

ميسر الأداني وفريق نيريج:
“كانت أمي توقظني كل صباح وهي تداعب خصلات شعري لأذهب الى المدرسة. لطالما حلمت بذلك قبل ان استيقظ على صراخ “أبو عمر” لأجد نفسي في معسكر أشبال الخلافة تنتظرني عقوبة غليظة اذا لم اسارع للحاق ببقية الاطفال الذين يهيئون للقتال”.
قبل ذلك بأشهر كان أيمن خليل الذي بالكاد بلغ العاشرة من عمره يواضب على ارتياد مدرسته الطينية في مجمع سيبا شيخ خدر طالباً في الصف الثالث، لكن كل شيء تغير مع دخول مقاتلي تنظيم داعش الى سنجار في الثالث من آب 2014 وارتكابهم عمليات قتل جماعية وخطف بحق السكان.
في ذلك اليوم وقع أيمن مع 23 فرداً من عائلته في قبضة مقاتلي التنظيم، استرد 19 فردا منهم حريته في أوقات متفرقة من حكم التنظيم لنينوى والأنبار ومساحات واسعة من سوريا، فيما بقي هو أسيرا طوال خمس سنوات يُنقل من مدينة الى أخرى، ومازال أربعة من أفراد عائلته مجهولي المصير.
تركت تلك السنوات آثارا عميقة في روحه وجسده، تخشى عائلته التي كانت محظوظة بالعثور عليه في سوريا ودفعت مبلغا ماليا كبيرا مقابل تحريره، أن تظل تلازمه كل حياته فهي “محطات لا تمحى أبداً بما حملته من آلام وقصص مفزعة” يقول أحد أصدقائه.
لا يذكر الفتى السنجاري، الذي يلتزم الصمت طوال الوقت ويفضل الانزواء والرد على الأسئلة بجمل قصيرة، الكثير من تفاصيل حياته قبل “الفرمان الأخير” على منطقة سنجار وسيطرة داعش عليها خلال ساعات بعد انسحاب القوات العراقية وقوات البيشمركة تاركين الأهالي تحت رحمة تنظيم يعتبرهم كفرة وعبدة نار.
يقول “بعد ساعات من تعالي أصوات الرصاص والقنابل عرفت عائلتي ان المنطقة سقطت وان علينا الفرار .. اتجهنا نحو الجبل بسيارة حوضية لكن في منطقة صولاخ تمت محاصرتنا والقي القبض علينا، كان مجموعنا 18 فردا اقتادونا الى تلعفر وهم يضحكون ويستهزئون بنا”.
يومها فر عشرات الآلاف من الايزيديين باتجاه جبل سنجار هربا من عمليات التصفية، فيما نزح قسم من المسلمين الكرد عبر عدة طرق باتجاه الموصل ومناطق اقليم كردستان خوفا على حياتهم وسط الفوضى خاصة أن كثيرين منهم كانوا ينتمون إلى قوات البشمركة الكردية ويشكلون هدفاً مباشراً للتنظيم.
غير أن آلافا آخرين من الايزيديين لم يجدوا الفرصة للهرب، ما أوقعهم بأيدي عناصر التنظيم الذي تصرف امراؤه وفقاً لاجتهاداتهم فمنهم من أباح قتل كل الرجال والفتية ومنهم من رأى بامكانية دخولهم الاسلام، لكن الأمر انتهى في المجمل بعمليات تصفية وسبي وخطف، فقتل أكثر من 1300 ايزيدي خلال أيام وخطف أكثر من 6400 معظمهم من الأطفال والنساء.
بعيون دامعة يستذكر أيمن أيامه الأولى في الأسر، حين وجد نفسه فجأة وحيداً دون عائلته، مجندا في صفوف التنظيم.”وأنا في العاشرة من عمري أصبحت مقاتلا في معسكراتهم، بعيدا عن أمي وقريتي استيقظ فجر كل يوم على تهديداتهم ان لم نسارع في اللحاق بالتدريب”.
لم يمنع صغر سنه وتوسلات أمه بعدم فصله عنها. بعد أسابيع تم نقله الى معسكر لتدريب الأطفال ضم الى جانب الأطفال العرب عشراتٍ من الأطفال الايزيديين الذين كانوا يهيئون ليصبحوا انتحاريين او مقاتلين في الصفوف الأمامية.
مقاتلون وانتحاريون
يفتح موبايله، الذي وضع اسم صديقه بيرهات (اسم كردي يعني الذكريات) كمفتاح سري له، وفاءً لذكراه بعد ان فقده في احدى المعارك التي خاضاها معا في سوريا. يبحث بين الصور عن صورته عندما كان في قبضتهم هو ورفاقه من الاطفال المجندين.
لا يعرف أيمن مصير غالبية الأطفال الذين كانوا يتلقون معه التدريبات على السلاح الى جانب الدروس الدينية والعقائدية “كانوا يقسموننا الى مجاميع، ويأخذون بين فترة وأخرى بعضنا الى المعارك ليقاتلوا حتى الموت او يفجروا انفسهم. بعضهم كانوا يختفون فجأة”. واستدرك: “ربما كانوا يعودون الى عائلاتهم مقابل اموال”.
يؤكد أيمن، أن ليس الكل كانوا مجندين رغم عنهم، فقد كان هنالك أطفال متطوعون ضمن صفوف التنظيم عرب وأجانب جاءت بهم عائلاتهم من مناطق متفرقة لأنها تؤمن بالقتال لتحقيق النصر او دخول الجنة. “كان من الصعب الاختلاط بهم فكنا في مجموعات متنافرة، نلتقي فقط أثناء المعارك”.
فيما كان المتطوعون للجهاد يحظون باحترام كبير، كان الاطفال الايزيديون يواجهون كل الوان التعذيب الجسدي والنفسي. يقول ايمن “ألزمونا باداء الصلاة وحفظ القرآن ومتابعة دروس العقيدة اضافة الى التدريب.. واذا غضبوا منا لأي سبب كانوا يصفوننا بالكفرة وابناء الشيطان وعبدة النار وينهالون علينا بالضرب”.
ما واجهه أيمن تكرر مع سفيان رشيد (20 عاما) و برزان عيدو (16 عاما) اللذين شهدا كل أنواع التهديد والتعذيب والتلقين في معسكرات التدريب والتأهيل الخاصة بالتنظيم سواء في نينوى العراقية او في الرقة وديرالزور السوريتين.
مختطفون ومفقودون
يصف باحثون ايزيديون، ما كان يحصل في تلك المعسكرات، بأنه ليس مجرد سلب لحرية الانسان في الحياة والمعتقد، بل تطويقه بظروف يصبح فيها خاضعا تماما، ومع الدروس الدينية المتوالية يتم غسل دماغه.
ذلك تماما ما حصل لأيمن الذي لم يستطع حتى بعد أكثر من عامين على تحريره، نسيان ما تم تلقينه له. يقول “لا استطيع نسيان تلك الأشياء .. لا أعرف هل فتحوا رأسي أو أعطوني حبوباً معينة حتى تبقى في ذاكرتي..في بعض الليالي أراهم يعودون مجددا، يجردونني من ثيابي ويضربوني وأنا أصرخ وأحاول الهرب”.
يضيف وهو يسند ظهره بعمود خيمته “في السنة الأولى بعد تحريري، كنت استقيظ فجرا في اوقات الصلاة واستمع الى القرآن دون أن يحس أحد بي، تعودت على ذلك في سنوات التجنيد”.
تقدر مديرية شؤون الايزيديين باقليم كردستان عدد الذين تم خطفهم بـ 6 آلاف و417 ايزيدياً، بينهم 3 آلاف و548 من الذكور (رجال وأطفال) والفان و869 من النساء والفتيات بينهم اطفال.
وتشير الى ان عدد المختطفين الذين تم انقاذهم يزيد على 3 آلاف و550، بينهم الف و209 من الرجال، 339 من النساء بالإضافة لألف و49 من الأطفال الذكور و956 من الاناث، فيما لايزال مصير الفان و763 مختطفاً مجهولاً، الف و293 منهم من النساء والفتيات والف و470 من الرجال والأطفال الذكور .
من سيبا شيخ خدر الى الباغوز
بعيدا عن مخيم النزوح في الشيخان، وذكريات سنوات الاستعباد التي لا تفارقه، بالكاد يذكر أيمن قريته سيبا شيخ خدر التي ولد وعاش فيها سنوات طفولته الأولى. لا شيء غير شريط متقطع من صور أمه ووالده وبعض اصدقائه وساعات لعبهم في اطراف المجمع الذي كان يضم نحو 30 الف ايزيدي لم يعد منهم أحد فالدمار يلف الى اليوم كل أرجاء المجمع.
تعد سيبا شيخ خدر الخط الأول من المجمعات الايزيدية الكردية المقابلة للمناطق العربية، وهي اداريا تتبع قضاء البعاج ضمن حدود تلعزير التي يطلق عليها رسميا بناحية القحطانية، والتي اصبحت عقب سقوط نظام حزب البعث في 2003 ودخول البيشمركة اليها تتبع قضاء سنجار.
ذلك القرب من المناطق العربية، التي تضم بلدات وقرى عرفت طوال عقد التسعينات من القرن الماضي بانتشار السلفيين فيها، وتحولها بعد 2003 الى مركز للجماعات الاسلامية التكفيرية المناهضة للأمريكيين ولنظام الحكم الجديد في البلاد، جعل من سيبا شيخ خدر ميدانا لتصفيات دموية وعمليات تدمير هائلة في ظل تهمتين جاهزتين بحقهم، انتماؤهم الديني الايزيدي وكونهم كردا موالين للبيشمركة.
ذات الجماعات كانت قد هاجمت في 14 آب أغسطس 2007 بأربع شاحنات مفخخة مجمعي سيبا شيخ خدر والقحطانية، ما خلف دمارا هائلا وأدى الى مقتل 320 قتيلا وأصابة نحو 1200 من الايزيديين. لكن هجومها في آب 2014 كان مختلفا، فقد هاجم مقاتلون متشددون من العرب والتركمان البيوت الايزيدية في كامل سنجار. شهدت الساعات الأولى عمليات اعتقال وقتل جماعية، ثم عمليات نهب واسعة. وجرى لاحقا فصل الأطفال عن عوائلهم.
“كانت تلك ساعات اللقاء الأخيرة لمئات الأمهات مع أبنائهن الذين فُقِدوا الى الأبد. ساعات مليئة بقصص الاعدامات الفورية والغياب الأبدي والتوسلات والصرخات والدموع” تقول حليمة حسن الكاتبة المهتمة بالشأن الايزيدي.
وتضيف “تحدث المجتمع الايزيدي كما الدولي عن الفتيات، لكنه تناسى مئات الأطفال الذكور مجهولي المصير. غالبيتهم ربما اليوم يعيشون ضمن عوائل داعشية، ويتربون على عقيدة أخرى تؤمن بالجهاد والانتقام”.
ذلك الطفل الأسمر، الذي انتزع من عائلته وقريته ومحيطه، لم يكن يعرف يومها غير اللغة الكردية والدين الايزيدي لكن أصبح لزاما عليه اعتناق دين آخر والتحدث بلغة أخرى وتقبل ثقافة مجتمعية مغايرة لكي يضمن الاستمرار في الحياة.
بعد اشهر من “يوم الفرمان” (الاسم الذي يطلقه الإيزيديون على غزو داعش لمناطقهم) تحول الطفل الايزيدي “أيمن” في سجلات تنظيم داعش الى الفتى المجاهد “ابو معاوية” الذي يرتدي الملابس الافغانية. فذلك الاسم هو ما اختاره له ابو عمر المصلاوي الأمير في التنظيم الذي كان مسؤولا في المعهد الشرعي بالبوكمال السورية.
يقول أيمن: “بعد الخطف نقلت الى المعهد الشرعي بتلعفر، بقيت فيه لأكثر من عام مع نحو 300 طفل ايزيدي آخر من مختلف الاعمار، كنا جميعا نتلقى دروسا في القرآن والعقيدة والقراءة والكتابة والآداب الاسلامية”.
بعدها تم نقل الفتى الى الموصل لتهيئته لمرحلة ما بعد الدروس الدينية “عشت هناك مع أطفال آخرين في منزل كبير ذي طابقين كان ممنوعا علينا الخروج منه، كان يفترض ان يتم تهيئتنا للعمل الجهادي، لكن محيط المكان تعرض للقصف أكثر من مرة، فتم نقلنا بسيارات كبيرة الى سوريا وهناك وزعونا على معسكرات تدريبية وعلى امراء التنظيم”.
في سوريا تدرب ايمن على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة الى جانب العبوات الناسفة في أكثر من اربعة معسكرات متفرقة يذكر منها “معسكر ابو علي، ابو بكر، ابو مصعب الزرقاوي، ومعسكر عمر الشيشاني”. كما عمل في المطبخ على اعداد الطعام “كان هنالك جدول محدد للتدريب، ومواقيت للأكل صباحا ومساء، ودروس توجيهية. وكان علينا الالتزام بكل التعليمات فالتعذيب ينتظرنا عند أصغر مخالفة”.
لم يكن ايمن قد أكمل عامة الثاني عشر حين أقتيد الى جبهات الحرب، واشرك في بعض المعارك. “كانوا يكلفوننا بواجب محدد، كأن نطلق النار على هدف ما أو نراقب موقعا معينا… نجوت انا من الموت، لكن آخرين لم يعودوا أبدا.. هناك فقدت خمسة من رفاقي الايزيديين”.
لا يعرف أيمن مصير مئات الأطفال الايزيديين الآخرين الذين رافقوه في تلعفر والموصل وديرالزور والرقة فقد تفقروا بعد ان وزعوا بين المعسكرات وفي بيوت الامراء.
ولم يصدق أبداً بأنه سينجو من جحيم المعارك المتوالية والقصف الذي كان يشتد عليهم شهرا بعد آخر، لكن القدر كتب له ان يعيش حتى آخر معارك التنظيم قبل انهياره الكامل في الباغوز بدير الزور السورية.
معسكرات بمهام متعددة
يقول الباحث في الشأن الايزيدي حسو هورمي، الذي ألف عدة كتب عن منهجية التنظيم في التعامل مع الايزيديين بما فيهم الأطفال المخطوفين، ان داعش أنشأ معسكرات اطلق عليها تسمية (أشبال الخلافة) اتسمت “بتنظيمٍ عالي المستوى، اعتمد برامج خاصة بتدريب وتهيئة الأطفال تجعلهم ينقطعون تماما عن ماضيهم، ويصبحون في النهاية مقاتلين مخلصين ينفذون الأوامر”.
يضيف هورمي “كان يتم تهيئتهم نفسيا وجسديا لخوض غمار الحرب وحتى القيام بالعمليات الانتحارية. لكن لم تكن هذه هي المهمة الوحيدة التي يهيئون لها، بل أيضأ التدرب على تولي مهمات إستخبارية لمصلحة داعش وكان ويُطلق عليهم اسم (العيون)”.
ويحدد الباحث أسماء وأماكن أبرز معسكرات تدريب الأطفال والفتيان في “دولة الخلافة” وهي (السلامية، نمرود جنوب شرق الموصل. معسكر الغزلاني وسط الموصل. معسكر الحضر جنوب الموصل. معسكر تلعفر غرب الموصل في العراق. معسكر أشبال الفاروق، معسكر الخليفة ومعسكر الشريعة في الرقة السورية).
امتدت ساعات التدريب في تلك المعسكرات بين 8 الى 10 ساعات يوميا، واشتملت على تدريبات اللياقة البدنية واستخدام السلاح والتصويب واستهداف الخصوم في مواقف مختلفة، الى جانب طرق إستخدام المتفجرات، وإقتحام الثكنات العسكرية والأبنية السكنية.
وكان الاطفال يتلقون في تلك المعسكرات دروسا مكثفة عن القرآن والشريعة الإسلامية ضمن مسار التوجيه العقائدي الداعشي، الذي يفرض قتال المرتدين وتطبيق الشريعة ومبايعة الخليفة، الى جانب مشاهدة فيديوهات عمليات النحر التي يقوم بها التنظيم بحق المخالفين لأفكاره، وكان يصطحب احيانا الأطفال لمشاهدة عمليات الإعدام مباشرة من عمليات قطع للرؤوس والرجم والإلقاء من بنايات عالية.
وبحسب هورمي فان “التنظيم حاول عبر تلك الدروس، وعبر التشجيع والترغيب وأحيانا التهديد والضرب، غسل أدمغة الصغار وغرس مبدأ الجهاد في عقولهم ونجح في ذلك بحالات كثيرة، ونتيجة ذلك نراها في عمليات القتل والانتقام اليومية التي تقع في معسكر الهول بسوريا”.
من مختطفين الى مقاتلين وانتحاريين
في عام 2017 ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو صور من قبل تنظيم داعش للطفلين الايزيديين المختطفين “ايمن الياس وامجد الياس” وهما من مواليد تل قصب جنوبي سنجار، عقب تنفيذهما لعملتين انتحارتين في الموصل، بعد تلقي تدريبات مكثفة في معسكرات التنظيم خرجا منها “مجاهدين تكفيريين” حملا اسمي “ابي خطاب وابي يوسف”.
ذات الأمر خطط له التنظيم مع مئات من الأطفال الايزيديين الذين اخضعوا لما يصفه باحثون بعمليات غسل للأدمغة يفترض ان تنتهي بانكار ماضيهم وتكفير عائلاتهم السابقة ونبذ الديانة الايزيدية والاستعداد لأي فعل “يقربهم من الجنة”.
يسرد سفيان رشيد الذي اختطف من منطقة صولاخ (2 كيلو متر شرق سنجار) حين كان في الرابعة عشرة من عمره مع اقربائه وشقيقه الأصغر، وأُلحِق بمعسكرات الأشبال، محطات من معاناته خلال السنوات الخمس التي قضاها مسلوب الحرية.
يقول “فصلوني عن عائلتي واقتادوني الى تلعفر وهناك اجبروني على النطق بالشهادتين واعتناق الاسلام. وبعد اشهر من الجوع والألم والخوف من مجهولية مصيرنا اذا كنا سنُقتل أم يفرج عنا، أدخلوني الى معسكر تدريبي في الموصل مع ايزيديين اخرين ولاحقا في سوريا”.
يواصل رشيد الذي اطلق عليه اسم “أبوعائشة السنجاري” حديثه :”خلال سنتين درسونا اسس الدين الاسلامي، وقالوا لنا انه الدين الحق وان اعتناق أي دين آخر سيكون مصير صاحبه النار. لم نفهم الكثير مما كان يقال لكننا كل نحفظه ونردده تجنبا لمعاقبتنا وتعذيبنا”.
يشير رشيد الى أن التعاليم الجديدة كانت تجد طريقها لعقول بعض الأطفال خاصة الأقل سناً “حتى كنا نخشى الحديث امامهم”. ويؤكد ان كل ذلك لكي نكون مهيئين للجهاد.ويضيف “حين أمروني بالمشاركة في المعارك رفضت، فتعرضت للتعذيب.
في خريف العام 2017 تعرض المكان الذي تواجد فيه رشيد بمنطقة الرقة السورية الى هجوم بالصوارخ اصيب خلاله بجروح بليغة ونقل للعلاج في احد مستشفيات التنظيم التي عجزت عن انقاذ قدمه اليمنى ما اضطرهم الى بترها.
يقول: “في فترة العلاج تعرفت على شخص كردي وتمكنت بمساعدته من الهرب، كان ذلك في نهاية العام 2017 حين التقيت ببقية افراد عائلتي ممن نجوا من الابادة. في الخيمة الصغيرة التي جمعتنا اختلط الفرح بدموع حزنهم على حالتي وفقداني لساقي”.
لا تختلف تفاصيل قصة “برزان عيدو” (16 ربيعا) وهو ناجٍ آخر من معسكرات الخلافة، عن حياة رشيد، فقد خسر يده اليسرى في آخر معركة خاضها الى جانب التنظيم، لكن ألمه أكبر بسبب فقدانه لوالدته.
يقول والدموع تلتمع في عينيه:”حين افترقنا وعدتني امي ان نلتقي مجددا. لكنها لم تعد وانا لم يعد أسمي برزان، أصبح ابو عمر السنجاري. مرت ست سنوات ومازلت انتظرها. نسيت كل أوجاعي لكن لا يمكنني انسى ملامح وجه أمي ودموعها على فراقنا ساعتها”.
يصمت لبرهة محاولا تمالك نفسه قبل ان يتابع:”كنت في العاشرة حين سلموني لعائلة داعشية في سوريا، بقيت مع أفرادها نحو عامين قبل ان يتم بيعي”.
يضيف “وجدت نفسي في معسكر تدريبي، ألبسوني ملابس افغانية، وأذاقوني انواعا من التعذيب، وعلموني استخدام الأسلحة والمتفجرات لكي أكون مقاتلا قويا. شاركت فعلا في القتال وفي الصفوف الأمامية وفيها جرت وبترت يدي اليسرى”.
كتب لأيمن وسفيان وبرزان، النجاة من الموت والتحرر من داعش، لكن مئات آخرين من اطفال الايزيدية مازالوا مختطفين أو قتلوا في المعارك التي اجبروا على خوضها او خلال عمليات القصف الشديدة.
مجهولو المصير
بحسب نشطاء ايزيديين ومنظمات تعمل في مجال التوثيق، وقع أكثر من 1700 طفل ايزيدي من الذكور (من مجموع 6417 ايزيديا مختطفا) في قبضة التنظيم اثناء غزو مدينة سنجار، تم تحرير نحو 950 منهم ومازال مصير البقية غير معروف، وتحاول عائلاتهم وبدعم مؤسسات رسمية تحريرهم او التثبت من مصيرهم.
يقول الناشط برجس خضر (35 عاما) محاولا تفسير “غياب” هؤلاء الأطفال بعد سنوات من تدمير التنظيم: “تم غسل ادمغة غالبية الأطفال في معسكرات أشبال الخلافة التي انتشرت في نينوى ومناطق سورية مختلفة. نعم هناك اطفال قتلوا بعد زجهم في القتال لكن قسما آخر اخذتهم عائلات عربية تتواجد في سوريا وأخرى تركمانية فرت الى تركيا”.
ويؤكد برجس الذي يعمل منذ سنوات على تحرير المختطفين، انه يملك معلومات ووثائق عن الاطفال المختطفين وتسجيلات صوتية تبين ان كثيرا منهم يتواجدون في مخيم الهول وفي مناطق مختلفة بسوريا وتركيا “نعمل مع الجهات المعنية على تحريرهم رغم صعوبة ذلك فقد اندمجوا في عائلات جديدة ومر على وجودهم فيها سنوات”.
برجس الذي زار أكثر من مرة مخيم الهول منذ تحرير الباغوز، بحثا عن الأطفال المفقودين بعد ان جمع معلومات عنهم وعن أماكن ظهورهم الأخيرة، تمكن خلال نحو ثلاث سنوات من تحرير اكثر من 100 طفل، لكن عمليات التحرير تباطأت وأصبحت أصعب مع مرور الوقت. يقول بشيء من اليأس: “كل يوم يمر تصبح المهمة أصعب”.
يحصل برجس وناشطون آخرون مع مؤسسة تحرير المختطفين في اقليم كردستان، على المعلومات عن الأطفال المختطفين من مصادر مختلفة بينها اولئك الذين يتم تحريرهم بين فترة واخرى.
ويرى مكتب انقاذ المختطفين ان نجاحهم في تحرير البعض حتى في الأسابيع الاخيرة ونجاح آخرين في الفرار من عوائل التنظيم، يؤكد وجود مئات آخرين على قيد الحياة في ظل ظروف لا تسمح لهم بكشف هوياتهم الحقيقية، ما يتطلب تكثيف الجهود لانقاذهم.
تركيا ومخيم الهول
تؤكد نوفة خلف (25 عاما) التي تحررت في حزيران 2020 من مخيم الهول، تلك الحقيقة: “رأيت العديد من الأطفال الايزيديين في مخيم الهول مع عائلات عربية، بعضهم كان مكان وجودهم معروفا لدي حتى يوم خروجي، لكن آخرين تم تغير أماكنهم. لا أعرف ربما نجحت عوائلهم في الفرار الى أماكن أخرى”.
تضيف: “هناك عائلات استخدمت الأطفال كخدم لها حتى في داخل المخيم. بعضهم يبدو انه نجح في الخروج، سمعت من جيرانهم انهم توجهوا الى تركيا، خاصة العوائل العراقية التي كانت مع داعش”.
عيدو كوجو (40 عاما) وهو ايزيدي نازح في دهوك فقد عددا من أقربائه خلال الغزو، يقول انه حصل على معلومات عن ابن شقيقه المخطوف “سمعت انه في تركيا لدى عائلة امير داعشي فر من سوريا. وبعد متابعة استمرت لأسابيع ودفع مبلغ مالي لأحد المتعقبين، اختفى الأمير ولا نعلم اي شيء عن طفلنا الذي كان معه منذ سنوات”.
ينقل كوجو ارقاما لم نستطع التحقق منها تشير الى تمكن ايزيديين (عوائل ونشطاء) من تحرير نحو 50 طفلا من تركيا خلال ست سنوات. ويعرب عن قناعته بوجود مئات آخرين هناك سواء مع عرب من أمراء داعش الفارين او مع عوائل من تلعفر، مطالبا الحكومية العراقية بمساعدتهم لانقاذهم واستعادتهم من تركيا.
ما يؤكد كلام عوائل المختطفين، استعادة حكومة اقليم كردستان لطفلين ايزيديين من قرية وردية في سنجار، كانا قد ظهرا في دار للأيتام بتركيا قبل ثلاث سنوات بعد ان تخلت عنهما كما يبدو “العائلة الداعشية” التي تبنتهما بعد فرارها من سوريا.
تسليم الطفلين جرى بشكل رسمي خلال زيارة رئيس اقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني الى تركيا في ايلول 2020، حيث اعاد الطفلين معه الى الاقليم في ختام الزيارة.
غسل الأدمغة
في دراسة أعدها أياد عجاج، بعنوان “أطفال ايزيديون في ظل تنظيم الدولة” يحدد الكاتب مرحلتين أساسيتين لتحويل الأطفال الى مقاتلين، تتمثل الأولى بالتدريب البدني والثانية بالتهيئة الفكرية والعقائدية.
تتضمن مرحلة التدريب البدني “تهيئة الاطفال بدنيا في العسكرات من خلال الهرولة والركض لمسافات طويلة ومن ثم تمارين البنية الجسمانية كالشناو، ولاحقا التدريبات القتالية التي تشمل تحمل الضربات بالأيدي والأقدام، وانتهاءً بكسر العصي على أجساد المتدربين”.
فيما تتضمن مرحلة التهيئة الفكرية، دروسا تمزج بيت التعليم الديني الأساسي والدروس العقائدية “فكان التنظيم يأخذ الأطفال الى الجوامع لأداء الصلاة وتلاوة القرآن، اضافة الى تلقينهم أفكار داعش ومبادئه، والتحريض على كل من يخالفها”.
ينفي حازم خلف (15 عاما) الذي بقي مختطفا لنحو خمس سنوات، قيام التنظيم باعطائهم حبوبا معينة لحثهم على القتال او تنفيذ عمليات تفجير. يقول: “حين كنت في المعسكر تشكلت لدي قناعة بالجهاد. لا اعرف كيف، ربما غسلوا دماغي بالدروس كما تقول عائلتي. لكني كنت مستعداً ان افجر نفسي في اي مكان لأدخل الجنة”.
يضيف وهو يعدل شعره ويشير الى بنطال الجينز الذي يلبسه “كنت ارتدي الملابس الأفغانية وأردد شعاراتهم واحفظ آيات عن الجهاد والاستشهاد، وكرهت الدين الايزيدي وكل معتقداتنا.. حتى بعد تحريري بقيت أصلي واصوم لنحو عام”.
اطفال ايزيديون آخرون بقيت دروس داعش الدينية محفوظة في صدورهم لأشهر، ويرددون آيات قصيرة خاصة في ساعات المساء. وبعضهم كان يتعارك مع أفراد عائلته بشأن تصرفات محددة، ويصفهم في لحظات الغضب بالكفرة.
يجمع باحثون ايزيديون، ان الهدف الأساس لتنظيم داعش من تجنيد الأطفال عموما بما فيهم الايزيديين كان “تهيئة جيل جديد” من عناصر التنظيم، جيل مؤدلج ومُعتاد على العنف حسب مناهجهم التدريبية والدراسية والنفسية، ومُدرب جيداً ومستعد للقتال حتى النهاية.
يقول الباحث حسو هورمي “أرادوا بناء جيلٍ مُعتاد على مشاهدة وتنفيذ الإعدامات بدم بارد ودون تردد، جيل من المقاتلين الشرسين والذباحين والإنتحاريين يحمل بايمان أفكاره وعقيدته؛ ليخلق حالة مجتمعية ممتدة وراسخة تابعة ومخلصة لأهدافه”.
ما حصل شكل جريمة بحق كل الأطفال المجندين لكن الوضع مع الأطفال الايزيديين كان مختلفا، فلم يكونوا متطوعين او دخلوا المعسكرات تلبية لحاجة عوائلهم المالية او لإظهار ولائهم للتنظيم.
“هم جندوا رغما عنهم عقب اعتبارهم غنائم حرب، ما برر استعبادهم وفصلهم عن عوائلهم وسبي امهاتهم وقتل أبائهم وأشقائهم، ونقلهم إلى بيئة بعيدة عن مسقط رأسهم لاعادة تأهيلهم وجعلهم وقودا لحربهم، فالجريمة هنا بحقهم مركبة” يقول هورمي. ويضيف “هؤلاء ضحايا مرتين، مرة بسبب خطفهم وحرمانهم من عوائلهم، ومرة بسبب نقلهم لعوائل جديد وتربيتهم فيها كجهاديين”.
وأقر تنظيم داعش بتاريخ 12 تشرين الأول اكتوبر 2014 من خلال مجلة دابق التي كان يصدرها باللغة الانكليزية انه وزع النساء والاطفال الإيزيديين الذين تم اسرهم على مقاتليه الذين شاركوا في غزوة سنجار كغنائم حرب، مشيرا الى ان توزيعهم جرى وفقا لاحكام الشريعة.
وأوضح التنظيم حينها ان اتباع الديانات السماوية مثل المسيحية واليهود لديهم خيار دفع الجزية او اعتناق الاسلام لكن هذا لا ينطبق على الإيزيديين لأنهم ليسوا من اهل الكتاب .
وبحسب احصاءات ايزيدية فان نحو الف و300 ايزيدي فقدوا حياتهم خلال اليوم الأول من اجتياح سنجار، دفن معظمهم في نحو 80 مقبرة جماعية، ومات المئات في الأيام التالية، وادى الهجوم الى تيتم الفين و745 طفلاً ايزدياً من ناحية الاب .
معاناة ما بعد التحرر
رغم تحرر مئات الأطفال الايزيديين، ممن قضوا سنوات مع عوائل داعشية بسبب صغر أعمارهم، او الحقوا بمعسكرات الخلافة، فان معاناتهم ومعاناة عائلاتهم لم تنتهي “فكوابيس وتعاليم وعادات حياتهم السابقة ظلت تلازمهم، وسنوات التعذيب ومرارة فقدان أحبتهم لم تفارقهم، وأحالت حياتهم الى قلق وألم دائمين” بحسب ناشط ايزيدي شهد معاناة العديد من العائدين.
يقول مفضلا عدم ذكر اسمه:”اغلبهم غريبون في سلوكهم، انطوائيون أو سريعوا الغضب تراهم عدوانيين، يقومون أحيانا بالاعتداء على أفراد عائلاتهم ومن يعيشون معه في المخيم. أعرف أكثر من واحد ينام وتحت وسادته سكين أو آلة جارحة ربما تخوفا من حصول شيء”.
يقول جلال فارس شنكالي (40 عاما) وهو أب لثلاثة أطفال تعرضوا للخطف:”اطفالي بعد تحريرهم وعودتهم كانوا عدوانيين جدا.. اتفهم انهم عاشوا حياة صعبة وواجهوا الكثير من الويلات خلال فترة اختطافهم ودخولهم لمعسكرات الخلافة التي جرى فيها غسل لأدمغتهم فتحولوا الى أشخاص آخرين”.
يضيف: “كانوا قد نسيوا لغتنا فيتكلمون اللغة العربية، ويمنعون الناس من زيارتهم ولا يردون على أسئلتهم، وكان اصغرهم يتحدث دائما عن القتل وقطع الرؤوس ويقوم بحركات مخيفة، ويتحدث خلال النوم والكوابيس لم تكن تفارقه”.
شنكالي وبعد استشارة المختصين، حاول مجاراتهم وعمل على تنفيذ ما أمكن من رغباتهم وطلباتهم “تصرفت بمرونة وكصديق لهم، اشتريت لهم أجهزة الكترونية ولم أمنعهم في الفترة الأولى من اداء الصلاة وقراءة القرآن او متابعة بعض المواقع الدينية التي تعودوا عليها. وخلال أشهر بدأت سلوكياتهم تتغير وعادوا للتكلم بالكردية”.
رغم ذلك يبدي شنكالي قلقه على مستقبلهم ويعتقد انهم بحاجة الى رعاية خاصة “للأسف خسروا دراستهم، وقضوا سنوات مهمة من عمرهم في ألم وحرمان، اخشى ان يستمر تأثيرها عليهم طوال حياتهم”.
ينبه الخبير النفسي فراس سليمان، الذي يتابع معالجة نساء وأطفال ايزيديين بعد تحريرهم، ان هؤلاء عاشوا حياة غير طبيعية مليئة بالمواقف القاسية والذكريات المؤلمة ويحتاجون الى متابعة دائمة.
يقول سليمان: “سلوك كل طفل يختلف عن الآخر، لكن عموما هم عدوانيون بسبب قساوة البيئة التي عاشوا فيها، وهم متأثرون جدا بالأسلحة التي رافقتهم سنوات طويلة وشكلت لديهم رمزا للقوة، وهم يميلون للعنف والمشاكل ويريدون السيطرة على كل شيء”.
ورغم حاجة هؤلاء الاطفال الى برامج اعادة تأهيل فانهم يفتقدون ذلك “لا يوجد برنامج خاص لمعالجة الاضطرابات الشخصية أو السلوكيات غير السوية لهم ولاعادة اندماجهم في المجتمع مرة اخرى. هناك اهمال حكومي واضح وعجز من المنظمات، وبالتالي على العائلة التكفل بذلك لتمكينهم من تجاوز الصدمات التي عاشوها”.
اعادة التأهيل
غياب الرعاية الحكومية وبقاء الايزيديين يعانون في مخيمات النزوح مع تلاشي فرص عودتهم الى سنجار نتيجة تعطل اعادة بناء مناطقهم المدمرة، دفع مئات النساء والأطفال المحررين للهجرة الى خارج البلاد مع عائلاتهم بحثا عن مستقبل أفضل.
يقول سعد خلف (18 عاما) وهو احد المحررين الذي يعيش الآن في كندا: “عوائل الأطفال الناجين والناجيات تبحث مثل كل الايزيديين عن ملاذ آمن بعيدا عن العراق. هم يريديون تأسيس حياة جديدة ونسيان سنوات الجحيم في معسكرات الخلافة ومخيمات النزوح”.
قدر تعداد الايزيديين قبل “غزو داعش لمناطقهم في سنجار وسهل نينوى” بنحو 550 الف فرد، نزح 360 الفاً منهم خلال الغزو الى مناطق الاقليم، عاد منهم نحو 150 الفاً، فيما هاجر أكثر من 100 الف الى خارج البلاد.
ويضيف خلف:”قضيت أكثر من عامين في الأسر وحين عدت لم أجد اهتماما حكوميا، ولم ار ان شيئا تغير في التعامل مع الايزيديين بعد الابادة.. نحن مازلنا نعيش في ظل فكر متشدد وبيئة رافضة لنا ولا تصلح للعيش”.
ويتابع ملقيا اللوم على قوانين الحكومة: “بعد تحرري اكتشفت اني خسرت دراستي بحجة أن عمري تجاوز قوانين التربية، فعشت في معاناة حقيقية. لكن مباشرة بعد وصولي الى كندا بدأت بالدراسة وتعلمت اللغة الانكليزية، وقدموا كل ما بوسعهم لضمان مستقبل أفضل لي”.
مع غياب البرامج الحكومية، قامت منظمات بتقديم الدعم النفسي للناجيات والأطفال الناجين، بينها منظمة (ربيع الأمل) في مخيم شاريا احد أكبر المخيمات التي استقر فيها النازحون باقليم كردستان.
يقول الدكتور سعيد خديدا المدير التنفيذي للمنظمة “قمنا بافتتاح مركز خاص لإعادة التأهيل ومن خلال برامج متنوعة تركز على الدعم النفسي والاجتماعي قدمنا الرعاية لنحو 65 طفلا محررا، الى جانب برامج رياضية وسفرات ترفيهية ودورات للرسم والموسيقى والفوتوغراف”، مشير الى ان نحو 190 طفلا من الذكور والاناث بشكل عام استفادوا من المركز.
لكن خديدا يقر ان المركز غير كافٍ لاعادة تأهيل الأطفال “كان من المفترض فتح مراكز خاصة بالحكومة العراقية بامكانات أكبر ووفق خطط وبرامج متقدمة، لمساعدة مئات الأطفال ممن عادوا من الخطف او فقدوا خلال الغزو عوائلهم وعاشوا في ظروف قاسية”.
بعد نحو اربع سنوات من هزيمة التنظيم، مازالت مشاكل الأطفال العائدين من الخطف ممن يحتاجون الى دعم نفسي ومادي مركونة، فيما يظل مصير مئات المفقودين مجهولا، ستنتظرهم عوائلهم طويلا على أمل العثور عليهم ذات يوم ربما في مخيم الهول او في مناطق المعارضة السورية او حتى في تركيا.
يأمل “أيمن خليل” الذي يعيش اليوم في مخيم ايسيان للنازحين بقضاء الشيخان جنوبي محافظة دهوك، ان يتخلص من كوابيسه وآلامه التي زرعها التنظيم في صدره، وينتظر بفارغ الصبر تلقي تأشيرة السفر للهجرة مع عائلته تاركاً خلفه كل الذكريات المؤلمة ويبدأ حياةً جديدة.
انجز التقرير بدعم من الشبكة العراقية للصحافة الاستقصائية “نيريج”
المزيد عن تقارير سردية
تقارير سردية","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":19156}" data-page="1" data-max-pages="1" data-start="1" data-end="1">