تقارير سردیة: العراق حلبة صراع دولية … في عمق مشاريع تصدير الغاز الى أوروبا

العراق حلبة صراع دولية … في عمق مشاريع تصدير الغاز الى أوروبا

أحمد حسن:

لا تبدو الأحداث التي شهدتها الأسابيع الأولى من العام 2020 منفصلة واستثنائية وبشكل خاص المتعلقة بتزايد نشاط عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على الخط البري الممتد من “قصر شيرين الإيرانية ــ ديالى ــ سنجار العراقية وصولاً إلى دير الزور السورية، وانتهاءً بالطريق البري السوري مع شرق لبنان من جانب ناحية منطقة الهرمل ــ القاع عبر معبر جوسية.

هذا الطريق مسيطر عليه بشكل مباشر او غير مباشر من قبل الإيرانيين في الغالب عبر وكلاء محليين. والايرانيون بقيادة الجنرال قاسم سليماني عملوا على بناء الطريق وتحصينه من أي نفوذ آخر، منذ بداية احداث تفجير الأماكن المقدسة للشيعة “الاماميين العسكريين” في سامراء بمحاظفة صلاح الدين العام 2006 اذ تمكنت الجماعات الشيعية وأبزرها آنذاك “الجماعات الخاصة” المرتبطة بجيش المهدي الجناح العسكري السابق للتيار الصدري بالهينة على مساحات مهمة في محافظتي ديالى وصلاح الدين بذريعة حماية المراقد المقدسة وطرق الزائرين من هجمات تنظيم القاعدة السني.

وأفرزت التحركات لاحقا ما يمكن وصفه بالعزل السكاني وفقاَ للانتماء الطائفي الذي جعلته الهجمات المتبادلة بين الفصائل الشيعية المتشددة بما فهيا المرتبطة بفيلق القدس الإيراني والسنية المرتطبة بتنظيم القاعدة واقعا على الأرض. في تلك المرحلة تحركت الفصائل الشيعية بمساندة الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية ما مكنها من مسك اراضِ بعقوبة وبلد وسامراء ومدت نفوذها لاحقا الى الأراضي الزراعية القريبة من الشوارع الرئيسية الرابطة مع كركوك ومحافظة نينوى.

في صيف 2015 وبعد معارك الفصائل الشيعية مع عناصر الدولة الإسلامية داعش، وصلت الفصائل الى قضاءي بيجي والشرقاط بمحافظة صلاح الدين، وفي نهاية العام 2016  انتشرت في الموصل وسنجار والبعاج بمحافظة نينوى على الحدود مع سوريا لترسم خطاً واضح المسار يمتد من حدود ايران الى داخل الأراضي السورية.

ولكي لايبدو الانتشار ذو بعد طائفي ومن اجل ضمان استقرار هذا الطريق البري المسيطر عليه من قبل الفصائل المسلحة الشيعية، نجح اللوبي الإيراني في العراق من استقطاب جهات سياسية واجتماعية سنية الى جانبها لتساهم في تمكين الفصائل من السيطرة على محافظتي صلاح الدين ونينوى وبغطاء مشترك، يومها مهد التحالف مع شخصيات تحظى بالشرعية القانونية من أمثال احمد الجبوري (أبو مازن) عن صلاح الدين ونوفل العاكوب من محافظة نينوى وبمساهمة شخصيات سنية مثل مشعان الجبوري، لفتح الطريق للآخرين من القيادات السنية الأبرز حضوراً والأكثر تاثيراً كخميس الخنجر.

الإيرانيون طوال سنوات عملوا بجد على حماية الطريق وقدموا كل جهد ممكن لتثبيت وجود دائم لهم فيه، وربما خسروا في سبيل ذلك بعض كبار قادة فيلق القدس الإيراني، وآخرهم قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس اللذين قتلا في غارة امريكية قرب مطار بغداد في كانون الثاني يناير 2020.

البعد الاقتصادي

لا يرتبط الاصرار على اقامة ذلك الطريق بـ”استراتيجية أمنية” فحسب، تتركز في قطع نفوذ القوى السنية المتشددة وابعادها عن المدن والبلدات الشيعية في وسط البلاد، بل أيضا اقتصادية لعل بينها تحقيق مشروع “خط أنابيب الصداقة ـ الإسلامي” وهو مقترح قدمه الحرس الثوري لمد الغاز الطبيعي مباشرة من حقول جنوب فارس تجاه أوروبا ليمد المستهلكين الأوروبيين بالإضافة الى العراق وسوريا ولبنان حيث يمر الخط.

الطريق البري هذا وجد كبديل عن مقترح قدمته وزارة المخابرات الإيرانية “الاطلاعات” والأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية الموالية لها لتصدير الغاز الإيراني عبر تركيا الى اوربا ولايجاد أكثر من مسار لتسويق الغاز، في وقت يرجع محللون فشل نقل الغاز الإيراني عبر الأراضي التركية في العام 2011 الى فسخ شركة “الطاقة السويسرية” عقدها مع إيران لتنفيذ المشروع، دون شرح الأسباب؟ لكن حينها كانت التوترات الأمنية الاقليمية والصراع الدولي مع ايران وحتى قائمة العقوبات حاضرة في الصورة.

كرمانشاه الكردية بدل تبريز التركمانية

في حزيران يونيو 2013 وقعت إيران مذكرة تفاهم مع العراق لتوريد الغاز الطبيعي عبر محافظة كرمانشاه ذات الأغلبية الكردية المتاخمة للحدود العراقية قبالة خانقين بمحافظة ديالى، لمدّ محطات توليد الطاقة الكهربائية العراقية.

ولم تكشف الحكومة العراقية في حينها برئاسة نوري المالكي “زعيم حزب الدعوة المقرب من إيران” حجم التكلفة المالية التي يفترض ان يدفعها العراق ازاء استيراد الغاز الإيراني. بل نقلت معلومات بثها التلفزيون الرسمي “العراقية” ونشرتها صحيفة الصباح الرسمية عن موافقة العراق على مقترح إيراني ـ سوري بمد خط انابيب غاز طبيعي عبر أراضيه من جنوب حقول فارس باتجاه اوروبا مرورا بالأراضي السورية واللبنانية ومن ثم تحت مياه المتوسط ليمد بلدان اوروبا وفرنسا على وجه الخصوص.

الإعلان هذا تداول في اوج اندلاع الازمة في سوريا حيث كان يريد “الحرس الثوري” بذلك اقناع الأطراف الإيرانية المنافسة له في القرار الداخلي على الحاجة القومية لايران في التدخل بسوريا عسكريا عبر فصائل فيلق القدس الإيراني الذي غالبية مقاتليه عراقيون وافغان.

السؤال لماذا لم يكن الحرس الثوري راغبا في مد انابيب الغاز عبر تبريز وصولا الى تركيا؟ توجد تفسيرات مختلفة، لكن الأقرب الى الواقع، ان الحرس الثوري لا يثق بتركيا ويعتقد ان مد الغاز هو مغامرة خطرة على مستقبل الجمهورية الإسلامية عبر: أولا ان تحقيق المشروع يشكل دعاية مجانية لتركيا بين سكان تبريز ذو العرق الاذري ـ التركماني وربما يحفز التبريزيين وباقي التركمان في إيران الى التمرد مستقبلا على الجمهورية. ثانيا تركيا منافس لإيران في المنطقة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا واسلاميا وتسليم تركيا مفاتيح التحكم بالغاز يجعل لها قوة أكبر من إيران ويجعل من إيران خاضعة لها ولإملاءاتها، بل في سجل اعتبارات الحرس الثوري يمكن لأنقرة ان تضغط على طهران مستقبلا لاستمرار تدفق الغاز مقابل منح الاذريين التركمان امتيازات في الجمهورية الاسلامية ويمكن ان الضغط عليها للتخلي عن دعم الكرد المعارضين لتركيا في مناطق إقليم كردستان العراق.

الأكيد ان ايران لا تريد أن تضع كل خطوط امدادات الطاقة بيد أنقرة لأنه يقويها على حساب طهران، لذلك جاء اقتراح نقل الخط عبر كرمانشاه الكردية الإيرانية الى العراق ومنها سوريا، خاصة ان الإيرانيين لا يقلقون من طموحات الكرد سواء بكرمانشاه أو حتى في العراق، بل بحسابات الحرس الثوري ان الكرد المنتشرين بين ايران والعراق وتركيا هم الأضعف في حلقة الصراع الإيراني ـ التركي.

الاتراك فهموا التحرك الإيراني وحاولوا اغراء زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني والذي يسيطر حزبه فعليا على معظم مفاصل القرار في اقليم كردستان، ويعد حليفا لأنقرة، بعروض عديدة منها قيام الشركات التركية بالاستثمار في حقول جمجمال المجاورة لقضاء خانقين ـ ديالى. وهذا الامر يصطدم بواقع ان الاتحاد الوطني المنافس للحزب الديمقراطي هو من يسيطر على تلك الحقول الغنية بالغاز.

الإيرانيون ولأهمية مشروعهم لم يغيروا من استراتيجيتهم مع أربيل حتى في التعاطي مع ملف التقارب بين أربيل وانقرة، وقادة الحزب الديمقراطي يحاولون بدورهم الحفاظ على التوازن كون الإقليم هو الحلقة الأضعف بين الدولتين المتنافستين، لكن الديمقراطي في ذات الوقت يعمل بخطة بعيدة المدى لعل الشق السياسي منها يكمن في نسج تحالفات مع قوى عراقية لتمكنها من بسط نفوذها على جمجمال وتمهيد الطريق امام الاستثمارات التركية لحقول الغاز الكردية دون مواجهة عوائق على الأرض، وتأتي هذه المعلومات متزامنة مع تصريحات الرئيس التركي رجب طيب اورودعان عن قرب استيراد الغاز من العراق.

هلال “طائفي” يغطي مشروع الغاز

المشروع الإيراني في تصدير الغاز والتواجد الايراني في سوريا وشمال غربي العراق والذي جاء لحماية مصالح طهران الاقتصادية ونفوذها كقوة اقليمية، ظل يواجه طوال سنوات وعلى خلفية الخلافات السياسية وتقاطع المصالح الأمنية بدعاية مضادة من بعض الدول الخليجية التي كانت تصفه بمشروع “الهلال الشيعي” الهادف الى نشر التشيع ومنافسة الإسلام السني، بالتزامن مع رؤية دول اقليمية كتركيا للمساعٍ الإيرانية بانها إعادة احياء للإمبراطورية الفارسية.

هذا التصور وذلك الترويج لنشر التشيع، كان يخدم في النهاية المصالح الإيرانية ويصب في جانب إيهام المنافسين في آسيا والمنطقة، بان الغاية من تدخلاتهم في العراق وسوريا تكمن لدوافع عقائدية ولتحقيق النفوذ القومي، في حين ان الإيرانيين يبدو انهم كانوا يعملون باستراتيجية ابعد عن العقيدة والقومية بهدف تعزيز حضورهم وبالتالي نفوذهم الاقتصادي خاصة من خلال فرض نفسها كقوة كبيرة منتجة ومسوقة للطاقة، من خلال تصدير الغاز الى اوربا عبر العراق وسوريا  وتحديدا الطريق البري الممتد من كرمانشاه ديالى مرورا بسنجار وصولاً إلى دير الزور السورية، وانتهاءً بالطريق البري السوري مع شرق لبنان وصولا الى البحر المتوسط.

المشروع الإيراني سيحمل أكثر من فائدة لايران، فهو سيضمن لها اتفاقات مع اوربا بشأن الغاز قد تستخدم كورقة ضغط او وسيلة لعقد تفاهمات أوسع، وهذا سيتطلب قبل كل شيء تحويل العراق الذي يملك بدوره احتياطات غازية، الى دولة عقيمة في انتاج “الغاز الطبيعي” بل دولة تواصل هدر الغاز واستيراده كما هو الحال منذ 20 عاما وعبر احباط أي مساع اجنبية لاستثمار حقول الغاز ووقف هدر الغاز المصاحب للحقول النفطية.

في الخلفية ومع المساع العراقية وبالتعاون مع شركات عالمية بما فيه الامريكية للتخلص من العبء المالي والسياسي لاستيراد الغاز الايراني لتوليد الطاقة الكهربائية في العراق، عبر العمل على تحويل المحروقات في ابار النفط جنوبي البلاد الى غاز، وقعت هجمات بالصواريخ في محافظة ميسان خلال العام 2020 استهدفت شركة هالبرتون النفطية الأميركية ويبدو ان جماعات شيعية مسلحة تقف خلفها. وتعمل تلك الشركة في مجال الخدمات الأولية في حقول البصرة. فتدوير المنبعثات في ابار الجنوب لغاز طبيعي يضر بمصالح الإيرانية التي يعتمد عليها العراق كليا في استيراد الغاز.

وهناك من يرى ان ملف تخريب منشآت مصفى بيجي وسرقة معداته في العام 2014 واتهام الفصائل المسلحة المرتبطة بايران بالوقوف خلفه، جاء فعليا لإحباط المشروع التركي الذي كان يأمل إنشاء انبوب جديد للصادرات النفطية يمتد من وسط البلاد الى بيجي شمالي محافظة صلاح الدين ومن ثم منفذ فيشخابور الحدودي، وسط آمال تركية روسية ان تلعب شركاتها الدور الرئيسي لتعزيز قدرات العراق النفطية الى جانب إنتاج الغاز. فانتاج الغاز العراقي وتسويقه سيكون حينها عبر الأراضي التركية وبيد أنقرة دون ان يحقق لايران أية فائدة.

لكن المشروع انتهى عمليا، وبالعودة الى الرواية الأمنية المعروفة بان عناصر تنظيم داعش التي كانت تتحرك بحرية عبر الحدود التركي السورية العراقية، لم يقتربوا من مصفى بيجي، وان المعارك التي خاضها الحشد الشعبي برفقة الفصائل المرتبطة مع فيلق القدس الإيراني الى جانب القوات الأمنية والعسكرية العراقية ضد عناصر داعش كانت بقرب منشآت المصفى. لكن بعد انتهاء المعارك اعلن عن تهدم المصفى في المعارك.

وبعد سيطرة تلك القوات على المنطقة في هذا الإطار تداولت رواية أمريكية عن تورط الفصائل المسلحة المرتبطة بفليق القدس الايراني بسرقة معدات المصفى ونقلها الى إيران، هذا يعود الى عامي 2016 و 2017 بعد هزيمة تنظيم داعش في الموصل.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا قام تنظيم داعش بتدمير ممنهج في الموصل وصل الى تدمير الآثار  ولم يقم بتهديم مصفى بيجي؟ رغم امكاناته العسكرية الكبيرة وقدرته على قصف المبنى أو ارسال انتحاريين ومقتحمين لتدميره؟ هل حافظ عناصر التنظيم على المصفى للاستفادة منه في تصدير النفط عبر تركيا؟

بعض الخبراء الامنيين كالراحل هشام الهاشمي يؤكدون معلومات تفيد بمحافظة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية على مصفى بيجي للاستفادة منه كمورد مالي حيث ان عناصر التنظيم بعد سيطرتهم على مناطق الموصل قاموا بتهريب النفط عبر الأراضي التركية مرورا بسوريا حسب ما تمت مشاهدته عبر مقاطع فيديو بثها التنظيم في تلك المرحلة.

تلك الروايات والتحليلات المدعومة بوقائع، تظهر حجم التدخلات الاقليمية على الساحة العراقية والمتعلقة بالصراع على الطاقة وممرات تسويقها، وكيف يتم استخدم الجماعات المسلحة لتحقيق ذلك الهدف.

خطط إيران تزعج تركيا وروسيا

يمضي مشروع “انابيب الصداقة الإسلامي” بتحرك منفرد دون تنسيق إيران مع حلفائها في آسيا كالصين والتي لا يشكل المشروع بالنسبة لها أية مشكلة، لكنه لا يرضي روسيا وتركيا، لأن الاولى هي المنتج الاكبر للغاز والمصدر الرئيسي الى اوربا، والثانية تريد ان تصبح ممرا لنقل الغاز من مناطق عديدة في آسيا والشرق الأوسط الى أوروبا.

وكان الجنرال قاسم سليماني يعمل عبر الفصائل المرتبطة بفيلق القدس الإيراني لإنجاح ذاك الخط دون الاهتمام بتداعيات المشروع على علاقة إيران مع روسيا وتركيا.

وذلك عامل من عدة عومل دفعت تركيا الى التهاون مع عناصر تنظيم الدولة الإسلامية والسماح لهم بالعبور عبر أراضيها والالتحاق بسوريا والعراق سواء القادمين من روسيا والدول المحيطة بها أو من بقية دول آسيا وأوروبا وافريقيا وحتى من استراليا، لزرع حالة اللااستقرار في العراق وسوريا.

وربما هذا التماهي التركي كان منسقا مع الروس لخلط الأوراق واستخدام تلك المجموعات من قبل “موسكو وانقرة” للتدخل في سوريا والعراق ولمواجهة التوغل الإيراني بما فيه اعاقة مشروع مد الغاز الإيراني عبر الخط الذي يريد فيلق القدس السيطرة عليه وتأميه بالكامل.

ورغم ان الإيرانيين والروس متفقون على دعم بقاء بشار الأسد، لقدرته في التعاون معهما بشكل ثنائي، ولكنهمم مختلفون في قضايا أخرى في المنطقة كملف التعامل مع إسرائيل فالوجود العسكري الروسي يضمن نوعا من الحماية لإسرائيل. وتتقاطع مصالح البلدين (روسيا وايران) في سوريا كما ان اسرائيل تنظر بقلق الى الوجود الايراني سواء الأمني منه هو الاقتصادي بما فيه مشروع الغاز الذي يتعارض مع مشروع تل ابيب لمد الغاز الى اوربا عبر تركيا.

وبعيدا عن الخوض في الملفات الأخرى يبقى الروس معادين لأي مشروع إيراني لتمرير الغاز والنفط، حيث ان ايران تمتلك اكبر احتياطي عالمي للغاز الطبيعي بعد روسيا وهي الرابعة في احتياطات النفط وبالتالي موسكو تضغط على ايران في مجالات مختلفة لمنعها من الصعود كمنافس في هذا المجال، وهذا ما يفتح الباب امام تحليلات اعمق بشأن احتمال وجود دور روسي في ملف اغتيال قاسم سليماني من قبل ادارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كانت تربطه علاقة قوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خاصة أن الإدارة الامريكية وافقت على تقسيم السيطرة مع روسيا على الأجواء السورية بالتنسيق مع إسرائيل.

تحرك روسي ـ تركي لإفشال الالتقاء الأوربي الإيراني

هل كان لروسيا دور في اغتيال سليماني على خلفية صراع النفوذ في سوريا؟

قبل الانسحاب الأمريكي العسكري بقرار متفرد من ترامب وبعكس رغبة كبار المسؤولين من بعض مناطق الشمال السوري، كان الامريكان قد ثبتوا وجودهم هناك وأسسوا في فترة باراك أوباما قواعد عسكرية وكانوا يخططون للدخول العسكري الفرنسي للتمركز في مواقع قبالة الخط الذي تعمل ايران للسيطرة عليه، وتوصلوا الى اتفاق مع طهران بشأن ملفها النووي في العام 2015، فأدركت موسكو وانقرة ان هناك محاولة التقاء “إيراني ـ امريكي ـ غربي” في المنطقة فتحركت الدولتان بخطوات مضادة وشنت أنقرة عمليات عسكرية بموافقة روسية في شمالي سوريا لتعزيز موقعها بحجة استهداف الجماعات الارهابية.

عطفاً على ملف اغتيال سليماني كان الأخير قادما من مطار دمشق ومتجهاً الى مطار بغداد فكان الاسهل على الامريكان ضربه في مطار دمشق. فلماذا حصل الاستهداف في بغداد؟ سؤال طرح من قبل العديد من المراقبين والمتابعين. مع حقيقة ان اغتيال سليماني شكل بحد ذاته ضربة لحراك تشرين 2019 المناهض للتحكم الإيراني في العراق خاصة لوظيفة سليماني، وبالتالي الغوص في عمق التفاصيل حول هذا الملف يضع روسيا في موضع الاتهام باحتمال لعبها دورا في الهجوم الذي وقع في فترة تحسن العلاقات الامريكية الروسية.

فالمرشحة المنافسة هيلاري كلينتون، اتهمت بشكل صريح موسكو باختراق الانتخابات الرئاسية الامريكية عام 2017 لصالح ترامب المتحامل على الإيرانيين، وأشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مناسبات عدة بسياسة ترامب ومشاريعه الداخلية والخارجية حتى تلك التي بالضد من إيران.

وهنا يضاف سؤال مهم لسابقه: لماذا اغتيل سليماني في فترة العلاقة الودية بين البيت الأبيض وموسكو؟

لايبدو بعيدا ان الدول الاقليمية كانت متوجسة من التقارب الايراني الغربي والقائم على مصالح اقتصادية، وكانت طهران تضغط لتحقيق مشروع نقل الغاز الى أوروبا برضا دول أوروبية من بينها فرنسا التي تريد التخلص من الابتزاز التركي والروسي المستمر لأوروبا والتهديد بين فترة وأخرى بإيقاف نقل الغاز وأزمة المهاجرين والإرهاب الإسلامي وغيرها من الملفات.

تفجير بيروت وتصدير الغاز الايراني

البحث أكثر في أحداث ما بعد اغتيال سليماني يدفعنا باتجاه ملف تفجير مرفأ بيروت. فبمتابعة ربط تسلسل الاحداث يلوح في المشهد ايضا معركة تصدير الغاز الى اوربا بين ايران وتركيا وروسيا.

فمحاولة اتهام حزب الله المقرب من ايران، بالمسؤولية عن تخزين وبالتالي تفجير نترات الأمونيوم في المرفأ ربما تهدف الى ضرب النفوذ الايراني في لبنان ووقف اي مشروعات تخدم ايران بما فيه مشروع انبوب الغاز.

مع تعدد الروايات، ظهر في التحقيق الأمريكي ان شحنة نترات الأمونيوم كانت متجهة من جورجيا إلى موزمبيق على متن سفينة شحن مستأجرة من روسيا. وفي رواية أخرى ان الشحنة يفترض ان تتجه الى موانئ تركيا. بغض النظر عن تعدد الروايات لكن تكرر في التحقيقات اسم الدولتين تركيا وروسيا بالمقابل لم يرد اسم إيران مطلقا.

بعيدا عن الاتهامات يطرح السؤال عن الغاية من تفجير مرفأ بيروت التي تمثل عمق فرنسي في الشرق الأوسط، ومحاولة الصاق التهم بإيران عبر حزب الله، مع غياب أي دليل او مؤشر يظهر علاقة ايران بالحادث. اذا كانت ايران متورطة فلماذا أوروبا وامريكا لم يبرزا أدلة على ذلك؟ وماهي الفائدة من التستر على ايران؟

الواضح ان حادث اغتيال سليماني، بتداعياته الكبيرة على النفوذ الايراني في المنطقة، وبعده التفجير، يصبان في اتجاه قتل مشروع مد الغاز الإيراني الى أوروبا.

السرعة الفائقة لتدخل فرنسا عبر زيارة ماكرون الى بيروت ومحاولته تهدأة الأجواء المشحونة بعد أيام من التفجير مؤشر على تفاهمات سابقة لطهران وباريس في عدة ملفات بينها ملف تصدير الغاز للمنطقة.

ثم جاء بعد تفجير المرفأ، حادثة الاشتباك المسلح الإيراني ـ الروسي في سوريا، والذي تمثل بمناوشات صاروخية ورشاشة بين الطرفين واسفر عن طرد الروس للفصائل الإيرانية من حقلين للنفط والغاز في ريف الرقة، شمال شرقي سوريا، وفرض السيطرة الروسية عليه حقل “الثورة” النفطي جنوب غربي الرقة، بعد انسحاب فصيل “فاطميون” التابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني.

تحرك عناصر داعش في الحكسة

ما الهدف من تحرك عناصر داعش منذ نحو عامين في محيط الخط الذي تنتشر فيه فصائل مسلحة موالية لإيران، قبل أن تأتي محاولة “الهروب الكبير” من سجن محافظة الحسكة السورية المسيطر عليها من قبل قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ”قسد”.

في خضم الاحداث والتحركات الدبلوماسية، برزت زيارة مستشار الامن الوطني الاماراتي طحنون بن زايد الى طهران، وقيام الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بزيارة روسيا لمناقشة المبادرة الروسية بشأن الاتفاق النووي، لكن دائما هناك بعد اقتصادي.

مع جمع المعطيات الأولية، يبدو على السطح ان الجانبين السياسي الأمني هو المحرك للنشاطات الدبلوماسية، لكن في العمق يبرز الصراع الإقليمي والدولي على ممرات التجارة والطاقة بما فيه تصدير الغاز الطبيعي الى أوروبا.

في محاولة لتفسير مجريات الاحداث حول تصاعد هجمات داعش على مسار الطريق الإيراني الى لبنان عبر سوريا تشير المعلومات بان عناصر مرتبطة بالتنظيم هي من هاجمت سجن الحسكة الذي يحتجز به نحو 5 آلاف من افراد داعش أكثر من نصفهم عراقيون وجزء منهم أجانب، في وقت تعتقل قوات سوريا الديمقراطية ما بين 11 الى 12 إلف من عناصر التنظيم.

هجوم بهذا الحجم (بمشاركة 100 مقاتل انتحاري اضافة الى 100 آخرين من اعضاء الخلاايا النائمة) كان يفترض ان لا يمر دون معرفة مسبقة من جهات اقليمية وحتى من قوات سوريا الديمقراطية التي تضم مقاتلين كرد وعرب.

ويأتي السؤال من المتضرر والمستفيد من الأطراف الممولة لجماعة “قسد” من عملية هروب عناصر التنظيم؟ ربما المعطى الأول يرجح ان الأوروبيين سيكون الأكثر تضررا من احتمال هروب نزلاء سجناء الحسكة، اذ ان جزءا منهم يملكون حواضن في اوروبا وربما يفكرون في العودة الى هناك.

اما الجانب الخليجي خاصة القريب من اسرائيل فيكاد يشكل هروب عناصر التنظيم بالنسبة لهم فرصة لخلط الاوراق بما يدفع لتحقيق مصالحها، مع حقيقة ان تحرك عناصر التنظيم اذا بات فاعلاً قد يربك حسابات وخطط الحرس الثوري الذي يسيطر بشكل كامل على مناطق العراق المتاخمة مع سوريا، ويعتقد الروسي والتركي والخليجي بانها فرصة جديدة للقوات العراقية لفرض سيطرتها على الخط واستبعاد الحشد الشعبي والفصائل الموالية الى الحرس الثوري من حماية الطريق، وبهذه الحالة ستخسر إيران طريقها، لكن طهران بدورها قد تستغل تحرك داعش طالما كان محدودا ومسيطرا عليه لتعزيز نفوذ الجماعات القريبة منها هناك بحجة حماية المنطقة.

أوربا هي المستفيد الى جانب ايران

بالتأكيد يلحق المشروع الإيراني هذا ضررا بالخليجيين والاسرائيليين الى جانب الاتراك والروس لانه يضعف احتمالات انشاء خط أنابيب يمتد من قطر الى تركيا عبر الأراضي العراقية، فالخط الإيراني سيكون أقرب أوروبا عبر البحر المتوسط وربما هذا يدفع الأوروبيين المستهلكين للغاز الى الضغط على الولايات المتحدة للقبول بالاتفاق النووي ما يحول إيران الى قوة اقليمية في مجال توفير الطاقة وينقلها من خانة العدو الى خانة الحليف التجاري، وهذا ما لا يتقاطع مع المصالح الاوربية وتحديدا فرنسا والمانيا، فإيران الشيعية والداعمة لبعض الكرد القريبين من أوروبا يمكنها ان تشكل معادل موضعي مع تركيا القومية والإسلامية التي تحاول ان تكون مرجع للدول السنية وتستخدم تلك الورقة للضغط على الأوروبيين لتحقيق مكاسب لها.

في النهاية المستفيد من الغاز الايراني هو الجانب الأوروبي بما فيه الفرنسي الذي تتقاطع اجندته مع تركيا في العديد من الملفات، بل بات يحاول منافستها في العراق فالفرنسيون يعملون على مشاريع استثمارية في الموصل ومناطق اخرى وهم يدعمون المسيحيين والأقليات الدينية ومن ضمنهم الايزيديين، وهذا لا يقلق الإيرانيين الذين يأملون ان تدفع المصالح الاقتصادية الى اعادة الاتفاق النووي في ظل إدارة بايدن التي تركز جهودها على مواجهة الصين ولا تريد ان تدفع بايران الى المعسكر الصيني الروسي، طبعا دون خسارة الحليف التركي الذي يتمرد أحيانا كثيرة.

وربما يأتي مسعى اقناع قطر في تصدير الغاز عبر تركيا مرورا بالأراضي العراقية الى أوروبا بعد ازمة أوكرانيا مع روسيا لإرضاء تركيا، بالتوازي مع تمرير الاتفاق النووي والعمل على الخط الإيراني للغاز الى أوروبا عبر العراق وسوريا فضلا عن اعادة دعم خط الغاز الإيراني عبر تركيا وهذا ما نقلته وسائل إعلام إيرانية مؤخرا أشارت الى ان طهران تفكر في ذلك. وهذه المشاريع تحتاج الى انفاق عشرات المليارات من الدولارات لتأهيل وتطوير حقول الغاز الايرانية المتضررة بشدة من العقوبات وهو ما يصب في صالح عمل الشركات الاستثمارية الكبرى.

وتأتي هذه التحركات في ظل معطيات ومعلومات من إقليم كردستان تفيد بامكانية حصول اتفاق تركي قطري لاستثمار الغاز في حقول جمجمال المجاورة للخط الغازي الإيراني في العمق العراقي، لكن تركيا لضمان ادامة المشروع تحتاج ان تُمكن الحزب الديمقراطي المتحالف معها من ادارة المنطقة الغنية بالغاز والخاضعة حاليا لادارة الاتحاد الوطني، وهذا ما عمق الأزمة بين الحزبين الكرديين اللذين فقدا الثقة ببعضهما.

وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في مطلع شباط فبراير بعد لقائه برئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني الذي زار انقرة بشكل مفاجئ “قد يتم تزويد تركيا بالغاز من العراق”.

ولم يوضح الرئيس التركي إذا كان الغاز العراقي سيأتي إلى تركيا من الحكومة المركزية أم من إقليم كردستان العراق، لكنه أوضح أنه ناقش الأمر مع بارزاني الذي أبلغه إنه سيفعل ما بوسعه وسيبحث الموضوع مع الحكومة المركزية.

تلك الزيارات والصفقات التي يجري التخطيط لها لن تمر بسهولة، خاصة اذا لم يتم ارضاء الاتحاد الوطني الشريك في ادارة حكومة اقليم كردستان والذي تقع حقول الغاز في مناطق نفوذه، خاصة ان الاتحاد منزعج من تفرد الديمقراطي باتخاذ القرارات بشأن ملف النفط والغاز، ويخشى من تمدد نفوذ الديمقراطي وبمساعدة تركيا الى مناطقه.

كما ان الحكومة الاتحادية ترفض التحركات المنفردة لاقليم كردستان في ملف الطاقة. وربما انزعاج الاتحاد الوطني ورفض بغداد، هو ما دفع المحكمة الاتحادية في منتصف شباط فبراير وبعد نحو عشر سنوات من الدعاوى القانونية باتخاذ قراره بـ”عدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان”، وبـ “إلزام حكومة الاقليم تمكين وزارة النفط وديوان الرقابة المالية الاتحادي بمتابعة ابرام العقود لبيع النفط والغاز في الاقليم”، والزمت المحكمة الاتحادية “حكومة الاقليم بتسليم النفط الى الحكومة الاتحادية متمثلة بوزارة النفط الاتحادية”.

ويرى مراقبون ان في خلفية صدور القرار، رسالة عراقية حركتها جماعات قريبة من ايران مفادها “بدون موافقة ايران ومع أي محاولة لاستهداف مشاريعها، لن تمر أي صفقات”.

خطط اقليم كردستان الغازية

ينبه نواب ببرلمان كردستان ومسؤولون كرد الى أهمية التعاطي بحذر مع الخطط التركية للاستثمار الغازي في اقليم كردستان. ويشير رئيس لجنة الطاقة في برلمان كردستان علي حمه صالح، الى إن احتياطي الغاز الطبيعي في إقليم كردستان والمقدر بـ5.7 ترليونات متر مكعب، يغري تركيا التي تريد استثماره عبر شركاتها.

ويوضح صالح ان نسبة 85% من هذا الاحتياطي تكمن في ستة حقول رئيسية تقع في حدود إدارة منطقة “كرميان”، و”جمجمال” الخاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني، كاشف عن خطةً لإمداد تركيا بغاز الإقليم يمكن ان تتحقق في العام 2025 عن طريق انبوب ناقل سيصل في مرحلته الاولى وخلال فترة قصيرة الى الحدود التركية، محذرا من اقرار مشاريع تلبي حاجات الآخرين قبل حاجة أهالي إقليم كردستان الذي يحتاجون الغاز لتوفير الكهرباء التي تنقطع لأكثر من عشر ساعات حاليا.

وبحسب المصادر الكردية فان حكومة اقليم كردستان عقدت فعليا اتفاقاً مع شركة كار غروب لتمديد خط أنابيبها الغازية لتصل الى الحدود التركية، ومن المتوقع ان يتم تنفيذ المشروع بشكل كامل خلال 16 شهراً.

وحسب موقع “IRAQ OIL REPORT” فقد عقدت وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كوردستان، في كانون الثاني 2021، اتفاقاً مع شركة كار غروب لتمديد خط أنابيب بحجم 36 إنجاً للغاز الطبيعي من حقل كورمور الغازي الى أربيل، ومدّ انبوب آخر بحجم 52 إنجاً من أربيل الى ودهوك. وبذلك يصبح خط الأنابيب الغازية لإقليم كردستان على بعد 35 كيلومتراً من الحدود التركية.

ووصف المشروع بانه سيضع حجر الأساس للصناعة الغازية في إقليم كردستان وتصديره الغاز الى الخارج، لكن ذلك يتطلب استقرارا سياسيا واقتصاديا واستثمارات بمليارات الدولارات لأن أكثرية حقول الغاز المكتشفة في الإقليم غير مشغلة ولم يتم تطويرها. وهذا ربما يفسر الزيارات السريعة التي يقوم بها قادة حكومة الاقليم الى كل من قطر والامارات، فقد زار رئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني العاصمة القطرية في اكتوبر تشرين الأول 2021، وفي 16 شباط فبراير زار رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني الدوحة أيضا وبحث مع أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني توطيد العلاقات في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار.

وبحسب شبكة رووداو الكردية تعتزم شركة دانة غاز زيادة انتاج الغاز الطبيعي في اقليم كوردستان، خلال السنوات المقبلة، على مرحلتين، ليصل حجم الانتاج الى نحو مليار قدم مكعب، حيث سيتم زيادة انتاج الغاز خلال المرحلة الأولى بحجم 250 مليون قدم مكعب والذي يمكن استخدامه لسدّ احتياجات إقليم كوردستان، فيما سيزيد حجم انتاج الغاز 250 مليون قدم مكعب خلال المرحلة الثانية، ووفقاً لدانة غاز يمكن تصدير الغاز المنتج في هذه المرحلة الى خارج إقليم كوردستان.

الاقتصاد في عمق الصراع

معظم التحليلات التي تتناول الصراع الاقليمي الدولي في الشرق الأوسط تركز على الجانبين السياسي والأمني، لكنها تتناسى في الغالب البعد الاقتصادي الذي يحرك الأحداث تمهيدا لعقد الصفقات، التي تركز في العقد الحالي على ممرات التجارة وخطوط نقل الغاز بما فيها الغاز الايراني، والذي يسارع من عقد تلك الصفقات الازمة الاوكرانية.

يقول المحلل الاقتصادي، بهمن آرمان، في مقابلة مع صحيفة “آرمان ملي” متحدثا عن الأزمة الأوكرانية وانعكاساتها على دور إيران في تصدير الغاز إلى أوروبا، ان إيران تعد ثاني بلد في العالم بعد روسيا من حيث حجم الاحتياطي من الغاز الطبيعي، وهي يمكن ان تكون بديلا لأنها تمتلك الإمكانية اللازمة لتصدير الغاز الى اوربا ومنافسة روسيا، لكن الروس وبفضل ما لديهم من نفوذ في إيران حالوا دون تطوير طهران لقدراتها في صادرات الغاز.

لكن الصفقات الكبرى تتطلب ارضاء باقي الأطراف الفاعلة، وهنا قد تكون حصة السعودية من صفقة تمرير الغاز الإيراني الى أوروبا عبر الأراضي العراقية في ربط موانئها مع موانىء البصرة للتشبيك في طريق الحرير الصيني حتى يكون لها تاثير مشابه للتاثير العراقي على الطريق الصيني الجديد، وصرحت المملكة العربية السعودية عن موافقتها على ربط 10 مدن سعودية في البصرة وقد يأتي ذلك كصفقة ضمن الاتفاق النووي.

بالنسبة الى واشنطن التي تنازلت مؤخرا حسب بيان وزارة خارجيتها عن دعم مشروع خط «إيست ميد»، الذي يعبر تركيا وينقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، فهي لن تعطل وصول الغاز الإيراني الى اوربا والذي لا يشكل لها خطرا بقدر خطر الممر البري الذي تريد الصين تحقيقه، بالتالي دعمت واشنطن ما يعرف بمشروع “بوابة العالم” الذي طرحه الاتحاد الأوروبي كمنافس للطريق الصيني الذي يعمل عليه الأوربيون في الشراكة مع الشرق الأوسط ولم تعرف ملامح المشروع الى الان.

ممرات التجارة الجديدة كما ممرات وصول الغاز جعلت العراق دولة وصل مهمة ومنطقة ساخنة للصراع كما لعقد الصفقات، والعقدة هنا تتمثل بقدرة الحكومة العراقية على توظيف الفائدة من هذا الزخم التجاري والاقتصادي لمصلحة الدولة.

المزيد عن تقارير سردیة

تقارير سردیة","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":19470}" data-page="1" data-max-pages="1">