أخبار: “لا مدن آمنة للصحفيين” .. تقرير يوثق الانتهاكات بحق الصحفيين في عموم العراق

“لا مدن آمنة للصحفيين” .. تقرير يوثق الانتهاكات بحق الصحفيين في عموم العراق

يعمل الصحفيون العراقيون في بيئة غير آمنة يواجهون فيها العنف والقتل والاعتقال والتغييب، هذا ما كشفه التقرير السنوي لجمعية “الدفاع عن حرية الصحافة” عن واقع العمل الصحفي في العام 2021 والذي حمل عنوان “لا مدن آمنة للصحفيين في العراق” ووثق 233 حالة اعتداء بحق صحفيين في مختلف مناطق البلاد.

وتقول الجمعية ان العام 2021 لم يختلف كثيرا عن الاعوام السابقة في تسجيله عددا مرتفعا من الانتهاكات ضد حرية العمل الصحفي، منبهة الى أن الوضع لم يشهد تحسنا مقارنة بالعامين السابقين له واللذين شهدا احتجاجات كبيرة “رغم الوعود التي قطعها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بشأن ضمان حرية الصحافة والاعلام”.

وشملت الحالات المسجلة، محاولات اغتيال واختطاف، وهجمات مسلحة طالت صحفيين ومؤسسات إعلامية، وتهديد بالقتل والتصفية الجسدية، وإصابات، ورفع دعاوى قضائية واحكام صادرة واوامر مذكرات القبض، واعتقال واحتجاز، واعتداءات بالضرب ومنع وعرقلة التغطية، فضلا عن اغلاق وسائل اعلام وتسريح عاملين.

وبحسب الجمعية سجلت حالات الاعتداء تصاعدا في المناطق التي شهدت احتجاجات شعبية ضد الفساد وسوء الادارة، مثل السليمانية التي شهدت في الربع الأخير من العام، بحسب سجلات المنظمة، 40 حالة انتهاك ضد الصحفيين.

ووثقت الجمعية خلال العام الماضي 139 حالة اعتداء بالضرب ومنع وعرقلة التغطيات الصحفية في مختلف مناطق العراق، و34 حالة اعتقال واحتجاز، ومحاولة اغتيال واحدة، وعملية اختطاف واحدة، و15 حالة إغلاق قنوات وتسريح عاملين تعسفياً، و13 إصابة لصحفيين أثناء أداء مهامهم الصحفية.

 

40 حالة انتهاك في السليمانية

وشهدت العاصمة بغداد أعلى عدد من الانتهاكات خلال العام، بتسجيلها (66) حالة انتهاك، وجاء إقليم كردستان العراق بالمرتبة الثانية بتسجيل (53) حالة انتهاك، وكركوك بالمرتبة الثالثة حيث سجلت (35) حالة.

وذكرت الجمعية إن هناك “محافظات لم تسجل فيها حالات انتهاك”، وهو ما أرجعته الى هجرة عدد كبير من الصحفيين عنها على وقع التهديدات والملاحقات عقب تظاهرات تشرين 2019، حيث اضطر البعض الى السكوت فيما ترك آخرون محافظاتهم باتجاه اقليم كردستان الى الى خارج البلاد.

وقال رئيس الجمعية، الصحفي مصطفى ناصر، في تصريح لموقع “الحرة” إن “هذا الإحصاء يؤشر إلى عدم اكتراث السلطات العراقية للحصار الذي تضربه الجماعات المسلحة واحزاب السلطة وتحاول تشديده ضد الصحافة والاعلام”.

وتعمل في العراق عشرات المؤسسات الصحفية والإعلامية بمنصات مختلفة، مثل القنوات الفضائية والأرضية والإذاعات والصحف ومواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي.

لكن ناصر يقول إن هذه الزيادة لا تؤشر على اتساع رقعة حرية الإعلام في البلاد كما يعتقد البعض “هذه الزيادة في عدد القنوات نتاج للسياسات الاعلامية للقوى الحاكمة، التي تحاول زيادة عدد قنواتها الإعلامية للتضييق على الصحافة الحرة”. ويضيف “بشكل عام حتى الصحفيون الذين يعملون في تلك الوسائل يواجهون تضييقا بشكل او اخر”.

ودعا ناصر الى إلزام الوزراء الأمنيين بفتح تحقيق بكل حالة انتهاك يرتكبها المنتسب الأمني بحق الصحفي أو يعرقل تغطيته أو يصادر معداته دون وجه حق، بوصفه منتهكا للدستور.

 

قمة جبل الجليد

ويقول الصحفي العراقي عيسى رحمن إن “الانتهاكات التي تسجل هي فقط قمة جبل الجليد بما يتعلق بالتضييق على العمل الصحفي والإعلامي في العراق”.

ويضيف رحمن ان هناك “انتهاكات عديدة لا يتم تسجيلها، تطال كل من يحاول كشف ملفات سياسية أو إنسانية تمس القوى الفاعلة في البلاد”، مؤكدا أن “مقتل صحفي أو تعرضه للتهديد بسبب ملف يعمل عليه يرسل رسالة إلى مئات من زملائه بأنهم سيتعرضون لنفس المصير، لكن الإحصاءات لا تسجل سوى مقتل صحفي واحد”.

ويؤكد رحمن “كما يرسل فصل صحفي أو التضييق عليه أو اعتقاله أو مصادرة أدواته نفس الرسالة”، مضيفا “إذا كان هناك 230 حالة انتهاك فعلي، فهذا يعني إن هناك مئات من الصحفيين الذين سيصمتون خوفا من المصير ذاته”.

ويقول الصحفي زياد المسعودي لموقع “الحرة” إن “الصحافة العراقية تعمل ضمن توجهات ممولي المؤسسات الغنية، وتعبر عنهم، وتهاجم خصومهم”.

ويضيف المسعودي أن “هذه مشكلة كبيرة، لأن أعداد العاملين في هذه المؤسسات والحرفية التي توفرها لهم الأموال التي يتحكمون بها تجعل من الصعب مواجهة رسائلهم، أو الوصول إلى الجمهور الذي قد يخدع بما ينشرون”.

وبالإضافة إلى السلاح والنفوذ الذي تمتلكه جماعات عدة في العراق، يقول المسعودي إن سلاح الإعلام الذي يمتلكونه فعال هو الآخر لإسكات الصحفيين الذين يخافون من تشويه السمعة في حال هددت تحقيقاتهم مصالح تلك الجماعات.

ويقول المسعودي “ربما تكون إحصاءات مقتل واختطاف الصحفيين أكبر بكثير، لو لم تكن سياسة ترهيبهم ناجحة”.

 

توصيات لتحسين الواقع

وأصدرت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة توصيات تنص على إلزام الحكومة العراقية المقبلة بحماية حرية العمل الصحفي، وملاحقة قتلة الصحفيين ومرتكبي الانتهاكات، وطالبت مجلس النواب الجديد بالتعهد بتعديل منظومة القوانين المحددة لحرية الصحافة والاعلام والنشر، وعدم المضي بمناقشة أي مشروع أو مقترح قانون دون مناقشته مع أصحاب المصلحة المباشرة، أضافة إلى خلق آلية لتمويل الصحافة المستقلة من خلال الإعلانات الوزارية لتعزيز الصحافة المستقلة وليس دعم الإعلام الحزبي كما يجري الان”.

ويحتل العراق المرتبة 163 عالميا وفقا لمؤشر حرية الصحافة الذي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود في عام 2021، وهو في المركز الخامس عشر عربيا، بعد الصومال والسودان، وقبل الجزائر.

ورغم كثرة وسائل الاعلام بالعراق وتعدد توجهاتها وفق مصادر تمويلها ودعمها المختلفة، ومع عدم وجود سيطرة مركزية من الحكومة على وسائل الاعلام وعدم وجود رقابة أمنية على عملها كما في غالبية الدول العربية، الا ان الانتهاكات ومحاولات التضييق تأتي في الغالب من الجماعات المسلحة والمجموعات السياسية النافذة في البلاد.

 

مراسلون بلا حدود: مقتل 46 صحفياً حول العالم

على صعيد العالم أعلنت منظمة “مراسلون بلا حدود” في تقريرها السنوي عن وجود 488 عاملا في مجال الإعلام مسجونا في العالم خلال العام 2021 في عدد اعتبرته قياسيا، فيما أحصت مقتل 46 صحافيا في أدنى حصيلة منذ عشرين عاما.

وقالت المنظمة المدافعة عن حقوق الصحافة: “لم يكن يوما عدد الصحافيين المسجونين مرتفعا إلى هذه الدرجة منذ إنشاء التقرير السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود عام 1995”.

وأشارت المنظمة إلى أن هذه الزيادة الاستثنائي بنسبة 20% في عام واحد ناجمة “بشكل أساسي عن ثلاث دول” هي بورما وبيلاروس والصين التي تسبب قانونها للأمن القومي الذي فرضته في هونغ كونغ عام 2020 بارتفاع حاد في عدد الصحافيين المعتقلين في هذه المدينة.

وأوضحت المنظمة أنها لم تسجل يوما “عدد صحافيات معتقلات” مرتفع إلى هذه الدرجة ويبلغ 60، أي أكثر بالثلث مقارنة بالعام 2020.

وفيما يمثل الرجال معظم عدد الصحافيين المسجونين في العالم (87,7%)، إلا أن بيلاروس هي الدولة التي احتجزت عدد صحافيات (17) أكبر من عدد الصحافيين الذكور (15).

والدول الخمس التي تسجّل أعلى عدد صحافيين معتقلين حتى الأول من ديسمبر هي الصين (127) وبورما (53) وفيتنام (43) وبيلاروس (32) والسعودية (31).

وبلغ عدد الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام الذين قتلوا عام 2021، حده الأدنى منذ عشرين عاما مع 46 قتيلا، بحسب المنظمة.

وأكدت “مراسلون بلا حدود” أن “هذا الاتجاه التنازلي الذي تكثف منذ 2016، يفسر خصوصا بتطور النزاعات الإقليمية (سوريا والعراق واليمن) واستقرار الجبهات بعد عامي 2012 و2016، خصوصا تلك المميتة”. وأضافت أن معظم هؤلاء القتلى تعرضوا للاغتيال: “65% من القتلى يتم استهدافهم والتخلص منهم عمدا”.

وصنفت المنظمة المكسيك وأفغانستان البلدين الأخطر للصحافيين، وقد قتل فيهما على التوالي 7 و6 صحافيين، يليهما اليمن والهند في المرتبة الثالثة مع مقتل أربعة صحافيين في كل منهما.

وأحصت مراسلون بلا حدود أيضا أخذ ما لا يقل عن 65 صحافيا ومتعاونا مع وسائل إعلام، رهائن في العالم أي أكثر باثنين مقارنة بالعام الماضي.

وأوضحت أن “جميعهم رهائن في ثلاث دول في الشرق الأوسط: سوريا (44 صحافيا) والعراق (11) واليمن (9)” باستثناء الصحافي الفرنسي أوليفييه دوبوا المحتجز منذ أبريل في مالي.

المزيد عن أخبار

أخبار","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":19409}" data-page="1" data-max-pages="1">