قصص: بعد ان حرمهن داعش منها.. السن القانوني يعيق عودة فتيات الموصل الى مقاعد التعليم

بعد ان حرمهن داعش منها.. السن القانوني يعيق عودة فتيات الموصل الى مقاعد التعليم

فاتن العلي

في كل يوم دراسي عند الساعة الواحدة ظهراً، تقف “ايمان” قرب باب منزلها بحي الانتصار في الموصل، مستقبلة شقيقها الصغير، لترفع عن ظهره حقيبته المدرسية وتحملها الى الداخل، وتبدأ سريعاً باخراج كتبه ودفاتره وتقليب أوراقها لتطلع على آخر ما تم تدريسه له.

متابعتها اليومية لواجبات شقيقها المدرسية وكل ما يتم تدريسه له وسعيه لاكمالها، يجعلها تتوجه كل صباح بفرح إلى مركز تمكين المرأة القريب من منزلها، لتضع دفترها الصغير الذي تدون فيه ما تعلمته، أمام انظار مدربتها، ولتبدأ بيديها التي تميل الى الخشونة نتيجة اعمال المنزل، بتصحيح ما أخطأت به، مقدمة امام رفيقاتها في المركز دليل اجتهادها وحرصها على تعلم ما حرمت منه نتيجة انقطاعها عن الدراسة.

إيمان صالح، ذات 13 عاما، ما تزال تحلم بالعودة إلى مقاعد الدراسة التي حرمت منها في زمن سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على الموصل، فيما رفضت المدرسة في السنوات التالية لحكم التنظيم استقبالها بسبب عمرها الذي فاق السن المسموح به للدراسة الابتدائية.

ايمان، ذات العينين السوداوين الواسعتين، لها اختان احداهما تكبرها بعام (غفران) وتعاني من نفس المشكلة، واخرى تصغرها بعامين. ولها اخ وحيد (خالد) يعيشون جميعا تحت ظل أمهم المريضة وابيهم الذي يملك عربة خضراوات يسد بها احتياجاتهم اليومية.

ايمان وغفران، مثل آلاف الفتيات اللاتي حرمن من التعليم بسبب سيطرة تنظيم داعش على نينوى والتي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات، تعطلت خلالها الدراسة، واعقبتها أكثر من سنة عاش خلالها معظم اهالي الموصل في مخيمات النزوح وانقطع بعضهم عن الدراسة.

 

100 الف فتاة غير متعلمة

تلك المشكلة رفعت أعداد الفتيات غير المتعلمات في نينوى التي تعاني منذ سنوات من عدم ارسال بعض العوائل لبناتهن الى المدارس لأسباب اقتصادية وأمنية. ويقول مصدر مسؤول في برنامج محو الأمية، ان “عدد الفتيات غير المتعلمات في نينوى بلغ أكثر من مائة الف بعد الحرب”.

ما تواجهه ايمان من عجز عن  مواصلة دراستها رغم محاولاتها الشخصية بالتعلم عن طريق متابعة ما يدرسه شقيقها، هي مشكلة تعاني منها آلاف الطالبات اللواتي توقفن عن الدراسة في السنوات الثلاث التي سيطر فيها التنظيم على نينوى وتعرضت خلالها النساء الى التهميش والظلم والاعتقال وحتى القتل بحجة الخروج عن تعاليم الدين.

تقول ايمان “في سنوات حكمهم كنا محرومين من كل شيء حتى التعلم في المدارس، ومعها هُدمت احلامي وطموحاتي في الدراسة، ومع استردادنا لحريتنا فرحت كثيرا وانا احلم بالعودة والالتحاق بالدراسة والتعلم وتكوين ذاتي، لكني فوجئت بان السنوات التي خسرتها من عمري لا يمكن تعويضها”

بعكس ايمان فان شقيقتها غفران، غير مهتمة باكمال دراستها، تقول: “انا تخليت عن متابعة التعلم ولا افكر مثل ايمان، أشغل نفسي بأعمال المنزل من طبخ وتنظيف وبالكاد أفك الحروف لأني التحقت بضع سنوات فقط بالدراسة ثم تركتها ونسيت ما تعلمته في الماضي”.

تمكنت سنوات الانقطاع عن الدراسة من قتل رغبة غفران في الذهاب الى المدرسة، مثل بنات آلاف العائلات الموصلية خاصة من محدودي الدخل والفقراء، الذين تشغلهم امور المعيشة عن تعليم بناتهن.

غفران، تعتبر ان الكلمات التي تعرف كتابتها وقراءتها عبر الموبايل كافية بالنسبة لها، وهي ترى ان مكان الفتات هي المنزل وان مصيرها هو الزواج في النهاية ورعاية اسرتها.

ورغم ان مسألة الانقطاع عن الدراسة تشمل الذكور ايضا، لكنها بالنسبة لهم أقل صعوبة، فعادةً العائلات تحرص على تعليم الذكور اكثر من الاناث وتحرص على ارتيادهم المدارس وان كانت في مناطق بعيدة بعكس الاناث اللواتي لا يملكن تلك الفرصة ولأسباب اجتماعية واقتصادية.

تقول جنات (12 عاما) وهي تشكو رفض استقبال المدرسة القريبة من سكنها لها لاكمال دراستها من الصف الذي انقطعت عنه، بعد عودتها من مخيم السلامية الى الموصل: “أسكن مع عائلتي وعائلة عمي في هيكل بناء غير مكتمل، وأبي يعمل حارس ليلي لمولدة كهربائية، ولا نملك دخلا آخر، لذا لا يستطيع دفع مستلزمات دراستي وأجر سيارة توصلني الى مدرسة اليافعين التي تبعد عن منطقتنا مسافة تفرض ايجار سيارة اجرة للوصول الى هناك”.

وتقول “نور” احدى المعلمات في قرية “عمار كبر” القريبة من الموصل، ان اعداد كبيرة من الطلبة والطالبات ممن تجاوزن السن القانوني المسموح به للدراسة في هذه القرية والقرى المجاورة خسروا فرصة دراستهم لأن مدارس تلك القرى ترفض استقبالهم.

وتضيف “البنى التحية نسفت بالكامل في هذه القرية والقرى المجاورة، وان واقع المدارس هناك عبارة عن كرفانات صغيرة تعاني نقصا حادا في الكوادر التعليمية وهذا بدوره يحتم دفع مبالغ اكبر للوصول الى المناطق التي تضم مدارس جاهزة وتتوفر فيها المستلزمات والكوادر”.

ونظرا لحجم الدمار الذي خلفته المعارك العسكرية التي شهدتها المدينة اكدت منظمة الامم المتحدة ان عملية اعادة اعمار الموصل ستستغرق جيلا كاملا على الاقل.

ولسد العجز الحاصل في الأبنية المدرسية بالمدينة التي لم تشهد بناء مدرسة جديدة منذ 2014، يقول المدير العام لتربية محافظة نينوى ان “المدينة بحاجة الى بناء 500 مدرسة جديدة”.

Iraqi displaced women from the outskirts of the city of al-Qaim, on the border with Syria in western Anbar province, gather in a safe place as Iraqi forces and popular mobilisation units advance towards the border town during an operation against remnant pockets of Islamic State group jihadists on November 1, 2017. (Photo by AHMAD AL-RUBAYE / AFP)

السن القانوني عائقاً للدراسة

وفي ظل غياب المتابعة والتجاهل لملف الفتيات غير المتعلمات، يقول مدير المرصد العراقي لحقوق الانسان مصطفى السعدون ان “فشل الحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2003 اسهمت كثيرا في تعزيز ملف ابعاد الفتيات عن التعليم”.

ويشير الى “غياب الدراسات الحقيقية عن واقع الفتيات اللواتي لم يلتحقن بالمدارس، وأسباب انقطاعهن عن التعليم والمعالجات المتاحة لذلك”، مبينا ان عدد الفتيات كبير يصل الى “عشرات الآلاف”.

وأصبح تجاوز السن القانوني المسموح به للدراسة الابتدائية والذي يبلغ 12 سنة، عائقاً أمام غالبية الطلبة بعد تحرير الموصل وخاصة “الفتيات” اضافة الى جهل الكثير من العوائل بوجود 26 مدرسة مخصصة لاستقبال اليافعين وللتعليم المسرع، 10 منها فقط للفتيات، وهي تنتشر في احياء متفرقة داخل الموصل، بحسب مصدر في تربية نينوى.

وبحسب وثيقة  تم الحصول عليها من مديرية تربية نينوى، فان عدد مدارس اليافعين والتعليم المسرع يبلغ 50 مدرسة في عموم نينوى، بينها 26 مدرسة داخل الموصل. لكن مصدرا من داخل مديرية تربية نينوى اكد ان عددا من مدارس اليافعين أغلقت أبوابها وعدد آخر تم دمجه مع مدارس اخرى لعدم اقبال الطلبة عليها.

واضاف ان هناك مدرستان ثانويتان فقط للدراسات المسائية للفتيات اللواتي لا يستطعن اللالتحاق بالدراسة الصباحية، احداهما في الجانب الايمن من الموصل والاخرى في الجانب الايسر.

 

تأثير منظمات المجتمع المدني

يقول معنيون بملف عدم تمكن نسبة غير صغيرة من الفتيات بالالتحاق بالدراسة، ان المشكلة الأساسية تكمن في ان الفئة العمرية بين 12 – 15 عاما محرومة من التعليم بشكل كامل، فهي لا تستطيع دخول المدارس الابتدائية الاعتيادية ولا مراكز محو الأمية (التعليم المسرع) التي لا تستقبل طلبة دون سن 15 عاماً.

وهذا الواقع هو ما يجبر بعض الفتيات الى التوجه لمنظمات المجتمع المدني لتعلم القراءة والكتابة. فبعض المنظمات مرغمةً دخلت وبشكل مؤقت الى مجال تعليم الفتيات لاعانتهن على تعلم أساسيات القراءة والكتابة.

تقول مديرة احدى مراكز منظمة المسلة، والتي تتواجد في حي القاهرة، انها استقبلت العام الماضي 15 فتاة  كل شهر ليتعلموا القراءة والكتابة  من الصفر.

وساهمت منظمات مجتمع مدني في نينوى، بإعادة عدد من الفتيات الى مقاعد الدراسة عن طريق حملات توعوية سنوية.

يقول مدير منظمة المسلة فرع الموصل علي الرسام، ان “هناك عوائق أخرى امام عودة بعض الفتيات اللواتي تجاوزن السن القانوني للدراسة، مثل العامل الاقتصادي الذي لعب دوراً كبيراً في حرمان الكثير من الفتيات من التعليم خاصة اللواتي يعشن تحت مستوى خط الفقر، فهن لم يستطعن الالتحاق بمدارس اليافعين البعيدة عن سكنهم حتى لو كان عمرهم يسمح بذلك”.

 

يرفضن الذهاب للمدرسة

“روان.ع” التي تمشي وهي تمسك بعباءة جدتها، والتي تبلغ 11 عاما، تقول بصوت خافت بينما تعدل حافة غطاء رأسها لتغطية خصلات شعرها الأصفر المختبئة تحته “لا اريد الذهاب الى المدرسة”.

وتقول عنها جدتها التي حفرت وجهها التجاعيد، ان روان لم تتعلم كتابة حرف واحد بسبب انفصال والديها عن بعضهما “عندما وصلت لسن الدراسة رفض والدها تسليم اوراقها واوراقه الرسمية لوالدتها فلم تستطع تسجيلها بالمدرسة”.

ويأتي رفض روان للدراسة، بعد ان اعتادت العزلة داخل المنزل بحكم عادات وتقاليد المجتمع، وفي ظل عائلة مفككة لم تكترث بضمان تعليم ابنتهم.

“روان” ليست الحالة الوحيدة التي ترفض الذهاب الى المدرسة لعوامل مختلفة، فهناك مئات الفتيات اللواتي اعتدن الجلوس في المنزل دون ان يعوا اهمية الدراسة لضمان حقوقهن وحتى للحصول على حياة زوجية أفضل.

“منتهى” التي تبلغ من العمر 15 عاما، التي لم تستمر غير ثلاثة اعوام في الدراسة وانقطعت لاحقا، بررت عدم ذهابها اليوم الى المدرسة بالقول “عيب”. وتعتقد منتهى بان عليها “البقاء بالمنزل لأنها نضجت”، واعترفت بانها “باتت تخجل من الاختلاط مع الناس.

ويلعب العامل النفسي والخلافات داخل الاسرة دورا كبيرا في حرمان فتيات من التعليم، كما تقول الباحثة الاجتماعية  لبنى محمد، مضيفة ان “نضوج الفتاة وظهور علامات الانوثة عليها يجعلها تشعر بالإحراج عند جلوسها قرب فتاة أخرى صغيرة على مقعد الدراسة”.

وأكدت ان ثلاث سنوات من “الانعزال” كانت كفيلة بأن تعزز لدى الفتيات المراهقات وهن في مرحلة النضج العقلي والجسدي، شعورهن بان حياتهن مكرسة للعمل داخل المنزل “فنسين أو تجنبن ان يخرجن من البيت للدراسة في ظل عدم اكتراث عوائلتهم كثيرا بنتائج ذلك”.

 

تداعيات خطيرة  

وتضيف محمد، انه في مجتمع يصارع لتحقيق التغيير، ويتحول سريعا من نظام منغلق بأسس اشتراكية الى مجتمع رأسمالي لا يرحم، فان الفتيات غير المتعلمات “اصبحن عالة على ذويهم، مما يدفع الاهالي على تزويجهن في سن مبكرة بكل ما يحمله ذلك من نتائج سلبية على حياتهن”.

وتتابع: “زواج القاصرات يولد مشكلات كبيرة، بدءا بعدم قدرتهن على تحمل المسؤولية، مرورا باصابتهن بمشكلات جسدية ونفسية وكثرة حالات الطلاق، وانتهاء بعدم وعي القاصرات تجاه اطفالهن وعدم قدرتهن على توجيههم الى الدراسة بصورة صحيحة، وهنا نواجه كارثة انسانية ستظهر نتائجها في المستقبل القريب والبعيد”.

“مريم” التي بالكاد اكملت عامها السابع عشر، وهي تحمل طفلها ذو العامين، تقول “ارغمني ابي على الزواج بعمر الرابعة عشر دون التفكير بمستقبلي، وهذا ما منعني من اكمال دراستي…لكني لم أوفق في زواجي، فطلقت وانا حامل بطفلي، وها أنا وطفلي عالة عليهم”.

مريم وغيرها من المراهقات اللاتي تعرضن للإكراه على الزواج ومن ثم الطلاق او التهديد به، يعشن في الغالب بوضع اقتصادي صعب.

واقع العيش بين مطرقة الأهل الفقراء وسندان النفقة الزوجية بكل متطلباته، دفع مريم للبحث عن أي عمل لتسد رمق طفلها الصغير، لكن كيف لها ان تعمل ولديها طفل عليها ترتبيته.

في ظل عجز المؤسسات التعليمية وعدم تعلم نسبة غير قليلة من العراقيين في العقود الماضية، كان قانون التعليم الالزامي في العراق والسائد منذ سبعينات القرن الماضي واحداً من افضل القوانين الموجودة في المنطقة، على حد قول القانوني احمد المحسن “بدليل انه عقب سنوات من تطبيق هذا القانون كان العراق خاليا من الامية وفي مقدمة الدول الافضل تعليماً في المنطقة”.

ويشير المحسن، ان “المشكلة تكمن في التقاعس عن تطبيق هذا القانون مما جعل العراق يعاني من تزايد الأمية ومن مشكلات كثيرة في قطاع التعليم، فالقانون يوجب التعليم على جميع افراد المجتمع حتى كبار السن دون استثناء (نساء، رجال، فتيات، اولاد)”.

 

غياب التوازن المجتمعي

يقول مصطفى السعدون، ان غياب تطبيق قانون التعليم الالزامي وفي ظل العوامل الاقتصادية والاجتماعية المعرقلة للتعلم، وغياب مدارس التعليم المسائية خاصة للفتيات وقلة مراكز محو الامية والتي لا تستقبل طلبة دون سن 15 عاما، زادت من نسبة الفتيات غير المتعلمات.

من جانه ينبه استاذ الأنثروبولوجيا الثقافية موفق ويسي، الى جانب آخر من مشكلة عدم تعلم الفتيات، وهو ما يتعلق بـ”فقدان التوازن” في التعليم بين الاناث والذكور، مبينا أن ذلك يمثل اشارة واضحة لتفكك المجتمع وينذر بمستقبل مظلم.

ويوجز ويسي، آثار حرمان الفتيات من التعليم بثلاث نقاط: “المزيد من انكفاء الفتيات عن ممارسة الادوار الاجتماعية الفاعلة، وتأثير سلبي على العلاقات الاسرية والتربية السليمة، وخسارة المجتمع لجهود ومواهب وامكانيات كبيرة كانت ستعزز من تماسكه”.

وفق القانوني احمد المحسن، فان الواقع السائد يفرض على وزارة التربية والتعليم تنفيذ سلسلة من الالتزامات التي تقع على عاتقها وعلى رأسها “بناء مدارس جديدة وتوفير الكوادر التعليمية الكفؤة لها وتهيئة البيئة التعليمية  المناسبة”.

ولتطبيق قانون الزامية التعليم، يرى المحسن ان الأمر “بحاجة الى وعي وثقافة مجتمعية، والتأكيد على أهمية تعليم الفتيات”.

بعد مرور نحو اربع سنوات على تحرير محافظة نينوى، ماتزال ايمان صالح وامثالها من الفتيات المراهقات يعانين من عدم قدرتهن على مواصلة دراستهن، والكثيرات منهن يفقدن حماستهن للدراسة.

ايمان تشعر بالحزن، كلما وجدت شقيقتها غفران تعجز عن القراءة وتطلب من الآخرين قراءة ما يظهر على شاشات التلفاز او كتابة رسالة على الهاتف، وتزداد اصرارا على التعلم والعودة الى المدرسة، قائلة “اتمنى ان لا يمنعني عن الدراسة شيء”.

لكن ايمان التي تثابر على القراءة والتعلم برفقة شقيقها، تخشى ان ينتهي مصيرها الى ما انتهت اليه اختها وتفقد بعد فترة رغبتها في مواصلة التعلم في ظل عدم اهتمام العائلة وضيق أوضاعها المالية ومع غياب برامج حكومية تقدم حلول لها ولأمثالها ممن انقطعن لسنوات عن الدراسة.

 

*انجز التقرير بدعم منظمة (cfi) ضمن مشروع “تفاءل” 2020

المزيد عن قصص

Stories

قصص","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":18472}" data-page="1" data-max-pages="1">