأولى من إجراءات الحصول على جواز دومينيكا تبدأ بالاتفاق مع احدى الشركات العاملة لتقديم المستمسكات الثبوتية (هوية الأحوال المدنية أو البطاقة الموحدة، البطاقة الخضراء، البطاقة التموينية، الجنسية العراقية) الخاصة برب العائلة وأفراد أسرته، وكذلك الحال مع العازب، لكن الأخير يكون المبلغ أعلى من الشخص المتزوج.
وبحسب موظفين في شركات الترويج، تتبع خطوة تقديم الوثائق سلسلة إجراءات أمنية تتعلق بالشخص المُتقدّم، منها رفع البصمات من قبل شرطة الأدلة والجريمة وإرسالها الى مقرّ الشركة الرئيسية المعتمدة في الشرق الأوسط من خلال المكتب الوسيط، وتقوم الشركة بدورها بإرسالها الى الشرطة الدولية الإنتربول لغرض التأكيد فيما إذ كان الشخص سليم من الناحية الأمنية أو لا.
المرحلة الثانية، تقوم الشركة المعتمدة ومقرّها في دبي بإرسال ملف الأشخاص المُتقدمين إلى وزارة خارجية دومينيكا التي تطلب دفع مبلغ مالي للاستثمار في ذلك البلد، وهو في حدّه الأدنى 100 الف دولار.”لكن تلك الإجراءات لاتتضمن التأكد من مصدر الأموال، وفيما إذا كانت شرعية أم لا” يقول موظف في احدى الشركات، رفض ذكر اسمه.
وبحسب سنوات العمر، فإن أسعار الأشخاص المُتقدّمين للجنسية ضمن العائلة الواحدة تختلف من شخصٍ إلى آخر، فمثلا تؤخذ نحو 5000 دولار أمريكي للأعمار ما بين (12-16 سنة)، ويزداد السعر إلى نحو 7000 دولار للأعمار ما بين (16-20 سنة)، ويصل السعر إلى نحو 10 آلاف دولار أمريكي لمن هم فوق 20 سنة.
وتستغرق مدة الحصول على جواز السفر في حال كانت الإجراءات سليمة من (4- 6 أشهر)، وتصل أحيانًا إلى عام كامل للشخص الأعزب الذي يواجه صعوبات بسبب الإجراءات الروتينية الخاصة المُتبعة بحقهم.
ويؤكد الموظف، أن “صعوبة الإجراءات الخاصّة بالأشخاص غير المتزوّجين، دفعت الكثير منهم إلى تزوير وثائقهم ودمجهم مع عوائل أخرى مقابل مبالغ مالية كبيرة تدفع لأصحاب المكاتب”.
ومن ضمن هؤلاء هاوكار جمال (26 عاماً)، الذي يقول بأنه تواصل مع صاحب إحدى الشركات المعروفة في أربيل وبعد مناقشة الاجراءات والمتطلبات، بدأ من الصعب جدا أن يحقق ما يريده، لأن المبلغ كبير بسبب كونه غير متزوّج، وحينها اقترح عليه صاحب الشركة تزوير وثائقه الثبوتية، وجعله فردًا ضمن عائلة أخرى قدمت أوراقها للحصول على الجواز والإقامة هناك.
صاحب الشركة لم يجد عائلة توافق على تلك الفكرة، فاقترح أن يجعله فردًا ضمن إحدى العوائل الكردية الساكنة في أربيل دون علمها ولا علم الشركة الرئيسية بتلك الخطوة، وأكد له أن أوراق معاملاتها سترسل إلى دبي دون أي مشكلة تذكر.
لم يكُ أمام هاوكار سوى الرضوخ لذلك المقترح الذي تضمن تزويراً واحتيالا وكان فيه شيء من المُغامرة، والذي كلّفه 12 ألف دولار أمريكي، ما عدا التكاليف والأتعاب الأخرى التي تتعلق بمستحقات الشركة التي قد تصل إلى 5 آلاف دولار أميركي في أقصى حدّ.
بفضل هذا التزوير، استطاع هاوكار أن يحصل على الجواز ويُسافر به إلى بريطانيا ومن ثم يقدم نفسه كلاجئ هناك.

اعلانات ترويجية تنتشر على صفحات سوشيال ميديا ومواقع الكترونية
يقول هاوكار، إن الحكومة البريطانية لا تُعيد أي شخص يقدم نفسه كلاجئ لديها حتى وإن كان قد وصل إليها بجواز سفر دومينيكا، لكنه يُشير إلى أن هذه الحالة تواجه فقط القادمين إلى بريطانيا من ألمانيا، فالكثير من المواطنين الأكراد والعرب أعادتهم السلطات البريطانية إلى ألمانيا رغم أنهم دخلوا إليها بجواز دومينيكا.
حالة هاوكار ومئات غيره دفعت الحكومة البريطانية إلى تقديم شكوى لدى حكومة دومينيكا رداً على تسليم المئات من مواطني كردستان العراق أنفسهم كلاجئين بعد وصولهم إلى البلاد باستخدام جواز دومينيكا.
استفّز ذلك حكومة دومينيكا، وعلقت على إثره وزارة خارجيتها معاملات الحصول على جواز السفر للمُتقدمين من كردستان العراق، بالإضافة الى مناطق كركوك وسنجار، وفقاً لحديث مدير برنامج (CBI) الدومينيكي إيمانويل نانتن لإحدى القنوات الكردية.
وأكد المسؤول الدومينيكي تعليق إجراءات الحصول على جنسية بلاده دون تحديد مدة التعليق، مشيرا إلى تدقيق جميع الطلبات المقدمة لهم في الوقت الحاضر لمراجعتها والتأكد من صحّتها، ومن ثم البتّ فيها مجددا دون أن تأخذ أي مبلغ من مقدمي طلبات الحصول على الجواز.
وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها، لا تشمل الإجراءات الجديدة لحكومة دومينيكا، أولئك الحاصلين على جنسيتها أو حتى مراجعة ملفاتهم، لكونهم اجتازوا جميع مراحل التدقيق، ولاتوجد أي مخاطر باحتمالية سحب الجنسية من الذين زوّروا وثائقهم الثبوتية.
ويكشف صاحب مكتب سفر في أربيل، نجح في الحصول على جنسية دومينيكا للعشرات من المواطنين في كردستان، وجود مئات الطلبات التي تم استرجاع ملفاتها لحين صدور القرارات والإجراءات الجديدة لحكومة دومينيكا حيال طلبات مواطني الإقليم.
في انتظار ذلك، يشعر أصحاب المعاملات المقدمة بالقلق من ضياع الأموال التي دفعوها في حال رفض طلباتهم.
ويتوقع صاحب الشركة، أن ترفع حكومة دومينيكا التعليق على طلبات التقديم نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل كحدٍ أقصى، ويؤكد من خلال معلومات حصل عليها من مصادر حكومية دومينيكية أن “الاجراءات ستكون مُشدّدة هذه المرّة، منها طلب حضور الأشخاص كلهم سويةً بأنفسهم في حال كان المتقدمون من عائلة واحدة لغرض التأكد من عدم وجود تزوير في الأوراق المقدمة، بالإضافة إلى اجراءات أخرى”.
ويبدي أصحاب شركات ترويج معاملات الحصول على الجواز الثاني، ثقتهم بعودة العمل، لاستحالة وقف البرنامج الذي يؤمن مبالغ كبيرة لتلك الجزيرة الصغيرة محدودة السكان التي تعتمد في جزء من موازنتها وتنميتها الاقتصادية على هذا النوع من الاستثمارات.
وتم إنشاء صندوق التنوع الاقتصادي (EDF) في دومينيكا، وهو أحد طرق الحصول على الجنسية، بهدف توفير الأموال اللازمة لدعم نمو الاقتصاد وتطوير مشاريع القطاعين العام والخاصّ، ومنها بناء المدارس وترميم المستشفيات وبناء الملاعب الرياضية والنهوض بالزراعة وتشجيع السياحة، ما يؤمن لها نحو 16 بالمائة من ميزانيتها السنوية (من خلال البرنامج المذكور)، حسب تقارير حكومية وصحفية، وتُخطط لتوسيع ذلك بعد ازدياد الطلب على جواز سفرها خلال الأعوام الأخيرة.
وهناك دول أخرى بمنطقة الكاريبي تحاول منافسة دومينيكا على استقطاب استثمارات “المال مقابل الجواز والجنسية”، حيث تقوم شركات ومكاتب سفر بالترويج للاستثمار المالي والعقاري في تلك الدول، خاصة وأن الغالبية الساحقة من الراغبين بالحصول على جوازات تلك الدول لا ينوون الإقامة والعيش فيها. ويلاحظ تزايد كبير لإعلانات دولة (سانت كيتس ونيفيس) على صفحات التواصل الاجتماعي في العراق، ويتم الترويج عبر شخصيات فنية معروفة في المنطقة.

مليارات خرجت من كردستان
يُؤكد مستثمرون وتجار في إقليم كردستان، أن بحث المواطنين العراقيين عن دول تمنح الإقامة والجنسية لهم تسبب بخروج مليارات الدولارات من البلاد خلال العقدين الماضيين، ما مثل خسارة لفرص اقتصادية كبيرة.
ويقول المُتحدث الرسمي باسم اتحاد مستثمري كردستان ياسين محمود رشيد، إن أعداد المواطنين الكرد الذين قدموا طلبات للحصول على جنسية دول مثل دومينيكا وتركيا وإسبانيا واليونان وغيرها بات يقترب من 100 ألف بمبالغ باهظة تتفاوت بين (110- 400) ألف دولار أمريكي.
يُقدّر رشيد مُجمل الأموال التي خرجت من الإقليم عبر هذا الباب بنحو 10 مليارات دولار أمريكي، وتسبّب ذلك بتراجع تنمية الاستثمار والاقتصاد في كردستان، مقابل زيادتهما في الدول التي تُقدّم هكذا عروضا، نتيجة فقدان الثقة من المستثمرين والأغنياء بالاستثمار في الاقليم.
ويرى أن السعي للحصول على الجنسية أو الجواز الثاني لا ينحصر بالطبقة السياسية أو رجال الأعمال والأثرياء فحسب، بل هناك توجه كبير من فئات أخرى لاسيما الأطباء والقضاة والمحامين وغيرهم، هؤلاء يبحثون عن بيئات أخرى للاستثمار فيها غير بيئتهم الأصلية.
يؤيد طبيب عراقي يقيم في أربيل، فضل عدم ذكر اسمه، كلام رشيد، مبينًا أنه يعرف أطباء وتجاراً حصلوا على جوازات دول مثل تركيا وقبرص وغيرها “لضمان مستقبل أبنائهم، فلا شيء مضمون في العراق”. ويضيف “يحصلون على الجنسية ويسافرون باستخدام جواز تلك الدولة، ويؤمنون لأبنائهم الدراسة في جامعات أوروبية وربما العمل والإقامة فيها لاحقا”.
وينتقد المتحدث الرسمي باسم اتحاد مستثمري كردستان غياب الإجراءات الحكومية لإيقاف أو تحجيم هذا التوجه الذي بدأ بالتزايد عامًا بعد آخر، لاسيما بين الطبقة السياسية والحزبية.
ويؤكد، أن الكثير من المسؤولين الذين تسنّموا مناصب حكومية في حكومات سابقة في كردستان، بدأوا بنقل أموالهم وثرواتهم إلى دول أخرى من أجل الاستثمار. وهذا ما أثر على عجلة الاستثمار في الإقليم “كان مِن المُحتمل أن يتغيّر واقع الاقتصاد والاستثمار في كردستان كثيرا لو استثمرت الـ10 مليار دولار فيه”.
ويقدر رشيد أن ما يقرب من 200 ألف عراقي حصلوا على الاقامة والجواز والجنسية التركية مقابل دفعهم 250 ألف دولار أمريكي لتملك عقار أو عبر الاستثمار. ومع تزايد طلبات الحصول على الجنسية التركية رفعت حكومتها المبلغ إلى 400 ألف دولار في شهر أيار مايو الماضي.

تركيا على خط خروج الأموال
تشير أرقام معهد الاحصاء التركي (TUIK) الى أن عدد العقارات التي اشتراها العراقيون منذ بداية العام 2015 إلى النصف الأول من العام الحالي بلغ 46230 منزلاً. ويشير المعهد ان الأجانب الذين اشتروا أكبر عدد من المساكن في تركيا خلال 7.5 سنة كانوا عراقيين، فيما جاء الإيرانيون في المرتبة الثانية بشراء 33404 منزلاً، بينما اشترى الروس 24877 منزلاً.
واشترى العراقيون أكثر من 8 آلاف عقار في العام الماضي، وكان يرجح تسجيل رقم مماثل في العام الجاري، إلا أن رفع أسعار العقار للحصول على الجنسية، ربما سيمنع ذلك، مع توجه العراقيين لشراء عقارات في دول اخرى.
يقول جميل حاجي، الذي يعمل في مكتب عقاري بتركيا، إن “السنوات الأخيرة شهدت بيع نحو 600 عقار شهريًا لعراقيين، وأن تلك الأرقام تصعد أو تهبط حسب الظروف الأمنية والاقتصادية داخل العراق”، مشيرا إلى تراجعها في العامين الأخيرين.

ويرجع حاجي السبب الى “تراجع الثقة بتركيا كدولة مستقرة ذات اقتصاد جيد، حيث يواجه الاقتصاد التركي أوقات صعبة بفعل تزايد التضخم والانخفاض السريع لليرة، لكن ربما الأمر يرتبط أيضا بقيام آلاف العراقيين بالاستثمار وشراء عقارات في دول منطقة الكاريبي حيث المبالغ التي يتطلبها الحصول على الجنسية أقل مقارنة بتركيا”.
وبلغ عدد العراقيين الذين حصلوا على اقامات في تركيا بحسب احصاءات العام 2021 نحو 117 الف شخص. وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، قد ذكر في نهاية العام 2020، أن 114 ألف عراقي يتواجدون على الأراضي التركية.
“غياب البيئة الآمنة للاستثمار” في كردستان، بسبب التدخلات، دفعت رجل الأعمال الكردي (ه. أ) إلى نقل 80 بالمئة من ثروته في نهاية عام 2017 إلى دومينيكا وتركيا على حدّ سواء، بعد حصوله على جنسية الدولتين نتيجة تعرضه لمساومات إثر افتتاحه فندقا من فئة 5 نجوم في أربيل كلّفه أكثر من 6 ملايين دولار. إذ يقول بأنه اضطر بعد نحو 3 أعوام من افتتاحه إلى بيعه بـ4 ملايين دولار “لرفضه دفع نسبة من الواردات الشهرية للفندق الى شخصية حزبية”، دون ذكر الجهة التي ينتمي إليها.

بيئة طاردة لرؤوس المال
يصف (ه.أ) الذي بات يزور الإقليم بجوازه التركي والدومينيكي في العام مرتين أو ثلاث بعد مغادرته كردستان أن البيئة الخارجية تُشجع على الاستثمار وهي “آمنة” جدا بخلاف ما موجود من مُساومات وأخذ أتاوات من الأثرياء هنا، وفي ظل غياب الدعم الحكومي، ما يهدد بهروب مزيد من رؤوس الأموال.
ويؤكد أنّ الكثير من رجال الأعمال، وخاصة بعد الحرب على تنظيم داعش عام 2014 نقلوا رؤوس أموال كبيرة إلى تركيا بالدرجة الأولى ودول الخليج بالدرجة الثانية من أجل الاستثمار فيها.
وأعلنت وزارة التجارة والصناعة بإقليم كردستان في آب أغسطس 2022، أن نحو 300 مصنع توقف عن العمل في السليمانية بسبب مشاكل ضريبية واخرى متعلقة بالكهرباء والوقود وضعف البنية التحتية الصناعية، فيما ذكر رئيس غرفة تجارة وصناعة السليمانية سيروان محمد، مطلع الشهر ذاته من أن 100 مصنع مهدد بالإغلاق في الإقليم إذا لم تحصل على دعم حكومي لمواصلة الانتاج.
وفي نيسان أبريل الماضي، ذكر محمد عطا عبدلله نائب رئيس اتحاد الصناعيين الكردستانيين فرع السليمانية، أن أكثر من 800 شركة أفلست من أصل 1280 شركة في محافظة السليمانية، وتوقف قرابة 1000 مشروع بسبب الأزمة المالية التي بدأت في 2017، واستمرت حتى بداية العام الحالي.
ووفق إحصاء لوزارة التجارة والصناعة في إقليم كردستان، أغلق أكثر من 700 مصنع في الإقليم خلال العام 2021 فقط، بينها 325 في السليمانية.
توقف الفرص الانتاجية في الاقليم، نتيجة قلة الدعم أو الفساد والاحتكار، يعني ان أصحابها سيبحثون عن بيئات جديدة للعمل والاستثمار فيها.

البحث عن حياة جديدة
يحلم ملايين العراقيين بفرص للسفر الى خارج البلاد، بقصد الدراسة أو العمل أو السياحة أو الهجرة، لكن جواز السفر العراقي الذي يصنف منذ عقود كأحد أسوأ جوازات العالم، يحبط تطلعاتهم.
بحسب مؤشر “هينلي” لجوازات السفر (شركة الاستشارات العالمية للمواطنة والإقامة) فان الجوازين الياباني والسنغافوري يتصدران قائمة أفضل الجوازات في العالم ويتيحان السفر إلى 192 دولة من دون تأشيرة دخول، في حين، يقبع الجواز العراقي في المرتبة ما قبل الأخيرة، ويسمح بالسفر إلى 28 دولة فقط، ولا يأتي بعده غير الجواز الأفغاني الذي يسمح بالسفر الى 26 دولة، ويسبقه الجواز اليمني 33 دولة، والباكستاني لـ31 دولة، والسوري لـ29 دولة.
هذا الواقع هو ما يدفع مئات آلاف العراقيين لمحاولة الحصول على جواز وجنسية دول أخرى تفتح لهم أبواب العالم، سواء عبر الهجرة غير الشرعية بكل مخاطرها، أو عبر الشراء القانوني، وهو ما تأمل خيرية كمال (32 عاما) أن تحققه.
خيرية، يأست من تحسن أوضاع البلاد ومن إمكانية أن تحقق طموحاتها. هي تحملُ شهادة جامعية في الهندسة، لكن انعدام فرص التعيين أو الحصول على وظيفة مُستقرّة في محافظة السليمانية، دفعتها للتخطيط إلى الهجرة من خلال شراء جنسية دولة أجنبية لها ولزوجها وابنها البالغ عامين، بعد أن ورثت مبلغا من المال عن أبيها.
تقول خيرية، إنها اضطرت للعمل كموظفة إدارية في مؤسسة إعلامية بعد أن فشلت في الاستمرار بوظائف أخرى في شركات عامة ضمن اختصاصها، وهي تتقاضى راتباً شهريًا لايتجاوز 500 دولار: “هو بالكاد يُغطي مع راتب زوجي تكاليف معيشة العائلة، فأنا أدفع نصفه لإيجار المنزل، فيما يذهب النصف الآخر لمواصلات العمل”.
السيدة التي تحلم بتأمين حياة مستقرة لعائلتها في إحدى الدول الأوروبية، تجادل بثقة “سأصرف هذا المبلغ الكبير، وأعيش في الغُربة لسنوات بكل ما ستحمله من صعوبات. يبدو الأمر غريبًا، إلا أنه الخيار الأفضل.. هنا لا راحة بال، لا مساواة، لا عمل يحفظ لك كرامتك”.
يقول زوجها الذي يؤيدها في ما تخطط له “الأثرياء لهم دوافعهم لشراء جنسية دولة ثانية كما متوسطي الدخل. والكل يدفع للنجاة بعائلته”.
يصمت لبرهة وكأنه يستذكر الكلفة الكبيرة: “هنا تجد كثيرين يبيعون كل ما يملكونه للحصول على جواز يفتح أبواب العالم في وجوههم، بصورة قانونية أو بأوراق مزورة، نعم هناك مغامرة وهناك مئات ملايين الدولارات تخرج من هذه البلاد.. أموال كبيرة نخسرها، لكننا لا نملك حلا آخر”.
التحقيق انجز من قبل العالم الجديد تحت اشراف شبكة “نيريج”