قصص: لا حياة اقتصادية في سنجار … منشآت مدمرة واراض جرداء وحقول زراعية متروكة

لا حياة اقتصادية في سنجار … منشآت مدمرة واراض جرداء وحقول زراعية متروكة

ابراهيم خليل حجي/ سنجار

نحو خمس سنوات انقضت على استعادة الحكومة العراقية لمنطقة سنجار من يد تنظيم داعش، لكن المدينة ومعظم قراها التي تمتد على مساحات واسعة اشتهرت طوال قرون بالزراعة والرعي ماتزال مدمرة وخاوية من سكانها. لا ترى حولك غير اراض جرداء وحقول زراعية متروكة واخرى مقلوعة الأشجار.

على مدى البصر من مركز المدينة أو من قمة جبلها الشهير الى الحدود السورية غربا واقليم كردستان شمالا، لا ترى غير ركام منشآت وأبنية ومشاريع معطلة او حقول زراعية متروكة تربطها طرق متضررة تتوزع عليها نقاط امنية تتبع تشكيلات مسلحة مختلفة الولاءات من الحشد الشعبي والجيش والشرطة والبيشمركة فضلا عن وحدات مقاومة سنجار.

أدى القتال مع تنظيم داعش الذي استمر لنحو عامين الى دمار ھائل  في القطاع الزراعي بمنطقة سنجار، وهو القطاع الرئيسي والذي كان يؤمن معيشة غالبية السكان، فالاقتصاد المحلي هناك اقتصاد ريفي يعتمد على زراعة القمح والشعير والخضروات الى جانب تربية المواشي من أغنام وماعز.

ولم تقم السلطات الحكومية بعد استعادة المنطقة بأي تقييم شامل للإضرار المتعلقة بالزراعة في ھذه المنطقة، ولا بتعويض المتضررين من اصحاب المشاريع والحقول الذين خسروا خلال اجتياج التنظيم للمنطقة في منتصف عام 2014 كل ما كانوا يملكونه.

 

مكونات عديدة وجغرافية حساسة

يقع قضاء سنجار على بعد نحو 120 كيلو متراً إلى الغرب من مدينة الموصل بمحاذاة الحدود مع سوريا في الغرب، كما انه شمالا يقترب من الحدود التركية، فالمنطقة تشكل مثلثا استراتيجيا مهما يتوسطه جبل سنجار، وھو سلسلة جبلية تمتد مسافة 100 كيلومتر من الغرب إلى الشرق.

ويعيش في المنطقة الايزيديون بشكل خاص الى جانب الكرد المسلمين (السنة والشيعة) والعرب فضلا عن المسيحيين الذين لهم وجود تاريخي تناقص في العقود الاخيرة.

ويقدر عدد سكان المنطقة في الفترة التي سبقت هجوم تنظيم داعش وبحسب الإدارة المحلية للقضاء بنحو 550 الف نسمة.

لكن هجوم تنظيم داعش في آب 2014، وتنفيذه عمليات ابادة جماعية في المنطقة راح ضحيتها آلاف الايزيديين بشكل خاص فضلا عن مئات من الشيعة، أدى إلى نزوح نحو 400 الف شخص من القضاء.

وتقدر مصادر ايزيدية رسمية عدد من قتلوا في عمليات الابادة تلك بأكثر من ثلاثة آلاف شخص فضلا عن خطف آلاف النساء و مازال مصير نحو ثلاث آلاف امرأة وطفل مجهولا الى اليوم.

خسائر كبيرة  و اهمال حكومي

يقول علي حسين، وهو مزارع من شرق شمالي سنجار في منطقة صولاغ الزراعية ، ان كل محاصيله الزراعية من قمح وشعير التي كان قد حصدها في عام 2014 جرى سرقتها حين دخل مقاتلوا التنظيم الى المنطقة، كما سرقوا مركباتهم الزراعية و قطع الاشجار و قلعها من الجذور بل حتى  قاموا بسرق مضخات المياه بالاضافة الى المواشي التي تركها الرعاة خلفهم بعد نزوحهم الى الجبل هربا من التنظيم.

 

و يضيف حسين ان الحكومة المركزية لم تقم باي خطوة لتعويض المزارعين المتضررين جراء هجوم داعش و ايضا المنظمات الدولية و المحلية لم تنفذ اي مشروع لدعم الزراعة في منطقة صولاغ

ويقدر مزارعون في المنطقة خسائر القطاع الزراعي لوحده بعشرات ملايين الدولارات، فقد نهبت معظم المحاصيل الزراعية بعد موسم الحصاد فضلا عن سرقة مضخات وانابيب سحب المياه من الآبار.

ووفق مؤشرات جزئية لحكومة اقليم كردستان نشرت في نهاية 2015، فقد تم تسجيل “نھب 70% من الماشية و70% من المحاصيل والالات الزراعية بما فيھا مضخات المياه التي تسخدم في ارواء الأراضي الزراعية”.

وذكرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، في تقرير لها نشر العام ٢٠١٦ أن عدد الأغنام والماعز في ناحية سنوني شمالي سنجار قبل سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية عليها والبالغ 120 الف رأس انخفض إلى 35 الف رأس فقط، بينما  ُفقدت جميع الأبقار البالغ عددھا ٥٠٠ رأس فضلا عن خلايا النحل البالغ عددھا ١٠٠٠  خلية.

خسرنا كل شيء ولم يجر تعويضنا

ينتقد بدل حسن وهو مزارع من مجمع تل قصب بسنجار، الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان لعدم قيامهما بتعويض الخسائر الكبيرة التي مني بها المزارعون واصحاب المواشي.

يقول لم نتلق اي مساعدة  لا من الحكومة ولا من المنظمات الدولية و المحلية في المنطقة منذ خمس سنوات ونعيد الحياة الى مزارعنا المدمرة بجهود ذاتية

ويضيف حسن ان المزارعين في سنجار الذين عادوا بعد تحرير المنطقة لزراعة حقولهم يواجهون صعوبة في تسويق المحصول بسبب عدم استيعاب سايلو سنجار الكمية التي تنتجها المنطقة من القمح و الشعير نتيجة عدم تخصيص مبالغ من قبل الحكومة لترميم و تأهيل السايلو ليعود إلى قدرته الاستيعابية السابقة

ويطالب حسن بتأهيل السايلو ودعم الفلاحين و المزارعين بالأسمدة وبتعويضهم عن خسائرهم لمساعدتهم على تجاوز مشاكلهم ومعاناتهم المستمرة منذ سنوات

ويخلص الى القول :” حتى لو تمكنا من الانتاج ومن التسويق الى السايلوات الحكومية فإن عملية الحصول على الأموال من الدولة أمر صعب ويتأخر احيانا لأكثر من سنة، اما بيع المحصول في السوق فانه يتم بسعر مخفض لا يتوافق مع المصاريف”.

في انتظار انعاش الاقتصاد

لم تقم الحكومة العراقية، الى الآن بالعمل على معالجة التأثير الكبير لتدمير مصادر دخل مئات آلاف من أهالي سنجار، ولم تنفذ اي خطط لمساعدة المزارعين في سنجار لاعادة احياء حقولهم الزراعية او مواقع تربية المواشي.

يتحدث خدر قاسم الذي كان يقوم بتربية الاغنام في قرية حيالي و هي من القرى القريبة من الجبل من الجانب الجنوبي خسرت باكثر من 150 راس ما بين اغنام و سخال بعد هجوم تنظيم داعش على سنجار رغم تقديم اكثر من مرة المعلومات للجنة التعويضات

ويضيف رغم المطالبات المتكررة من الحكومة و المنظمات الا انه ليس هناك اي استجابة لمطاليبنا في ظل اهمال حكومي و ملف سنجار العالق ما بين بغداد و اربيل و مشكلة الادارة .

من جانبه يقول احمد عيسى، وهو من مسلمي سنجار، وكان يعمل في قطاع البناء قبل هجوم تنظيم داعش :”لا نستطيع العودة، بيوتنا دمرت واملاكنا احرقت ومركباتنا سرقت، كما ان اصحاب المواشي خسروا مواشيهم والمزراعون آلات العمل ومضخات المياه… لذا المنطقة في وضع اقتصادي سيء”.

ويضيف عيسى:”الوضع سيستمر والناس لن تعود طالما استمر الخراب ولم تتم عملية اعادة البناء.. وهذا يتطلب قيام الحكومة بتقديم منح مالية وتعويضات تساعد على اعادة احياء القطاع الزراعي الذي هو مصدر أساسي لمعيشي غالبية سكان هذه المنطقة، ومع عودة هؤلاء يمكن ان تتحرك بقية القطاعات، وتعود أعداد أكبر من النازحين الى مناطقهم”.

ويعيش عشرات الآلاف من سكان سنجار الايزيديين والمسلمين منذ ستة سنوات في اقليم كردستان، ولا يستطيعون العودة في ظل عدم توفر فرص عمل في القضاء ومع خسارتهم لممتلكاتهم وبيوتهم التي دمرت او أحرقت، وهي المشاكل الأبرز التي تعيق عودة السكان حتى في حال تم تجاوز المشاكل السياسية والامنية التي ماتزال تواجهها المنطقة بعد اربع سنوات على تحريرها من داعش.

*انجز التقرير ضمن مشروع “التربية الاعلامية” لصحفيين من ثلاث مدن عراقية

المزيد عن قصص

Stories

قصص","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":18379}" data-page="1" data-max-pages="1">