اغتيال بنكهة المقدس يفضح شبكة الموت العراقية.. قصة الصحافي المقتول احمد عبدالصمد وفرقة الموت المعلنة
كيف تمكنت جماعات مسلحة تعمل تحت غطاء الحشد الشعبي من تكبيل الدولة وفرض الخوف عبر سلسلة من الاغتيالات؟
تحقيقات استقصائية: اغتيال بنكهة المقدس يفضح شبكة الموت العراقية.. قصة الصحافي المقتول احمد عبدالصمد وفرقة الموت المعلنة
كيف تمكنت جماعات مسلحة تعمل تحت غطاء الحشد الشعبي من تكبيل الدولة وفرض الخوف عبر سلسلة من الاغتيالات؟
في 10 كانون الثاني/ يناير 2020، قرابة السابعة مساءً وسط مدينة البصرة، صوب مجهولون يستقلون دراجة نارية رصاصَ أسلحتهم إلى رأس الصحافي أحمد عبد الصمد وصدره، فأردوه قتيلاً في الحال، في حين تم نقل زميله المصور صفاء غالي الذي أصيب بثلاث رصاصات في الصدر، إلى مستشفى البصرة العام، ليفقد حياته بعد ساعة واحدة.
كان الصحافيان المعروفان في جنوب البلاد، يستقلان معاً السيارة عندما وقع حادث الاغتيال قرب “نادي الآشوريين”، بعدما أنهيا للتو تغطيتهما تظاهرة كبيرة في المدينة التي خرج الآلاف فيها محتجين على سياسات الحكومة وفسادها وانتشار الميليشيات النافذة فيها.
عبد الصمد، الذي يملك خبرة تمتد لسنوات في تغطية الأحداث الساخنة، إضافة إلى عمله على الكشف عن ملفات حساسة سواء ما يتعلق بالفساد أو بنفوذ المليشيات في إدارة الاقتصاد والهياكل الأمنية في ثالث أكبر مدن البلاد، كان تلقى سيلاً من التحذيرات والتهديدات عقب تغطياته عمليات قتل المتظاهرين وتعليقاته على نفوذ الجماعات المسلحة في البصرة، لكنه رفض التوقف عن أداء ما كان يصفه بـ”رسالته في الحياة”.
رسالته تلك كانت كفيلة بانهاء حياته على يد إحدى “فرق الموت” في البصرة التي يقودها شاب ثلاثيني امتلك مع مجموعته المسلحة حرية الحركة طوال سنوات لتنفيذ سلسلة عمليات اغتيال، كما استحوذ على استثمارات واسعة في قلب البصرة.
لكنه عند الأجهزة الأمنية ظهر كمجرد مجرم “قادم من الظلام” فلم تشر بيانات الحكومة إلى انتمائه وارتباطات فرقته القاتلة.
تلك الفرقة التي كشفت عنها الحكومة، واكدت المعلومات المحلية تحرك أفرادها بحرية تامة تحت غطاء الحشد الشعبي وجماعات مسلحة نافذة، تمكن زعيمها وأبرز وجوهها من الاحتماء في موقع محدد بالبصرة ومن ثم الهروب إلى خارجها في ظل عجز السلطات بأجهزتها المتعددة عن إيقافهم، خوفاً من اشتعال “حرب داخلية”، قبل أن ينتهي بهم المطاف وفق معلومات استخبارية الى “جرف الصخر”، المنطقة التي تحكمها الميليشيات ولا وجود للدولة فيها.
“كنا مجموعة متظاهرين نرابط أمام قيادة شرطة البصرة، اعتصمنا هناك نطالب بالإفراج عن زملاء لنا اقتيدوا إلى مقر القيادة، كان عبد الصمد يغطي اعتصامنا أمام المقر، ويصوّر بكاميرا هاتفه، بينما يلتقط صفاء غالي لقطاتٍ لجوانب أُخرى من الاعتصام” يقول الناشط الشاب علي النوري.
كانت تغطية ذلك الاعتصام أمام مبنى قيادة الشرطة، واقتياد عدد من المتظاهرين إلى المقر، آخر ما وثقه عبد الصمد قبل أن يغادر المكان مع زميله صفاء.
النوري، الذي اضطر إلى الهرب من محافظته بسبب التهديدات التي تلقاها مع من زملاء له كانوا نشطاء في التظاهرات واتُهموا عبر حسابات الجماعات المسلحة بـ”الخيانة والعمالة”، لاحظ، وهو يعود نحو ساحة الاعتصام المركزية مع زملائه المحتجين بعد الإفراج عن المحتجزين، “أمراً مريباً” أثار مخاوفه: “سيارة بيك أب نوع نيفارا بيضاء، مركونة في أحد جوانب الشارع على مقربةٍ من قيادة الشرطة وموقع الحادث (شارع المطاحن) يستقلها شخصان ملتحيان ويضعان قبّعتين ووجهاهما مريبَان”.
كانت نوافذ السيارة الخلفية مظلّلة (داكنة)، ما منع النوري من معرفة ما إذا كان أحد غير الاثنين المُلتَحيَين يجلس في الخلف: “رقم لوحة السيارة لم يكن مألوفاً، لم يكن تابعاً لمحافظة البصرة ولا حتى بغداد، أشكُ في أنها تحملُ لوحاتٍ تعود إلى إحدى محافظات إقليم كردستان”.
وصلَ خبر الاغتيال إلى ساحةِ الاعتصام، التي تبعد نحو 20 دقيقة على الأقدام، قبل وصول علي النوري ومسيرة المحتجين إليها.
عبد الصمد كان معروفاً في عموم العراق بشجاعته في التعبير عن آرائه، وعرف بمواقفه التي تساند الاحتجاجات المطلبية وتنتقد السلطة وأحزابها، “ما أثار غضب الأحزاب ومليشياتها عليه”، يقول صديقُه طالب البديري، مؤكداً اعتياد عبد الصمد على تلقي تهديدات من دون أن يكترث لها مع حرصه على أن “لا تعرف عائلتُه شيئاً عن ذلك”.
“تعرّض عبد الصمد للتهديد مرات عدة، كلمني مرّة عن اتصال من رقم مجهول أيام عمله في قناة NRT “أخشى أن تعرف عائلتي وأمي شيئاً عن هذا التهديد”.
منذ احتجاجات 2015 كان عبد الصمد في مرمى الأحزاب المسلحة نظراً لجرأته في انتقادها، وخلال احتجاجات البصرة التي اشتعل فتيلُها عام 2018 ومع تصاعد عمليات استهداف النشطاء واغتيالهم، زاد عبد الصمد من انتقاداته التي أضحت صريحة، على رغم المخاطر المتزايدة، خصوصاً مع عمله في قناة “دجلة” التي كانت جيوش الميليشيات الالكترونية تتهمها “بتأييد التظاهرات”.
أما في فترات الفتور الاحتجاجي، فكان عبد الصمد يرصد مَواطن التقصير الحكومي ويلاحق شبهات فساد الأحزاب حتى موانئ البصرة وحدودها.
صديقٌ آخرُ لأحمد عبد الصمد هو الصحافي منتظر البخيت، التقيناهُ في مهجره خارج البصرة، نتيجة “تردي” حرية التعبير في محافظته كما يقول: “اثناء التظاهرات في 2015 تلقيت تهديدات كثيرة، تكرر ذلك في 2018 وتطور إلى استدعاء، لكن في 2019 صار الأمر أكثر خطورة؛ رُفعت عليّ دعوى قضائية من قبل قوات الصدمة بتهمة التحريض فاضطرتني للهرب خارج العراق حتى رُدَّت القضيةُ في المحكمة”.
لم تنتهِ قصة منتظر البخيت عند هذا الحد، فحتى بعد رد الدعوى، لم يستطع العودة إلى مدينته: “جاءني اتصال من مصدر موثوق يحذرني من الرجوع إلى البصرة أو بغداد، بعد الاستفسار قالوا لي إن هناك مجموعة أسماء بينها اسمي واسم أحمد عبد الصمد ستكون في مرمى الميليشيات”، يقول منتظر.
كان أكثر من مجرّد تهديد، ولم يكن منتظر وحده في مرمى نيرانهم، الشيء الذي دفعه للاتصال بزملائه من الذين وردت أسماؤهم: “كنا جميعنا خارج البصرة، وحده أحمد عبد الصمد قال لي إنه في البصرة، ورفض المغادرة وبقي في ساحة الاعتصام”.
حصلنا على محادثاتٍ شخصية للصحافي أحمد عبد الصمد، من هاتفه الشخصي، كان أرسلها إلى خبير في مواقع السوشيال ميديا عبر “واتساب”، كان يلجأ إليه إذا وقع في مأزق تكنولوجي. يشكو أحمد خلال محادثته من “تسقيطٍ” وتحريض ممنهج يتعرّض له على مواقع التواصل الاجتماعي بواسطةِ منشوراتٍ ممولة: “أكو صفحة كاعد اتسقط بيّ”، كتب أحمد لصديقه بلهجته العراقية.
وبعد تفاعل الخبير معه وإيضاح بعض التفاصيل له، كتب أحمد مشيراً إلى مدير الصفحة التي تستهدفه “عايش على الابتزاز ويشتغل بقناة تابعة للكتائب”. كان أحمد “في ساحة التظاهرات من الصباح لحد المساء” بحسب ما توضح المحادثة.
“لم يكن لهذه المحادثات مكان في التحقيقات، أو لم تكن ذات صلة بقتل أحمد”، يقول مصدرٌ يواكبُ التحقيقات منذ بدايتها.
قبل مقتله، قام أحمد ببث مقطع مصور على حسابه الخاص عقب حملة اعتقالات عشوائية تعرّض لها المتظاهرون، ظهر في الفيديو جريئاً عبر مقارنته بين تظاهرات تشرين المطلبية، وبين تظاهرات الأحزاب “من صارت مظاهرات على السفارة الأميركية شو محّد انضرب” في إشارة إلى تظاهرات الفصائل المسلحة الموالية لإيران أمام باب السفارة الأمريكية أواخر شهر كانون الأول/ ديسمبر 2019 مختتماً المقطع بعبارةٍ ارتبطت باسمه بعد رحيله، “قضيتنا قضية وطن يا ما عدكم وطن”.
عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” وقبل يومين من اغتياله وزميلِه المصور صفاء، غرّد أحمد تعقيباً على مناشدة ابنةِ قاسم سليماني الذي قتلته غارةٌ أمريكية هو وأبو مهدي المهندس في العاصمة بغداد 3 كانون الثاني يناير 2020 واصفاً أباها بالـ “مقتول”، فيما تقول الفصائل والمليشيات الموالية لإيران إنه “شهيد”. وانتقد خلالها “العراقيين الذين يحاربون بالنيابة عن الجارة الشرقية”.
في العراق، البلد الذي يحتلُ الترتيب 162 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة الذي تصدره منظمة “مراسلون بلا حدود”، والذي استشهد فيه 490 صحافياً بعد 2003، بحسب أرقام نقابة الصحافيين العراقيين، من الطبيعي أن تكون جرأةُ أحمد عبد الصمد على منصات التواصل الاجتماعي وهجومه الشديد على الموالين لإيران على حساب مصلحة العراق، إضافةً إلى نشاطه الصحافي المزعج بالنسبة إلى الأحزاب والقوى الحاكمة، أسباباً كافية لتشويه عمله بل واستهدافه.
بعد مرور أكثر من سنة على الحادث، أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في وقت مبكر من يوم 15 شباط/ فبراير 2021 إلقاء القبض على ما عُرفَ بـ”فرقة الموت”: “إن عصابة الموت التي أرعبت أهلنا في البصرة ونشرت الموت في شوارعها الحبيبة وأزهقت ارواحاً زكية، سقطت في قبضة ابطال قواتنا الأمنية تمهيداً لمحاكمة عادلة علنية”.
العصابة المعتقلة نفذت عملية اغتيال الناشطة المدنية جنان ماذي الشحماني “أم جنات” (49 سنة) والتي اغتيلت في 22 كانون الثاني 2020، بعدما هاجمها ورفاقها مسلحون يستقلون سيارات مدنية في مدينة البصرة، كما أنها قتلت الصحافي أحمد عبدالصمد ومصوره صفاء غالي في سيارتهما، وتابع الكاظمي أن “قتلة جنان ماذي واحمد عبد الصمد اليوم، وغداً القصاص من قاتلي ريهام والهاشمي وكل المغدورين”، واختتم تغريدته بـ”العدالة لن تنام”.
قبل تغريدةِ الكاظمي بيومين، تسرّبَ خبر الاعتقال مع بعض التفاصيل. المصدر كان اسماعيل مصبّح الوائلي، الذي قتل رصاصُ “فرقة الموت” شقيقه المحافظ السابق للبصرة محمد مصبّح الوائلي بتاريخ 27 أيلول/ سبتمبر 2012.
الوائلي أكّد خلال لقائنا به، وجود أسماءٍ أخرى تنتمي للعصابة لم يُكشَف عنها “ليس ذلك فحسب، هناك عصابات موت أخرى في البصرة اعتُقِل بعضُ عناصرها وننتظر النتائج”.
في يومِ تغريدةِ الكاظمي نشرت “خلية الخبراء التكتيكية” عبر صفحتها الرسمية في “فايسبوك” بياناً وردت فيه أسماء أخرى لفرقة الموت، في محصّلة الأسماء المعلنة أصبح العدد 11 عنصراً أغلبيتهم نجوا من الاعتقال، أو لم يُعلن عن مصيرهم:
عقيل هادي وهيب شكري وهو موظف في شركة نفط البصرة
حمزة كاظم خضير العيداني الذي يعمل مفوضاً في الشرطة القضائية في البصرة
خلف أسعد خلف منصور اللامي وهو طالبٌ في كلية القانون
حيدر فاضل جبر الربيعي مدير شركة التطوير الفني للمقاولات
هم الذين تم اعتقالهم، أمّا الهاربون بما فيهم زعيم الفرقة والوجوه البارزة فيها، فهم:
أحمد عبد الكريم الركابي/ أحمد طويسة/ أحمد نجاة، وهو قائد العصابة
علاء الغالبي
عباس هاشم
خلف أبو سجاد
حيدر شمبوصة
أحمد عودة
بشير الوافي
يعتقد المحلل السياسي هيوا عثمان أن قصة فرقة الموت مثيرة لأنها واضحة الارتباط بالفصائل الولائية الموالية لإيران: “هذه الفصائل تفعل ما تشاء: قتل النشطاء واستهداف البعثات الديبلوماسية بالصواريخ وأفعال أخرى لتقوية قوى اللادولة”.
مصدرٌ استخباريٌ أكد أن عدد المشتبه بهم الذين قُبِض عليهم أربعة “يعملون ضمن شبكة تتكون من 16 شخصاً، وهي مسؤولة عن الاغتيالات التي نُفّذت في مدينة البصرة، والتي استهدفت النشطاء”.
بعد الاتصال بقائد عمليات البصرة اللواء الركن أكرم صدام وامتناعه عن الحديث -في أيّ موضوع- تواصلنا مع الناطق باسم عمليات المحافظة العميد ثائر عيسى، الذي أكّد في مستهل حديثه أن “التحقيقات ما زالت جارية وملاحقة الهاربين مستمرة”.
سألناه: ما حقيقةُ هروب بقية المطلوبين إلى إيران؟ “إذا كانوا داخل العراق فاعتقالُهم ضمن مسؤوليتنا، لكن العملية تخرج من حدود صلاحيتنا كقوات أمن عراقية إذا كانوا خارج حدود القُطر” أجاب العميد الناطق، موضحاً أن “على الحكومة التصرّف من خلال الجهات المختصة والتنسيق مع جهات دولية من أجل اعتقال هؤلاء وجلبهم”.
لم ينفِ الناطق باسم عمليات البصرة هربَهم خارج الحدود، لكنه كان حريصاً على ألا يؤكد ذلك.
في حديثه معنا كشف السياسي العراقي غيث التميمي عن معلومات تربط إيران بعمليات الاغتيال بشكل أكبر: “لدينا معلومات عن أن هناك مجموعات مدربة ومحترفة بعمليات الاغتيال تدخل العراق من طريق مهران، تنفذ العمليات وتعود، حتى أن عناصرها لا يعرفون من الهدف، هم فقط يقتلون ويعودون من دون المرور على إجراءات السفر” يقول التميمي.
مصدر سياسي قريب من رئيس الوزراء، أكّد لنا أن مطلوبين كُثراً يلجأون للهرب خارج الحدود: “لا نستبعد أن يكون بعضُ عناصر فرقة الموت خارج العراق الآن”.
يرى الكاتب والصحافي سرمد الطائي أن مخاطبة إيران قد تؤدي إلى تقييد الانشطة اللاحقة لخلايا الموت، ويكمل حديثه عن القضية: “أما محاسبتها على ما فعلت من جرائم، فهذا بحجم قنبلة نووية ومن الصعب الحديث عن فتح جبهات مع حرس الثورة وحزب الله اللبناني وأذرعهم الثقيلة في العراق والمنطقة”.
بعد بحث وتدقيق تبيّن لنا أنّ هناك عناصر من فرقة الموت، ساعة عمليات إلقاء القبض، هربوا من أماكنهم في البصرة واحتموا بالقصور الرئاسية التي يتخذها الحشد الشعبي مقرّاً له وسط المحافظة، والتي تخضع لقائد الحشد في البصرة عمار أبو ياسر.
أحمد طويسة وسيد علاء الغالبي، هما من آواهما مقرّ الحشد، وفق ما أكده مصدرٌ استخباريٌ. و”هنالك احتمال بدرجة أقل بأن المتهم عباس هاشم كان معهم” يضيف.
لم تتحرك قوات الأمن المكلفة باعتقال عناصر العصابة باتجاه مقرّ الحشد الشعبي في البصرة، “تجنباً لأي اقتتال أو تصادم قد يشعلُ فتيل معركة داخلية”، كما يرى محللون. ولم تُصرّح أي جهة رسمية بشيء عن ذلك.
يصف المحلل السياسي هيوا عثمان تعامل الحكومة مع لجوء متهمين الى مقرات ومواطن الحشد، بالضعيف بحكم الأمر الواقع “لأنها لن تستطيع مواجهة مؤسسة مثل الحشد مع عدم وجود ظهر سياسي برلماني للكاظمي، بينما هناك أجنحة سياسية كبيرة ومؤثرة للفصائل”، يقول عثمان.
فيما يرى سرمد الطائي أن تبعات المواجهة مع هذه الفصائل ستكون كارثية، معرباً عن أسفه لأن “القضية صارت جزءاً من تسويات سياسية”.
بحثنا عن معلومات تدلّ على الأماكن المحتملة لهروب المطلوبين، في مهمة شائكة نتيجة تضارب المعلومات. معظم المصادر أجمعت على “تهريب” أحمد طويسة إلى إيران القريبة بحدودها المفتوحة مع البصرة، خلال حملة الاعتقالات.
مصدرٌ مطلعٌ على سيرِ التحقيقات أكّد أن علاء الغالبي وعباس هاشم استقرا لاحقاً في منطقة جرف الصخر في محافظة بابل (60 كلم جنوب بغداد)، بعدما ساعد أبو ياسر بتهريبهما إليها.
تعتبر جرف الصخر منطقة “منزوعة السكّان”، أو ثكنة عسكرية، سيطرت عليها ميليشيات كتائب حزب الله بعد تحريرها من تنظيم “داعش” أواخر عام 2014، وتمنع أهلُها من العودة إليها.
خيوط رفيعة، لا تكفي لحلّ لغز المنطقة الغامض: سجونٌ سرية، مخازن سلاح، تجارات مشبوهة، معسكرات تدريب ومقابر جماعية، هذا ما تحجبه الميليشيات التابعة للحرس الثوري الايراني عن الرأي العام، وبهذا، تكون مأوىً مناسباً لهاربين كعناصر “فرقة الموت”.
أكثر من 6 سنوات على تحريرها، وثلاث حكومات مختلفة وصولاً إلى حكومة الكاظمي، لم تستطع فكّ حصار الغموض عن جرف الصخر، ففي آذار/ مارس الماضي، حضر المستشار السياسي لرئيس الوزراء مشرق عباس جلسةً حواريةً في إحدى غرف تطبيق “كلوب هاوس” للإجابة عن استفسارات نشطاء، خصوصاً عن مهددي الحراك الشعبي التشريني وملاحقيه، استُفسر عن منطقة جرف الصخر ولماذا لم تستطع الحكومة إلى الآن السيطرة عليها وإعادة أهاليها. تجنب عبّاس الإجابة عن السؤال مستخدماً عبارة “الوضع شائك”.
حتى وقتٍ قريب، كان مصدرٌ قريبٌ في الاستخبارات يرجّح وجود أحمد طويسة مع زملائه في الجرف، لكنه لاحقاً جاء بنبأ صادم: “نعم هو عاد إلى العراق، ربما اختبأ في جرف الصخر لفترة محدودة، لكن يمكن أيضاً أن يكون الآن في بغداد”.
“من يستطيع إيقافهم، يمكنهم التحرك بالهويات التي يريدونها وبالسيارات التي يختارونها، ويمكنهم الاستقرار أينما شاءوا”، يقول محامي يتابع ملفات الميليشيات.
بحسب المعلومات التي تمكنّا من الوصول إليها، هنالك مقرات للحشد الشعبي والفصائل المسلحة داخل المنطقة الخضراء، أغلبها مساكن آمنة سرية/ لكن الموجود بصفة رسمية أو شبه رسمية هي:
المقر الرئيس لهيئة الحشد الشعبي.
مقر تابع لأمن الحشد الشعبي قرب مجمع الوزراء .
مقر عسكري مقابل القصر الرئاسي، فيه الكثير من العساكر المسلحين لا يُعرف طبيعته.
مديرية المعدات الفنية.
منزل ابو مهدي المهندس الذي أصبح بيد الكتائب تحت اسم سرايا الدفاع الشعبي.
مقر لعصائب أهل الحق تحت يافطة ثقافية.
إضافة إلى أن معظم قادة الحشد يسكنون “الخضراء” مع حمايات كبيرة تابعة لفصائلهم.
المصدرُ الذي يواكبُ التحقيقات ولم يبتعد منها، لم ينفِ هذه المعلومة: “قد يكون طويسة في أحد المقرّات المحصنة في المنطقة الخضراء، تلك التابعة للحشد الشعبي، أما علاء وعباس فما زالت المعلومات تشير إلى استقرارهما في الجرف”.
لم يكن ممكناً الاطلاعُ على اعترافات المعتقلين أو أوراق التحقيق، لكن مصدرين مختلفين أكدا أن مطلقي النار على أحمد عبد الصمد وصفاء غالي، هم كلٌ من أحمد طويسة وحمزة العيداني وعلاء الغالبي، وكان عباس هاشم يكفل لوجستيات العملية ومراقبة الطرق.
لعائلة أحمد طويسة تاريخ مع العنف: نفّذ علي طويسة، وهو الأخ الأكبر لأحمد، في فورة الحرب الطائفية عام 2006 عملية اغتيال الشيخ يوسف الحسان مسؤول هيئة علماء المسلمين في المحافظة وإمام وخطيب جامع البصرة الكبير وحارسه الشخصي، في هجوم مسلح أمام الجامع الذي يقع جنوب المدينة. لقي علي حتفه بعدها، إثر إصابته خلال العملية.
مصدرٌ في الحشد الشعبي يقول: “تم تجنيد أحمد بدلاً من علي طويسة بعد مقتله”.
يمتلكُ أحمد طويسة نفوذاً كبيراً في البصرة، ويمكن تصنيفه بأنه أخطر رجالها بالاشتراك مع شخصيات أخرى بعضها طليقٌ إلى الآن، ويستحوذ على استثمارات عدّة في المحافظة، كما يمتلك رخصة استثمار في أحد أرصفة الموانئ، التي يخضع بعضُها لسيطرة الميليشيات ونفوذها.
يتم استخدام الرصيف، وفقاً لتاجر بصريّ طلب حجب اسمه، في تجارة الأسلحة والممنوعات.
إضافة إلى منزله الجديد في منطقة “الطويسة” الذي يقدر ثمنه بـ600 ألف دولار، لأحمد طويسة عقارات كثيرة، من ضمنها مجموعة من المقاهي والمطاعم في شارع الوفود بالبصرة، وتحديداً في المنطقة المحصورة بين “تقاطع المعارض” إلى “الجسر الإيطالي” والتي كانت مساحاتٍ خضراء قبل أن تستحوذ عليها الأحزاب وتتقاسمها: أُجّرت جميعُها ويتراوحُ إيجار الواحدة منها بين 2000 و2500 دولار في الشهر الواحد.
في تموز/ يوليو 2017 اعتقلت أحمد طويسة وثلاثة آخرون هم إحسان فالح يازع، ياسين الوافي وحيدر عبد الحسن المعروف بـ”حيدر شمبوصة”، استخبارات ميليشيات سرايا السلام التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في خضمّ خلافات بين الميليشيات: كان مقتدى الصدر تبنى خطاباً يختلف عن السياق المليشياوي وخاطب بعض هذه المليشيات بوصفه “المليشيات الوقحة”. كان الخطاب يوحي بانسلاخ الصدر وميليشياه عن الخط المعهود للميليشيات في العراق، لكن في العمق كان هناك صراع على مساحات النفوذ والمكاسب، فبعض قادة الحشد وقف حجر عثرة في طريق الاعتراف بمنتسبي سرايا السلام كجزء من هيئة الحشد لفترة طويلة.
لم يطُل اعتقال “السرايا” أفراد المجموعة، لكن حتى قبل تسليمهم لقيادة عمليات البصرة وشرطتها، كانت هنالك ضغوط، انتهت بزيارة نائب رئيس هيئة الحشد آنذاك أبو مهدي المهندس (اغتيل لاحقاً في غارة أميركية مع قائد فيلق القدس قاسم سليماني) مقر العمليات، ومع التأثير الذي أحدثه في مسار التحقيق، انتهى الأمر بالإفراج عنهم جميعاً.
بحسب مصدرٍ أمني فإن أحد ضباط الاستخبارات الذين عملوا على تلك القضية استُهدف لاحقاً بعبوة ناسفة أسفل سيارته. حاولنا معرفة مصير الضابط أو المكان الذي يعمل به الآن، لكن بيئته رفضت إعطاءنا معلومات خشيةً على سلامته.
في مقطع مصوّر أثناء تحقيق عناصر من سرايا السلام” مع عناصر المجموعة، يعترف إحسان يازع بجرائم عدة بالاشتراك مع طويسة وياسين الوافي وحيدر المياحي، وبالتنسيق مع شخصيات سياسية وتجّار، من أجل مصالح سياسية ومالية.
ما نعرفه هو أن يازع صار حرّاً طليقاً عام 2017، بعد تدخل قيادات الحشد وبمقدمتهم المهندس، مثله كمثل المعتقلين الآخرين الذين اعتقلتهم السرايا وسلمتهم إلى قيادة عمليات البصرة، لكن لم نستطع معرفة مصيره بعد اعتقال “فرقة الموت”، وهل كان من المعتقلين الذين لم يُعلن عن اعتقالهم أم من الفارّين.
في البصرة، حمزة آخر غير العيداني المقبوض عليه ضمن أفراد “فرقة الموت”، هو حمزة الحلفي، يقول اسماعيل مصبّح الوائلي إنه “يعمل أيضاً في مجموعة أحمد طويسة”.
الوائلي ومصدرٌ آخرُ في الجهاز الأمني لمحافظة البصرة أشارا إلى أن الحمزيين (العيداني والحلفي) كانا في حزب الفضيلة التابع للمرجع الشيعي محمد اليعقوبي قبل 2010 “نفذا عمليات اغتيال وتسليب وتهريب نفط وخطف وابتزاز، وكوّنا الجناح العسكري للفضيلة”.
يؤكد اسماعيل مصبّح أن حمزة الحلفي “كان من المقربين من الشيخ اليعقوبي”.
لم نستطع التوصل إلى تاريخ ارتباط الاثنين بمجموعة طويسة، لكن معلومات تشير إلى أن حمزة الحلفي هو المسؤول عن الملف الاقتصادي لـ”كتائب حزب الله” في البصرة، ويمتد نفوذه إلى شركات ضخمة ويسيطر على طرق التهريب وفرض إتاوات.
قبل “عصابة الموت” المعلن عنها، أُلقي القبض على مجموعة لم يُعلن شيءٌ عنها، حاولنا التأكُد من هذه المعلومة. مصدر قريب من الكاظمي لم ينفِ ذلك، ولم ينفِ شبهةَ تورّط هذه المجموعة باغتيال الناشط تحسين أسامة في مقرّ شركته الصغيرة الخاصة بتاريخ 14 آب/ أغسطس 2020، وهذا ما أكده عمه حسين الشحماني في تصريحات صحافية في وقت سابق، “أحد المتورطين بالاغتيال غادر إلى خارج العراق ثم عاد ومعه ستة آخرون ما زالوا جميعاً طلقاء (يتـكلبون براحتهم) ولم يتم توقيفهم حتى الآن”.
أكد الشحماني حينها أن والد الضحية رفع دعوى قضائية أمام السلطات المختصة متضمنةً أسماء المتهمين وفق متابعاتهم والشهادات التي حصلوا عليها، مشيراً إلى تورط “رؤوس كبيرة” في البصرة بالقضية، لكن لم يُعلن أيُ تحرك جدي في الملف.
البصرةُ، أرض خصبة للقتلة، فالمحافظة شهدت 8 عمليات اغتيال بحق نشطاء ومتظاهرين وصحافيين منذ انطلاق تظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2019، هم حسين عادل، سارة طالب، أحمد عبد الصمد، صفاء غالي، تحسين اسامة، رهام يعقوب، ام جنات ومجتبى الزاجل، عدا عمليات القتل بدوافع عشائرية أو طائفية أو قتل عشوائي أثناء التظاهر.
“هناك أكثر من فرقة موت” يقول اسماعيل الوائلي في حديثه معنا، ويضيف: “أُلقي القبضُ على مجموعتين، الأولى تابعة لعصائب أهل الحق والأخرى لمنظمة بدر، ولا علاقة للمجموعتين بالمجموعة الأولى -فرقة الموت التي أُعلن اعتقالها- المتورطة بدم أخي والصحافي أحمد عبد الصمد”.
واجهنا صعوبة في تأكيد ذلك من مصادرنا، لكن أحداً لمِ ينفِ كلام الوائلي الذي أشار أيضا إلى تورّطِ (ق.ع) بقيادة وترؤس المجموعة التابعة للعصائب، وهو أخ أحد نواب البرلمان العراقي عن كتلة “صادقون” الممثلة لـ”عصائب أهل الحق”.
“ضغط النائب على السلطات الأمنية ومسار التحقيق مع شقيقه في البصرة حتى تمكن من نقله إلى بغداد بمعية أمن الحشد الشعبي كعنصر من عناصر الحشد”، يقول الوائلي.
المجموعة الثانية، التابعة لـ”منظمة بدر”، يقودها أحمد عبد الزهرة، وهو تابع للواء الرابع في “منظمة بدر”، بحسب الوائلي الذي أكد أن عبد الزهرة “قتل ضابطاً في الجيش العراقي السابق اسمه حسين البهادلي وقتل الست فوزية (مديرة مدرسة) بذريعة حبهما لصدام حسين”.
يضيف الوائلي: “اعترف أحمد عبد الزهرة بقتل رحيم ساجت الذي كان نائب ضابط بجهاز الاستخبارات في نظام صدام وأيضاً بقتل مزل أبو حربي. وهما من عائلة السعدون في البصرة”.
بحسب اسماعيل الوائلي فإن معظم المعتقلين، المعلن عنهم والذين لم يعلن عنهم بعد، اعترفوا بمراقبة نشطاء وصحافيين أيدوا التظاهرات وملاحقتهم.
لم ينفِ مصدرٌ قريبٌ من رئيس الوزراء الكاظمي ذلك، ولم ينف أو يؤكد وجود معتقلين آخرين لم يُعلن عن أسمائهم.
كان واضحاً حرص اسماعيل مصبّح على بذل الجهود لتسليط الضوء على الضغوط السياسية التي تُمارَسُ في الكواليس لتغيير مسار التحقيق وبالتحديد تلكَ الضغوط التي تهدفُ إلى إبعاد العميد ميثاق مدير استخبارات البصرة واستبداله بشخصية أُخرى أكثر قرباً من إيران وأذرعها العراقية، يقول الوائلي: “إن اسمَ البديل الذي يدفعون به هو محمد جمعة”.
يتابع اسماعيل مصبّح، الذي كان قريباً من المرجع الشيعي محمد الصدر والد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وصار معروفاً بخصومته مع الابن: “هادي العامري، فالح الفياض، أبو فدك المحمداوي، أحمد الأسدي ومعهم عمار أبو ياسر قائد حشد البصرة، التقوا بوزير الداخلية عثمان الغانمي وطلبوا منه ذلك بشكل مباشر “.
أثناء جلسة الحوار نفسها، التي سُئل خلالها عن جرف الصخر، نفى مستشار الكاظمي مشرق عباس أن يكون رئيس الوزراء قادراً على حماية نفسه، فسأل محاوروه الشباب: “كيف سيتمكن من حمايتنا؟”، فأجاب عباس: “الوضع شائك”.
في حديثه معنا، وصف المصدرُ المقرّب من الكاظمي وضعه بالحرج، “إنه يتعرّض لضغوط سياسية كبيرة من قبل التيارات الموالية لإيران والتي تمتلك السلاح، تعرضت جميع المفاصل الحكومية المعنية بالقضية إلى ضغوطٍ عند اعتقال المجرمين”.
في 25 حزيران/ يونيو 2020 أي بعد تولّي الكاظمي رئاسة الوزراء بأقل من شهرين (7 أيار/ مايو 2020) اعتقلت قوةٌ من جهاز مكافحة الإرهاب 14 عنصراً ينتمون إلى ميليشيات “كتائب حزب الله” من مقرٍ في منطقة “البو عيثة” جنوب بغداد، أسفرت العملية أيضاً عن ضبط صواريخ معدّة للإطلاق. حينها، قال الناطق العسكري باسم رئيس الوزراء اللواء يحيى رسول إن العملية “تهدف إلى استعادة هيبة الدولة”.
بعد ساعات من العملية، تحولت شوارع بغداد إلى ما يُشبه الموصل لحظة اقتحام تنظيم “داعش” لها: سيارات مختلفة الأنواع تجوب الشوارع بأسلحة ثقيلة ومتوسطة.
وصل المسلحون ليلتها إلى محيط مقر الكاظمي وملأوا شوارع المنطقة الخضراء شديدة التحصين، وهددوا الكاظمي وفريقه بشكلٍ علني، لينجحوا في الإفراج عن المعتقلين، فظهر المعتقلون الـ14 في صورة اشتهرت لاحقاً وحققت انتشاراً كبيراً وهم يدوسون بأحذيتهم صورة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي.
بعد هذه الحادثة، صارت مفردة “ضغوط” ملازمةً لإجابات السلطات الحكومية عن أيّ سؤال يخص الاغتيالات والقتل والسلاح المنفلت.
لم تُشر الحكومة إلى مصدر هذه الضغوط، بينما يقول هيوا عثمان إن “الضغوط التي تتعرض لها الحكومة، مصدرها القيادات السياسية الشيعية المرتبطة بهذه المجموعات والفصائل أو من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي ترعى هذه الفصائل”.
في حين يعتقد رئيس مشروع حزب المواطنة غيث التميمي أن حكومة الكاظمي فشلت بمواجهة مثل هذه التحديات الكبرى، مضيفاً: “الى هذه اللحظة هي حكومة متواطئة مع القتلة والمجاميع المسلحة ولا اعتقد ان لديها نية لحل هذا الملف”.
يربط التميمي فشل حكومة الكاظمي بمفردة “الضغوط”، معتبراً إياها برهاناً على “التخادم” بين الحكومة والميليشيات المسلحة: “إنها تكشف الحبل السري التخادمي بين هذه المجموعات وبين السلطات الرسمية، بمعنى أن هناك قوة سياسية نافذة في الدولة تمارس هذا الإرهاب وهم يضغطون لتغطيتها”.
بعد عام من التحقيقات وشهرين ونصف الشهر على الإعلان عن “فرقة الموت”، لم تقدم الأجهزة الأمنية أي معلومات بشأن ارتباطات المعتقلين والجهة التي ينتمون إليها، والتي وقفت وراءهم وحمتهم طوال سنوات ومكنتهم من الهرب والتواري، على رغم تورطهم في أحداث سابقة وتردد أسمائهم كمتهمين بجرائم قتل وفساد.
وترفض الجهات المعنية التعليق على أنباء وجود مطلوبين في منطقة جرف الصخر، او ترددهم إلى ايران وإمكان لجوئهم إليها، ولا عن الاتهامات لمقر الحشد الشعبي في البصرة بإيوائهم.
يقول محامٍ يتابع القضية، “من الواضح أن أكثر من فصيل متهم بعمليات القتل، وأن كتائب حزب الله لها دور، ومن المعروف ولاء تلك الجهات ولمصلحة من تعمل”. وسأل “إذا كانت عملية اعتقال هذه الوجوه الصغيرة بهذه الصعوبة عند الحكومة وأجهزتها المؤلفة من مئات الآلاف من الأفراد، فكيف يمكن يوماً إيقاف المتورطين الكبار؟”.
يضيف المحامي “الاكتفاء بكشف بعض الأسماء لا قيمة له ما لم يتم الإعلان عن الجهات التي ينتمون إليها، فهذه ليست جرائم شخصية. للأسف المؤشرات تظهر أنهم سيغلقون القضية بعد تسويات داخلية وخارجية، وسيظل القتلة المطلوبون يتحركون بحرية، ولن نفاجأ إذا سمعنا غداً باختفاء الآخرين أو هروبهم”.
أنجز التحقيق بمساهمة نخبة من الصحافيين وبدعم مؤسسة “نيريج” للصحافة الاستقصائية