تحقيقات استقصائية: أطفال مقاتلي القاعدة في العراق: ضحايا بلا هوية يهددون بظهور جيل جديد من المتطرفين

أطفال مقاتلي القاعدة في العراق: ضحايا بلا هوية يهددون بظهور جيل جديد من المتطرفين

جريدة الحياة اللندنية

تحقيق: دلوفان برواري وسلام جهاد

تصوير: جمال بنجويني

تقف هدى ذات البشرة السمراء والشعر الكث، والتي أكملت عامها السادس، كل صباح على باب منزلها وهي تراقب صديقاتها اللواتي يتجهن للمدرسة، دون أن تعرف ما يمنعها من اللحاق بهن، فهي لا تدرك ان لا وجود لها في سجلات الدولة العراقية ولا حقوق مدنية، وانها لم ترث من والدها “المجاهد العربي” في تنظيم القاعدة والذي قتل قبل ان تولد، حتى الأسم الذي سيتبع اسمها في  الأوراق الرسمية.

بلا مستقبل، في بيئة يحاصرها الفقر وعائلة تطاردها الوصمة الاجتماعية تكبر هدى، ومثلها زهراء ذات الأعوام الأربعة، ومحمد الذي اكمل عامه السابع دون أن يعرف شيئا عن والده المفقود، ومئات آخرين من أطفال المقاتلين العرب في التنظيم الذي سيطر على أجزاء واسعة من محافظات الانبار وديالى ونينوى وصلاح الدين بين عامي 2004 و2009، وأقام عليها “دولة اسلامية” فرض فيها قوانينه عبر محاكم شرعية وذراع عسكري ضم آلاف المقاتلين الذين قتلوا او اعتقلوا او رحلوا بعد سنوات تاركين خلفهم أطفالا بلا هوية، ونساء يائسات بلا معيل، يشكلون نواة الجيل الثالث والأكثر خطورة من مقاتلي تنظيم القاعدة.

تقول أم هدى، وهي تحاول اخفاء دموع لاحت في عينيها البنيتين، بينما تراقب ابنتها عبر النافذة المغطاة بغطاء من مادة النايلون السميك، في الغرفة الوحيدة التي يتألف منها منزلها في أحد أحياء العشوائيات بمحافظة ديالى “لم نرث منه غير الفقر والنبذ الاجتماعي ومضايقات الأجهزة الأمنية، قضيت سنواتي الأخيرة وانا أهرب بابنتي من الجوع والنظرات الجارحة والأسئلة المحرجة”.

واردفت، وهي تحاول تغطية وجهها بطرف العباءة السوداء الطويلة التي كانت ترتديها “تحملت ظروفا لا يمكن لبشر احتمالها، وطالما تمنيت الموت، لكني بقيت أواجه كل شيء لكي لا أظلم ابنتي كالآخرين”.

زواج “شرعي” بالاكراه

أم هدى، التي أبلغها اخوتها بقرار تزويجها من مقاتل عربي قبل ان تكمل عامها الـ 18، لم تستطع ان تصف شعورها تجاه زوجها “كنت صغيرة حين اجبروني على الزواج به، لم أكن قد رأيته قبلها، قالوا لي انه من أهل الله، في الأربعينات من عمره، وذلك كان يكفي للترحيب به زوجا، خاصة ان عناصر التنظيم كانوا محط احترام كبير، فهم يحملون راية الاسلام ويقاتلون الأمريكان”.

وعن ترتيبات الزواج تقول “حدث كل شيء سريعا، ولم يكن بامكاني الاعتراض، كانت الحياة قاسية والناس تهرب من الفقر والموت، وتم الزواج بقراءة سورة الفاتحة بحضور احد شيوخ التنظيم، فلم يكن هناك أيامها أي وجود للدولة فلا دوائر رسمية ولا شرطة”.

في احدى “غزواته لطرد الاحتلال الأمريكي” بعد ستة اشهر من زواجه، قتل والد هدى، لتدفن معه اسرار حياته السابقة، “قتل قبل أن اعرف حتى اسمه الحقيقي وجنسيته، كانوا ينادونه بأبو بكر وأظن انه كان سوريا او أردنيا، فلهجته تشبه لهجتهم، لم أر معه يوما اوراقا رسمية تثبت هويته ولم يحدثني أبدا عن ماضيه، كان يتحاشى ذلك دائما، ويرد: الحمد لله الذي تاب علينا وأنعم علي بالجهاد في سبيله”.

نظرة دونية وطفل بلا هوية

مع محاولات الحكومة بسط سيطرتها تدريجيا على محافظة ديالى في 2007، وجدت أم هدى نفسها وحيدة، إثر مقتل شقيقها الأكبر وانقطاع أخبار شقيقها الثاني، لتواجه بمفردها “الفقر وأسئلة السلطات الأمنية ونظرة الناس الدونية”، قبل ان “تكتمل معاناتها” مع ولادتها طفلة مجهولة الأب، أضطرت معها بعد عامين واثر تخلي الاقرباء عن اعالتهما الى ترك منطقتها السابقة، لتواجه الحياة وحدها وتنتهي الى العمل في جمع قناني البيبسي كولا الفارغة من الشوارع والمزابل لتأمين متطلبات حياتها.

مثل أم هدى، تزوجت ام شيماء عندما كانت في الـ15 من عمرها من أحد افراد التنظيم اثر مقتل والدها في احد تفجيرات محافظة ديالى. الفتاة وجدت نفسها وحيدة مع والدتها بلا معيل في منطقة انتشر فيها افراد تنظيم القاعدة الذين قدموا من دول عربية بشكل سري، وأطلقوا على انفسهم أسماء رمزية ذات مدلولات دينية وعاشوا في المنطقة مع غياب سلطة الحكومة العراقية، ثم قتلوا او اختفوا مع عودة سيطرة الحكومة.

“مضطرة” تزوجت الأم الارملة (والدة أم شيماء) من أحد افراد التنظيم مثل آخريات ممن فقدن ازواجهن في المعارك ضد مقاتلي الحكومة والقوات الأمريكية في 2007. ذلك الزواج كان يعني دخول العائلة ضمن التنظيم بما يفرضه من “قوانين خاصة وتقاليد قاسية”، بما فيها زواج البنات في سن مبكرة، وهو ما حاولت ام شيماء رفضه لكنها لم تجد مهربا منه، تتذكر أم شيماء “في احدى الليالي دخل منزلنا ملثمون وقالوا لوالدتي انني مطلوبة لأمر مهم، أخذوني بعد أن عصبوا عيني الى منزل مهجور، ودخل علي ثلاثة أشخاص ملتحين وقالوا نريدك زوجة لأحد المجاهدين، وعندما طلبت ان اعرف بمن سأتزوج دخل شاب في العشرينات من عمره وقال بلهجة خليجية، انا الذي اريدك زوجة”.

“لم يكن امامي غير الطاعة”، تقول أم شيماء التي ترتدي جلبابا أسود لا يظهر من خلاله الا وجهها “رفضي كان يعني انني فتاة عاصية وخائنة، فتم الزواج الذي احاطني طوال الأسابيع الأولى بالخوف، لم أشعر بالطمأنينة معه، ولم اعرفه جيدا، لا طبائعه ولا ما يحب وما يكره، فهو مثل باقي افراد التنظيم كان يغيب لفترات ثم يظهر فجأة، لكنني رضيت في النهاية بقسمتي”.

أم شيماء وزوجة ابو زكريا

هكذا أصبحت أم شيماء زوجة “مجاهد عربي” يدعى (ابو زكريا)، لكن ذلك الزواج الذي تصفه “بغير الشرعي” لم يستمر غير ثمانية اشهر، حيث ابلغت فيما بعد “باستشهاد زوجها في أحدى العمليات ضد القوات الأمريكية”.

ولدت شيماء بعد ستة أشهر من رحيل والدها، في غرفة ببيت غير مكتمل البناءلا يحتوي الا على بضعة اغطية وسجادة قديمة واثاث مطبخي متواضع، بلا رعاية ولا اسم رسمي تحمله، ولا حقوق مدنية، بما فيها حق الحصول على البطاقة الغذائية.

تقول والدتها، انها الآن في عامها الرابع، ولا تملك أية اوراق تثبت هويتها، ولا معيل يؤمن حاجاتها، وتضيف “نحن نعيش على صدقات بعض الأقارب والخيرين، نعيش كالعبيد، بلا أمل، ورغم ذلك لا نرجو غير الخلاص من نظرات الناس الجارحة، ومن أسئلتهم التي لا ترحم”.

يشارك هدى وشيماء مشكلتيهما محمد، الذي لا يعرف شيئا عن مصير والده المختفي منذ سنوات، تقول والدته “انقطعت اخباره قبل خمس سنوات بعد اشتباكات وقعت شرقي مدينة بعقوبة، لم يبلغونا حينها لا بمقتله ولا باعتقاله”.

مثلهم يعيش المئات من بنات وأبناء مقاتلي التنظيم غير المسجلين رسميا، في محافظات ديالى ونينوى والأنبار وصلاح الدين وشمالي محافظة بابل بابل وجنوبي العاصمة بغداد والذين “يواجهون مصيرا مجهولا يهدد بتحويلهم الى متطرفين” بحسب الناشط المدني جميل ابراهيم.

520 حالة مسجلة وأخرى مجهولة

تشير احصاءات لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، الى وجود اكثر من 520 طفلا “غير مجنس” لمسلحين لا تعرف أسماؤهم الحقيقية، فيما لم تكشف عوائل كثيرة عن أبنائها غير المسجلين لاعتبارات امنية واجتماعية.

ويحذر ابراهيم من ظهور اجيال جديدة أكثر تطرفا من مقاتلي القاعدة يصنفهم بالجيل الثالث بعد جيلي امير التنظيم في العراق ابو مصعب الزرقاوي الذي قتل في حزيران يونيو  عام 2006، والجيل الذي تلاه من قادة ميدانيين عراقيين واشقائهم وابنائهم الكبار الذين بحثوا عن الانتقام.

“سيكون أبناء المقاتلين المنبوذين في المجتمع، جيلا أشد تطرفا ان لم يتم احتضان عوائلهم”، يؤكد ابراهيم ان الأمر يتجاوز حرمان أطفال من حقوقهم في الجنسية والتعليم والرعاية الصحية، الى مجال حساس يتعلق بالوضع الاجتماعي لهم كأطفال شرعيين “هذه مسألة في غاية الخطورة بالمجتمع العراقي”.

قرابة العامين من الصراع المسلح ومثلهما من الغياب الحكومي والفراغ الأمني الذي شهدته العديد من مناطق ديالى المتنوعة قوميا ومذهبيا، والتي خضعت لسيطرة مقاتلي ما عرف بدولة العراق الاسلامية، كانت كافية “لحصول عشرات حالات الزواج بين نساء عراقيات ومقاتلين من القاعدة، بعيدا عن المحاكم المدنية لعدم اعترافهم بالدولة، لتفرز مشكلة تكبر مخاطرها يوما بعد آخر مع أطفال منبوذين في المجتمع يكبرون دون ان يكون لهم وجود رسمي في سجلات الدولة ولا حقوق”.

ويشرح مدير مؤسسة النور الجامعة في ديالى احمد جسام، أبعاد المشكلة التي ظهرت مع سيطرة الحكومة على محافظة ديالى عقب عمليات بسط القانون “غالبية الأزواج هربوا أو اعتقلوا أو قتلوا خلال العمليات المسلحة، فيما بقيت الزوجات مع أطفال صغار، دون أوراق رسمية تثبت وقوع الزواج وتبين اسم الأب وكنيته”.

وتتعدى المشكلة، كما يقول جسام، الزوجات اللواتي رزقن باطفال، لتشمل نساء لا يعرفن مصير ازواجهن، ولا مصيرهن، فهل هن أرامل ويستطعن شرعا الزواج؟ ام زوجات رجال غائبين يمكن ان يظهروا في أي لحظة.

وكان الشيخ سمير القيسي، إمام وخطيب جامع هيت القديم غربي الرمادي، أشار تعليقا على الفتوى الصادرة من مجلس علماء الأنبار في عام 2011، والتي نصت على تحريم مصاهرة الإرهابيين، “الى وجود مئات الأطفال بلا جنسية ولا تعليم ولا رعاية، هم ضحايا موافقة امهاتهم على الزواج من مسلحين، خارج المحاكم”.

زواج لضرورات تنظيمية

ويشير متابعون لنشاط تنظيم القاعدة ان حالات الزواج تلك، لم تكن لمجرد اشباع حاجة غريزية أو بناء اسرة او تطبيق واجب شرعي، بل كان لها هدف تنظيمي أيضا يتعلق بتجنيد النساء في العمل، عبر استغلالهن في نقل الرسائل والمتفجرات وحتى تنفيذ عمليات انتحارية، مع حقيقة قيام نساء بتنفيذ 37 هجوما انتحاريا بأحزمة ناسفة في ديالى بين 2007 و 2009، استهدفت قيادات في الصحوة ومراكز امنية.

وينبه جميل سليمان، وهو محامي من محافظة الأنبار اطلع على العديد من القضايا المتعلقة بأبناء وبنات مقاتلي القاعدة المقتولين والمفقودين في الفلوجة، الى وجود جملة تعقيدات “انسانية وقانونية، فهم محرومون من حقوقهم وهذا يجعلهم أناسا غير طبيعيين لا مع محيطهم ولا مع الدولة، وهم اضافة الى ذلك يعيشون في عوائل مفككة، فالكثير من الأقارب لا يسألون عنهم بل يتجنبونهم، وهنا تبرز الشبهات الأخلاقية لتزيد الأمور تعقيدا”.

سليمان يطالب الدولة بالتحرك جديا لمعالجة المشكلة قبل ان تكبر “فهؤلاء الاطفال قنابل موقوتة، وحياتهم الحالية ستجعلهم مصدرا للعنف ولمشاكل مجتمعية خطيرة”.

تؤكد رئيس لجنة المرأة والطفل في مجلس محافظة ديالى زينب حسوفي، ان الحالات المسجلة لأطفال تنظيم القاعدة بالمحافظة تبلغ 53 حالة، تتركز أغلبها في مناطق شرق بعقوبة (الكبة، المخيسة، ابوكرمه، وزاغنية) غالبيتهم لا يمتلكون أوراقا رسمية “والضوابط القانونية، تعرقل تسجيل هؤلاء، وهي لا تأخذ بنظر الاعتبار خصوصية وضعهم”.

هذا الرقم يعتبر متواضعا مع تخوف عوائل كثيرة من تسجيل ابنائها، وهو أمر يتكرر في محافظات الأنبار التي كانت معقلا رئيسيا للقاعدة بين 2004 و2007، ومثلها نينوى وصلاح الدين ومناطق جنوب بغداد.

“الوضع خطير”، تقول الناشطة في مجال حقوق الأطفال سؤدد محمد، “فالمئات سيكبرون وهم يشعرون بالظلم تجاه المجتمع الذي رفض الاعتراف بهم”، مبينة أن “هؤلاء هم نتاج وضع غير طبيعي، فلم يكن لمؤسسات الدولة يومها أي وجود في مناطق ولادتهم، وكان النظام القضائي متوقفا، ويجب على الدولة اليوم ان تنظر اليهم بشكل استثنائي وتضمن الرعاية الكاملة لهم قبل ان يتم استغلالهم من جهات مسلحة او ينخرطوا في عالم الاجرام”.

 الاجراءات القانونية

لكن التسجيل الرسمي لأبناء وبنات مقاتلي القاعدة، الذي يعد الخطوة الأولى لحل مشكلتهم، بحسب المعنيين، أمر مستحيل التحقيق في ظل القوانين السارية في محاكم الدولة، فليس هناك اي منفذ قانوني يسمح بذلك، والأمر يحتاج الى تشريعات خاصة.

أم عمر، التي لم تجبر على الزواج من مقاتل في القاعدة، بل كانت تتمناه “لتنتقم لأخيها الذي قتل على يد القوات الأمريكية”، حاولت كثيرا تسجيل ابنها ذي السنوات الخمس بعد مقتل والده، لكنها لم تجد أي وسيلة لذلك “قالوا لي، بدون أوراق تثبت هوية الزوج لا يمكن ان يتم تسجيل الأبن رسميا، أنا فقط اريد عدم حرمانه من التعليم، وأن أجد ما أجيبه به حين يكبر ويسألني عن أبيه”.

ورغم ان الدستور العراقي يعد من أكثر الدساتير تطورا في المنطقة فيما يخص حقوق منح الجنسية حيث تمنح المادة 12 أبناء المرأة العراقية حق التجنس بغض النظر عن جنسية آبائهم، إلا ان مشكلة شيماء وهدى ومحمد وعمر، تكمن في عدم وجود اوراق رسمية تحدد هويات آبائهم يمكن الاعتماد عليها في تثبيت النسب، بما يتطلبه من اجراءات بما فيها تثبيت واقعة الزواج في دوائر الدولة.

هوية الزوج شرط أساسي

يقول الخبير القانوني طارق حرب، ان تسجيل الزواج وتثبيت نسب الأطفال أمر ممكن اذا كان هناك ما يثبت هوية الزوج، “فتسجيل عقد الزواج في المحكمة ودائرة الاحوال المدنية، ليس شرطاً لتحقيق الزواج واثبات النسب، وقانون الأحوال الشخصية لم يجعل التسجيل شرطا للزواج، انما هو شرط شكلي”، مبينا أن الزوجة بامكانها اقامة دعوة قضائية على زوجها المختفي او المتوفي لاثبات الزواج ونسب الأطفال.

 وهنا، كما يؤكد حرب، على الزوجة ان تؤكد أن واقعة الزواج تمت على يد شيخ خارج المحكمة وتقدم شهودا بذلك مع تقديم اوراق رسمية تثبت هوية الزوج، لتقوم المحكمة حينها بالتحقق من ذلك وبعدها يتم تثبيت الزواج رسميا في محكمة الاحوال الشخصية، واذا كان هناك اطفال يتم استصدار قرار بإثبات نسبهم ويرسل نص القرار الى مديرية الجنسية والاحوال الشخصية لتسجيلهم.

ويؤكد حرب عدم امكانية اثبات واقعة الزواج ولا نسب الأطفال، اذا كانت هوية الزوج غير معروفة حتى بوجود الشهود، “فعلى الزوجة ان تثبت في طلبها المقدم الى المحكمة بانها تزوجت من شخص معروف بذاته وتقدم شهود على ذلك، وأن يحضر الزوج الى المحكمة، وهنا إما يقر بحصول الزواج ليتم تثبيته، او ينكر، وفي هذا الحالة على الزوجة ان تقدم أدلتها”.

وتوجب المادة 46 من قانون المرافعات المدنية، ان تشتمل عريضة الدعوى التي تقدمها الزوجة على اسم المدعى عليه وعنوانه ومهنته، فاسم الزوج يعتبر من البيانات الجوهرية ولا غنى عنه مطلقاً، ودونها تبطل عريضة الدعوى. وهذا ما يؤكده القاضي عبد الستار البيرقدار، المتحدث الرسمي لمجلس القضاء الأعلى في العراق، فهو يشير الى أنه “لا توجد اي مشكلة قانونية في حالات هؤلاء النسوة وأطفالهن اذا توفرت اوراق رسمية تثبت هوية الأب، فبمجرد اثبات واقعة الزواج يتم اثبات النسب وبعدها يتم الحصول على كافة الاوراق الرسمية”.

لكن الاجراءات المطلوبة لتثبيت الزواج والنسب مستحيلة التطبيق في معظم حالات اطفال المقاتلين العرب في تنظيم القاعدة، فالزوج غائب والشهود تفرقوا ولا اوراق رسمية تثبت اسم وهوية الزوج وعنوانه حتى يتم من خلاله تبليغه بالحضور الى المحكمة والاقرار بحصول الزواج من عدمه اذا كان حيا، ولا دليل على الوفاة اذا كان ميتا.

ويلفت القاضي سعدي الوكيل، عضو محكمة الأحوال الشخصية في محافظة الأنبار، الى أن المسلحين كانوا يحملون القابا ولا يكشفون اسماءهم الحقيقية، وكانوا يتجنبون الزواج في المحاكم ليس لعدم اعترافهم بها فقط بل لتخوفهم من تسجيل أسمائهم التي يمكن من خلالها للسلطات تعقبهم واعتقالهم.

 مثل ام عمر فشلت أم حسن في تسجيل ابنها، رغم محاولاتها التي امتدت لأكثر من عام، تقول ام عمر إنها  بدأت قبل نحو عامين بإجراءات اثبات الزواج، لتثبت نسب ابنها حسن قبل ان يبلغ سن التعليم الإلزامي، “لكنهم في كل مرة كانوا يطلبون مني طلبات لا استطيع تلبيتها من هوية رسمية تثبت الاسم الكامل للزوج او محل اقامته، وأن اقوم بالنشر في الجرائد، وغيرها من الاجراءات التي لو كنت اعرفها سابقا لما كنت في هذا الوضع اصلا”.

وتؤكد أم حسن انها لم تعد تستطيع تحمل مصاريف متابعة اجراءات تثبيت نسب ابنها، “المجيء كل مرة من المنطقة التي اسكنها الى بعقوبة واقناع الشهود بالحضور، وتوكيل محام ليتابع القضية، كل هذه خارج قدرتي، لقد بعت كل ما املكه من ذهب واقترضت مبلغا من المال لكي اكمل التسجيل، لكن دون جدوى”.

أم حسن التي تعمل الان في صنع الخبز للعوائل في منطقة سكناها لتأمين متطلبات حياتها بعد ان تخلى اقرباؤها عنها ولم يعترفوا بابنها، قالت وهي تحاول نقل كيس طحين الى هيكل المنزل الذي تؤجره “علي ان اتقبل الواقع، سأصرف النظر عن تسجيل ابني فلا جدوى اذا لم تغير الحكومة قوانينها”.

المحامية سميرة المنصوري، تؤكد عدم وجود حل قانوني بغياب الزوج والأوراق الرسمية، مثل زواج ام حسن من (أبو قتيبة) الذي لا يُعرف اسمه الحقيقي “فالقانون وضع للحالات الطبيعية التي لم يتم فيها تسجيل عقد الزواج من قبل زوجين حاضرين أو من خلال الشهود لأي سبب كان، اما في حالة هذه الزيجات التي يكون فيها الزوج غير معروف فيجب وضع استثناء لهم من قبل الدولة، خاصة انهم مروا بظروف استثنائية”.

تحرش واستغلال

وتنبه المنصوري “حتى مع توفر اوراق رسمية وشهود على الزواج، تواجه العديد من النساء حالات ازعاج بل وتحرش من قبل بعض الموظفين الذي يحاولون استغلال الوضع الاجتماعي لتلك الفئة بوجود نظرة دونية اتجاههن”.

وهو ما تكشفه ام ازهار بقولها “تعرضت للتحرش من قبل احد الموظفين الذين راجعتهم لاثبات زواجي ونسب ابنتي، هو كان يتصور انني امرأة رخيصة، فتصديت له، لكنه قام بتعقيد الإجراءات وصار يطالبني بأشياء مستحيلة مثل عنوان سكن الزوج لتبليغه او نسخة من هوية أخرى للزوج وغيرها من الطلبات المستحيلة”.

وتقول ام ازهار انها صارت تتجنب زيارة الدوائر الرسمية لأن موظفيها يعاملونها بشكل سيء، وينظرون اليها “بعين الشك”، فيما يلازمها خوف آخر، فهي اضطرت الى ترك قريتها السابقة، مثل آخريات، تجنبا للانتقامات العشائرية، لأن زوجها كان قياديا في تنظيم القاعدة وحُمِل مسؤولية قتل العديد من أبناء قريتها.

بين الوصمة الاجتماعية والفقر والحرمان من الحقوق المدنية، يعاني هؤلاء الأطفال وأمهاتهم، ما قد يجعلهم عرضة للاستغلال من الجماعات المسلحة او الإجرامية أو المجتمع، وهو ما يفرز لدى هؤلاء حالات من التمرد والعداء للمجتمع وللدولة ويكونون “كالقنابل الموقوتة”، وفق ما يراه الباحث الاجتماعي الدكتور محمد عبد الحسن “هؤلاء إن لم يجدوا الهوية التي ينتمون اليها والعائلة التي تعطيهم الرعاية، سيصبحون أناسا مغتربين في مجتمعهم، ومع حقيقة ان البعض ينظر اليهم اليوم كأطفال غير شرعيين، فسيشكلون فئة من المنبوذين اجتماعياً، ما يهدد بانخراطهم في المجاميع الارهابية او الاجرامية”.

تقول ام خالد، التي اختفى زوجها في 2009، ان ابنها ذا السنوات الخمس تعرض الى الضرب من قبل اطفال في المنطقة “فقد شتموه وعيروه بأنه لقيط”، وتحولت مشاجرة الاطفال الى مشكلة أكبر، “فعائلة احد الأطفال الذين تعرضوا للضرب على يد ابني، قامت بشتمي ووصفي بالعاهرة، ولم استطع الرد عليهم، فانا لا املك اي شيء يثبت انني كنت متزوجة، ولا أعرف عن زوجي غير كونه مغربيا واسمه أبو عبيدة”.

في انتظار الدولة

هذا الواقع، دفع وزيرة المرأة ابتهال الزبيدي، الى المطالبة بسرعة احتضان هؤلاء الأطفال قبل ان تتلقفهم أيدي الارهابيين والمجرمين الذين سيحاولون استغلال الكره المتولد في نفوسهم ضد المجتمع. وتقول الزبيدي “التقينا بعدد من أعضاء مجالس المحافظات المعنيين بالموضوع وناشطين في المجتمع المدني، ونسقنا مع وزارة حقوق الانسان، والموضوع خاضع للدراسة لاتخاذ الاجراءات المناسبة  لحل المشكلة، فالاطفال بلا ذنب والأمهات ضحايا ظروف قاهرة، ويجب ان تتكفل الدولة بإصدار الاوراق الرسمية لهم ورعايتهم”.

ويشير رئيس منظمة العراق لحقوق الإنسان خالد العزي، الى جهود تبذل بدعم من الأمم المتحدة، لتبني قضايا الإثبات والترافع عن الأمهات اما المحاكم ومتابعة حصولهم على الأوراق الرسمية، مؤكدا موافقة الحكومة على تسجيل هؤلاء الأطفال كون الدستور يتيح ذلك ما دام الطفل من أم عراقية، لكنه يكشف عن عقبات عديدة تعرقل تسجيل الأطفال وتحويلهم من أشباه “لقطاء” الى مواطنين كاملي الحقوق “فمئات الأمهات يتخوفن من مراجعة المحاكم لتسجيل أبنائهم، إذ انهن يعتقدن ان السلطات الأمنية ستلاحقهن، وتعتبرهن متواطئات مع تنظيم القاعدة”.

لكن ذلك لا يمثل حلا لشريحة تفتقد لأوراق رسمية تثبت هوية الأب، ولا شهود يثبتون الزواج. فيما يؤكد عضو لجنة حقوق الإنسان البرلمانية وليد عبود، ان الحكومة وافقت على منح هؤلاء حق الدراسة والشمول بالنظام الصحي “لكن يجب حل المشكلة قانونيا عبر تشريع قانون خاص بهم”.

وذات الرأي تصرح به النائبة عن محافظة ديالى ناهدة الدايني، مشددة على ان “المشكلة التي يجري الحديث عنها منذ سنتين، تتطلب حلا جذريا من قبل الدولة، خوفا من ان يشكل هؤلاء جيلا جديدا من القاعدة في العراق، أو يكونوا ضحايا لانتقامات عشائرية من قبل من قتلوا على ايدي آبائهم من مقاتلي القاعدة”.

ويثير الناشط المدني جليل قاسم، ذات المخاوف، محذرا من الخطر الذي سيشكله هؤلاء في المستقبل “فهم في النهاية سيكبرون في ظروف اجتماعية واقتصادية قاسية، وبعد سنوات قليلة سيحاولون الحصول على اجابات لأسئلة كثيرة تحيط بهم، عن مصير آبائهم ومستقبلهم هم، وعن سبب حرمانهم ونظرة الناس المشككة اليهم، سيكبرون في ظل ثقافة وأفكار مشوهة تهدد بتحويلهم من ضحايا الى مجرمين”.

ورغم تأكيد مسؤولين في الحكومة ومجلس النواب أن الاطفال وأمهاتهم ضحايا، وان وضعهم الحالي يشكل خطرا كبيرا، لكن اي تقدم حقيقي لم يحصل لحل المشكلة ولا حتى لتحديد حجمها.

اصدار قانون خاص

يقول محمد رشيد، وهو مؤسس برلمان الطفل في العراق، إن الموضوع “لا يحتمل التأجيل، والدولة ملزمة بعيدا عن اي اعتبار، بحل مشكلة هؤلاء الأطفال، فهذا واجبها بموجب اتفاقية الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وفق القرار 44/25 الذي صدر في 20 نوفمبر عام 1989 والذي ينص على تسجيل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق بان يكون له أسم مع اكتساب جنسية والحق بمعرفة والديه والعيش وتلقي رعايتهما”.

ويشدد رشيد على اصدار قانون خاص بهذه الحالات “فبعكسه سيكون هؤلاء مهددين وعرضة للاستغلال، فهذه حالة انسانية، وبغض النظر عن طبيعة الوالد سواء كان ارهابيا او مجرما، يجب تسجيلهم لدى الدولة ومنحهم كامل حقوقهم وأن يحظوا بالرعاية”.

ويرى الباحث الاجتماعي الدكتور محمد عبد الحسن، أن على الدولة القيام بعملية “تبني جماعي” لهؤلاء الأطفال، مشددا على حاجتهم الى “رعاية خاصة” كونهم ضحايا وأيتام ينحدرون من عوائل تعاني من مشاكل اجتماعية واوضاع اقتصادية صعبة وتدن في المستوى الثقافي “فالأمر لا يتعلق فقط باصدار مستمسكات رسمية”.

لكن عملية التبني الجماعي والحل القانوني الذي يجب ان يسبقه، ما زالت بعيدة التحقيق، وهي تتطلب تشريعا برلمانيا وقرارا حكوميا، بحسب قاضي الأحوال الشخصية محمود محمد، الذي يؤكد ان القضاة ملزمون “بالنصوص القانونية في اي دعوى ينظرون فيها، وفي حال عدم وجود نص قانوني يرجع القاضي الى مبادئ الشريعة الاسلامية كونها المصدر الاول والأساسي لقانون الاحوال الشخصية النافذ، واذا لم يقدم ذلك حلا للمشكلة، فيجب الرجوع للبرلمان لاستصدار تشريع يعالج الحالة”.

ويقترح محمد لحل مشكلة أبناء وبنات القاعدة، الرجوع الى الشريعة الأسلامية في اثبات النسب “فباجماع الفقهاء (النسب يحتاط لاثباته، ويثبت بأدنى دليل، ولا ينتفى الا بأقوى دليل) ووفق ذلك بامكان الزوجة اقامة دعوى اثبات الزواج والنسب بالاعتماد على الشهود الذين حضروا مجلس عقد الزواج، أو ان تُشهِد مختار المنطقة والجيران بأنهم كانوا يرون ذلك الشخص يدخل ويخرج عليها ويتصرف كزوج، ويمكن حل مشكلة مجهولية اقامة الزوج، بالرجوع الى المادة 21 من قانون المرافعات، واعلام المدعى عليه من خلال الجريدة الرسمية”.

ويرى محمد ان “مشكلة الجهل باسم الزوج يمكن ان تحل بأن تختار الزوجة اي اسم وتضيف له لقب زوجها الذي كان ينادى به، ليثبت الزواج بهذا الاسم وينسب له الأطفال، وفي حال ظهور الأب الحقيقي وكان اسمه مغايرا يمكنه حينها اقامة دعوى وتصحيح الاسم”.

لكن هذا الحل الشرعي يحتاج الى تشريع قانوني، فالقاضي لا يمكنه ان يتصرف بدون وجود تشريعات.

بدوره يؤكد المحامي والفقيه الاسلامي محمد الأحمدي، ان قانون الأحوال الشخصية العراقي لا يعالج مشكلة اطفال مقاتلي القاعدة، ففي حال الجهل بالأب، يتم ارجاع نسب الأطفال الى الأم ويعتبرون حينها اولاد سفاح. وهذا يعني تحميل الأطفال وصمة اجتماعية تحرمهم من حقوقهم الانسانية، وتضعهم في مواجهة مجتمع لا يرحم، ما يدفعهم الى التمرد والرفض واللجوء في اول فرصة الى الانتقام.

رفض للتجنيس

ورغم ان تعاطف بعض النواب والمسؤولين في الدولة مع هؤلاء الضحايا، لم يصل الى مستوى الحراك لاصدار ذلك التشريع، فانه يواجه في الوقت عينه برفض نواب ومسؤولين آخرين يحذرون من منح ابناء قادة تنظيم القاعدة الحقوق المدنية، فالبعض يعد منحهم الجنسية العراقية ظلما بحق من قتلوا على يد تنظيم القاعدة. ويعلن عضو لجنة الامن والدفاع النيابية حاكم الزاملي، رفضه لأي خطوة في ذلك الاتجاه، واصفا ذلك بأنه “أمر غير مقبول ولا يمكن حدوثه”، محذرا الجهات التي تدعم هذا التوجه بمقاضاتها “لأن تنظيم القاعدة تسبب بإراقة دماء آلاف العراقيين ولا يمكن منحه أي شرعية داخل العراق”.

ويؤيد ذات التوجه مسؤولون كثيرون، فالنائب شاكر الدراجي يرى ان منح الهوية لأطفال المسلحين العرب من أم عراقية “سيحمل رسائل مقلقة للتنظيم”، رافضا تشريع اي قانون في هذا الاطار، معتبرا ان الجنسية تمنح لأبناء غير المتورطين بسفك الدم العراقي.

المصير المجهول

ولحين اقناع البرلمانين باصدار ذلك القانون الذي قد يعيد جزءا من حقوق الحياة لتلك الكائنات التي قدر لها ان تولد في ظروف الحرب والفقر والجهل والحرمان من نعمة وجود الأب ومن المعاملة بكرامة، فستظل القضية داخل اطار مجموعة من الاحتمالات المرعبة: هل سيتحول هؤلاء الى وقود لصراعات أخرى بعد ان يشكلوا الجيل الثالث من مقاتلي القاعدة؟ ام سيكونون موردا غنيا لأفراد المجاميع الاجرامية؟ أم سيحملون أوزار آبائهم، ويدخلون رغما عن ارادتهم حلقة الانتقامات والثارات العشائرية؟

وستظل عيون هدى، التي زار منزلها كاتب التحقيق بعد أربعة أشهر، معلقة بصديقاتها، دون ان تتجاوز بوابة المدرسة، ولا بوابة حياة افضل، بينما تتساءل والدتها، وقد بدت أكثر شحوبا وأقل أملا، مع التهاب حاد اصاب احدى يديها، عن مصيرها وهي تقول “لا اعرف ما ينتظرنا، كل ليلة أتساءل عما سأفعله في الغد، وخوفي يكبر يوما بعد آخر، ابنتي مجهولة النسب بلا حقوق ولا معيل، ووسط أناس يتطلعون بعيون جارحة، وهم على حق، فاا أرملة رجل مجهول لا اعرف له هوية، ولا حتى قبرا”، قالت ذلك بينما كانت تغلق صندوقا صغيرا تضع فيه كل ما تركه لها زوجها الذي لا تعرف عن حقيقته شيئا.

المشكلة ذاتها في سوريا

بينما كان كاتب التحقيق يغادر منزل هدى في ضواحي بعقوبة الفقيرة التي كانت شاهدة على فصول من الصراع المدمر قبل سنوات والذي تتجسد احدى ويلاته المستمرة بمئات الأطفال المحرومين من كل شيء، كانت المشكلة ذاتها تطل برأسها خارج الحدود التي وضعها تنظيم القاعدة لدولته الاسلامية في العراق، مع انتشار آلاف المقاتلين العرب في سوريا “للجهاد” ضد نظام بشار الأسد، والذين سيطروا على مناطق عديدة في شمالها وبدأوا بتكوين عائلات.

وشهد كاتب التحقيق، خلال جولة في مناطق شمال حلب الخاضعة للمعارضة الاسلامية، العديد من حالات الزواج بين مقاتلين ووافدين عرب وفتيات سوريات، خارج المحاكم، في حالة شبيهة بما كان يحدث في العراق.

تقر اعلامية سورية، نزحت في كانون الأول الماضي مع عائلتها عن حلب، وطلبت اخفاء اسمها، بخطورة الوضع الاجتماعي لآلاف العوائل السورية مع انتشار المقاتلين العرب والأجانب ضمن صفوف الجيش الحر والجيش النظامي على حد سواء، منبهة الى أن الخوف من التعرض للاغتصاب، يدفع بالكثير من العائلات لتزويج بناتهن حتى القاصرات منهن لسوريين او لمقاتلين اجانب يوفرون الحماية للعائلة، دونما ضمانات قانونية “ما يضع مئات الفتيات أمام مستقبل مجهول”.

ويبرر افراد بالجماعات المسلحة، اقبالهم على الزواج من سوريات لعدة اسباب فرضتها عليهم طول مدة اقامتهم، مع وجود فتاوي تبيح لهم الزواج لمن تبلغ 14 عاما فما فوق.

وتؤكد الصحفية ايمان اسعد، التي كانت تقيم في العاصمة السورية دمشق قبل ان تلجأ الى مدينة القامشلي شمال شرقي البلاد، المعلومات السابقة، “هناك زيجات تحصل بالرضا او بالاكراه، فقوة المسلحين وحاجة العوائل للمال والحماية، يفرض ذلك الواقع، وبالنتيجة الفتيات يصبحن ضحايا هكذا زيجات مؤقتة او علاقات عابرة”.

“ومثلما كان يحصل في العراق، بعض حالات الزواج هذه لا يتم تسجيلها رسميا”، تقول أسعد “انا اعرف اكثر من فتاة تحمل في بطنها جنينا لا تعرف شيئا عن والده”.

ويحذر سيبان، وهو صحفي سوري يقيم في حلب، تابع زواج فتاة من مدينته من شاب سعودي، من أن التداعيات الاجتماعية للحرب في سوريا ستكون اكبر مقارنة بالعراق، ومنها “ضحايا الزواج في ظل الخوف، فلا احد يستطيع منع هذه الزيجات، لأنهم يقولون انه زواج على سنة الله ورسوله، فأي تدخل سيصور وكأنه تحد لشريعة الله”.

ولا تستبعد الناشطة ينار محمد من منظمة حرية المرأة العراقية، أن تمر السوريات بنفس السيناريو الذي مرت به العراقيات خلال أعوام الاقتتال الطائفي (2005 و2008) حيث هنالك فتيات يجبرن على الزواج عرفيا من مواطنين عرب واجانب “لمجرد الحصول على سقف فوق رؤوسهن”.

انجز هذا التحقيق بدعم من شبكة الصحافة الاستقصائية العراقية (نيريج)، وباشراف سامان نوح.

المزيد عن تحقيقات استقصائية

تحقيقات استقصائية","field":"name"}],"number":"1","meta_query":[[]],"paged":1,"original_offset":0,"object_ids":17394}" data-page="1" data-max-pages="1">